إذا أراد الله بعبده خيرًا،
فتح له من أبواب التوبة،
والندم،
والانكسار،
والذل والافتقار،
والاستعانة به،
وصدق اللجؤ إليه،
ودوام التضرع
والدعاء
و التقرب إليه
بما أمكن من الحسنات
ما تكون تلك السيئة به رحمته،
حتى يقول عدو الله:
يا ليتنى تركته ولم أوقعه.
وهذا معنى قول بعض السلف:
إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة،
ويعمل الحسنة يدخل بها النار،
قالوا:
كيف؟
قال:
يعمل الذنب
فلا يزال نصب عينيه
خائفًا منه
مشفقا
وجلًا،
باكيًا،
نادمًا،
مستحيًا من ربه تعالى،
ناكس الرأس بين يديه،
منكسر القلب له،
فيكون ذلك الذنب سبب سعادة العبد وفلاحه،
حتى يكون ذلك الذنب
أنفع له من طاعات كثيرة
بما ترتب عليه من هذه الأمور
التي بها سعادة العبد وفلاحه،
حتى يكون ذلك الذنب
سبب دخوله الجنة.
ويفعل الحسنة
فلا يزال يمن بها على ربه،
ويتكبر بها،
ويرى نفسه،
ويعجب بها،
ويستطيل بها،
ويقول:
فعلت وفعلت،
فيورثه من العجب
والكبر،
والفخر
والاستطالة ما يكون سبب هلاكه.
فإذا أراد الله تعالى
بهذا المسكين خيرًا
ابتلاه بأمر يكسره به،
ويذل به عنقه،
ويصغر به نفسه عنده،
وان أراد به غير ذلك
خلاه وعجبه وكبره،
وهذا هو
الخذلان الموجب لهلاكه.
ابن القيم – الوابل الصيب