ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 73 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: الشورى .....فى الهدى النبوى الثلاثاء 11 ديسمبر - 22:05:05 | |
|
الاخوة الفضلاء
اعضاء منتدانا الغالى:
الإسلام في شريعته المنزّلة
ومنهجه المرسوم
عقدٌ تنتظم فيه صور الكمال في المقاصد ،
والسمو في المباديء ،
والإحكام في القواعد ،
وما مبدأ الشورى إلا صورة من صور هذا الكمال ،
فمن خلاله
تُبسط الآراء
وتناقش القضايا ،
بين النُخبة من أفراد الأمة ،
لتقرير ما يرتّب شؤون الحياة
ويحفظ توازن المجتمع .
والشورى هو نظامٌ اجتماعي ،
وأصلٌ من أصول الحكم ،
يسعى لتلبية حاجات الناس المتجدّدة
وحلّ مشكلاتهم المختلفة ،
بإشراك أرباب العقول
وذوي الأفهام
في الفكر والرأي .
وتظهر مكانة الشورى في الإسلام
من خلال اقترانها بأوصاف المؤمنين الصادقين
في قوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم }
صدق الله العظيم
( الشورى : 38 ) ،
يقول الإمام الجصاص :
" هذا يدل على جلالة موقع المشورة
لذكرها مع الإيمان وإقامة الصلاة " ،
علاوةً على كونها السبيل لاستقرار الأسرة المسلمة وائتلافها ،
قال الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما }
صدق الله العظيم
( البقرة : 233) .
ثم إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيّه بمشاورة أصحابه
بالرغم من استغنائه عن آرائهم ،
فقد تكفّل الله بإرشاده وتوجيهه ،
ولكنّه إرشادٌ للأمة بضرورة العمل بهذا المبدأ ،
قال الله تعالى :
بيسم الله الرحمن الرحيم
{ وشاورهم في الأمر }
صدق الله العظيم
( آل عمران : 159 ) .
فكان – صلى الله عليه وسلم – أكثر الناس مشورة في أحواله كلّها ،
في السلم والحرم ،
وأمور الخاصّة والعامة ،
حتى شهد أصحابه بذلك .
ففي أمور الحرب ،
تبرز مواقف النبي – صلى الله عليه وسلم – التي شاور أصحابه فيها ،
ابتداء بغزوة بدر ،
حيث شاورهم فيها حول الخروج لملاقاة العدو ،
واختيار المكان الذي ينزلون فيه ،
وفي شأن الأسرى وكيفيّة التعامل معهم .
وفي غزوة أحد ،
استشار النبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار المكان
الذي يحارب منه المسلمون ،
ونزل على رأي من أراد الخروج ،
كما أخذ عليه الصلاة والسلام بمشورة صاحبيه
بعد المعركة في ملاحقة فلول قريش ومطاردتها .
وعندما أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه
بفكرة بناء الخندق ،
استحسن النبي – صلى الله عليه وسلم – فكرته وأمر بتنفيذها ،
فكانت سبباً رئيسياً من أسباب النصر في تلك الغزوة .
وكثيراً ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم –
يأخذ بمشورة أصحابه حتى وإن خالفت رأيه ،
فقد نزل على رأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما
في عدم إعطاء ثمار المدينة لغطفان ،
وأخذ بمشورة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
بقصد المسجد الحرام لأداء العمرة وترك قتال قريش يوم الحديبية ،
ومشورة الحباب بن المنذر رضي الله عنه
في اختيار معسكر المسلمين في غزوة الطائف ،
ورأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه
في عدم ملاحقة جيش الروم في أرض الشام
وضرورة العودة إلى المدينة ،
ومنع الصحابة من نحر الإبل حينما اشتدّ بهم الجوع ،
وغير ذلك من المواقف الكثيرة التي ذكرها علماء السيرة .
وبعيداً عن شؤون الحرب ،
فقد وردت في السيرة النبوية مجموعة من القضايا
استشار فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – الآخرين
واستمع إلى آرائهم ،
ففي يوم الإسراء والمعراج
شاور عليه الصلاة والسلام جبريل في تخفيف الصلاة ،
وشاور كلاً من علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما
في قضيّة الإفك ،
وشاور الناس في كيفيّة التعامل مع من آذاه في عرضه الشريف ،
وفي غزوة الحديبية
نزل عند رأي زوجته أم سلمة رضي الله عنها
بمباشرة النحر وحلق الشعر بنفسه عندما تثاقل الناس عن فعل ذلك .
عند استعراض مبدأ الشورى في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم - ،
نجد أن لها مجالاً معيّناً ونطاقاً محدّداً لا تتعدّاه ،
وهي الأمور التي لم يرد فيها نصٌّ شرعيٌّ من الكتاب والسنّة ،
وأما ما ورد فيه نصٌّ
فليس أمام المسلم سوى القبول والتسليم ،
ولا سبيل إلى تعطيله أو معارضته ،
وإنما تكون الشورى في البحث عن كيفيّة تنفيذه
بما يتوافق مع أصول الإسلام وقواعده ،
وبما يراعي مقتضى الظروف المحيطة وواقع الحال .
وللشورى في حياة الصحابة رضوان الله عليهم
مكانةٌ عظيمة ،
فقد كانوا حريصين أشدّ الحرص
على معرفة رأي النبي – صلى الله عليه وسلم –
في مختلف القضايا ليأخذوا به ،
فمن ذلك استشارة أبي هيثم رضي الله عنه
للنبي – صلى الله عليه وسلم –
في اختيار خادمه من السبي ،
رواه الترمذي ،
واستشارة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها
للنبي عليه الصلاة والسلام فيمن تقدّم لخطبتها ،
فأشار لها بقبول أسامة رضي الله عنه ،
فكان زواجها منه سبباً في سعادتها وحلول البركة في بيتها ،
رواه مسلم .
وعن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه
أن والده جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :
" يا رسول الله ، أردت أن أغزو ،
وقد جئت أستشيرك " ،
فقال له :
( هل لك من أم ؟ ) ،
قال :
نعم ،
فقال له :
( فالزمها فإن الجنة تحت رجليها )
رواه النسائي .
ومن بعد عصر النبوّة أرسى الصحابة رضوان الله عليهم
مبدأ الشورى منذ اللحظة الأولى ،
فما كان اختيار خليفة المسلمين يوم السقيفة
إلا نتاج المشورة بينهم ،
ولا إنفاق أموال الفتوحات الإسلامية على الدولة
في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه
إلا بمشورة أصحابه ،
وبذلك صارت الشورى ركيزة أساسية في حياتهم .
وعندما نعود إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم :
( إن المستشار مؤتمن )
رواه الترمذي ،
أدركنا ضرورة الصدق والإخلاص في المشورة
ليتحقّق المقصود منها ،
وفي هذا المعنى يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- :
( من استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه )
رواه أحمد .
وهكذا أصبحت المباديء التي قرّرها النبي – صلى الله عليه وسلم –
دستوراً للبشريّة ،
ومنهاجاً للإنسانيّة ،
وعنواناً للأمم الراقية على مرّ العصور.
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
.
| |
|