الباب الخامس
شبهات أخرى
أتانا وافد من " أسيوط " بوريقات تضمنت عشرات المطاعن ضد الإسلام، كتبها شخص يدعى " كميل جرجس " وجمع عليها بعض طلاب الجامعة !
وتصفحت على عجل مختلف الموضوعات التى تعرض لها الكاتب، ورأيت أنها تحتاج إلى رد وبيان، وسيعرف القراء قيمتها عندما نذكرها .
وقد أسافر إلى أسيوط لأحسم العلة من جذورها، ويكفى هنا أن أسوق أمثلة لما يشاع عن ديننا، ويجد طريقه ممهوداً إلى أدمغة القاصرين !!
غلطة فلكية !
كذَّب الكاتب قوله تعالى : " والشمس تجرى لمستقر لها " وزعم أن ذلك يخالف العلم ..
أى علم ؟!
.. إن جريان الشمس من أسرتها المعروفة فى فضاء الله الواسع مقرر فلكياً، لم ينكره أحد قط، ولكن " عبقرى أسيوط " يريد تكذيب القرآن، فحكى دورة الأرض حول محورها، ودورتها حول أمها الشمس، ثم قال : " من هذا يتضح أن الشمس لا تجرى ولا تذهب لتسجد تحت العرش، وأنها لا تغرب فى عين حمئة .. " .
والاستنتاج مضحك فقد فهم العبقرى أن دوران الأرض حول الشمس يعنى أن الشمس ثابتة، وفهم من قوله تعالى : " وجدها تغرب فى عين حمئة " أن الشمس تغطس فى الماء يومياً ثم تخرج !!
ولم يدرك ما يعرفه الأطفال عندنا أن اختفاء قرص الشمس فى الماء إنما هو فى عين الرائى لا فى حقيقة الأمر !!
أما أن الشمس تسجد لربها، فإن الجماد والنبات والحيوان والكائنات جمعاء خاضعة لله، تسبح بحمده، وتهتف بمجده، وتلبى أمره، وهى طوع مشيئته ..
ويوم لا يأذن للشمس فى الشروق، وينهى أمر الدنيا، ويفتح يوم الحساب، فمن الذى يعصيه ؟
ويظهر أن المسكين فهم من سجود الشمس أنها تصلى ركعتين كسائر البشر !! " ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس . وكثير حق عليه العذاب . ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء " ( الروم : 24 ) .
الكسوف والخسوف
قال الكاتب : " جاء فى سورة الروم : " ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً، وينزل من السماء ماء فيحيى به الأرض بعد موتها، إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون " .
" وروى البخارى فى صحيحه عن أبى موسى الأشعرى قال : خسفت الشمس فقام النبى فزعاً يخشى أن تقوم الساعة فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود، ما رأيته قط يفعله، وقال : " هذه الآيات التى يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا حياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره " . ( البخارى ) .
وبعد أن ذكر الكاتب التفسير العلمى للبرق، والكسوف، والخسوف كما هو مقرر فى الكتب المدرسية قال : " إذن فالواضح أنه ليس الهدف من البرق أن يخوف الله البشر، أو الهدف من الكسوف ما ظنه البعض بجهالة أنه لموت إبراهيم ( ابن النبى )، أو خشية قيام الساعة بل الأمر مجرد ظواهر طبيعية عادية، وهذا هو فضل العلم الحديث على البشرية جمعاء، ولكنهم لم يكونوا يدركون ذلك بعد، وكان تفسيرهم لتلك الظواهر نابعاً من استنتاجات محدودة " .
ونقول : هذه الظواهر الطبيعية العادية كما يسميها الكاتب هى آيات الله فى منطق المؤمنين به .. فحياة الأرض بعد نزول الماء آية وإن سماها ظاهرة طبيعية، والتفريغ الكهربى الناشئ من تلاقى السحب آية سواء أحدث صوت الرعد أم ضوء البرق .
ورجاء الناس فى أن تهمى هذه السحب طمع فى محله لا يستغرب، وخوفهم أن يكون البرق وليد سحاب جهام لا خير فيه خوف فى محله لا يستنكر . ولو خشوا أن يتحول التيار الكهربائى إلى صواعق مهلكة فخشيتهم طبيعية لا نكير عليها ..
أما تصور الكاتب أن الناس تخاف البرق لأن عفريتاً يصنعه فهذا تصور أطفال، والآية التى أوردها عن البرق والمطر واحدة من ثمانى آيات متتابعة تصف ما يسميه ظواهر طبيعية وصفاً جليلاً رائعاً يحييه العلماء من قلوبهم .
أما قصة الكسوف فلا ندرى مقدار العمى الذى كان صحب الكاتب وهو يذكرها، لقد وهل الناس أن الشمس كسفت لموت إبراهيم بن النبى عليه الصلاة والسلام، فقام النبى ينفى ذلك بشدة مؤكداً أن الكسوف والخسوف آيات إلهية، أو بالتعبير الحديث ظواهر طبيعية .
وزهد صاحب الرسالة فى المجد الذى أتاحته الظروف !! وكان فى وسعه أن يسكت تاركاً هذا الظن يستقر، ولكنه أبى، وأمر أتباعه بالصلاة تحية لرب الأرض والسماء، وانحناء أمام عظمة مسير الكواكب فى الفضاء .
أهذا مسلك يعاب ؟! شاهت الوجوه ..
ومعروف فى سيرة النبى الكريم أنه كان شديد الرقابة لله، شديد الخشية منه، وربما تعصف الريح فيقلق خشية أن تكون ريحاً مدمرة يعذب الله بها المتمردين عليه، فهل قالوا : إن هبوب الريح من علامات الساعة ؟
وهل خوف النبى من أن يكون الكسوف إيذاناً باقتراب الساعة يدل على شىء أكثر من شعوره الحى بقرب لقاء الله .
ولنترك ما حكاه " أبو موسى الأشعرى " فى ذلك ولنتدبر ماذا قال الرسول نفسه عن الكسوف والخسوف ؟ قال عنهما : آيتان من آيات الله .. وحسب ..
فأى اعتراض علمى على هذا ؟
ويقول الكاتب : " يحدد لنا العلم أن الكسوف للشمس، والخسوف للقمر "، وليس كما جاء فى الحديث : " خسفت الشمس " .
الجواب : ليس هذا تحديداً علمياً، وإنما هى اصطلاحات تواضع عليها بعض الناس لا تؤثر فى طبيعة اللغة العربية التى تسمح باستعمال الكسوف والخسوف للشمس على سواء .
إن كلمة " التبشير " شاعت فيما يفرح، ولكنها لغة تستعمل فيما يسر، وفيما يسوء .
وكلمة " أصاب " أو " مصيبة " تستعمل فى الآلام والمتاعب، ولكنها لغة تستعمل كذلك فى الأفراح " ما أصابك من حسنة فمن الله " ( النساء : 79 ) و " نصيب برحمتنا من نشاء " ( يوسف : 56 ) .
ولكن عبقرى أسيوط الذى لا يعرف من لغة العرب إلا نزراً يريد أن يتصيد أخطاء لغوية لرجال البلاغة العربية.
غلطة جغرافية !
وننقل هذه " النكتة " ليتفكه بها القراء :
روى البخارى بسنده أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر مواقيت الحج : قرناً لأهل نجد، وذا الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام، ويلملم لأهل اليمن " وذكر العراق فقال : لم يكن يومئذ عراق .. " .
وليس يعنينا : من سأل ولا من أجاب وبديهى أن معنى " لم يكن يومئذ عراق " أنه لم يكن حجيج وافدون من العراق ..
لكن أخصائى الشبه قال : " ولكن الواقع العلمى يثبت ويؤكد أنه كان يومئذ عراق، ولكن القوم لم يكونوا قد ذهبوا إليه !! أو سمعوا عنه !! .. " .
العرب فى الجزيرة والشام لم يكونوا يعرفون أن هناك قطراً مجاوراً لهم اسمه العراق .
لقد كان سكان العراق عرباً، وكانت علاقاتهم بسكان الجزيرة قائمة، وكان العرب إذا ذهبوا إلى فارس أو الهند مروا طبعاً بالعراق .
ولقد وصف النبى قصور " الحيرة " كبرى مدن العراق يومئذ للمسلمين، وهم محصورون وراء الخندق، وبشرهم بأنهم سيفتتحونها، فكيف يقول أبله : إن العرب كانوا يجهلون وجود العراق لأن " علم الجغرافيا " لم يكن تأسس بعد !!
الشهاب الراصد
ويتحدث الكاتب عن الشهب الساقطة فيكذب ما ورد فى القرآن من أنها رجوم للشياطين .
جاء فى سورة الجن : " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً، وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً " ( الجن : 8، 9 ) .. ونقول : أجمع علماء الكون على رحابته، واتساع آفاقه، والسؤال الذى نورده : هل أبناء آدم وحدهم هم العقلاء الذين يحيون فيه ؟! . أيبنى رجل قصراً من سبعين ألف طبقة ثم يسكن غرفة منه ويدع الباقى تصفر فيه الريح ؟ فلم بناه بهذه الضخامة ؟
الواقع أن هناك غيرنا يسكن هذا الكون، ومن هؤلاء " الجن " الذين تحدثت عنهم الأديان، فإذا حاول أحدهم التمرد، وإفساد الهداية النازلة لأهل الأرض فما المانع من إرسال شهاب وراءه يحرق كيانه ؟
ولم يقل القرآن الكريم إن " كل " شهاب يلمع فهو وراء شيطان سارق ! لم يرد هذا القصر فى القرآن قط، فقد تتساقط الشهب لأمور أخرى لا ندريها ولم يعرف العلم المعاصر عنها شيئاً .
ومن هنا فإن القول بأن القرآن " أصبح يتناقض مع العلم فى قصة الشهب " لغو لا أصل له .
خزان المياه
ويكذب الكاتب النابغ قوله تعالى " وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين " ( الحجر : 22 ) فيقول :
أصبحنا بعد إقامة السد العالى من أكبر الخازنين لمياه الأمطار .
وبذلك تكون الآية كاذبة !!
فإن خزن المياه فى " الأزيار " أو فى " الصهاريج " أو وراء السدود لم يكن معروفاً فى الدنيا حتى بنى سد أسوان .
أرأيت هذا العمى ؟؟
إن خزن مياه الأمطار على هذا النحو معروف للأولين والآخرين .
والآية تشير إلى معنى رائع فإن الزروع تحتاج إلى الماء لتنمو، والناس والدواب تحتاج إلى الماء لتحيا، وقد تكفل الله بإعداد المقادير من الماء الصالح لسد هذه الحاجات كلها، ورتب لذلك عمليات البخر وتكون السحب وسقوط الأمطار، وتفجر الينابيع أو جريان الأنهار ..
وستذوى أعواد النبات وتفنى أجساد البشر، ويعود ما فى هذه وتلك وغيرهما من ماء، ليأخذ دوره البخر والسحب والأمطار .. الخ وهكذا دواليك . [ أكدت هذا المعنى آية أخرى " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه فى الأرض، وإنا على ذهاب به لقادرون " ] .
وتوفر العذوبة للماء، وحفظ القدر الذى تحتاج الدنيا له، هما معنى الاختزان الوارد فى الآية .
وما فهم ذكى ولا غبى أن الناس عاجزون عن خزن المياه لأنفسهم فى قلة أو زير أو مستودع
صغير أو كبير .. !!
فهم عجيب
وتصفحت الكراسة التى بين يدي، وهى مليئة بلغو ممل، لأتبين حدود الهجوم على القرآن الكريم، فوجدت الكاتب يتحدث عن ابنى آدم اللذين قتل أحدهما أخاه .
والقصة معروفة : أخ صالح تقرب إلى الله بقربان فقبله منه، وأخ شرير تقرب كذلك فرفض الله قربانه، فتوعد الشرير أخاه بالقتل، ولكن الأخ الطيب نصح أخاه الفاشل قائلاً : " إنما يتقبل الله من المتقين " أى اتق الله ليقبل منك عملك، كما قبل منى، ولم تجد النصيحة، وافترس الشرير أخاه .
وقد تناول عبقرى أسيوط هذه القصة، وذكر أنها واردة فى التوراة .
لماذا ؟ .. يقول : هذه القصة لو تمت على هذه الصورة لكان القاتل بريئاً ؛ إذ تعرض بسبب رفض قربانه لحالة نفسية قاسية نتيجة شعوره بعدالة ما كان يرنو إليه من قبول، ثم يقول : " إن القصة تشير بأصابع الاتهام إلى المحرض على القتل، وهو الذى رفض قبول القربان " .
ثم يقول المغفل عن الله : " إنه لو كان قبل القربان ما تمت الجريمة " .
حد السرقة
ووقعت عيناى على هذه العبارات فى أثناء هجوم الكاتب على " حد السرقة " يقول : " أما عن تحريم الأديان للسرقة فقد كان الغرض منه ترضية الأغنياء وتأمينهم على مالهم وضمان تأييدهم، إذ المفروض بداهة ألا يسرق إلا الفقير " !!
ويقول : " التأميم هو اغتصاب شرعى لما سبق أن اغتصب ظلماً من الجماهير الكادحة فهو تصحيح للأوضاع وإزالة للظلم التاريخى المتأصل " .
وقد يلومنى بعض القراء لاهتمامى بذكر هذه السخافات والرد عليها، ولو علموا ما تركته من آثار بين طلاب الجامعة فى أسيوط لعذرونى .
إن هؤلاء الطلاب لم يعرفوا عن الإسلام شيئاً، والخطة الموضوعة " لتخريجهم " باعدت بينهم وبين الثقافة الإسلامية الناضجة، والسليقة الأدبية العالية، حتى إذا تركوا الجامعة بعد نيل " إجازاتها " خدموا كل شىء إلا دينهم، وأصبحوا فريسة سهلة لمبشرين محتالين أو أفاكين من النوع الذى قرأت هنا شبهاته ضد القرآن الكريم ..
وما وقع فى " أسيوط " وقع قريب منه فى " الإسكندرية " ونتج عنه ارتداد بعض الفتية والفتيات .
إنهم مساكين غير محصنين بشىء ضد الإلحاد أو الشرك .
ولما كانت كتب السنة قد تضمنت أشياء تحتاج إلى بيان وتمحيص وكشف فلا بد من الوقوف قليلاً أمام ما أثاره هؤلاء الفتانون .
نبى مرعب
قال لى طالب جامعى بالإسكندرية : لقد أرونى كتاب البخارى، وقرءوا لى منه حديث " نصرت بالرعب " وتضاحكوا وهم يقولون : " نبى مرعب " ينشر دينه بالإرهاب، والاعتراف سيد الأدلة !!
وقلت للطالب : إن البخارى وغيره رووا هذا الحديث، وأريد أن أشرح لك المعنى الوحيد له مستعرضاً مواضع هذه الكلمة لا فى السنة الشريفة، بل فى القرآن الكريم، لتعلم أنها أتت فى سياق حرب " دفاعية " عن الحق " هجومية " على الباطل، لا عدوان فيها ولا إرهاب ..
بعد هزيمة المسلمين فى أحد نزلت هذه الآية : " سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين " ( آل عمران : 151 ) .
وهزيمة أحد كانت فى أعقاب خروج المشركين من مكة، وشنهم الهجوم على الإسلام وأمته فى المدينة .
وقد استطاع المشركون إيقاع خسائر جسيمة بالمدافعين عن الدين وموطنه الجديد مما ترك آثاراً سيئة فى النفوس ..
فأراد الله أن يواسى جراحهم، وأن يشعرهم أن القتال القادم سيكون لمصلحتهم، وأنه سيقذف الرعب فى قلوب المعتدين عندما يكررون هجومهم . فماذا فى ذلك من عيب ؟
وجاءت هذه الكلمة عندما خان يهود بنى النضير عهدهم، وحاولوا قتل النبى صلى الله عليه وسلم، فجرد عليهم حملة ليؤدبهم، ولكن القوم ـ دون قتال ـ حل بهم الفزع، وقرروا الجلاء عن المدينة " ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب " ( الحشر : 2 ) .
وأخيراً ذُكرت هذه الكلمة عندما انضم يهود بنى قريظة إلى الأحزاب التى أحاطت بالمدينة تبغى دكها على من فيها، وأعلنت حصاراً رهيباً عليها .
وكان بنو قريظة قد أعطوا العهد من قبل على أن يعيشوا مع المسلمين فى سلام شريف، واعترف رئيسهم بأنه لم يجد من النبى إلا خيراً، ومع ذلك فقد انتهز الفرصة التى سنحت وأعلن الحرب الغادرة، وظن أنه سيقاسم المشركين الغنايم بعد الإجهاز على محمد وصحابته . ولكن قدر الله كان أغلب، لقد فض الله جموع المحاصرين " وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً " ( الأحزاب : 26 ) .
أإذا وقعت حرب الآن بيننا وبين إسرائيل، حرب جادة يستعلن فيها الإسلام وتتحد الكلمة ويتقدم ليوث محمد يطلبون إحدى الحسنيين : إما النصر وإما الشهادة، وفزع اليهود لهذا الزحف الجديد، الواثق العنيد، أإذا حدث ذلك وسرى الرعب فى قلوب أعدائنا قيل عنا إننا إرهابيون ؟
إن تحريف الكلم عن موضعه شىء مألوف عند أعداء الإسلام .
لقد نصر الله نبيه محمداً بالرعب كما قال : فهلا قيل نصره فى أى قتال ؟
إن أشرف قتال وقع على ظهر الأرض هو القتال الذى خاضه محمد وأصحابه ..
ولقد شعرت بشىء غير قليل من الضيق وأنا أقرأ قول الكاتب الأسيوطى " توفى محمد عن ثلاث وستين سنة بعدما رفرفت راية التوحيد وطهرت الأرض من الوثنية فى أعقاب غزوات ضارية، متعددة بلغت تسع عشرة غزوة ـ كما يقول البخارى ـ هى على التوالى : العشيرة، بدر، أحد، الرجيع، رعل وذكوان، الخندق، بنو قريظة، ذات الرقاع، بنو المصطلق، الحديبية، خيبر، مؤتة، تبوك، الفتح، حنين، الطائف، ذات السلاسل، سيف البحر " .
وبغض النظر عن الترتيب التاريخى، ما رأى القارئ إذا قلت له : إن عشراً منها على الأقل لم يقتل فيها أكثر من عشرة أشخاص هم مجموع خسائر المشركين !!!
وأن جملة الوثنيين فى شتى المعارك الكبرى تتجاوز المائتين قليلاً .
وأن خسائر اليهود فى صراعهم مع الإسلام عدة مئات من القتلى ..
هذه هى الغزوات الضارية المتعددة التى نشرت الإسلام كما يزعم الأفاكون ! : خسائرها الحربية عشر، بل نصف عشر الفتنة التى وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت فى عيد " سان بارتلميو " .
.. خسائرها قطرة دم أريقت لمنع العدوان، نعم قطرة بالنسبة لحمامات الدم التى صحبت تطبيق الشيوعية، وتوطيد سلطانها .
قطرة بالنسبة للألوف المؤلفة الذين ذبحوا فى صمت أو ضجة لدعم الحكم الفردى المطلق .
وبعد أن أحرقت رفات الضحايا سمعت أغرب صيحة فى العالم : إن الشيوعية تدعو للسلام !
والشيوعية فى هذا النفاق الفاجر تقلد الصهيونية والصليبية .. المتهم المسكين هو ديننا وحده !!
كذب على رسول الله ( عليه الصلاة والسلام )
ونعود إلى ذكر الأحاديث التى هاجمها المستشرقون والمبشرون وسماسرتهم .
روى الكاتب الأسيوطى أن رسول الله قال : " إذا غضب الله على قوم أمطرهم صيفاً " [ لم أجده حتى فى كتب الموضوعات المشهورة !! ] ..
وبنى على هذا الحديث جهل قائله بالحقائق الجغرافية .. ونقول : ما رواه الكاتب كذب، والحديث باطل موضوع .
وروى عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه حرم الثوم تحريماً قاطعاً مع ما فيه من فوائد غذائية وطبية .
ونقول : هذا كذب، فأكل الثوم والبصل والفجل جائز، وهذه المواد مباحة كلها، ولكن على آكلها ألا يؤذى المجتمع برائحة فمه، ويستطيع أن يبتعد عن غيره ويقوم بأى عمل انفرادى، وتسقط عنه صلاة الجماعة بل إن الأبخر تسقط عنه صلاة الجماعة، رحمة بالآخرين ..
وروى الكاتب حديث " الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء " [ الحديث رواه البخارى، والترمذى، وابن ماجه : كلهم فى : الطب، ورواه مسلم فى : السلام، والدارمى من : الرقائق، ومالك وأحمد . وهو صحيح كما بين شيخنا ]
وكذبه قائلاً : الحمى ليست من فيح جهنم، بل هى من فيح الأرض وما فيها من قاذورات تساعد على تولد الجراثيم ..
والكاتب كاذب والحديث صحيح، وما قاله ليس رداً، فإن الحمى مهما كان سببها ترفع درجة الحرارة، وتكاد تصدع الرأس بآلامها فإذا شبهها النبى بعذاب جهنم، وأوصى أن تخفض درجة الحرارة بالمبردات، فهو محق .
نماذج لتحريف الكلم
وذكر الكاتب الحديث القدسى " إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه فصبر عوضته عنهما الجنة " [ رواه أحمد : 2 / 144 ط الحلبى، والبخارى فى كتاب الرضى، والدارمى فى الرقاق، والترمذى فى الزهد ]، يريد عينيه . ثم علق عليه بهذه الكلمات الحمقاء :
الرأى متروك لأطباء العيون ليقرروا هل فقد البصر ابتلاء من الله أم هو ناتج عن أمراض معينة ؟
ثم قال بعد لغو طويل : " إذن المسألة ليست الصبر أو التعويض عن فقد العينين بالجنة !! المسألة كلها نقص فى المستوى العلمى آنذاك !! " .
والمرء يتحير فى هذا الغباء ! هل يقال لمن أصيب بانفصال فى الشبكية مثلاً : انتحر فقد فقدت نور الحياة، أم يقال له اصبر واحتسب ؟!
وهل الوصية بالصبر تعنى عدم التماس العلاج إن وجد إليه سبيل ؟
لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوى والتماس العافية من أى سبيل ميسور .
لكن ما العمل إذا لم ينفع الدواء ؟ أيقول الأنبياء للمرضى : موتوا بغيظكم . أم : اصبروا على قضاء ربكم، يأجركم يوم اللقاء بما يطيب خاطركم .
وذكر الكاتب حديث رسول الله فى الطاعون ثم أخذ يتخبط فى التعليق عليه، وتعليمات النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك تحصر الوباء فى أضيق نطاق ممكن لأنه يقول : إذا سمعتم بالطاعون فى بلد فلا تسافروا إليها ولا تخرجوا منها ..
ولا شك أن الباقى فى بلد تحدثه نفسه بالفرار نجاة بحياته، بيد أن النبى الكريم يوصيه بالبقاء ـ منعاً للعدوى ـ كما أسلفنا، ويجعل لمن مات مصاباً أجر شهيد، وهى مواساة كريمة، ووعد مصدوق ..
وبديهى أن يكون هذا الأجر الأخروى لمن يؤمن بالآخرة وحده، إذ ماذا ينتظر من الله منكر لوجوده، أو مفتر الكذب عليه ؟!
لكن هذا الأسيوطى المسكين يسوق حديث البخارى فى هذا الموضوع على هذا النحو :
روت عائشة قالت : " سألت رسول الله عن الطاعون، فأخبرنى أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون فى بلده فيمكث صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله إلا كان له أجر شهيد " ( رواه البخارى وأحمد ) .
ثم يتساءل : " والآن لا نقول ما رأى الطب فى هذا القول ؟ بل ما رأى المثقف العادى ؟ " وبعد ثرثرة فارغة يقول : " أرجو كبار الأطباء أن ينظروا فى مراجعهم حتى يشرحوا نوع الشهادة التى رأى محمد أن يخص بها المسلمين فقط .. " .
وما نجد شيئاً نعقب به على هذا الغباء ..
ومعروف من تعاليم الإسلام أنه شديد الاهتمام بنظافة البدن، وتنقيته من كل درن، وما دام الإنسان يأكل الطعام فهو محتاج إلى إرشادات مهمة لاستقباله، والخلاص من فضلاته .
ولم يؤثر عن أحد أنه أمر بتطهير الفم كما أثر ذلك عن محمد عليه الصلاة والسلام .
ولم يؤثر عن أحد أنه أمر بالتطهر التام من آثار الفضلات الأدبية كما أثر ذلك عن الإنسان الطهور الوضىء محمد بن عبد الله فقد أوصى باستخدام الماء، بعد أن أوصى بإزالة القذى دون ملامسة اليد له، ولا بأس فى بيئة صحراوية من الاستعانة ببعض الحصى فى ذلك تنزيهاً لليد من مباشرة النجس !! ومع ذلك كله فقد أمر بدلك اليد بالتراب، أو بأى مزيل للروائح الكريهة ! ماذا يفعل أكثر من ذلك لتكريم الجسد الإنسانى ؟
وفى الجنابة إذا كانت هناك آثار للسائل المنوى تغسل، وينقى منها البدن والثوب، مع أن السائل المنوى طاهر عند فريق من الفقهاء .
غير أن عبقرى أسيوط دخل فى هذه القضية بفكر متعصب قذر، فذكر عن ميمونة ـ زوج النبى ـ أنه اغتسل من الجنابة فغسل فرجه بيده ثم دلك بها الحائط، ثم غسلها، ثم توضأ وضوءه للصلاة، فلما فرغ من غسله غسل رجليه " (رواه البخارى، ومسلم، والإسماعيلى فى مستخرجه وابن حبان، راجع تلخيص الحبير: 1 / 142).
قال الكاتب : " فى هذا الحديث نقف عند جملة معينة هى : " فغسل فرجه بيده ثم دلك بها الحائط " أى مسح يده بالحائط، أليس هذا التصرف ناقلاً للعدوى لو أنا تابعناه .. إن الطب يؤكد أن أمراضاً كثيرة مثل الديدان المعوية والبلهارسيا تنتقل بهذا التصرف من المريض إلى السليم .. "
وهذا كذب فى كذب ! من قال : إن أى زوج ينقى جسمه من آثار المباشرة الجنسية ينقل البلهارسيا وديدان الأمعاء ؟!
والكاتب الذى يمد عينيه إلى هذه الشئون كيف ينسى ما عنده من تعاليم تجعل ما يخرج من
جسمه ـ أياً كان ـ ليس نجساً .. أى الفريقين أطهر وأشرف ؟ هل نذكر له ما ورد فى الأناجيل من ذلك ؟
[ يراجع كتابنا دفاع عن العقيدة والشريعة ] .
إن التوجيهات المحمدية فى ذلك بلغت القمة، أما ما ينقل عن غيره فيثير الغثيان .
وإذا لم يكن الكاتب نصرانياً وكان شيوعياً فهل يدلنا كيف كان ماركس يتطهر ؟ إن إبقاء الغطاء على هذا الموضوع أحفظ للمروءة وأصون للذوق العام !
ويتهكم الكاتب بالطهارة الرمزية المعروفة فى الإسلام باسم التيمم . ونحن نقول له : إذا كنت تضيق أن يمس التراب بعض أعضاء الإنسان فما رأيك إذا كان الكتاب المقدس يأمر بابتلاع هذا التراب نفسه ؟ ( سنسوق النص بعد قليل عند الحديث عن الاعتراف ) .
وينكر الكاتب وجود السماء قائلاً : إن الفكر البشرى أيام جهالته أخطأ فى فهم الزرقة التى تحيط بنا، فوصفها بأنها سقف الأرض وسماها سماء، ثم جاءت الأديان فأكدت ذلك، وزادت بأن حددت عدد طبقاتها، وظل هذا الاعتقاد سائداً حتى أبطله العلم .
ونقول : تطلق السماء لغة على كل ما علا . وقد أطلق القرآن الكريم السماء على السحاب . قال تعالى : " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها " ( فاطر : 27 ) وفى آية أخرى : " ألم تر أن الله يزجى سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله .. " ( النور : 42 ) ـ أى المطر .
ومن الآيتين معاً نعلم أن السماء هى السحاب .
وأطلق القرآن السماء على السقف العادى، وكل ما ارتفع : " من كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع .. " ( الحج : 15 ) .
وتطلق السماوات السبع على طباق فوقنا لا نعرف : ما هى، ولا ما أبعادها، ولم يتحدث الدين عن مادتها، ولا عن طريقة بنائها، فماذا فى العلم يخالف ما أسلفنا بيانه ؟
يقول هذا الكاتب : وراء النجوم فراغ لا نهائى، لا محدود ..
ونقول هذا كذب، فالكون محدود، والوصف بالمطلق هو لله وحده، ولم يقل علماء الفلك أنهم استيقنوا من أن كوننا هذا لا نهائى ..
ثم يجىء الكاتب إلى قوله تعالى : " أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما " فيزعم أن هذا الرأى يناقض جميع النظريات العلمية، كما يعرف ذلك طلاب المدارس ..
لقد فهم الأحمق من الآية أن الأرض كانت ملزوقة فى الزرقة الفضائية قبل أن تنفصل وحدها .. وهذا ما لم يقله أحد .
سئل ابن عباس عن هذه الآية فقال : فتق السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات ..
وهناك رأى علمى بأن المجموعة الشمسية كانت سديماً، ثم انفصلت عن الشمس وتوابعها على نحو ما نرى .
ونحن لا نصدق ولا نكذب رأياً علمياً لم يستقر فى وضعه الأخير .. والمهم أن القرآن يستحيل أن يكون به ما يناقض حقيقة علمية مقررة .
المداد القرآنى
ومن سخافات المسكين أن يقول إن القرآن كله تتم كتابته بقطرات من محبرة، فكيف يجىء به " قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى .. " ( الكهف : 109 )
إن كلمات الله تكثر كثرة ما يعلم، وقد وسع كل شىء علماً، إنها الكلمات المتصلة بتدبير الوجود كله، والقيام على أمره، إنها تتل بحياة كل ذرة فى الأرض والسماء .
وليست بداهة ألفاظ القرآن، ولكن الجنون فنون ..
ولا أريد أن أطيل السرد، والأخذ والرد مع شخص يهزل ويرى أنه يجد !!
حديث الذباب
أريد أن أقرر حقيقة إسلامية ربما جهلها البعض : هل رفض حديث آحاد لملحظ ما يعد صدعاً فى بناء الإسلام؟
كلا فإن سنن الآحاد عندنا تفيد الظن العلمى، إنها قرينة تستفاد منها الأحكام الفرعية فى ديننا، فإذا وجد الفقيه أو المحدث أن هناك قرينة أرجح منها، تركها إلى الدليل الأقوى دون غضاضة .
وتعريف الحديث الصحيح : " ألا تكون فيه علة قادحة "، فإذا بدت علة فى " سنده " أو " متنه " تلاشت صحته، ولا حرج .
وأئمة الفقه الإسلامى بنوا اجتهادهم على هذا النظر الصائب .
ـ فأبو حنيفة مثلاً رفض أن يترك المسلم إذا قتل كافراً دون قصاص وتجاوز حديث البخارى فى ذلك " لا يقتل مسلم فى كافر " واعتمد فى مذهبه على آية " النفس بالنفس " .
ـ ومالك كره أن تنفل المصلى قبل فريضة المغرب، ولم يلتفت لما رواه البخارى فى ذلك من استحباب صلاة ركعتين لمن شاء، ورأيه هذا يرجع إلى أن عمل أهل المدينة أدل على السنة من حديث آحاد، وهم لا يتنفلون قبل المغرب، فاتباعهم أولى من رواية البخارى .
ـ وأبو حنيفة ومالك جميعاً يكرهون أن يصلى المرء تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة، ويردون ما رواه البخارى فى ذلك بردود شتى .
ـ وأغلب الأئمة يرفض ما روى .. فى الصحيح من أن رضاعة الكبار تثبت حرمة المصاهرة، ويرون أن الرضاعة المثبتة المحرمة ما كان فى فترة الطفولة، أى ما أنبت اللحم وشد العظم .
ولا نريد أن ننتقل إلى مباحث فقهية مفصلة، وإنما نريد أن نقول : هب أن رجلاً قال : لا أستطيع قبول رواية " إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن فى إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء " أيكون من الكافرين ؟ كلا !! فلم يقل أحد أن أركان الإسلام تضم الإيمان بالله واليوم الآخر وغمس الذباب فى الشراب إذا سقط فيه !
وحيث الآحاد ليس مصدر عقيدة شرعية أو حكم قاطع، بيد أنى من باب استكمال البحث العلمى فقط
أسأل : هل الحديث مردود ؟ إن بعض علماء الحشرات قرر أن هذه الحشرة تفرز الشىء والشىء المضاد له، فإن استقر هذا الرأى الفنى فالحديث صحيح، وإن ثبت قطعاً أن الذباب مؤذ فى جميع الأحوال التى تعرض له ومن بينها الحالة المروية فى الحديث رددته دون غضاضة .
وليس بقادح هذا فى دينى ولا يقينى .
وقد روى " البخارى " أحاديث صحيحة السند لكن أئمة الفقه عملوا بغيرها لأدلة أقوى عندهم منها .. وأنا شخصياً متوقف فى هذا الحديث، لم أنته فيه إلى حكم حاسم، وعلى أية حال فهو لا يتعلق بسلوك خاص أو عام ..
إن قواعد الدين وعباداته وفضائله وقيمه ترتكز أولاً على القرآن الكريم ثم ما يشرحه من سنن استراح النقاد الأخصائيون لها ..
ومنهج المحدثين فى تلقى التراث النبوى لا غبار عليه، بل إن هذا المنهج هو ما تحتاج إليه الديانات الأخرى لتكون موضع ثقة وقبول .
وما دام هناك من يضرب رأسه بالجبل ليثبت أن فى الإسلام متناقضات فلنلق نحن نظرة خاطفة على تراث القوم ليرى القراء أين تقع التناقضات الحقيقية :
أساطير العهد القديم
إننا فى الفصل الأول من هذا الكتاب فضحنا الأسلوب الطفولى الماجن الذى تحدث به العهد القديم عن الألوهية، فلنسمع هذه الأخبار عن عدد بنى إسرائيل حين دخلوا مصر وحين خرجوا منها، يقول الأستاذ عصام الدين حفنى ناصف كاشفاً عن التزوير الذى اقترفه كتاب التوراة :
" من ذلك ما زعموه أن يعقوب وأسرته وفدوا على مصر بدعوة من يوسف، وكانت عدتهم 70 شخصاً فما انصرمت 215 عاماً حتى كان عددهم قد ناهز 3000000 ( أى 3 مليون ) فلما نزحوا عن ديارنا كان بينهم " نحو ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد " ـ هكذا سجل سفر الخروج ـ ( 12 : 37 ) .
وقد أحصوا أبكارهم فكان جميع الأبكار الذكور بعدد الأسماء من ابن شهر فصاعداً، المعدودين منهم اثنين وعشرين ألفاً ومائتين وثلاثة وسبعين ( عدد 3 : 43 ) .
فإذا ضاعفنا هذا الرقم كان جميع الأبكار من الجنسين نحو 45000، وبقسمة عدد الجماعة على عدد الأبكار نخلص إلى أن المرأة الإسرائيلية كانت تلد زهاء 65 وليداً !! " .
هذه هى مقررات الكتاب المقدس .. دون تعليق !
وظاهر أن اليهود كذبوا فى ذكر عددهم كذباً صارخاً، وأنهم أودعوا كذبهم هذا فى تضاعيف التوراة، وعلينا أن نصدق !!!
يقول " عصام ناصف " : " إن هذه الملايين الثلاثة المزعومة من اليهود الآبقين من مصر لو أنها سارت فى صفوف عرضية متراصة يضم كل صف منها عشرين يهودياً، ويشغل الصف بين سابقه ولاحقه متراً واحداً لاستطال هذا القطار البشرى " الطابور " مسافة 150 كيلو متراً ـ أبعد من المسافة بين القاهرة وخليج السويس ـ ولتعذر على قائدهم موسى أن يبلغهم أوامره " !
وعن كهنة الأديان السابقة وإغراقهم فى المتاع المادى يقول : " إن المال والجاه وإن كانا فى حقيقة أمرهما غرضاً يبتغى لذاته، هما كذلك وقبل ذلك وسيلة لفرض لا تكتمل المتعة إلا به، وهو قضاء الوطر من الناحية الجنسية، ومن ثم خولوا أنفسهم حق الاستماع إلى اعترافات النساء، فيما يتصل بأوثق علاقاتهن بالرجال ..
" وقد اشترعوا لهذا الغرض ما أسموه " شريعة الغيرة " . فإذا استراب رجل بامرأته، وهجس فى صدره أنها خانته مع آخر " يأتى الرجل بامرأته إلى الكاهن ويأتى بقربانها معها، فيقعدها الكاهن ويوقفها أمام الرب، ويأخذ الكاهن ماء مقدساً فى إناء خزف ويأخذ الكاهن من الغبار الذى فى أرض المسكن ويجعله فى الماء " ( عدد 15 ـ 17 )
ويخلو الكاهن بالمرأة ويشرع فى تلاوة بعض الألفاظ ويستحلف المرأة أن تقر بما كان منها ثم يجرعها الماء المشوب بالغبار .
ومتى سقاها الماء فإن كانت قد تنجست وخانت رجلها يدخل فيها ماء اللعنة للمرارة فيرم ـ يتورم ـ بطنها وتسقط فخذها (!) فتصير المرأة لعنة فى وسط شعبها . وإن لم تكن المرأة قد تنجست بل كانت طاهرة تتبرأ وتحبل لزرع " ( عدد : 15 ـ 17 ) [ نقدم هذا النص لمن لم يرقهم " التيمم " بالغبار، ها هو ذا الغبار يشرب عندهم ]
ومن المعلوم أن الماء لا يدخل المرارة، وأن وظائف الأعضاء لا تمت إلى المسلك الخلقى بسبب وثيق، ولكنها إجراءات خادعة تتخذ بتعزيز سلطان الكاهن على المرأة، فهو ينفرد بها فى خلوة ثم يخرج راضياً أو ساخطاً وينطق بالقول الفصل فيدينها بالموت مجللة بالعار، أو يدعها تنعم بالحياة مرفوعة الرأس ناصعة الجبين " .
هذه توجيهات الكتاب المقدس، ومبدأ الاعتراف على هذا النحو أو على أى نحو آخر لا معنى له ولا أثر، اللهم إلا إفساد الدين والخلق ..
ماذا على من أخطأ أن يتصل بربه لفوره فى دعاء النادم، ورجاء الخاشع، والله يبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار، وبابه يستقبل كل شخص رجلاً كان أو امرأة، شيخاً أو شاباً، عالماً أو جاهلاً ؟؟
هذه توجيهات الإسلام، وهى نابعة من مبدئه العتيد : " كل امرئ بما كسب رهين " أما انفراد المرأة
بكاهن ـ أو غير كاهن ـ فى خلوة فأمر لا تحمد عقباه، خصوصاً إذا كانت هذه الخلوة مع محروم من الزواج معلوف بأطايب الطعام !!
هل الله جل شأنه مصدر هذه التعليمات ؟ كلا ..
إن من المقطوع به أن عدداً من المؤلفين لا مؤلفاً واحداً أشرف على وضع الكتاب المقدس كله، ولا نزعم أنه خال من الوحى الإلهى من أوله إلى آخره، لا، بل نقرر أن خليطاً معقداً من أهواء الناس وهدايات الله .. تم التنسيق بينهما على النحو الذى نرى .
بيد أن من المضحك أن الذى قام بتأليف التوراة نسى نفسه وهو يكتب، وذهل كل الذهول أنه سوف ينسب ما يكتب إلى موسى !!
فأورد فى تضاعيف التوراة ـ النازلة على موسى فرضاً ـ هذه العبارات : " فمات هناك موسى عبد الرب فى أرض موآب حسب قول الرب، ودفنه فى الجواء فى أرض موآب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم . وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات . ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته، فبكى بنو إسرائيل فى عربات موآب ثلاثين يوماً، فكملت أيام بكاء مناحة موسى .. " .
ما هذا ؟ موسى الذى أنزلت التوراة تتحدث عنه التوراة بهذا النعى والعزاء والمناحة ؟؟
ما يستطيع عاقل إلا الإقرار بأن كاتب التوراة بعد موسى نسى نفسه ونسى الدور التمثيلى الذى يقوم به، وغلبت عليه صفة المؤرخ لا المؤلف فقال ما قال ليعرف المستغفلون ماذا يقرأون !!
ونقرن هذا النص بخبر آخر نشرته جريدة الأهرام فى 3 مايو سنة 1973 ( 19 من ربيع الأول سنة 1392 ) تحت عنوان " وثائق دينية تاريخية تسلمها هولندا إلى الأردن " :
" عمان : ـ سلم اليوم الدكتور " هانك بانكير " بالنيابة عن الحكومة الهولندية إلى الدكتور غالب بركات وزير السياحة الأردنى وثائق تاريخية تتضمن النصوص القديمة التى قال المؤرخون أنها تطلبت إعادة تقييم الإنجيل . وكانت بعثة أثرية هولندية قد اكتشفت هذه الوثائق فى عام 1967، وهى وثائق كتبت بالآرامية فى القرن السابع قبل الميلاد، وعثرت عليها البعثة فى وادى الأردن، وكانت البعثة قد حملت تلك الوثائق إلى هولندا لدراستها وحل رموزها بقصد حفظها . وقال الدكتور " هـ . فراكين " الذى رأس تلك البعثة : إن هذه الوثائق فريدة من نوعها، وقال : إن كل المعلومات التى وردت فى الإنجيل حول فلسطين والأردن فى نهاية العصر البرونزى وبداية العصر الحديث غير موثوق بها لأنها كانت محاولة قام بها قساوسة من القدس لجعل التاريخ يتناسب مع الآراء الدينية للقرن السابع للميلاد " .
هذا الخبر الصغير نقطة فى بحر من الأوهام والترهات التى تغص بها هذه الصحائف .
وما نعلم كتاباً حفته العناية العظمى، وصانته أجل صيانة من هذا القرآن الكريم .
إن القارات الخمس ليس فيها ما يوصف بأنه وحى السماء إلا هذا الكتاب الفذ .
فهل يؤدى المسلمون حقه ؟!
تحقير التدين ومطاردة المتدينين لأدنى ملابسة خطوة إلى الارتداد الذى لا ريب فيه، وهو فى الظروف التى تواجهها أمتنا نوع من الخيانة العظمى أو هو الخيانة العظمى نفسها .
وقد أفهم أن تشتبك السلطات الحاكمة مع أفراد أو جماعات ينازعونها السيادة لغرض سىء أو حسن ! لكن هل يقال : إن التاريخ الإسلامى يعين على تكوين جماعة الإخوان، فليمسخ هذا التاريخ ! .. أو : إن البيئات المتدينة مستودع يستمد منه الإخوان، فلتحارب هذه البيئات ؟؟
إن هذا القول يعنى بداهة نقل الخصومة من ميدان إلى ميدان آخر، وأن الإسلام ذاته قد أصبح عرضة للعدوان.
وقد هززت رأسى أسفاً وأنا أسمع شاباً يتبرأ من الانتساب إلى الإخوان فيقول لقضاته : أنا عمرى ما ركعتها، ويعلم صحبى أنى أشرب الخمر، وأفعل كذا وكذا !!
وقد استمع الناس إلى أحد " نجوم الفكاهة " فى مصر يذكر أن امرأة اقتيد زوجها إلى السجن فسئلت : أهو من الإخوان ؟ فقالت : " فشر ! زوجى حرامى قد الدنيا " .
وهكذا أصبحت اللصوصية شرفاً ! أو نسبة لا حرج فيها على الأقل !
والواقع أنه مرت ببلدنا أيام كالحة الوجه، مشئومة العقبى كان التدين فيها تهمة تخرب البيوت، وكان عدد من الشبان المؤمنين يختفى بصلاته وتقواه، وقل تردده على المساجد لأنه أشيع أن نفراً من الذين صلوا الفجر فى مسجد كذا قد اعتقلوا ..
وامتداداً لهذه السياسة ـ سياسة سوء الظن بكل ذى نزعة متدينة ـ وضعت المؤسسات الإسلامية الكبرى تحت رياسة عسكرية لها الكلمة العليا مثل " الجمعية الشرعية "، و " الشبان المسلمين "، و " المجلس الأعلى للشئون الإسلامية " و " مدينة البعوث الإسلامية " ..
وذلك لضمان حصر عاطفة التدين داخل إطار معين :
ـ فلا يسمع أى كلام عن تطبيق الشريعة الإسلامية .
ـ ولا يقبل أى اتجاه للعودة بالأمة إلى الاصطباغ بدينها فى ظاهر أمرها وباطنه .
ومن الإنصاف أن نذكر أن من بين هؤلاء العسكريين من ترك الشعور الإسلامى ينمو دون حرج، خصوصاً بعد أن تغيرت الظروف التى أملت بالتقرير المثبت فى هذا الكتاب [ راجع تقرير اللجنة التى شكلت من : زكريا محيى الدين، صلاح نصر، وشمس بدران لدراسة الظاهرة الإخوانية ] .
على أن الشيوعيين والصليبيين قد انتهزوا فرصة هذه المطاردة المثيرة فأعلنوا حرباً على الشارات الإسلامية فى المجتمع ونجحوا فى تحقيرها وتأليب قوى شتى ضدها .
وعن طريق المسرح وحده أمكن عرض روايات هازلة وجادة غرضها انتزاع كل مهابة لشيوخ الإسلام والمتحدثين باسمه .
كما أن سماسرة الغزو الثقافى فى بلادنا استماتوا فى صرف الشباب عن الدين، وأغروه بفنون الشهوات لينسى ربه ودينه ونبيه .
فلما تغلبت الفطرة الأصيلة وأخذ الشباب يعود إلى دينه فى صمت وظهرت الملابس الحشمة بين الطالبات الجامعيات جن جنون السماسرة من صحافيين وصحافيات وانطلقوا يفترون الكذب على العفيفات المحصنات، ووصفت امرأة ماجنة ملابس الفضيلة بأنها " أكفان موتى ! " وأخذت مع غيرها ينهشن بضراوة أعراض الطيبات الطاهرات .
وقد تصفحت المجلة التى نشرت هذا اللغو فوجدت بها دعوة إلى الزنا والرضا به، والتحريض عليه، فى عدة مواضع .. !!
ولا عجب فرئيسة تحرير المجلة هى التى ناقشت العقيد " القذافى " بسماجة نادرة، وسوغت أمامه انتشار الخنا فى شارع الهرم عندما نصر الرجل النساء بالتزام أحكام الإسلام .
" الخيانة الزوجية " تعبير مخفف عن جريمة الزنا عندما يرتكبها رجل مغافلاً امرأته أو ترتكبها امرأة مخادعة زوجها .
وأظن هذا التعبير مترجماً عن اللغات الأوربية حيث يعتبر اقتراف ذلك الإثم تفريطاً فى حق إنسانى عادى، أما نحن المسلمين، بل معشر المتدينين إجمالاً، فنرى الزنا تفريطاً فى حق الله قبل أن يكون تفريطاً فى حق عباده، وهو من الشخص المحصن أغلظ وأشنع ممن لم يسبق له زواج .
لكن الأستاذة المعلمة " أمينة السعيد " لها وجهة نظر أخرى فى هذه القضية : لماذا ينظر إلى الزنا هذه النظرة السيئة ؟ بل لماذا تستبشع الخيانة الزوجية على هذا النحو الشائع بين الناس ؟ فنشرت فى صفحة 47 من مجلة حواء ( العدد 843 ـ 18 / 11 / 1972 م ) هذا الكلام تحت عنوان " أراحت نفسها " :
" سألوها ( وهى زوجة فرنسية ) : هل تغارين ؟ أجابت : أعانى من الشعور بالوحدة عندما يبتعد عنى زوجى، لكن لا أغار، وأعتقد أن الغيرة شىء لا معنى له، ولذلك ينبغى ألا نستسلم له !!
لكن سائلها لم تقنعه هذه الإجابة، فقال لها : اشرحى لى !
قالت : إننى أقول لنفسى افرضى أنه الآن مع واحدة أخرى، هل من حقى أن أعترض ؟ إننى لم أتزوج قرداً أو نكرة وإنما تزوجت رجلاً " ملء ثوبه "، أحببته لهذا، ولا بد أن يعجب غيرى من النساء ! إننى لا أحمل له عاطفة الحب وحدها ولكن أيضاً الاحترام والتقدير !
قاطعها السائل : لا أهمية عندك إذن للإخلاص والوفاء ؟
قالت وهى تأخذ رشفة من فنجان القهوة : " اسمع ! أنا الآن أشرب هذه القهوة .. شعرت بحاجة إليها .. وها أنذا أستمتع بها .. هل يمانع أحد ؟ .. هل من حق زوجى إذا دخل الآن أن يلومنى قائلاً : لماذا شربت القهوة دون إذن منى ؟ أقصد أن الخيانة العابرة ليست أكثر من فنجان قهوة بالنسبة لى .. لماذا أجعل لها من الأهمية أكثر مما تستحق ؟ أليس من الجائز أن يستمتع هو فى غيابى أيضاً بقطعة موسيقى .. باستلقاءة فى الشمس .. بنكتة يسمعها من أحد زملائه ؟ هل يوجد فرق كبير حقاً بين الاثنين ؟ أقصد أن النزوات .. الغلطات العابرة ينبغى أن نتسامح فيها، فإذا تغير شعوره نحوى تماماً ونفض يده منى فهذا شىء آخر .. شىء يستحق حزنى، لكن حتى فى هذه الحالة لن تفيدنى الغيرة شيئاً ! " .
والآن ( ما زال الكلام للمجلة ) هل أثارت دهشتك ردود هذه السيدة ؟! إنها زوجة فرنسية .. ولا أعتقد أن كل الزوجات الفرنسيات يعتنقن هذا الرأى الجرىء والذى عبرت عنه فى حديث أجرته صحيفة " مارى كلير " مع بعض الزوجات .. لكن الذى لا شك فيه أن فى كلامها حكمة تفتح نافذة على نوع من راحة البال يحتاج إليه كثير من المتزوجين " .
وفى الصفحة رقم ( 5 ) من هذا العدد علاج مماثل لقضية الزنا أو الخيانة الزوجية كما شاع على الألسنة، وهذه الكلمة المكتوبة تعليق على رواية للصحافى المشهور " توفيق الحكيم " .. فإن هذا " التوفيق حكيم " منح الرجل حق الزنا أو حق خيانة زوجته، وضن على المرأة بهذا الحق !! فجاءت مجلة " حواء " لترفع راية المساواة بين الجنسين، ولتطلب من الفنان الخليع أن يعيد النظر فيما كتب لأنه يعالج موضوعاً " يتعرض للكثير من التغير بين جيل وجيل " .
يقول المعلق الخسيس : " فأنا لا أقصد أن كل ما جاء فى الرواية فى حاجة لمراجعة، ولكن يكفى أن بعضها محتاج إلى ذلك، لكى يحمل رجل الاجتماع الذى يسكن فى أعماق الفنان أن يقول كلمة التطور والتغير اللذين أصابا المجتمع وبدلا من أوضاعه وأفكاره " .
ما الرأى فيما قالته الزوجة فى تساؤلها : وإذا خان الزوج، أليس لها الحق أن تخونه ؟ .. وكان جواب " راهب الفكر " : لا، وكان تبريره لذلك أن الرجل هو الذى يعرق والمرأة هى التى تنفق، ثم يمضى قائلاً : اكدحى كما يكدح زوجك، اعرقى كما يعرق فإذا تساويتما فى التضحيات تساويتما فى الحقوق، فالرجل إذا خان خان من ماله، لكن الزوجة تخون من مال زوجها، لن تكون هناك مساواة مطلقة بينكن وبين الرجال فى هذا الإثم إلا إذا تطور الزمن تطوراً آخر فرأينا الزوجة تناضل فى الحياة وتكتسب بالقدر الذى يربحه الزوج ! .. أليس هذا المنطق بحاجة لمراجعة بعد أن تطور الزمن إلى ما نراه الآن ؟ .. إن ريح التغير قد أصابت بعض ما جاء فى هذه من أفكار، لكنها مع ذلك تظل قطعة فنية تحمل طابع زمنها وتتضوع بالأريج الذى يفوح دائماً من قلم فناننا الكبير المبدع " .
هكذا تعالج مجلة حواء جريمة الزنا، وتطلب إعادة النظر فى جعلها حكراً على الزوج وحده كما يرى راهب الفكر، هذه هى رهبانية الفكر فى عالم الدواب .
هل يستغرب من مجلة حواء ـ التى تتمرغ فى هذا الحضيض ـ أن تنشر مقالاً للسيدة محررتها تحمل فيه حملة شعواء على ملابس الفضيلة التى تستر بدن المرأة كله عدا الوجه والكفين ؟
إن " المعلمة " التى تقود نشاطاً نسوياً فى بلادنا تشبه هذه الملابس الشرعية السابغة بـ " الكفن ! " .
وقد لعب التصوير دوره فى هذه المأساة، ففى الصفحة الخامسة من العدد صورة امرأة مضطجعة على وسادتها تحلم بالحب .. إن هذا أمر سائغ لا يعاب، وفى الصفحة الحادية عشرة صورة طالبة جميلة الملابس مشوهة الوجه، بادية الحشمة، كئيبة الطلعة !!
لم هذا التحامل ؟ .. ولحساب من ؟ .. الجواب معروف !
وتبلغ الوقاحة قرارها السحيق عندما تصف رئيسة التحرير نفسها ـ وقد نقلنا نماذج من أخلاق مجلتها ـ فتقول إنها " من الوقورات المحتشمات المؤمنات بدينهن المتقيات لله الفاعلات للخير .. الخ " .
وهذا أسلوب جديد فى الحرب المعلنة على الإسلام، يقول لك مستبيح الخمر والزنا والانحلال والاعوجاج : هل أنت بدعوتك إلى الصلاة والاستقامة مسلم ؟ .. لا، نحن أولى بالإسلام منك، إنك لا تعرف الإسلام، الإسلام تطور ومدنية، وليس المظاهر التى تتمسكون بها، نحن الصالحات الراقيات !
ونذكر قول الشاعر :
فياله من عمل صالح
يرفعه الله إلى أسفل !!