ذبح الأضاحي أو نحرهافي يوم عيد الاضحي, شعيرة اسلامية, تضافرت الادلة علي شرعيتها, يقول الحق سبحانه: فصل لربك وانحر وروي عن ابي هريرة: ان رسول الله ـصلي الله عليه وسلم ـ ضحي بكبشين سمينين, عظيمين, املحين, اقرنين, موجوءين مخصيين فأضجع أحدهما وقال باسم الله والله اكبر واللهم عن محمد وآل محمد ثم اضجع الاخر, وقال: باسم الله والله اكبر, اللهم عن محمد وامته, ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ.
وقد رغب رسول الله ـصلي الله عليه وسلم ـ في الاضحية, فروت عنه عائشة انه قال: ما عمل آدمي من عمل يوم النحر احب إلي الله من إهراق الدم, وانها لتأتي يوم القيامة في فرشه بقرونها واشعارها واظلافه, وان الدم ليقع من الله بمكان قبل ان يقع من الارض فطيبوا بها نفسا.
ان العلماء يرون ان الاضحية سنة مؤكدة, لما روي عن ابن عباس ان النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: ثلاث كتبت علي وهن لكم تطوع: الوتر, والنحر, وركعتا الفجر ولانه رسول الله ـصلي الله عليه وسلم ـ علق الاضحية علي ارادة المضحي في حديثه الذي روته عنه ام سلمة الذي يقول فيه: اذا دخل العشر ـ اي العشر الاوائل من ذي الحجة ـ واراد احدكم ان يضحي, فلا يأخذ من شعره ولا من اظفاره شيئا حتي يضحي, والواجب لا يعلق علي ارادة المكلف بأدائه.
وجمهور العلماء ـ المالكية والشافعية وبعض الحنابلة علي انه يكره لمن اراد ان يضحي ان يقص شعره اويقلم اظفاره اذا دخل العشر الاوائل من ذي الحجة, حتي يضحي, لحديث ام سلمة السابق, الذي حمل فيه النهي علي الكراهة, ولما روي عن عائشة قالت: كنت افتل قلائد هدي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ثم يقلدها بيده, ثم يبعث بها, ولايحرم عليه شئ احله الله له حتي ينحر الهدي, وهذا يقتضي جواز قص الشعر وتقليم الاظفار, لانها مما احل الله فعله.
ويجوز للمضحي ان يذبح عن نفسه واهل بيته بشاة واحدة, لان رسول الله صلي الله عليه وسلم ـ ضحي بشاة عن نفسه وآل بيته الاطهار, وله كذلك ان يضحي بما فوق الشاه: كالبدنة, والبقرة, ويجزئ عند جمهور الفقهاء ان يشترك سبعة في بدنة أو بقرة فيذبحونها عنهم, سواء كانوا من اهل بيت واحد أو لم يكونوا, لما روي عن جابر قال: نحرنا بالحديبية مع النبي ـصلي الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وما يجزئ في الاضحية من الشياه ما اكتمل له ستة اشهر ودخل في السابع, ومن البقر ما كمل له سنتان, ودخل في الثالثة, ومن الابل ما كمل له خمس سنين ودخل في السادسة, ويستحب ان تكون الاضحية سمينة, عظيمة, حسنة, ويجب ان تكون خالية من العيوب التي تؤثر في وفرة لحمها وجودته ولهذا فلا يجزئ التضحية بالعوراء, أو العرجاء, أو المريضة التي لا يرجي برؤها, أو العجفاء المهزولة, أو العضباء التي ذهب اكثر من نصف اذنها أو قرنها لما روي عن البراء قال: قال رسول الله, صلي الله عليه وسلم: اربع لا تجوز في الاضاحي: العوراء البين عورها, والمريضة البين مرضها, والعرجاء البين ظلعها, والعجفاء التي لا تنقي.
وعن وقت ذبح الاضحية يكون بعد صلاة العيد; لما روي عن البراء ان رسول الله ـصلي الله عليه وسلم ـ قال: من صلي صلاتنا, ونسك نسكنا, فقد اصاب النسك, ومن ذبح قبل ان يصلي فليعد مكانها اخري وفي رواية اخري: ان اول نسكنا في يومنا هذا الصلاة ثم الذبح فمن ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم قدمها لاهله, ليس من النسك في شئ فمن ذبح قبل الصلاة لم تجزئه الاضحية ولزمه بدلها.
ان لم يذبح اضحيته بنفسه ان يحضر ذبحها, لما روي عن ابن عباس ان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال في الاضحية: واحضروها اذا ذبحتم, فانه يغفر لكم عند اول قطرة من دمها وروي عن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ انه قال لفاطمة: احضري اضحيتك, يغفر لك بأول قطرة من دمها.
ويستحب ان يقول المضحي عن الذبح: بسم الله والله أكبر, ويستحسن ان يزيد علي هذا فيقول: اللهم هذا منك ولك, اللهم تقبل مني أو من فلان, لما روي ان النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ اتي بكبش له ليذبحه, فأضجعه ثم قال: اللهم تقبل من محمد وآل محمد وامة محمد, ثم ضحي وروي عن جابر ان النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: اللهم منك ولك عن محمد وامته, بسم الله والله اكبر, ثم ذبح.
ويستحب ان يطعم المضحي اهل بيته ثلثها, ويهدي ثلثها للفقراء من جيرانه واقاربه, ويتصدق بالثلث علي من يسألها, لقول الحق سبحانه: فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر والقانع هو السائل, والمعتر هو الذي يعتري الناس, اي يتعرض لهم ليطعموه ولايسألهم ذلك ولما روي عن ابن عباس في صفة اضحية النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: ويطعم اهل بيته الثلث, ويطعم فقراء جيرانه الثلث, ويتصدق علي السؤال بالثلث وروي عن ابن عمر انه قال: الضحايا والهدايا ثلث لك, وثلث لاهلك, وثلث للمساكين.
وليس للمضحي ان يعطي الجزار شيئا منها اجرة له علي عمله, ولكن اذا دفع اليه شيئا منها لفقره أو علي سبيل الهدية فلا بأس, فقد روي عن علي رضي الله عنه قال: امرني رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ان اقوم علي بدنه, وان اقسم جلودها وجلالها, وان لا اعطي الجازر شيئا منها, وقال: نحن نعطيه من عندنا.
ولايجوز للمضحي كذلك ان يبيع شيئا من الاضحية, لحما كان أو جلدا أو غيرهما, وله ان ينتفع بجلدها وفضلاتها بلا خلاف, لما روي عن عائشة قالت: قد كانوا ينتفعون من ضحاياهم, ويجملون منها الودك ويتخذون منها الاسقية, قال: وما ذاك؟ قلت: نهيت عن امساك لحوم الاضاحي فوق ثلاث, قال: انما نهيتكم للدافة التي دفت, فكلوا وتزودوا وتصدقوا وادخروا .