| قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 0:43:47 | |
|
قصة سيدنا مُحَمّد عليه الصلاة والسلام
النبي الأمي العربي، من بني هاشم، ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة، توفيت أمه آمنة وهو لا يزال طفلا، كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، ورعى الغنم لزمن، تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة والعشرين من عمره، دعا الناس إلى الإسلام أي إلى الإيمان بالله الواحد ورسوله، بدأ دعوته في مكة فاضطهده أهلها فهاجر إلى المدينة حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار عام 622 م فأصبحت هذه السنة بدء التاريخ الهجري، توفي بعد أن حج حجة الوداع.
محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) سيد الخلق وإمام الأنبياء، وحامل خاتم رسالات رب العالمين إلى الناس، النبي الأمي الذي سنتجول في دروب حياته، نتنسم سيرته، ونتعقب خطواته، ونتسمع أخباره، ونسعى في صحراء الجزيرة العربية نبحث، ونفتش ونقلب كتب التاريخ كي نتلمس آثاره، وفى رحلتنا تلك سنشاهد أحوال العالم قبل البعثة، ونطالع فصوب حياته قبل نزول الوحي، ونتفهم كيف بدأ الدعوة سرًا؟، وكيف جهر بها؟ وكيف خرج بها من مكة؟ بل كيف خرج هو -صلى الله عليه وسلم- من مكة مهاجرًا إلى مدينته المنورة، حيث أسس لدعوته الدولة التي تحملها للناس، وسنرى كيف جاهد ببسالة كفار قريش؟ دفاعًا عن مدينته، حتى وقعت بينهما الهدنة. وما كسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدها قط، وما خلد إلى الراحة في دولته، بل جعل الهدنة فرصة ليثبت أمر الدين، وينشر نور الحق، إلى أن كان الفتح، وكان دخول الناس في دين الله أفواجًا. وفى رحلتنا تلك لن ننسى أن نلمح بيته ونعرف صفته، وندرك ما جعل الله على يديه من معجزات براقة.
____________________________________________________
وهنا سوف استعرض معكم سيرة المُصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام)
في هذه الفصول التالية :
____________________________________________________
الفصل الأول؛؛؛ ========
1-عام الفيل: ======
إن الله تعالى يخلق ما يشاء ويختار {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار} (القصص:68) خلق الإنسان وفضل بعضه على بعض، وخلق الزمان وفضل بعضه على بعض، وخلق المكان وفضل بعضه على بعض، ومن الأماكن التي اختارها سبحانه وفضلها على سائر بقاع الأرض، مكة المكرمة، التي فيها البيت العتيق، وهو أول بيت وضع للناس، وقد حرسه الله وحماه وأحاطه برعايته ورد عنه كيد المجرمين، ومن ذلك حادثة الفيل المشهورة التي سجل الله وقائعها في القرآن الكريم فما خبر هذه الواقعة ؟ هذا ما سنقف عليه في هذه الأسطر : ذكرت كُتب السيرة أن أبرهة الحبشي كان نائباً للنجاشي على اليمن، فرأى العرب يحجون إلى الكعبة، ويعظمونها ، فلم يرق له ذلك، وأراد أن يصرف الناس عنها، فبني كنيسة كبيرة بصنعاء ، ليحج الناس إليها بدلاً من الكعبة، فلما سمع بذلك رجل من بني كنانة دخل الكنيسة ليلاً، فبال وتغوط فيها ، فلما علم أبرهة بذلك سأل عن الفاعل فقيل له، صنع هذا رجل من العرب من أهل البيت الذي تحج العرب إليه بمكة ، فغضب أبرهة وحلف أن يذهب إلى مكة ليهدمها، فجهَّز جيشاً كبيرا، وأنطلق قاصداً البيت العتيق يريد هدمه، وكان من جملة دوابهم التي يركبون عليها الفيل-الذي لا تعرفه العرب بأرضها- فأصاب العرب خوفٌ شديد،ٌ ولم يجد أبرهة في طريقه إلا مقاومة يسيرة من بعض القبائل العربية التي تعظم البيت، أما أهل مكة فقد تحصنوا في الجبال ولم يقاوموه. وجاء عبد المطلب يطلب إبلاً له أخذها جيش أبرهة، فقال له أبرهة: كنتَ قد أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أخذتها منك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباً يحميه، فقال أبرهة: ما كان ليمتنع مني قال عبد المطلب : أنت وذاك.وأنشد يقول: ا للهُمَّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك لايغلبنَّ صليبهم ومحالهم غدواً محالك إن كنتَ تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك فلما أصبح أبرهة عبأ جيشه، وهيأَ فيله لدخول مكة ، فلما كان في وادي محسر-بين مزدلفة ومنى- برك الفيل، وامتنع عن التقدم نحو مكة ، وكانوا إذا وجهوه إلى الجنوب، أو الشمال ، أو الشرق، انقاد لذلك، وإذا وجهوه للكعبة برك وامتنع، وبينما هم على هذه الحالة ، إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل (ومعنى أبابيل يتبع بعضها بعضاً) مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجر في منقاره وحجران في رجليه، لا تصيب منهم أحداً إلا تقطعت أعضاؤه ، وهلك. أما أبرهة فقد أصابه الله بداء، تساقطت بسببه أنامله، فلم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل فرخ الحمام، وانصدع صدره عن قلبه فهلك شر هلكة. وقد أخبر الله تعالى بذلك في كتابه فقال :{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول.} (سورة الفيل) وقد حدثت هذه الواقعة في شهر المحرم قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما تقريبا . وهو يوافق فبراير سنة 571م.
ووقعت في ظروف ساعدت على وصول خبرها إلى معظم أرجاء المعمورة المتحضرة في ذلك الزمن ، فالحبشة كانت ذات صلة قوية بالرومان ، والفرس لهم بالمرصاد يترقبون ما ينزل بهم وبحلفائهم، وهاتان الدولتان كانتا تمثلان العالم المتحضر في ذلك الزمان. فلفتت هذه الواقعة أنظار العالم إلى شرف هذا البيت ومكانته، وأنه هو البيت الذي اصطفاه الله تعالى للتقديس.
********************
2-اليوم الخالد:: ______________
تستمد الايام قيمتها من الاحداث التي تخالطها ومن خلال جلائل الاعمال التي تقع فيها........
ومن حق هذه الايام التي تتجدد فيها نعم الله علي عباده ان تكثر فيها الطاعات..... وان يتقرب فيها المؤمن الي الله بأفضل القربات ..... شاكرا لله علي سابغ نعمه وعظيم فضله
ومن هذه الايام الخالده.........
يوم ميلاد الرسول صلي الله عليه وسلم
ويوم ارساله للناس كافه .... رحمه مهداه ونعمه مسداه فهذان اليومان من اعظم النعم التي انعم الله بها علي الانسانيه عامه................... وعلي الاسلام خاصه.................... ففيهما اشرقت الارض بنور ربها************* وبهما تحقق عز الدنيا وسعاده الاخره********* فكان سعد الوجود*****بسيد الوجود***
وتتابعت ايات الوحي......تتقاطر من السماء... كا الغيث الندي اصاب ارضا مجدبه......... فا هتزت وربت...وانبتت من كل زوج بهيج
ولما كان اليوم السابع من ولادته صلي الله عليه وسلم ذبح عنه جده عبد المطلب...... فأمر بجذور فنحرت.............. ودعا رجالا من قريش فحضروا واطعموا ولما علموا انه سمي الطفل "محمد"..... سألوه!!!!!!!!!!!!!! لم رغبت به عن اسماء قومه؟؟؟ وابائه؟؟؟؟؟؟؟؟ فقال: اردت ان يكون محمودا في السماء والارض
ونشأ عليه الصلاه والسلام نشأه كريمه طيبه لم يخالطها اثم ولم يقارف ذنبا ولم يطعم حراما ولم يشرب خمرا ولم يسجد لصنم ............ولكنه شب يكلؤه الله تعالي ويحفظه .........................ويحوطه من اقذار الجاهليه
هذا ويعتبر ميلاده صلي الله عليه وسلم بحق اعظم حدث في تاريخ الدنيا............فهو بحق: اعظم مولود************ واشرف موجود************ وهو صلي الله عليه وسلم ... .مورد عذب............ كثير الزحام بالرواد والباحثين... الذين بهرتهم شخصيته.......قبل النبوه.....وبعدها!!!!!!!!
وكان مبعثه صلي الله عليه وسلم نقطه انطلاق للدعوه الخالده زحفت معها كتائب الحق لتأخذ موقعها في ساحه الجهاد الطويل.....والمرير..... اعلاء لكلمه الله ... وارساء لقواعد العدل ونشر مبادئ الحريه والمساواه
انه ذو الخلق العظيم..... الذي شيد للدنيا اعظم صروح العدل....والامانه ....والسلام..
كان اذا نام......... وضع تحت رأسه الشريف..وساده.. حشوها ليف كان يخصف نعله...... وتحت هذه النعل المخصوفه.. تدحرجت تيجان ..وتكدس ذهب كان يرقع ثوبه...... ومن ثنايا هذا الثوب المرقع... فاح عطرا ملأ ارجاء الدنيا طهاره ..وعفه...ونبلا..... كان لا يرد سائلا.....ولا يخيب رجاء الا رجاءا يمس قداسه العداله وحرمه المبادئ كان الوفاء خلقه الاصيل...لا يتاجر به..ولا يجامل ولكن تفيض به نفسه عن حب ورغبه.... كان اخشي الناس ....واتقاهم لله... ويجد في العباده قره عينه وطمأنينه نفسه كان لا يعيش لنفسه......... ولكن ...يعيش لامته...وللناس جميعا كان اذا ملك ..............صفح واذا قدر ....عفا كان رحمه مهداه...... وسعت رحمته: العدو .. والصديق القريب ...والبعيد القوي ....والضعيف الانسان.....والحيوان كان يصل من قطعه...... ويعطي من حرمه....ويعفو عمن ظلمه ويداعب الاطفال ...ويسلم عليهم ويبسط يده للشاه..لتأكل مافيها من النوي ويميل الاناء للهره لتشرب ويفتح لها بابه لتجد عنده المأوي
فيالها من رحمه بسطت جناحيها علي الكون كله........
وبعد.....*******........ هذه كلمه فاض بها الخاطر .... في هذه الذكري العطره
لا اقول انني قد وفيت بها علي الغايه!!!!!!!!! او استقصيت فيها جوانب العظمه في الخلق النبوي فهذا ما لا استطيع ادراكه ولكنها قبسات من النور المحمدي ولمحات من الخلق الزكي وزهرات من الروض الندي اقدمها لاخواني في ذكري ميلاد نبيهم العظيم لينتفع بها.من كان له قلب او القي السمع وهو شهيد
3-نسبه وأسرته:: (صلى الله عليه وسلم) ==============
اصطفى الله سبحانه وتعالى نبيه (صلى الله عليه وسلم) من أزكى ولد إسماعيل نسبًا، وشرف النسب لا يمنح الرجل الخامل ذكرًا أو شرفًا، لكن اجتماعه لمن اتصف بحميد الخلق، واكتسى بالهيبة، وتزين بالعقل والحلم، يزيده قدرًا وشرفًا ورفعة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو: مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وينقسم نسبه -صلى الله عليه وسلم- إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول إلى عدنان الجزء الثانى إلى إبراهيم (عليه السلام) الجزء الثالث إلى آدم (عليه السلام) وقد اتفق على صحة الجزء الأول لكن اختلف في الجزئين التاليين، أما أمه (صلى الله عليه وسلم) فهي: السيدة آمنة بنت وهب. الجزء الأول مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب وأسمه شيبة بن هاشم وأسمه عمرو بن عبد مناة وأسمه المغيرة (بن قصي وأسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة بن مالك بن النضر وأسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة وأسمه عامر بن إلياس بن مضر بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهذا الجزء هو الذي اتفق على صحته أهل السير والأنساب).
الثمرة الطيبة لا تخرج من شجرة خبيثة الأصل، والبناء الشامخ لا بد له من أساس متين، ونبيٍّ يراد له أن يحمل هداية الله إلى العالمين حتى قيام الساعة، لا بد أن تتعهده رعاية الله وتوجيهه حتى يؤهل للقيام بهذه المهمة الجليلة. ولا شك أن شرف نسبه وأسرته (صلى الله عليه وسلم) ورعاية الله له في مولده ورضاعته، وتعهده به صلى الله عليه وسلم، في طفولته وصباه، ثم الكيفية التي قضى بها النبي الكريم حياته من الشباب إلى البعثة، لا شك أن ذلك كله كان تقديمًا رائعًا لبعثة نبيٍّ عظيم.
4-تأملات في الذكري العطره :: _______________________
من التحديق العابر ..وحتي التأصل الكوني تستطيع ..مع محمد صلي الله عليه وسلم ان تفضي الي عالم من الجلال ...ربما بلا تخوم وقد يجدي هنا.....ان تستحيل الكلمات الي شعر فغير قادر -سوي الشعر-كمصطلح اخر للتوغل في جبال هذه الروعه...الماطره بالاف الكنوز
فاول الرحله ...كانت طفوله موحيه.......... فلم تكن دروبها وتيره ولا منعرجاتها قاصده بل كان العذاب حجر كل زاويه .......... وتراب كل انحناء من اليتم في انذهاله الفاجع ................................واحزانه الداكنه.... الي النضج الباكر المسؤل............. والذي اغرق احلام الطفوله في بحار من التأمل في كل معادلات الوجود ولو ان اليتم - في محمد - كان طفلا من اغمار ما نلقي من الاطفال لكان في مرح الطفوله... ولهوها الساذج..... وانفلاتها الارعن ما يلويه عن جرحه الفادح......................
ولكن اليتم -في محمد - كان رجلا حتي في طفولته...... الا تصدقون!!!!!!!!!!!!!!
انظروا الي محمد اذن وهو يأتي من بعيد....بعيد ليجلس علي فراش جده-عبد المطلب- بينما يتحملق حوله الرجال.. والاطفال.... لا يستطيعون منه اقترابا وينهره احد اعمامه قائلا:: هلم الي هنا يا محمد واجلس مجلس الاطفال!!
ولكن الطفل لا يزيد الا علي ان يرمق عمه بنظرات عاتبه ....................................وصامته ويتأبي.......................................... فتحتضنه نظرات جده الرحيمه وهو يقول:: "دعو ابني وما يريد..... فوالله ان له لشأنا"
الستم معي ان طفوله من هذه النوعيه لا يمكن انتكون طفوله منعزله تضرب في ارجاءالحركه العفويه اللامسؤله؟؟؟؟؟؟ وتنسي احزانها .....وتعيش......
ان سحابه من القدر القرأني الطائف "ولتصنع علي عيني" تظلل كل لحظات عمره ...بلا قرار.........
لا تقولوا ان فعل محمد هنا كان بادره عفويه الايقاع!!!!!!!!!!!! لا تقولوا ان جده الشيخ هو الذي ابصر في الطفل....رجله الكوني؟ فلم يكن الطفل في محمدسوي متحرك لغريزه الطفوله فمحمد اثري...وارحب..... ..................................الا تصدقون؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
انظروا الي محمد الطفل وهو ينحاز الي زاويه من زوايا الطريق ..................ويمر به اترابه من صبيه يعدون الي منطلق صاخب الاجواء ......................................ويقولون له ..... هلم يا محمد..لنمرح الليله في عرس فلان ............................................................ فيبتسم لهم ابتسامه واثقه مضيئه.......... ................................................ويقول: لا......لم اخلق لهذا******************
وهنا في هذه الكلمات: تنسوي وتنضوي وتنطوي كل فلسفه العقائد في حروفها
...........ان الانسان ................والخالقيه ...........والمخلوقيه ..................وغايه الخلق كل اولئك مكنوز تحت اجنحه كلمات بحجم الضوء قالها الطفل في محمد.... الرائع...... العظيم فمحمد يريد ان يحرك كل شيء في الكون ......................... الي اتجاهه الاصوب حرك الزمن الموضوعي في اتجاه ان يحتوي جديدا .......................مع شموسه واقماره
ليست صيحه تعقب.... ماند لها هذا الفارس النبي؟؟؟ وليست خطفه نسر جائع..... ما حرك هذا الرجل العربي؟؟؟؟ وليس هتفه انزواء ............ ما اراد هذا الانسان الخائض في اللجج؟؟؟؟؟
..............فمحمد صانع التطور ........................والحضاره والتأصل.والتأصيل .................................. انه فارس الموائمه بين...............................الفعل ...والكلمه شجاع الامتداد في الزمان والمكان بطل البحث عن الجدوي وضروره التحذير
ولنا ان نقول:::::: ان محمد لنا ونحن لمحمد بسيفه نضرب وبكلماته نقول ومن خلال رؤيته نري ............ولان محمد فوق التعصب الجاهل وفوق العدوانيه القذره وفوق الخرافه الشوهاء وفوق ان نقول او يقول فيه الكون ما شاء ...............................................................من ابداع وتخيل؟؟؟؟؟ يكفي اننا بالحب نلقاه فالذي يعجز الخلق علي طريق الحكمه الصعبه يكمن بالحب ان يقطع مسافات علي الطريق
(يتبع) =====
عدل سابقا من قبل ناجي احمد محمد السيد عطيه في الثلاثاء 29 مارس - 14:36:53 عدل 2 مرات | |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 0:47:53 | |
|
الفصل الثاني:: ========
مولده ورضاعته::: (صلى الله عليه وسلم) ==============
آمنة:: ==== هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب -أم رسول الله-، وأفضل امرأة في قريش يومئذ نسبًا وموضعًا، أما أبوها فسيد بنى زهرة نسبًا وشرفًا. تزوجت آمنة من عبد الله بن عبد المطلب، فلما حملت به رأت أنه خرج منها نور أضاءت به قصور الشام، ثم تأيمت وجنينها بعد لم ير النور، ووضعته فكان خير من وضعت امرأة إلى قيام الساعة، وقد توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة وهى في طريق عودتها إلى مكة بعد أن زارت بمُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) وهو ابن ست سنين أخواله من بنى عدى بن النجار. وبنو عدى بن النجار أخوال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأن منهم سلمى بنت عمرو النجارية زوجة هاشم وأم عبد المطلب جد رسول الله (صلى الله عليه وسلم). حملت صبيحة الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل، والموافق للعشرين أو الثاني والعشرين من إبريل عام (571م) حملت صبيحة ذلك اليوم للدنيا أجمل وأجل هدية: ميلاد مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) ولم تجد آمنة أمُّ خاتم النبيين يد عبد الله زوجها؛ لتربت عليها، وتشاركها فرحتها بوليدها الصغير، ولكنها أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بالغلام النجيب، وامتلأ قلب الشيخ الذى كساه الحزن؛ لفقد ولده الشاب الأثير- امتلأ بالبهجة والبشر، وأسرع فأخذه، وسار به حتى دخل الكعبة، ثم دعا الله وشكر له، واختار له اسم مُحَمّد، ولما كان اليوم السابع لمولده ختنه على عادة العرب، وأمر بناقة فنحرت، ثم دعا رجالاً من قريش فحضروا وطعموا. وكانت عادة ساكني الحضر من العرب يومئذ أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، لتقوى أجسامهم، ويتقنوا اللسان العربي فى مهدهم، فالتمس عبد المطلب من ترضع حفيده المحبوب، حتى صار الأمر لامرأة من بنى سعد بن بكر هي: حليمة بنت أبى ذؤيب، وفى ديار حليمة نشأ مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) وتحرك لسانه بما تعلم، ودبت قدماه تسعى في ديار بنى سعد وباديتهم، وبهذه البادية حدثت له (صلى الله عليه وسلم) حادثة شق الصدر الشهيرة، والتي كانت إرهاصًا بعظم شأنه (صلى الله عليه وسلم).
**************************************
بشراك يادنيا:: ========
بشراك يادنيا فتيهي وافخري...... .......في مولد الهادي البشير المنذر بشراك فالامال مشرقه السنا..... .......والكون يزهو........ بالسراج الانور الظلم اذن بالرحيل فلن نري....... .......من ظالم او باغ او متجبر او متكبر قبس من الرحمن شع ضياؤه..... ......والصبح لولا نور محمد لم يسفر شمس الهدي.بدر الدجي نجم..... ....العلا...والنور يسطع من جبين ازهر نشر العدله والاخوه سماحه...... .......فاذا الاخاء يعم ويفوح مثل العنبر وتححقت تلك العداله بينهم........ .........سيان بين الفقير منهم والموسر امن انار العقل من ظلماته؟....... .......امن الان قلوب البشر بعد تحجر؟؟؟ احيا النفوس الظامئات بيانه...... .......كا الارض ظماي للسحاب الممطر فتح العيون مع الهدايه والاخاء..... .....وانار درب كل حائر ......وكل متعثر وتباهت الدنيا باكرم مرسل........ ......وغدت تتيه فخارا... بذكره المتعطر الكون يزهو......والعوالم تزدهي.. .....والقوم بين مسبح ... ومهلل ومكبر والحكم جعل العداله له اسه....... .....سطع الدليل .....ورد كيد المفتري دستورنا القران نبراس الهدي..... .....يهدي الانام....... الي الطريق النير دستورنا القران فيه شفاؤنا........ ......فيه الهدي والنور... للعاقل المتدبر هو رحمه للعالمين وبلسم........ ........للمؤمنين....... وفيه حجه للاعصر دستورنا القران لا ما صاغه.......... ...... متفلسف حمق... ولا فكر عبقري كم تحدي المغلقين بيانه......... ...........كم هز في الدنيا اعجازه من منبر فهو الملاذ لنا ..وفيه حياتنا........ .........لم نخشي فيه صوله المستعمر يا امه الاسلام يامن قوضت....... .........كسري ...وزلزلت العروش لقيصر هل دعوه الله تبعث امه؟؟؟........ .........هل عوده ترجي لماضي مزهر؟؟؟؟ هل غضبه في الله تشحذ عزمنا؟؟؟؟. ...فندوس رأس الملحد.... المتكبر ايتيه رعديد ويسكت عنه.......... ..........والباطل يسمو فوق حق مهدر يا امه هجرت شريعه ربها............. .........كيف السبيل لعوده وكيف التحرر لولا العقيده ما سمت هاماتنا...... .......ولما نعمنا كلنا من رحيق الكوثر سيروا علي نهج الاولي كي تسعدوا. ..من ينهج النهج المؤيد من الله يظفر الله اكرمنا ببعثه محمد .............. . ....يا امه القران لا لا......... لن تقهري بشراك يا دنيا بميلاد الهدي......... ........فلطالما نلت المني فاستبشري
__________________________________________________ في ديار حليمة: =========
خرجت حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية مع نسوة من بنى سعد بن بكر يلتمسن الرضعاء، وما إن وصلت مكة حتى التقطت كل واحدة منهن رضيعًا ألقمته ثديها، ولم يبق بمكة إلا رضيع واحد ومرضعة واحدة، أما الرضيع فكان مُحَمّدا (صلى الله عليه وسلم)، ترك ليتمه، فكانت كل واحدة منهن تقول: يتيم! وما عسى أن تصنع أمه وجده؟!، وأما المرضعة فكانت حليمة السعدية، ويبدو مما نقل إلينا من الروايات أنها كانت على حال بالغة من الضعف والوهن، فأبت أمهات قريش أن يدعن لها بنيهن، ولم ترض حليمة أن تعود لديارها خالية الوفاض، فعادت ليتيم مكة، بعد أن زهدته، وشجعها على ذلك زوجها أبو كبشة الحارث بن عبد العزي قائلاً: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. وما إن التقم فم مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) ثديها حتى امتلأ من بعد جفاف باللبن، فشرب، وشرب أخوه ونام، وما كان قبلها يصنع ذلك، وإذا دابتها العجفاء تسبق دواب صويحباتها، وإذا ضرع غنمها حافل باللبن، فباتت حليمة وزوجها وابنها فى خير ليلة، وأصبح زوجها يقول لها: تعلمي والله يا حليمة؟! لقد أخذت نسمة مباركة. وترددت أنفاس مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) الزكية في دار حليمة، فامتدت إليها البركة، فسمنت غنمها، وزاد لبنها وبارك الله لها في كل ما عندها، حتى كان بنو سعد يقولون لرعيانهم: ويلكم! اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبى ذؤيب. وأتم مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) سنتين، ففطمته حليمة، وذهبت به إلى آمنة تلح عليها -لما رأت معه من الخير- أن تتركه لها مزيدًا من الوقت، ولم تزل بها حتى ردته إليها، فمكث فى بنى سعد، حتى سن الرابعة أو الخامسة. وفى هذه السن وقعت له حادثة شق الصدر، فخشيت عليه حليمة أن يكون أصابه سوء، فردته إلى أمه بمكة.
_______________________________________________
حادثة شق الصدر:: ===========
بينما مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) يلعب مع الغلمان، في ديار حليمة السعدية، وقد ناهز سنه يومئذ الرابعة أو الخامسة، حدثت له حادثة عجيبة، إذ أتاه الملك، فأخذه فصرعه، ثم شق صدره، واستخرج قلبه، وأخرج منه علقة، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده إلي مكانه، وغدا الغلمان إلي أمه حليمة ينبهونها قائلين إن مُحَمّدا قد قتل، فأسرعت إليه حليمة، واستقبلته وهو منتقع اللون، وخشيت حليمة وزوجها أن يكون أصابه سوء فبادرا برده إلي أمه آمنة بمكة.
__________________________________________
طفولته وصباه :: (صلي الله عليه وسلم) ==============
عاد مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) من ديار حليمة إلي أحضان أمه، التي طال اشتياقها إليه، وحنت عليه آمنة حتى بلغ عندها ست سنين، ثم إن الأرملة الوفية لذكري زوجها الشاب عبد الله، قد عزمت أن ترحل إليه بالمدينة، فتري قبره، وتُري مُحَمّدا أخواله من بني النجار، خرجت آمنة في رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر، تصحب ابنها وخادمتها أم أيمن، ويصحبها عبد المطلب، يحدوهم جميعًا حنينهم إلي قبر عبد الله، ومكثت آمنة بالمدينة شهرًا، ثم عُقِدَ العزم علي الرحيل، لكنْ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وقد طالعت عيناه قبر أبيه فتجسد لديه معني اليتم جليًا، كانت الأقدار تخبئ له مفاجأة أليمة أخري فقد ألح المرض علي أمه ولاحقها، حتى قضت نحبها بالأبواء بين مكة والمدينة، وعاد يتيم الأبوين حزينًا مع جده العطوف إلي مكة، فيكرمه جده، ويحبه، ويحنو عليه، بل ويقدمه علي أبنائه، ويروي أن فراشًا كان يبسط لعبد المطلب في ظل الكعبة لا يقربه أحد إجلالاً له حتى يخرج إليه، فكان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يأتي فيجلس عليه، فإن أراد أعمامه أن يؤخروه ولمحهم جده نهاهم عن ذلك، وأقره علي ما يصنع، لكن أين يجد شيخ الثمانين متسعًا من الوقت ينشئ فيه حفيده؟. عاجلت المنية عبد المطلب فمات، وقد أوصي ابنه أبا طالب برعاية الحفيد اليتيم، وقام أبو طالب بمهمته خير قيام، وظل يساند ظهر مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ويعضد جانبه ما يربو علي الأربعين عامًا، ورحل مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) معه إلي الشام مرة وهو في الثانية عشرة من عمره، فلقيا في الطريق بحيرا الراهب، فعلم أنه نبي هذه الأمة ورده إلي مكة مخافة عليه، وشارك قريشًا حربها ضد قيس عيلان، وهو بعد في الخامسة عشرة في حرب الفجار، ثم شهد علي أثره حلف الفضول بدار ابن جدعان إذ تحالفوا علي نصرة المظلوم والغريب. وهكذا قضي النبي الكريم (صلي الله عليه وسلم)، طفولة امتزج فيها حنان الجد بألم اليتم والفراق، واللعب واللهو بالجد والحرب مع الكبار. حين بلغ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) اثنتي عشرة سنة ارتحل مع عمه أبي طالب إلي الشام في تجارة له، ونزل الركب ببصري فالتقيهم راهب صالح يدعي بحيرا (واسمه جرجيس). وعلم الراهب من أمر مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ما جهله قومه وأهله، فسأل أبا طالب عنه فقال: ابني. فأجابه: ما ينبغي أن يكون أبوه حيًا!. وتعجب أبو طالب من علم بحيرا! فقال له: فإنه ابن أخي مات أبوه وأمه حبلي به. فأجابه بحيرا مقتضبـًا وناصحـًا: صدقت، ارجع به إلي بلدك، واحذر عليه يهود. فأسرع أبو طالب برده مع بعض غلمانه إلي مكة، ويبدو أن بحيرا قد عرفه من خاتم النبوة الذي بظهره (كما جاء في بعض الروايات)، ومما كان يقرؤه بكتبه من قرب بعثة نبي بعد عيسي (عليه السلام)، ومن إمارات ذلك النبي وعلاماته.
________________________________________
الدعوة سرًا:: ========
عن أدران الجاهلية، وحماقاتها المتعددة، ومساوئها المختلفة، نأي مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وابتعد، ليس بروحه الطاهرة فحسب، بل بجسده أيضًا. إذ كان يمكث الليالي ذوات العدد في غار حراء متعبدًا لربه ومتقربًا. ودون تأهب منه أو توقع؛ فوجئ (صلي الله عليه وسلم) بنزول الوحي إليه، وتبليغه برسالات ربه. وما كان علي النبي الأمين (صلي الله عليه وسلم)، إلا أن يبلغ النور الذي يحمله إلي الناس من حوله، فظل يبلغ الدعوة سرًا طوال ثلاثة أعوام، ينتقي من يلتمس فيه صلاحًا، فيسمعه القرآن المنزل عليه، ويجمعه مع إخوانه الذين سبقوه لدين الله، منتظرًا ومتهيئًا نزول أمر الله بالجهر بدعوته.
__________________________________
الدعوة جهرًا:: =======
ما إن نزل أمر الحق تبارك وتعالي لرسوله (صلي الله عليه وسلم) بالجهر بالدعوة، حتى قام النبي علي جبل الصفا؛ يعلن علي الملأ حقيقة رسالته. لكن الآذان التي لم تتعود سماع الحق، والعقول التي ألفت الدعة والنوم، والنفوس التي عشقت الضلال حتى أدمنته، لم ترض لنور الله أن يسطع بين حنايا مكة؛ حتى يكون لها في منعه دور ونصيب . وقد تحمل النبي (صلي الله عليه وسلم)، وعصبته المؤمنة مخاطر وألم المواجهة والإيذاء، وسطروا بدمائهم وأرواحهم أروع آيات الصبر والثبات. وهم إن عدموا ملجأ يحتمون به في دروب مكة ودورها علي تعددها واتساعها فقد وجدوا في دار أخيهم الأرقم النائية بعض الأمن وبعض الجزاء، فبين جدران هذه الدار المباركة كانوا يتعلمون أحكام دينهم، ويتربون علي قيمه السامية، ثم كان في الهجرة إلي الحبشة بعد اشتداد الإيذاء الحماية والمنعة، في بلد عُرِفَ ملكها بالعدل والإنصاف. أما مسلمو مكة ممن لم يهاجروا إلي الحبشة، فقد قويت شوكتهم بإسلام حمزة وعمر (رضي الله عنهما). ولما أيست قريش من أساليب المواجهة والإيذاء لجأت لأساليب المساومة والإغراء، لكن هيهات لمن رأي النور الحق أن يخدع ببريق الشهوات. وعلي حمية الجوار جمع أبو طالب بني هاشم وبني المطلب، لنصرة ابن أخيه، وهنا لم يبق لقريش إلا أن تعلن المقاطعة العامة للمسلمين وأنصارهم، وكما صبر المسلمون علي ألم الإيذاء، وفتنة الإغراء، مشوا بأقدامهم علي أشواك هذه المقاطعة ليصلوا إلي هدفهم النبيل. وكمحاولة يائسة حيري أخيرة أرسلت قريش وفدًا منها إلي أبي طالب، ليعاود المفاوضة، ولم يعد إلا بما استحقه: خفَّي حنين. وفي العام العاشر للنبوة ألمت برسول الله والمسلمين مصيبتان: وفاة أبي طالب، ووفاة خديجة (رضي الله عنها)، فسُمِّي هذا العام بعام الحزن.
______________________________________
الجهر بالدعوة:: ========
أنزل الله سبحانه وتعالي علي نبيه العظيم (صلي الله عليه وسلم) سورة الشعراء، فقص عليه وعلي المؤمنين بها قصة موسي (عليه السلام)، بفصولها المتتالية: من نبوة، وهجرة، ومواجهة، ونجاة لهم، وهلاك لفرعون ومن معه لتكون هذه السورة أنموذجًا للمسلمين، وأورد الله بها نهايات المكذبين من قوم نوح، وعاد، وثمود، وغيرهم، ثم أنزل الله تعالي بها قوله الكريم: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، فكان ذلك تكليفًا لمُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ومن آمن معه بالجهر بدعوتهم، وبدأ النبي الكريم بدعوة الأقربين كما أمر، ثم كانت جولته الثانية علي جبل الصفا، منذرًا بطون قريش قاطبة، ومحذرًا إياهم نار الآخرة التي لا تفني، حتي أنزل الله تعالي أمره: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) فكان الصدع بالحق دأبه وديدنه، لا يترك نفسًا إلا ويسمعها من رسالة ربه ما شاء الله لها أن تسمع، آمنت بعد ذلك أم لم تؤمن.
_______________________________________________________
دعوة الأقربين:: =========
بادر الرسول (صلي الله عليه وسلم) بتنفيذ ما كلف به بإنذار عشيرته الأقربين، فدعا بني هاشم فحضروا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، وما كاد النبي يهم بالحديث إليهم حتى عاجله أبو لهب (تبت يداه) بهجوم عاصف، توعده فيه بالهلاك علي أيدي قريش، ومن طاوعهم من العرب، ثم ختم حديثه المشئوم بقوله: فما رأيت أحدًا جاء علي بني أبيه بشرٍ مما جئت به. فسكت مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ولم يتكلم، وماذا يقول لمن يقف أمام نور الحق، فيعمي قلبه حتى لا يري شيئًا؟. وعاد النبي الكريم إلي المحاولة مرة أخري، فجمعهم ثم خاطبهم فحمد الله وأثني عليه، وأعلمهم أنه رسول الله (صلي الله عليه وسلم) إليهم خاصة، وإلي الناس عامة، وأنذرهم البعث والحساب، والجنة والنار، فأما أبو طالب فقد آزره، وأعلن إحاطته له ونصرته، وأما أبو لهب فقد حفز الناس أن يأخذوا علي يديه قبل أن تأخذ العرب، فأجابه أبو طالب قائلاً: والله لنمنعنه ما بقينا.
___________________________________________
على جبل الصفا:: ==========
فوجئت قريش ذات نهار بمن يصعد جبل الصفا، ثم يلح صارخًا: يا صباحاه! واجتمعت بطون قريش إليه، فإذا الصارخ مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وإذا هو ينذرهم من بين يدي عذاب شديد، لكن قريشًا التي تعلم صدق مُحَمّد قد عقدت ألسنتها الدهشة، فما أجابه إلا عدو الله عمه أبو لهب قائلاً: تبًا لك سائر اليوم! ألهذا جمعتنا ؟، فنزلت سورة المسد. ويروي أنه تناول حجرًا ليرمي به النبي (صلي الله عليه وسلم).
____________________________________________
الصدع بالحق:: =========
نزل التوجيه الإلهي إلي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) حاسمًا قاطعًا: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)، فانطلق مُحَمّد يجوب مكة بأسرها، من أقطارها إلى أقطارها، ومن أسواقها إلي أنديتها، يوقظ النائمين في ليل الوثنية، ويصرخ بغريقي بحار الجاهلية، ويهز أفئدة المتجمدين علي دين آبائهم، ويعلن للجميع أنه لا إله إلا الله وأنه رسول الله صلي الله عليه وسلم)، فانفجرت براكين الغضب بمكة، ومادت الأرض تحت أقدام سادتها وسدنة أصنامها، أيكون الأمر لله؟! ولله وحده؟! فما يبقي لنا بعد ذاك؟! أيساوي رب مُحَمّد بيننا وبين العبيد والإماء؟! ويسمي كنز المال ظلمًا؟! ولا يصبح لقريش فضل علي من سواها؟! بل لا يصبح فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي؟! فما نعيم الدنيا بعد ذاك؟! بل وما البقاء فيها؟!!. أجمعت أفئدة الكفر بمكة علي حرب هذا النبي الجديد، وإفناء أتباعه، وإطفاء نار ثورته قبل أن تطول كل شيء، فكانت المواجهة وكان الإيذاء.
_____________________________________
المواجهة والإيذاء:: ==========
صارح مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) قومه بضلالهم، وواجههم بالنور الذي يحمله، لكن الأعين التي أنست الظلمة إذا واجهتها الأضواء أبت وتألمت، أعلنت مكة الحرب علي نبيها وأتباعه من اليوم الأول، شنت عليه حربًا دعائية لتصرف الناس عنه، ثم استخدمت سلاحي السخرية، وإثارة الشبهات، لتفت في عضده، وأخذت في اختراع الحيل لإشغال الناس عنه، وبين الترغيب والترهيب كان استخدامها للمساومة مرة والاضطهاد مرات أخري، وصارت تضغط بثقلها علي حاميه بمكة: عمه أبي طالب، أما المسلمون الذين آمنوا به فقد توافر لهم من عوامل الصبر والثبات ما يسّر لهم اجتياز هذه المحنة، ومن وضوح الطريق ما أعانهم علي السير في هذه الظلمة
___________________________________
الحرب الدعائية:: ========
لم تزل الدعاية منذ فجر التاريخ سلاح كل قوة في الأرض، خيرًا أرادت هذه القوة أم شرًا ابتغت، ومشركو مكة -علي سذاجتهم البدوية- لم يغب عنهم ذاك السلاح، خصوصًا وقد علموا أن مُحَمّدا -صلي الله عليه وسلم- سابقهم إليه، فأفواج الحجيج علي أبواب مكة، وإن سمعوا للمسلمين ونبيهم؛ انتشرت الدعوة الوليدة في أرجاء الجزيرة بأسرها. سارعت قريش للاجتماع بالوليد بن المغيرة، وعزموا أن يوحدوا كلمتهم أمام العرب، فلا يكون اختلاف قولهم سببًا لتكذيبهم، واقترحوا لذلك أمورًا عدة، فمرة يقولون كاهن، وأخري يقولون شاعر، ثم مجنون أو ساحر، كل ذلك وابن المغيرة لا يعجبه الرأي، فسمت مُحَمّد وصفاته سيكذبان افتراءاتهم الباهتة، وأخذ الوليد يقلب فكره ساعة، لكن يبدو أن حيرته تلك لم توصله إلي شيء فقد وافقهم أخيًرا علي هذا الوصف حين قال لهم: لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم. إلا أن شيطانه قد هداه إلي تشبيه ما جاء به -صلي الله عليه وسلم- بالسحر لأنه يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته. وما كادت قريش تصل إلي هذه التسوية المقيتة حتي تفرقت علي ذلك، ثم سارت في كل طريق بمكة تدعو بدعوتها الباطلة، يتزعمهم أبو لهب - الذي كان يقتفي أثر الرسول -صلي الله عليه وسلم- قائلاً: لا تطيعوه فإنه صابئ كاذب. لكن كما تقول العرب: فعلي نفسها جنت براقش؛ لأن الحجيج قد تركوا مكة لا يتحدثون إلا عن هذا النبي الذي يكذبه قومه، فانتشر ذكره -صلي الله عليه وسلم- في بلاد العرب كلها.
(يتبع) =====
عدل سابقا من قبل ناجي احمد محمد السيد عطيه في الثلاثاء 29 مارس - 14:39:29 عدل 1 مرات | |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 1:14:59 | |
|
الفصل الثالث:: ========
إشغال الناس:: =========
علمت قريش أن اتهام مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* بالكذب أو الجنون، ورميه بالكهانة أو السحر لا طائل خلفه، وظنوا بسقيم عقولهم أن الناس إنما يجتمعون حوله لعذوبة حديثه، وجمال منطقه، وتناسوا الحقيقة الناصعة، أنهم يجتمعون حوله لصدق حديثه، وقوة منطقه، إذ حديثه هو قرآن رب العالمين، وتمادي القوم في غيهم فرأوا أن يصنعوا حديثًا جذابًا كحديث مُحَمّد!! وبادر النضر بن الحارث لتنفيذ هذه الخطة العليلة فذهب إلي الحيرة، وتعلم بها حكايات ملوك فارس وأحاديث رستم وإسفنديار، ثم عاد يزاحم النبي *صلي الله عليه وسلم* مجلسه ويقول: والله ما مُحَمّد بأحسن حديثًا مني! ثم يتساءل دهشًا: بماذا مُحَمّد أحسن حديثًا مني؟ ولأن حديث النضر لا يجذب إلا البلهاء مثله ممن يهوون الأساطير والترهات غناءً عن الحقيقة الناصعة فقد اشتري بعض المغنيات، حتى إذا سمع أن رجلاً قد مال إلي النبي *صلي الله عليه وسلم* سلطها عليه، تطعمه وتسقيه وتغني له، حتى لا يبقي له ميل إلي الإسلام!!.
___________________________________________
المساومة والإضطهاد:: ============
لأن عبادة قريش للأصنام تدر عليهم ربحًا وفيرًا، وتنشط تجارتهم، فقد ساوم المشركون مُحَمّدا*صلي الله عليه وسلم*علي العقيدة كما يفعلون في البيع والشراء، محاولين الوصول إلي تسوية ملائمة!! فذهبوا إلي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* يعرضون عليه أمرًا عجيبًا: أن يعبدوا إلهه عامًا ويعبد آلهتهم عامًا بعده؛ حتى تتراضي جميع الأطراف. وإن قبل المشركون ترك آلهتهم عامًا فإن مُحَمّدا صلي الله عليه وسلم* لم يقبل أن يترك عبادة ربه لحظة واحدة أو ما دون ذلك. فاقد المنطق، عديم الرأي، ماذا يملك حين يعاند الحق سوي أن يمد يده ببطش وتنكيل؟ هذا ما صنعه مشركو مكة بمُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* وصحبه الأبرار، يحاولون مرة بعد مرة أن يقتلوا النبي الكريم، إما بتسليم أبي طالب مُحَمّدا لهم ليقتلوه، وإما بإلقاء صخرة علي رأسه الشريف أثناء سجوده كمحاولة أبي جهل الفاشلة، وإما بخنقه بثوب من عنقه كصنيع عدو الله عقبة بن أبي معيط، وإما بمحاولة عمر بن الخطاب التي انتهت بإسلامه، ولئن فشل المشركون في إزهاق روحه*صلي الله عليه وسلم* فلقد وصل إليه من شرهم الكثير والكثير، بداية من رميه بالحجر كما فعل أبو لهب عند جبل الصفا، ومرورًا بوضع الشوك علي بابه وفي طريقه، وبسط اللسان بالإساءة إليه، والافتراء عليه، كما كانت تصنع زوجه أم جميل، ثم ما كان يصنعه جيرانه من إلقاء القاذورات عليه أثناء سجوده، وما كرره عقبة عند الحرم حين ألقي بسلا جزور علي ظهره *صلي الله عليه وسلم* وهو ساجد، وما فعله الأخنس بن شريق من تطاول عليه وتبجح، حدث هذا لرسول الله *صلي الله عليه وسلم* وهو الشريف في قومه، الداخل في حمي أبي طالب سيد بني هاشم وكبيرها المطاع، فما بالنا بما حدث لصحبه، خصوصًا الضعفاء منهم؟ إن قصص تعذيبهم يندي لها جبين الإنسانية، كما إن صور بطولاتهم ترفع هاماتهم في عنان السماء، ما سلم أحد منهم من الأذي، بداية من أبي بكر الصديق، ثم عثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب، ومصعب بن عمير، وبلال الحبشي، وعمار بن ياسر وأبيه، وأمه، وأبي فكيهة، وخباب بن الأرت. وما اقتصر الأمر علي تعذيب الرجال بل إن المرأة التي سبقت إلي الإسلام سرًا كان لها في الاضطهاد نصيب كبير! فكما كانت خديجة رضي الله عنها أول من أسلم كانت سمية *رحمها الله* أول من استشهد وقصص تعذيب زنيرة، والنهدية، وأم عبيس، وجارية بني مؤمل، وغيرهن حافلة ومؤلمة، لكن هؤلاء الأبطال البرر ة قد اختطوا لأنفسهم طريقًا واضحًا، كان عاملاً من عوامل صبرهم وثباتهم لاجتياز تلك المحنة.
____________________________________________
الضغط علي أبي طالب:: =============
إن أبا طالب وقد نشأ مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* في بيته، وكبر أمام عينيه، وشهد من كريم صفاته، وسامي أخلاقه، ما قرت به عينه، يشعر حقيقة أن مُحَمّدا ابنه لا ابن أخيه. إنه نبي، هذه الحقيقة التي تملأ فؤاد أبي طالب، ويفخر بها لسانه، هي نفسها التي نطق بها حين سأله بحيرا الراهب: ما هذا الغلام منك؟ وقد اصطحب مُحَمّدا صبيًا في رحلته إلي الشام، ولأنه ابنه، ولأنه مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* الذي يعرفه جيدًا فقد ناصر أبو طالب مُحَمّدا في كل موقف، وسانده في كل ضيق، وسانده حين أقر لابنه علي اتباعه، وحين أعلن تأييده يوم دعا الرسول بني هاشم، وصرح أبو طالب بمناصرة مُحَمّد في أروقة مكة وأنديتها، وما كان جوار أبي طالب *كبير مكة وسيد بني هاشم* بالجوار الذي يعتدي عليه؛ لذلك رأت قريش أنه لا سبيل إلي مُحَمّد إلا عن طريق عمه، فأخذت تمشي إليه مرة بعد مرة، مشت إليه في بداية جهره فردها ردًَّا رقيقًا، ومشت إليه في العام السادس للنبوة ارضة أن يبدلوه عمارة بن الوليد بن المغيرة *أنهد فتي في قريش وأجمله* بمُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* ليقتلوه، فتعجب أبو طالب من عرضهم وأجابهم داهشًا: أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه؟!. وذهبت إليه قريش مرة ثالثة متهددة متوعدة: تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتي يهلك أحد الفريقين. ولقد تعبت أعصاب أبي طالب واهتزت في هذه المرة فراجع ابن أخيه قائلاً: ابق علي وعلي نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فأجابه الرسول *صلي الله عليه وسلم* حزينًا: يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري علي أن أترك هذا الأمر حتي يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته، ثم دمعت عيناه ومضي *صلي الله عليه وسلم*، أما أبو طالب فقد ناداه ثم قال له: اذهب يابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء
_____________________________________________________
عوامل الصبر والثبات:: ============
عشر سنوات كاملة قضاها المسلمون مع نبيهم تحت وطأة التعذيب، يكتوون بجمر قريش، ويسامون الضيم من سفهائها فما تخلف أحد منهم عن دينه، وما نقص يومًا عددهم أو إيمانهم، ولقد كان وراء ذلك من ثبات علي العقيدة، وانتشار للدعوة رغم حلكة ظروفها، عوامل بارزة وأسباب عديدة: أولها: إيمانهم العميق بالله: حتى إنهم عرفوه حق المعرفة، فملأ اليقين قلوبهم، وهانت الشدائد علي نفوسهم. ثانيها: قيادتهم المحبوبة: مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* الرجل الكريم الذي تجتمع عليه الأفئدة، وتنجذب إليه النفوس، ويوقن بقدره، ويعترف بذلك الأعداء له قبل الأصدقاء. ثالثها: الشعور بالمسئولية: حتي إن أحدثهم إيمانًا يعلم علمًا أكيدًا، أنه مكلف من ربه {عز وجل}بحمل الرسالة إلي العالمين، والصبر من أجل ذلك. رابعها: اليقين بالآخرة: وحسبهم أن يروا البعث والحساب، والجنة والنار، رؤية العين حتي يعملوا فلا يملوا، ويصبروا فلا يكلوا. خامسها: القرآن: الذي كان الوحي يأتي به صباح مساء، يعالج قضاياهم الآنية، ويجيب عن أسئلتهم الحائرة، ويرد علي خصومهم وأعدائهم ويطوف بهم في أرجاء الكون الواسع، ثم يعرج بهم إلي ما خلف هذا الكون، فتنشرح صدورهم، وتثبت أقدامهم. سادسها: البشارات: التي كان القرآن يتنزل بها، والنبي *صلي الله عليه وسلم* يحدثهم عنها فهم في صبرهم ذلك موقنون بالنصر، متحينون مقدمه. سابعها: قدوه التربية الدقيقة: التي كان يقوم بها النبي بنفسه، فيغذي أرواحهم، ويزكي نفوسهم، ويطهر أخلاقهم يومًا بعد يوم، من أدران الجاهلية ولوثاتها. ثامنها: انهم مع هذا كله لم يكونوا قاعدين مستسلمين لما يسومهم به مشركو مكة من التعذيب والتنكيل منتظرين فرج الله دون عمل، بل كان للقوم طريق واضح، يبصرونه جميعًا، ويسيرون عليه دأبًا؛ للخروج من هذه الأزمة الطاحنة.
____________________________________________________
وضوح الطريق والمقاومة السلمية:: ====================
اختط المسلمون ونبيهم مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* لأنفسهم طريقًا واضحة المعالم، ذلك أن العاقل ينبغي له أن يفقه سيره، ويعلم ما يسمح له فيه، وما يحظر عليه، حتى لا يقف أمام كل عثرة أو منحني يعيد حسابات قد انتهي منها، ويكرر تفكيرًا كان منه قد فرغ!. وتميز هذا الطريق بقواعد عدة منها: المقاومة السلمية، وإنقاذ المستضعفين، والاستفادة من قوانين الشرك، وعدم المساومة علي العقيدة، والاستفادة من المشاركة بين الإسلام والديانتين السماويتين: اليهودية النصرانية، وتحييد بعض الشخصيات المشركة، وطلب المنعة من خارج قريش، والمجاهرة بالدعوة في كل وقت وكل حين. من بين ثلاثمائة صنم يحوطون الكعبة، وآلاف المخمورين الذين يجوبون طرقات مكة، ويطرقون دور البغاء بها صباحًا ومساءً، خرجت الدعوة الخاتمة للعالمين، والدعوة الوليدة تصطدم في جوهرها بنظم مكة العتيقة، وحياة أهلها، فهل يكتب علي المؤمنين بها أن يصطدموا بأهل مكة، والدعوة بعد في أولي خطواتها؟. لقد نهاهم القرآن أن يسبوا الآلهة الصماء، وامتنعوا هم أن يردوا إلي المشركين إساءاتهم ومكائدهم اللئيمة. إن العربي الذي كان يقيم حربًا لسنوات طويلة ولا يقعدها من أجل أن فرسًا سبقت أخري دون حق، صار اليوم بعد أن دخل دين الله يعرف كيف يضبط نفسه، ويشكم جماحها، فقد تعلم من نبيه *صلي الله عليه وسلم* الإخلاص، فإلام الثأر والانتقام؟! ألحظ نفسه؟، حاشاه أن يفعل! أما إن كان لله ورسوله ودينه العمل فالخير إذن في الصبر والاحتمال. كانت هذه الخطة بليغة الأثر في نفوس أهل مكة ومن حولها، فهم يرون قومًا لا يقولون إلا شهادة الحق، ثم يرون آخرين ثائري الرأس، معكري المزاج، يسومونهم خسفًا بعد خسف، ويذيقونهم ظلمًا وعدوانًا، فكان هذا المنظر يهيج النفوس الكريمة؛ لسماع دعوة الحق الطاهرة، النقية الواضحة، التي لم تشوش علي نفسها بحرب أو قتال، وتركت المجال فسيحًا لآيات الله فحسب، تبين الحق، وتنير السبيل، وترد على المشركين.
__________________________________________
إنقاذ المستضعفين:: ============
لم يكن موسرو المسلمين حين يلتقون مع الفقراء والضعفاء منهم يرون أن واجبهم تجاههم هو السلام والتبسم، ثم صالح الدعاء فحسب، بل كانوا يعلمون أن عليهم أن ينقذوا هؤلاء المستضعفين الذين آمنوا بالله ربًا، وبمُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* نبيًّا ورسولاً، وإن أنفقوا في سبيل الله مالهم كله، أليسوا هم يعلمون أن أخوة الإسلام تعلو علي أخوة النسب؟ ألا ينبغي لهم أن يكونوا أسرة واحدة متكافلة متكاتفة؟. لقد حرر أبو بكر الصديق *رضي الله عنه* وحده ست رقاب، بلال سابعهم، وأجاب أباه حين قال له: يا بني إني أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أنك إذا فعلت أعتقت رجالاً جلدًا يمنعونك ويقومون دونك؟ أجابه قائلاً: يا أبت، إني إنما أريد ما أريد لله عز وجل.
_____________________________________________________
الاستفادة من قوانين الشرك:: ==================
عاشت الدعوة زمنًا طويلاً في مجتمع تحكمه قوانينه، والمجتمع المشرك بمكة ما كانت تحكمه إلا قوانين الشرك، وشريعة عباد الأوثان، لكن الدعوة وهي تسعي بين دروب هذا المجتمع، ما كانت تسأل نفسها حين تجد قانونًا من قوانين مكة، من وضع هذا القانون؟، إنما كانت تستبدل به سؤالين: هل يناقض هذا القانون شريعة الإسلام أو أحكامه؟، وهل يفيدني هذا القانون بشيء. فإن كانت الإجابة الأولي بلا والثانية بنعم، تناولته ومضت تعبِّد به طريقها!. يحق للضعيف أن يدخل في جوار قوي فلا يهضم حقه أو يمس عرضه أحد قوانين مكة يومئذ، لاقته الدعوة في طريقها، فوجدته متفقًا مع مبادئها، خادمًا لمصلحتها، فاستفادت به أيما فائدة، مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* يجهر بدعوته ليل نهار، وهو في جوار عمه، فلا يمسه سوء وأبو بكر صاحبه الصديق يخرج من مكة مهاجرًا إلي الحبشة فيلقاه ابن الدغنة سيد قبيلة القارة، فلا يرضي بذلك، بل يقول له: إن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج، إنك تكسب المعدوم، وتحمل الكل، وتقري الضعيف، وتعين علي نوائب الحق، فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك، ويعود أبو بكر إلي مكة في جوار مشرك يحفظ للكبار أقدارهم.
___________________________________________
عدم المساومة علي العقيدة:: ==================
لم يقبل رسول الله *صلي الله عليه وسلم* من قريش المساومة علي عقيدته، وكذلك فعل المسلمون، وموقف جعفر بن أبي طالب ممثلاً للمسلمين المهاجرين إلي الحبشة أمام النجاشي ملكها يؤكد ذلك، وقد وردت أخبار عن اضطرار بعض الصحابة أن يقولوا في الإسلام قولاً مكروهًا تحت وطأة تعذيب لا يتحمله بشر، فهل كان هؤلاء السابقون الأجلاء في موقف مساومة؟!. كلا، فقد نزل فيهم (..إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان).
________________________________________________
المشاركة بين الأديان السماوية:: ===================
وقف أبو جهل ذات يوم في نفر من قريش يعترض ركبًا قد همّ بمغادرة مكة قائلاً: خيبكم الله من ركب، بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم، وتأتونهم بخبر الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال! ما نعلم ركبًا أحمق منكم. أما الركب فكان وفدًا من نصارى الحبشة، وأما الرجل الذي سعوا في خبره فقد كان مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم* ذلك النبي الذي جلسوا عنده يسألونه، فتلا عليهم القرآن حتى فاضت أعينهم من الدمع. وقديمًا قبل هذه الوقعة حزن المسلمون لفوز الفرس عباد النار علي الروم المسيحيين، حتى ليتراهن أبو بكر وأحد المشركين علي نصر الروم علي الفرس في بضع سنين، وكما كان الحال مع النصارى كان مع اليهود، فالمسلمون في هدنة مع هذين الطرفين، حتى إن مشركي مكة حين عادوا بأسئلة يهود يثرب إلي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* فأجابهم، شعروا أن كلا الفريقين والمسلمين واليهود في خندق واحد. والناظر في ثنايا السيرة يشعر أن مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم* وصحبه كانوا يبحثون عن نقاط الالتقاء، ويسعون نحو التقارب، مع من يقابلونه رغم عدم مساومتهم علي العقيدة.
_______________________________________________
تحييد بعض الشخصيات:: ==============
الكافرون المعاندون ليسوا سواءً!! هكذا كانت القاعدة التي سار عليها مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* ومن معه. فأبو جهل الذي يؤذي بقوله وفعله ليس كابن الدغنة الذي يجير أبا بكر حتى يعبد ربه، وابن الدغنة ليس كأبي طالب الذي يجير مُحَمّدا حتى يدعو إلي ربه، وغير هؤلاء جميعًا هناك من لا يؤذي ولا يجير، أو بعبارة أخري لا يضر ولا ينفع، وهو بغير شك خير ممن يضر ولا ينفع! جلس عتبة بن ربيعة سيد بني أمية إلي النبي يفاوضه، فما قاطعه الرسول*صلي الله عليه وسلم* ولا استعجله، إنما استمع له بصدر رحب، يعرف كيف يحاور الخصوم، ويحترم آراءهم المخالفة، حتى إذا انتهي عتبة من حديثه، سأله الرسول *صلي الله عليه وسلم* برفق وأدب: أقد فرغت يا أبا الوليد؟، فأجابه عتبة: نعم، فمضي رسول الله *صلي الله عليه وسلم* يقرأ من سورة فصلت حتى أتي موضع السجدة فسجد، وقام عتبة إلي قريش يقول لهم: خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه. إن عتبة لم يؤمن لكن الرسول*صلي الله عليه وسلم* استطاع بحواره أن يحيده هو وبني أمية أكبر تجمع عربي بعد بني مخزوم، وتفتيت صف المشركين نصر كبير ولا شك.
__________________________________________
الإصرار علي الجهر بالدعوة:: =================
منذ أن اعتلت قدما مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* جبل الصفا بمكة جاهرًا بدعوته، وحديث الإسلام في كل بيت، وخبر دعوته في كل ناد وطريق، اختبأ المسلمون بدار الأرقم أم ظهروا، أعلنوا عن إسلامهم أم أسرّوا، فالدعوة وخبرها هما موضوع الساعة ومحور الحديث. يظن المشركون أن الدعوة مخنوق نورها بمكة، فيجدون أبا ذر الغفاري يطلع عليهم عند الكعبة ليهزأ بآلهتهم وقد آمن، ويعتقد الواهمون منهم أن صوتها قد كبت من الخوف، فيفاجئون بصوت عبد الله بن مسعود يصدح بالقرآن بين ظهرانيهم، ويتمطون يومًا متكاسلين وقد اطمأنوا أن الدعوة حوصرت في البيوت، فيستيقظون علي أقدام المسلمين تدق طرقات مكة في صفين علي أحدهما حمزة وعلي الآخر عمر، وهكذا حرص المسلمون طوال هذه الفترة ألا تنسي دعوتهم ولا يغيب ذكرها، أما مشركو مكة الذين يريدون منع النبي *صلي الله عليه وسلم* من نشر دينه بين القبائل في موسم الحجيج، فقد قدموا للإسلام خدمة جليلة حين جابوا قبائل الحجيج وبطونهم يحذرونهم من هذا النبي الجديد، لأنهم قد نشروا الخبر بأنفسهم في الجزيرة بأسرها، حين لم يستطع المسلمون وقتها أن يصنعوا ذلك.
( يتبع) ======
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 1:44:05 | |
|
الفصل الرابع:: ========
دار الأرقم:: ========
الوضع في مكة جد خطير، فالدعوة الوليدة تنساب إلي كل بيت، تهز كيان مكة الديني، وتزعزع أركان قريش في أرض العرب، وأعين المشركين وآذانهم تعد علي المسلمين أنفاسهم، وتحصي خطواتهم وتتسمع أخبارهم، لتجهز عليهم، ولذا كان من الواجب علي المسلمين أن يستتروا، وأن يتخفوا عند اللقاء، وبدار الأرقم بن أبي الأرقم كان اجتماعهم الدوري بنبيهم *صلي الله عليه وسلم* وكان وراء اختيار هذه الدار أسباب وجيهة. أما ما كان يحدث داخلها، بعيدًا عن أعين قريش، فكان حدثًا فريدًا في التاريخ، صحابة رسول الله *صلي الله عليه وسلم* أول من آمن به وصدقه ودافع عن دين الله، يجلسون إلي رسول العالمين بنفسه، يتلقون منه آخر ما نزل به جبريل الأمين من ربه *عز وجل*، تلقيا دائمًا مستمرًّا، تزكو به نفوسهم، وتتطهر قلوبهم، وتصاغ عقولهم وأرواحهم صياغة جديدة، رحم الله الأرقم ورضي عنه، لقد جعل داره مرفأ لسفينة الإيمان، ومهدًا لدعوة الله عز وجل، ومدرسة تلقي فيها الأولون دينهم.
________________________________________
أسباب اختيار دار الأرقم:: ===============
كان وراء اختيار دار الأرقم بن أبي الأرقم أسباب عديدة تهدف جميعها إلي حجب المسلمين عن أعين أعدائهم. أما أول هذه الأسباب: هو جهل قريش بإسلام الأرقم. وأما ثانيها: فكون الأرقم من بني مخزوم، حاملي لواء الحرب والتنافس مع بني هاشم، فلا يسبق إلي ذهن قريش أن مُحَمّدا يلقي صحبه في بيت عدوه بمقاييسهم الجاهلية. وأما ثالثها: فهو أن الأرقم كان فتي عند إسلامه، في حدود السادسة عشرة من عمره، فلا يعقل أن يجتمع المسلمون في بيته، دون بيوت الكبار منهم. ولقد كان احتياط النبي *صلي الله عليه وسلم* وصحبه في اختيار هذه الدار سببًا لاستتار أمرهم، وعدم انكشاف حركتهم يومئذ.
_________________________________________________
الهجرة إلى الحبشة:: =============
الدفاع عن النفس، وقتال من بغي واعتدي، لم ينزل أمر الله به بعد، والبقاء في مكة أصبح مستحيلاً، مع هذا الاضطهاد والتعذيب، فماذا يفعل المسلمون إذن؟ إن رسول الله *صلي الله عليه وسلم* الرحيم بأمته، قد ارتأى لهم أن يفروا بدينهم إلي ديار آمنة، فأشار عليهم بالهجرة إلي الحبشة، فهاجر منهم في رجب سنة خمس من النبوة اثنا عشر رجلاً، وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان، ومعه زوجه السيدة رقية بنت رسول الله *صلي الله عليه وسلم*، وقد هاجر هؤلاء الصحابة تسللاً وخفية، في سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلي الحبشة، حيث النجاشي الملك العادل، الذي لا يظلم عنده أحد. وما كاد المسلمون المهاجرون يستقرون بالحبشة حتى سارت إليهم شائعة بإسلام قريش، فقفلوا راجعين إلي مكة في شوال من نفس العام، وما تبينوا الحقيقة إلا بعد ساعة من نهار في مكة. واشتد تعذيب المشركين لهم، فكانت هجرتهم الثانية رغم يقظة المشركين، وشدة حذرهم. وبلغ عددهم في هذه المرة ثلاثة وثمانين رجلاً وثمان عشرة أو تسع عشرة امرأة، لكن أني لنار قريش أن يهدأ أوارها، لقد عز عليها أن تعلم أن المسلمين قد وجدوا مأمنًا يعبدون فيه ربهم، فكانت مكيدتها بإرسال رسولين إلي الحبشة لاستردادهم من النجاشي، وقد خاب سعيهم، وبطل مكرهم، ورد النجاشي رسولي مكة دون أن يقضي لهما حاجة، بل أعلن إيمانه بما جاء به مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*، أما هؤلاء المهاجرون، فقد مكثوا بالحبشة، حتى مكن الله لنبيه بالمدينة، فعادوا إليها، وكان آخرهم عودة جعفر بن أبي طالب بعد فتح خيبر.
________________________________________________
إشاعة إسلام قريش ومكيدتهم:: ==================
بينما سادة وكبراء مكة جالسين حول الحرم في جمع كبير، في رمضان من العام الخامس للنبوة، إذ فوجئوا برسول الله *صلي الله عليه وسلم* يطلع عليهم، جاهرًا بتلاوة سورة النجم، وأخذ كلام الله المبين بتلابيب عقولهم، فما استطاعوا منه فكاكًا، ووصل النبي إلي قوله تعالي: (فاسجدوا لله واعبدوا) فسجد، وما تمالك المشركون أنفسهم حتى سجدوا معه جميعًا، وقد صدعت الآيات عناد نفوسهم واستكبارها، وهنا ارتبك المشركون مما حدث لهم ولم يدروا ما هم صانعوه، وتخوفوا العتاب واللوم ممن كانوا يتبعونهم أو يعارضونهم، فاحتالوا لذلك حيلة دنيئة، ومكروا مكرهم السيِّئ، وافتروا علي رسول الله *صلي الله عليه وسلم* الكذب والبهتان، فزعموا أنه قال: تلك الغرانيق العلي، وإن شفاعتهن لترتجي، بعد أن تلا: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) يريدون أن يزعموا أنهم ما سجدوا لإله مُحَمّد، إنما مُحَمّد هو الذي ذكر آلهتهم بخير، وكان من توابع هذه الحادثة العجيبة أنها وصلت إلي مهاجري الحبشة، لكن في صورة جديدة، فقد وصل إليهم أن قريشًا قد أسلمت، وسجدت لله رب العالمين، فاستبد بالقوم الفرح، وعزموا علي الإياب لمكة، فدخلوها في شوال من العام نفسه، فسامتهم قريش التعذيب والتنكيل، واحتاطوا ألا يهربوا منهم ثانية، إلا أن تدبير الله أعظم، فقد عاد المهاجرون إلي الحبشة في هجرة جديدة رغم حيطة قريش وحذرها.
__________________________________________________
مكيدة قريش: =========
هجرة المسلمين للحبشة للمرة الثانية وبعدد يبلغ خمسة أضعاف العدد الذي هاجر أول مرة، كانت صفعة آلمت صدغ قريش وصكت أسنانها!! وبحركة لا ينهزها إلا الحقد، ولايحدوها إلا ألم الهزيمة، بعثت قريش اثنين من خيرة رجالاتها إلي الحبشة، ليسألا النجاشي أن يرد مهاجري المسلمين إلي مكة ثانية، وبقدر ما كان هذا الطلب شرسًا، بقدر ما كان غريبًا مضحكًا!! أناس كانوا يعبدون ربهم ببلدهم فأبي قومهم أن يعبدوه، فهاجروا إلي أرض بعيدة، يعبدون فيها إلههم، ولا يؤذون بها جارًا أو يعتدون علي مواطن، ما المنطق في أن يستردهم كارهوهم؟ وما الحكمه في رد رسلهم؟!. تكلم رسولا قريش عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة إلي النجاشي في رد المسلمين، وصدهما بطارقته، فأبي الرجل العادل أن يفصل في قضية دون سماع جميع أطرافها، وتحدث جعفر بن أبي طالب عن المسلمين، فوصف ما كان عليه قومه من الجاهلية، وأبان ما أمرهم نبيهم صلي الله عليه وسلم* أن يفعلوه من الخير وما أمرهم أن يتركوه من الشر، ووضح كيف اضطهدتهم قريش وسامتهم العذاب، حتى لجئوا إلي أرضه واحتموا ببلاده، وقرأ عليه من سورة مريم، حتى بكي النجاشي ودمعت أعين أساقفته، وهنا أطلق النجاشي حكمه، وفصل في قضيته قائلاً: إن هذا والذي جاء به عيسي ليخرج من مشكاة واحدة. انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يُكادون. فخرج عمرو وصاحبه بخفي حنين لكن عمرو بن العاص داهية العرب لم يستسلم، فكرَّ علي النجاشي صبيحة اليوم التالي ليوقع بينه وبين المسلمين قائلاً : أيها الملك إنهم يقولون في عيسي بن مريم قولاً عظيمًا؛ فاستدعي النجاشي جعفرًا ليسأله فأجابه: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلي مريم العذراء البتول؛ فصدقه النجاشي علي ذلك وأخذ عودًا من الأرض، ثم قال: والله ما عدا عيسي بن مريم ما قلت هذا العود. وأمّن المسلمين علي أنفسهم، وردّ علي رسولي قريش هداياها، وأعادهما خائبين لمكة.
_________________________________________
قوية شوكة المسلمين:: ===============
كلما زاد الليل ظلمة، و كلما اشتدت السماء حلكة، كلما كان ذلك إيذانًا ببزوغ فجر جديد. أبو جهل يمر بالنبي *صلي الله عليه وسلم* عند الصفا فيؤذيه وينال منه، فلا يرد عليه الرسول *صلي الله عليه وسلم* شيئًا، ويأبي المعاند أن يترك مُحَمّدا كريم الخلق يمضي في طريقه، حتى يضربه بحجر في رأسه الشريفة؛ فيسيل منها الدم نزفًا، ثم تكون هذه الحادثة الأليمة مقدمة لنهاية سعيدة هي إسلام حمزة بن عبد المطلب. حمية في بادئ الأمر، ثم إيمان راسخ بعدها. ولا تكاد أيام ثلاثة من شهر ذي الحجة للعام السادس من نبوته *صلي الله عليه وسلم* تمر بعد إسلام حمزة *رضي الله عنه* حتى يلطم عمر بن الخطاب أخته فاطمة علي وجهها لطمة شديدة؛ لإيمانها بمُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*، فيكون الدم السائل من وجهها سببًا لإيمان ابن الخطاب، وإعلانه شهادة الحق، وفي أيام ثلاثة تتبدل أحوال المسلمين، والدعوة المحبوسة في دار الأرقم في تجد طريقها إلي الكعبة، في وضح النهار ، وعلي مسمع قريش ومرآها، أقدام المسلمين تشق طرقات مكة، في صفين طويلين، يقدم أحدهما أسد الله حمزة، ويسبق الآخر الفاروق عمر، الذي أبي الاختباء، وأقسم لنبيه *صلي الله عليه وسلم* قائلاً: والذي بعثك بالحق لنخرجن!، فكان خروج المسلمين وكانت عزتهم. يصف صهيب تلك الحال قائلاً: لما أسلم عمر، ظهر الإسلام ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقًا، وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به!.
_____________________________________
مساومة قريش:: ==========
المساومة وسيلة مباحة! لكن أن تكون علي العقيدة، فهذا أمر لا سبيل إليه، وقريش وقد رأت شوكة المسلمين قد قويت، أخفت عداءها داخل صدرها، وجاءت تساوم علي عقيدة النبي *صلي الله عليه وسلم* ومن معه، أما ما ساومت به، فكان جمع المال حتى يكون النبي أكثرهم مالاً، وكان الملك والسيادة حتى يكون أكثرهم جاهًا، وكان العلاج إن كان ما أصابه مسًّا من الجان! والحق أن قريشًا بمساومتها تلك قد أعلنت أمرين أولهما: فراغ جعبتها، وضعف عزيمتها بعد تقوية شوكة المسلمين، وثانيهما: أن المال والجاه عندها أنفس من العقيدة وأغلي ثمنـًا إذ ما تصورت حين عرضت بضاعتها، أنها ستئوب بها وقد ردها النبي *صلي الله عليه وسلم* أما مُحَمّد فقد وجد نفسه في وادٍ والقوم في وادٍ آخر، فأبي أن يساوم أو يساوم، وعاد إلي بيته حزينًا آسفًا.
______________________________________________
تجمع بني هاشم وبني المطلب والمقاطعة العامة:: =============================
الأفضل عند المواجهة ألا تكتفي بالرد علي خصمك، بل تضع نفسك مكانه، لتتنبأ بما ينوي أن يصنعه، فتبادره قبل أن يسبقك. هكذا تعلم أبو طالب من بيئته الصحراوية المتقلبة، والرجل العاقل الحريص علي ابن أخيه استقرأ الأحداث، فوجد قريشًا قد وصلت مع مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* إلي طريق مسدود، ولم يعد أمامها إلا قتل مُحَمّد، رضي أبو طالب بعد ذلك أم سخط، ثم إن أحداثًا متعاقبة صارت تؤكد لديه حدسه، فالمشركون هددوه بالمنازلة، وساوموه علي قتل ابن أخيه مقابل إعطائهم ابن الوليد له يربيه ويتخذه عوضًا، ثم محاولة أبي جهل رضخ رأس النبي *صلي الله عليه وسلم* بحجر ألقاه، ومحاولة عدو الله عقبة بن أبي معيط خنقه بردائه، وخروج عمر *قبل إسلامه* بسيفه عازمًا ذبح مُحَمّد* كل هذه الأحداث تؤكد لأبي طالب أن المشركين لن يأبهوا لجواره وذمته. وهنا لم يبق لأبي طالب إلا المبادرة والحزم، فجمع أهل بيته من بني هاشم وبني المطلب ولدي عبد مناف، ودعاهم إلي منع ابن أخيه والقيام دونه، فأجابه إلي ذلك مسلمهم وكافرهم، حمية للجوار العربي، وأدخلوا رسول الله *صلي الله عليه وسلم* في شعبهم، منعًا له ممن أراد قتله، فأسقط في يدي قريش، ولم يبق أمامها إلا إعلان المقاطعة العامة. الأحداث في مكة صارت متلاحقة، حمزة يدخل الإسلام، ولا تكاد أيام ثلاثة تمر حتى يتبعه عمر، والمسلمون يخرجون في طرقات مكة، يعلنون عن إيمانهم، وقريش تتنازل عن بعض كبريائها وتذهب إلي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*؛ لتساومه، لكن النبي *صلي الله عليه وسلم* يردها خائبة، ثم يعلن أبو طالب جمعه لبني هاشم وبني عبد المطلب علي نصرة مُحَمّد، والرسول يدخل في شعبهم احتماء من كيد قريش. إن سرعة الأحداث وتعاقبها في فترة وجيزة، لا تتجاوز الأسابيع الأربعة تنبئ بحدث جلل، لم يلبث حتى أسفرت عن وجهه الأيام، فقد هدي قريشًا شيطانها إلي كتابة صحيفة علقت بالكعبة؛ لمقاطعة بني هاشم وبني المطلب مقاطعة تامة تفضي إلي هلاكهم، وصبر رسول الله *صلي الله عليه وسلم* والمسلمون، ومعهم بنو هاشم وبنو المطلب مسلمهم وكافرهم في شعب أبي طالب، إلا أبا لهب، فإنه ظاهر قريشًا علي رحمه، وذلك من ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، ولمدة ثلاث سنين متصلة، حتى منّ الله تعالي عليهم، ونقضت الصحيفة الظالمة، القاطعة للرحم.
_______________________________________
كتابة الصحيفة ونقضها:: =============
اجتمع سادة قريش في خيف بني كنانة من وادي المحصب، فتحالفوا علي بني هاشم وبني عبد المطلب ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، وألا يقبلوا من بني هاشم صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة، حتى يسلموه للقتل. ويقال إن منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم هو الذي كتبها، ويقال النضر بن الحارث، والصحيح أنه بغيض بن عامر بن هاشم، وقد دعا رسول الله *صلي الله عليه وسلم* علي كاتبها، فشلت يده. لا تعدم الدنيا رجالاً ذوي خلق، يحكمون عقولهم، وإن زاغت أبصارهم عن رؤية الحق في دين الله! من هؤلاء الرجال هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي، يشبه في نعته دعاة الإنسانية، المنتشرين عبر العصور، ومن كافة الأديان، أبت نفس الرجل أن يري أناسًا يتضورون جوعًا، وأسباب الطعام تلقي في طرقات مكة لقلة آكليها، فكان يمد بني هاشم بالطعام ليلاً دون أن يفطن إليه أحد، لكن المقاطعة طالت حتى مر عليها ثلاث سنوات، ففيم الوقوف والانتظار؟. احتال هشام علي صحيفة قريش بحكمة ودهاء، فذهب أولاً إلي زهير بن أبي أمية المخزومي *وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب* فأثار حميته: أرضيت أن تطعم الطعام، وتشرب الشراب وأخوالك بحيث تعلم؟، فاحمر وجه زهير وقال له: ويحك فما أصنع وأنا رجل واحد؟، أما والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها! قال: قد وجدت رجلاً، قال: فمن هو؟، قال: أنا، فأجابه زهير: ابغنا رجلاً ثالثًا. وما زال هشام يعمل بحيلته حتى جمع مع زهير ثلاثة رجال غيره: المطعم بن عدي وأبا البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، فصاروا جميعًا خمسة، وفي الصباح غدا زهير إلي الكعبة، فطاف سبعًا، ثم أقبل علي الناس قائلاً: يا أهل مكة، أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكي، لا يباع ولا يبتاع منهم؟، والله، لا أقعد حتي تشق هذه الصحيفة القاطعة للرحم الظالمة، فقال أبو جهل غاضبًا: كذبت! والله لا تشق؛ فثار زمعة علي أبي جهل ثم أيده أبو البخترى، فالمطعم، فهشام بن عمرو، وهنا بهت أبو جهل ثم قال بمكر: هذا أمر قضي بليل، تشوور فيه بغير هذا المكان. وكان أبو طالب جالسًا في ناحية من المسجد، فأخبرهم بقول رسول الله *صلي الله عليه وسلم* أن الأرضة قد أكلت صحيفتهم حتى لم يبق فيها إلا "باسمك اللهم"، وتحداهم أبو طالب قائلاً: فإن كان كاذبًا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقًا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا، فأجابوه لذلك، وقام المطعم ليمزق الصحيفة، فوجدها كما قال أبو طالب، فنقضت وعاد بنو هاشم وبنو عبد المطلب إلي مخالطة قريش، التي لم تهزها هذه الآية العجيبة قيد شعرة عن كفرها وعنادها.
____________________________________________
آخر وفد قريش إلي أبي طالب:: ==================
أحداث جسيمة مرت بأبي طالب فأثرت فيه، وقد جاوزت سنه الثمانين، وكان آخر هذه الأحداث المقاطعة القاسية، والتي هتفت بالمرض، فألح علي الشيخ الكبير يلاحقه، ورأت قريش أن أبا طالب سائر إلي منيته علي عجل وخشيت أن تفتك بمُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* بعد موته، فتعيرها العرب بجبن صنيعها، إذ تركته حين أحاطه عمه، ثم انتهشته حين ولي عنه، فأجمعت رأيها أن تذهب إليه فتعيد مساومته، حتى تصل مع مُحَمّد إلي حل وسط. وبجوار فراش أبي طالب حكمت قريش سيدها الذي حاصرته حتى قريب وأنهكت عافيته * حكمته بينها وبين مُحَمّد، فاستدعي أبو طالب ابن أخيه، ليري رأيه في قول قريش، فسمع منهم النبي، ثم أجابهم قائلاً: أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها، ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم؟. فتعجبوا من قوله وتحيروا، حتى أجابه أبو جهل قائلاً : ما هي؟، وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها!، فقال لهم النبي: تقولون لا إله إلا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه؛ فصفق القوم بأيديهم، ثم قال: أتريد يا مُحَمّد أن تجعل الآلهة إلهًا واحدًا؟، إن أمرك لعجب!. ومضوا إلي ديارهم، وقد علموا *من جديد* أنه لا سبيل إلي المساومة مع هذا النبي الثابت علي مبادئه.
_________________________________________________
عام الحزن:: =======
تعاقب المسرات والأحزان، وتتابع اليسر والعسر، سنة من سنن الحياة، والعام العاشر للنبوة وقد شهد فجره سعادة المسلمين ونبيهم (صلي الله عليه وسلم) بخروجهم من الشعب، ونقض صحيفة البغي التي خطتها قريش، ولم يلبث {هذا العام} أن دارت أيامه وتوالت، فأظهرت من الحوادث ما آلم النبي (صلي الله عليه وسلم) والمسلمين جميعًا. أما أول هذه الحوادث فكان وفاة أبي طالب عم النبي (صلي الله عليه وسلم) ودرعه الذي يتقي به كيد قريش، وأما ثانيها: فكان وفاة السيدة خديجة {رضي الله عنها}، زوج رسول الله، وشريكة كفاحه، وراعية بيت النبوة . وكما كانت هاتان الحادثتان مصيبة رزء بها مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ، فقد كانتا أيضًا باب شر علي من آمن معه؛ تجرأت قريش علي المسلمين، حتى التجأ أبو بكر إلي الهجرة من مكة، وما رده إلا ابن الدغنة، إذ أدخله في جواره، ونالت قريش من النبي (صلي الله عليه وسلم) ما لم تنله في حياة أبي طالب، وبلغ فجورها أن يعترضه سفيه من سفهائها، فينثر التراب علي رأسه، ويقول الكريم لابنته {وهي تغسله عنه وتبكي}: لا تبكي يا بنية، فإن الله مانعٌ أباك. ولتتابع هذه الأحزان سمي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) هذا العام بعام الحزن، وقد شهد شهر شوال من هذا العام زواج النبي بالسيدة سودة بنت زمعة، رضي الله عنها وأرضاها، ولعل هذا الزواج كان نسمة باردة طيبة في قيظ العام العاشر للبعثة. وفاة أبي طالب: في رجب من السنة العاشرة للنبوة، أفل نجم أبي طالب عم النبي، ذلك الرجل الذي كان حصنًا لمُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) ودينه الجديد، أبو طالب الذي ربي مُحَمّدا طفلاً في بيته، وأحاطه وذاد عنه وقد أصبح نبيًا يهتدي به، أبو طالب الذي كانت تهابه قريش وتحترم جواره، ويقدره المسلمون لمنزلته ودوره الذي يؤديه لهم، وأبو طالب الذي سارعت إليه قريش علي فراش موته ترجو أن يبقي علي دين آبائه، وطمع رسول الله (صلي الله عليه وسلم) طيلة حياته أن يهتدي لدين الله كانت كلماته التي سمعتها آذان قريش تتردد في مكة: اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدًا. وكانت كلماته التي نصح بها ابنه عليًا: أما إنه لم يدعك إلا إلي خير فالزمه، ثم كانت آخر كلماته وقريش والنبي يحوطانه علي فراش موته، ويبادرانه، "علي ملة عبد المطلب". وبموت هذا الرجل العظيم انقطع رجاء المسلمين في إيمانه، وانقطعت أهم قنوات الصلة بين مُحَمّد (صلي الله عليه وسلم) وقومه، وانقطع السياج الذي كان يحوط به أبو طالب مُحَمّدا ومن معه. وفاة السيدة خديجة: في رمضان من العام العاشر للنبوة، فقد النبي، لا بل فقد المسلمون جميعًا راعية بيت النبوة، وشريكة حياة النبي، أول من آمن بدين الله، وأول من نصر رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، التي ظلت طيلة حياتها مرفأّ آمنًا تئوب إليه سفينة النبي المجهدة المتعبة، كما كانت أمًا للمؤمنين جميعًا، السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها، المبشرة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب.
(يتبع) ====
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 20:54:42 | |
|
الفصل الخامس:: ========== زواجه وزوجاته:: (صلى الله عليه وسلّم) =============
هذه وقفة من الوقفات نواصل فيها الحديث عن بعض خصائص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، تلك الخصائص التي ميزه الله بها على غيره من البشر ، مما يظهر علو قدره ، وارتفاع مكانته . فمن خصائصه صلى الله عليه وسلم ، أنه أبيح له الزواج بأكثر من أربع ، وذلك أنه معصوم من الجور الذي قد يقع فيه غيره في جانب النساء ، إضافة لما في زواجه بأكثر من أربع من مصالح عامة ، والتي منها : نشر الدعوة الإسلامية ، ونقل سيرته الخاصة عن طريق زوجاته ، والارتباط بعدد من القبائل ورجالها بالمصاهرة مما يعطي الدعوة قوة ومنعة . وقد بلغت زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهنّ إحدى عشرة امرأة ، كما ذكر ابن حجر في "فتح الباري" وابن القيم في "زاد المعاد" . فكانت أولاهنّ خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية رضي الله عنها ، وقد كانت له سنداً في بداية تبليغه رسالة ربه . وقد ثبت في الصحيحين أنها خير نساء زمانها ، وأنه صلى الله عليه وسلم قال فيها : (ما أبدلني الله خيراً منها). ثم تزوج بعد موتها بأيام سودة بنت زمعة القرشية ، وهي التي وهبت يومها لعائشة . ثم تزوج بعدها أم عبدالله عائشة بنت أبي بكر الصديق ، وكانت من أحب زوجاته إليه ، ولم يتزوج بكراً سواها . ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب. ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية من بني هلال بن عامر وتوفيت عنده بعد ضمه لها بشهرين . ثم تزوج أم سلمة هند بنت أبي أمية القرشية المخزومية ، واسم أبي أمية حذيفة بن المغيرة ، وهي آخر نسائه موتاً وقيل آخرهن موتا صفية . ثم تزوج زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة *وهي ابنة عمته أميمة * وهي التي نزل القرآن بحقها في قوله تعالى : { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً } (الأحزاب:37) ، وكانت أولا عند زيد بن حارثة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبناه ، فلما طلقها زيد زوجه الله تعالى إياها لتتأسى به أمته في نكاح أزواج من تبنوهم ، وكانت تفاخر بذلك الزواج فتقول : " زوجني الله من رسوله وزوجكن آباؤكن وأقاربكن" ، وتوفيت في أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وتزوج صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية وكانت من سبايا بني المصطلق ، فجاءته تستعين به على كتابتها فأدى عنها كتابتها وتزوجها . ثم تزوج أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب القرشية الأموية. وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير من ولد هارون ابن عمران أخي موسى ، فهي ابنة نبي وزوجة نبي وكانت من أجمل النساء . ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية وهي آخر من تزوج بهن . وقيل : من أزواجه ريحانة بنت زيد النضرية وقيل القرظية سبيت يوم بني قريظة فكانت من نصيب رسول الله فأعتقها وتزوجها ثم طلقها تطليقة ثم راجعها. ومما خصه الله به ، أن نساءه اللاتي دخل بهن ، يحرم على غيره الزواج منهن ، قال تعالى: { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً } (الأحزاب:53) ، وقد أجمع العلماء قاطبة على حرمة الزواج ممن توفي عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه ، لأنهن أزواجه في الدنيا والآخرة ، ولأنهن أمهات المؤمنين . ونقل ابن القيم في زاد المعاد عدم الخلاف في أنه صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع زوجات : عائشة وحفصة وزينب بنت جحش وأم سلمة وصفية وأم حبيبة وميمونة وسودة وجويرية . وقد كان يَقْسم بين ثمانٍ منهن ، حيث إن سودة وهبت يومها لعائشة ، رضي الله عنهن جميعاً . فصلى الله وسلم على نبينا محمد ، صاحب الخصال الحميدة ، والفضائل المجيدة ، والخصائص الفريدة ، ورضي الله عن زوجاته أمهات المؤمنين ، اللاتي أكرمهن الله بالاقتران بخير الناس أجمعين ، وجمعنا الله بهم في دار النعيم
_________________________________________________
الرسول *صلي الله عليه وسلم* في الطائف:: =========================
لم يكد عام الحزن *العام العاشر للبعثة* يشارف علي نهايته حتى أظهرت صفحاته حادثة أليمة أخري كانت تنتظر النبي *صلي الله عليه وسلم*، فدور مكة التي أوصدت أبوابها دون دعوته، وسفهاؤها الذين صاروا يتجرؤون عليه بعد وفاة عمه أبي طالب، وكبراؤها الذين كاشفوه العداوة والبغضاء، وتطاولوا علي ضعاف المسلمين كل ذلك قد دفع الرسول أن يلتمس النصرة خارج مكة، وإلي الطائف كان المسير، حيث قطع النبي *صلي الله عليه وسلم* ستين ميلا متوجها إليها علي قدميه، معه مولاه زيد بن حارثة في شوال من العام العاشر للنبوة، فمكث فيها عشرة أيام يدعو أهلها، فردوا عليه دعوته ، وأساءوا وفادته، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل تطاولوا عليه، وآذوه في رحلة عودته. وعاد النبي *صلي الله عليه وسلم* إلي مكة، وبلغ مشارفها فسأله زيد معجبًا: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟، فأجابه الرسول *صلي الله عليه وسلم* مطمئنًا: يا زيد، إن الله جاعل لما تري فرجًا ومخرجًا. إن مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم* الذي أنهكت جسده أحداث هذه الرحلة العصيبة، ظل قلبه وعقله يحلقان بعيدًا يلتمسان الهدي من السماء، ويستشرفان المستقبل لهذا الدين الجديد، لا يفت في عضده شيء، ولا يوهن من عزيمته أحد، ولا يحني من قامته إيذاء أو حادث. كيف؟!، وربه حسبه ونعم الوكيل. والتمس مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* الجوار في مكة، حتى أجيب إلي ذلك، فدخل في جوار المطعم بن عدي.
_________________________________________________
دعوة أهل الطائف: ==========
بين صفحات الكتب يحتفظ التاريخ بصورة عجيبة، بلغ العجب فيها منتهاه: دار من دور الطائف ضمت ثلاثة من سادتها، قد اتكأوا علي أرائكهم، ومدوا أقدامهم الغليظة، وأخذوا يستمعون في كسل شديد، وينظرون بأنصاف عيون، قد ملأ نفوسهم الكبر، وأخذ البطر بأطراف قلوبهم، جلس هؤلاء النفر يستمعون إلي نبي عظيم، خاتم رسل الله للعالمين، بعد رحلة قوامها ستون ميلاً، سارها علي قدميه الشريفتين، أما هؤلاء النفر الثلاثة فكانوا: عبد ياليل، ومسعودًا، وحبيبًا، أبناء عمر بن عمير الثقفي، وأما النبي العظيم فكان مُحَمّدا*صلي الله عليه وسلم* ولا شك! سمعوا منه الدعوة إلي الإسلام ونصرته، فتمطي أحدهم وقال: امرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وتساءل الثاني مستهزئًا: أما وجد الله أحدًا غيرك؟! وتصنع الطرف الثالث قائلاً: والله لا أكلمك أبدًا، إن كنت رسولاً لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب علي الله ما ينبغي أن أكلمك. هكذا كانت إجابتهم للرسول الكريم! ألم تمتلئ بطونهم بالطعام؟، ألم تكس أجسادهم بالحرير؟، ألم تألف جنوبهم لين المضاجع؟، ففيم البحث والعناء عن الآخرة وأهلها؟!. إن النعم التي منحها إياهم ربهم سبحانه وتعالي قد أحالوها حجابًا يستر عنهم يد المنعم وقدرته، قام رسول الله *صلي الله عليه وسلم* عنهم قائلاً: إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني، ثم جاب دروب الطائف ودورها يدعو أهلها، ولا يدع شريفًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فما كان يصله منهم إلا قولهم: اخرج من بلادنا. وجاءت ساعة الخروج، فأغروا به سفهاءهم يسبونه ويصيحون به، وكان الإيذاء في رحلة العودة.
__________________________________________
الإيذاء ورحلة العودة: ===========
سألت السيدة عائشة *رضي الله عنها* رسول الله ذات مرة: هل أتي عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟، قال لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة يقصد عند خروجه من الطائف. إن مُحَمّدا صلي الله عليه وسلم الذي لم يسألهم شيئًا لنفسه أو دنياه، بل سألهم أن يؤمنوا بالله الواحد القهار، ليكون لهم الفلاح في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة، لم يلق منهم إلا أشد العداء، وأسوأ التنكيل. تبعه في خروجه سفهاؤهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، ووقفوا له صفين، وجعلوا يرمونه بالحجارة حتى اختضب نعلاه بالدماء، وكان إذا تعثر قصد إلي الأرض، فيأخذونه بذراعيه، ويقيمونه، فإذا مشي رجموه وهم يضحكون، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى شج في رأسه شجاجًا. ولجأ النبي الكريم *صلي الله عليه وسلم* إلي بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة، علي ثلاثة أميال من الطائف، فرجع عنه السفهاء، ورق لحاله ابنا ربيعة علي كفرهما فأرسلا غلامًا لهما يدعي عداسًا بقطف من عنب، وكان عداس نصرانيًا، فلما قدمه إلي النبي *صلي الله عليه وسلم* مد يده قائلاً: بسم الله، ثم أكل، ودار بينهما حديث قصير لم ينته إلا وعداس قد أكب علي رأس النبي *صلي الله عليه وسلم* ويديه ورجليه يقبلها وقد أسلم. ومضي النبي حزينًا حتى وصل إلي*قرن المنازل* فبعث الله إليه جبريل *عليه السلام* ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين وهما الجبلان اللذان يحيطان بمكة علي أهلها فأجابه النبي *صلي الله عليه وسلم* قائلا: بل أرجو أن يخرج الله *عز وجل* من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا. وواصل مسيره حتى بلغ وادي نخلة، فبعث الله إليه نفرًا من الجن استمعوا إليه وهو يتلو القرآن، فآمنوا، وولوا إلي قومهم منذرين. حقًا إن أفئدة الطائف ودورها قد أوصدت دون مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*، لكن رحلته تلك قد آمن بسببها عداس الزكي، وأقوام من الجن، أما مكة التي طردته، فقد أيده الله بملك الجبال ولكنه أبي الانتقام، وآثر العفو والصفح. إن رحلة العودة وما حدث بها من تأييد وعجائب، قد أذهبت الحزن عن قلب المصطفي، وجعلته يسمو حتى يري مكة والطائف من علٍ، فلا يشقيه ما يلاقيه فيهما من الصغار. واصل الرسول *صلي الله عليه وسلم* رحلة عودته حتى شارف مكة، وهناك مكث بحراء عشر سنوات طويلة، مرت به منذ أتاه جبريل لأول مرة بهذا الغار، وها هي الأيام تمر، ويعود مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* إلي نفس البقعة المباركة، لكن دعوته اليوم قد تسربت في دور مكة المعاندة، وكلمات ورقة صارت حقيقة يومًا بعد يوم، والمشاعر التي تزاحم قلبه الزكي الآن لا يستطيع أن يهبط إلي خديجة بمكة مسارعًا ليكاشفها بها؛ لكن خديجة قد ماتت، ومكة قد أخرجته منها. كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟، هكذا كانت كلمات زيد بن حارثة التي طرقت سمع الرسول *صلي الله عليه وسلم*، لكن النبي *صلي الله عليه وسلم* الواثق من ربه، المتوكل عليه، أجابه بيقين: يا زيد، إن الله جاعل لما تري فرجًا ومخرجًا، وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه. وبعث النبي *صلي الله عليه وسلم* رجلاً من خزاعة إلي الأخنس بن شريق ليجيره فقال: أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث إلي سهيل بن عمرو فأجابه: إن بني عامر لا تجير علي بني كعب! ويبدو أن كلا الرجلين قد أدرك أن الوقوف في وجه قريش أمر لا تحمد عواقبه، أرسل مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* إلي المطعم بن عدي فقال: نعم، ثم تسلح وألبس بنيه وقومه السلاح، وجعلهم علي أركان البيت، ثم اعتلي راحلته، وقد أرسل إلي النبي *صلي الله عليه وسلم* بالدخول إلي المسجد، وقال مناد: يا معشر قريش، إني قد أجرت مُحَمّدا فلا يهجه أحد منكم، أما مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* فقد استلم الركن *أي قبله*، ثم صلي ركعتين، وانصرف إلي بيته في حراسة المطعم وولده. ويبدو أن أبا جهل لم يجد ما يحفظ به ماء وجهه، فذهب إلي المطعم وسأله: أمجير أنت أم متابع؟ أي: مسلم، فقال المطعم: بل مجير، فأجابه أبو جهل: قد أجرنا من أجرت.
_________________________________________
عرض الإسلام علي القبائل:: =================
مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* رسول الله ليس إلي قريش خاصة، بل إلي العالمين كافة؛ ولهذا السبب فإن قدمي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* دأبتا علي السعي بين قبائل العرب؛ ليدعوهم إلي الإسلام، منتهزًا فرصة موسم الحج، أما في هذا العام *العام العاشر للنبوة* فقد أصبح للنبي من دعوتهم هدف جديد، تمثل هذا الهدف في طلب صريح للحماية من القبائل العربية، حتى يتمكن من تبليغ دعوة الله *عز وجل*. ومن هذه القبائل التي دعاها *صلي الله عليه وسلم* في هذا العام: بنو كلب، وبنو عامر، وبنو شيبان بن ثعلبة، وبنو حنيفة الذين أتاهم في منازلهم فدعاهم، فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردًا منهم.
دعوة بني كلب: ========= أتي النبي *صلي الله عليه وسلم* إلي بطن منهم يقال لهم بنو عبد الله، فدعاهم إلي الله، وعرض عليهم نفسه، حتى إنه ليقول لهم: يا بني عبد الله، إن الله قد أحسن اسم أبيكم. فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.
دعوة بني شيبان بن ثعلبة: =============== وقد ذهب إليهم النبي برفقة صديقه أبي بكر، فتحدثا إلي أربعة من أشرافهم حديثًا بدأه أبو بكر، وتحسس فيه قوتهم ومنعتهم، ثم استكمله النبي *صلي الله عليه وسلم* عارضًا دعوته وطلبه للمنعة، فأجابه مغروق بن عامر بقول حسن، لكن ثانيهم: هانئ بن قبيصة رأي عدم العجلة والتروي والنظر في الأمر، وأجابه ثالثهم المثني بن حارثة إلي قبوله النصرة مما يلي مياه العرب لا مما يلي أنهار كسري؛ لأنهم محالفوه، فقال لهم رسول الله *صلي الله عليه وسلم*: ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق، فإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه بجميع جوانبه.
دعوة بني عامر بن صعصعة: =============== أتاهم النبي *صلي الله عليه وسلم* فدعاهم إلي الله، وعرض عليهم نفسه، لكن يبدو أنهم كانوا مشغولين بدنياهم، غير عابئين بآخرتهم، فإن أحدهم ويدعي بيحرة بن فراس حدثهم قائلاً: والله، لو أني أخذت هذا الفتي من قريش لأكلت به العرب، ثم قال للنبي: أرأيت إن نحن بايعناك علي أمرك، ثم أظهرك الله علي من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟، فأجابه الرسول*صلي الله عليه وسلم*: الأمر إلي الله يضعه حيث يشاء، فلم يعجب هذا الرد طالب الدنيا فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، وانصرفوا عنه، وما علموا أي خير فقدوه.
عرض الإسلام علي الأفراد خارج مكة: ==================== الناس في ميزان الرجال ليسوا سواء، وإن كان إبراهيم *عليه السلام* أمةً كما وصفه ربه، فإن دونه رجال قد يوزن الواحد منهم بقبيلةً أو أكثر، وإن رسول الله *صلي الله عليه وسلم* الذي كان يقصد القبائل في موسم الحجيج، لم يكن يفوته أن يأتي رجالاً بأعينهم، أو أن يجلس إليهم إن هم بادروه، ومن هؤلاء الرجال الذين لبوا نداء الحق حين سمعوه في زيارتهم لمكة: سويد بن صامت، وإياس بن معاذ، وأبو ذر الغفاري، وطفيل بن عمرو الدوسي، وضماد الأزدي.
سويد بن صامت :: ========== العاقل الذي يحسن أن يسمع ما أيسر دعوته! هكذا كان سويد الذي سماه قومه الكامل؛ لجلده وشعره وشرفه ونسبه، التقي بمُحَمّد صلي الله عليه وسلم* في أوائل العام الحادي عشر للبعثة فدعاه، فقال له سويد: لعل الذي معك مثل الذي معي، فسأله النبي صلي الله عليه وسلم*: وما الذي معك؟، فقال سويد: حكمة لقمان، ثم عرضها علي النبي *صلي الله عليه وسلم* فقال له: إن هذا الكلام حسن! والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله تعالي علي هو هدي ونور، ثم تلا عليه القرآن، فقال سويد: إن هذا لقول حسن، ثم أسلم، هكذا بمنتهي السهولة واليسر. فحوار كحوار مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*، وعقل لم توصد أبوابه، أو تسد نوافذه كعقل سويد، لا يقف أمامهما شيء، أما سويد فكأن الله قد أدركه في فرصته الأخيرة، فإنه ما إن عاد إلي المدينة *بلدته* حتى اختطفه الموت قتلاً في يوم بعاث.
إياس بن معاذ :: ========== ما أشقي أولئك البشر الذين يدبون في الحياة الواسعة، ثم هم لا يرون منها إلا ما وطئته أقدامهم!. إن وفدًا من أوس يثرب قدم علي مكة يسأل قريشًا حلفًا يستعين به علي قتال بني العم، لم يدع لنفسه فرصة يستمع فيها لنبي الله وهو يدعوه لما هو خير وأبقي. أما إياس بن معاذ، وقد كان غلامًا حدثًا في صحبة قومه، فإنه لم يشغله الباطل الذي بين يديه عن الحق الذي تراءى أمام عينيه، وصاح بقومه عند سماعه حديث مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*: أي قوم، هذا والله خير مما جئتم له!، لكن أين لصوت الحق أن يجد آذانا تسمعه وسط صخب حديث الحرب؟!، إن جواب الأوس لإياس كان حفنة من التراب ألقيت في وجهه علي يد أحدهم *أبي الحيسر بن رافع* وهو يصيح بالنبي: دعنا عنك، فلعمري لقد جئنا لغير هذا. وأين ما جاءوا له مما جاءهم به ؟!. وانصرف الوفد قافلاً دون أن يحوز حلف قريش، أما إياس فإنه لم يلبث أن هلك، وكان يهلل، ويكبر، ويحمد، ويسبح عند موته، فلا يشكون أنه مات مسلمًا.
ضماد الأزدي :: ========= ما أعجب ما لاقاه مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* من قومه! من هذا العجب موقفه حين كان سائرًا في طريقه، فإذا هو برجل يمني يعرض عليه بطيبة قلب أن يرقيه حتى يشفي من جنونه. أما هذا اليمني، فقد كان ضمادًا الأزدي، وكان يرقي من الريح ببلده، وغدا إلي مكة فسمع من أهلها أن مُحَمّدا مجنون، فرأي ببساطة أن يرقيه ليشفي، وما نفي مُحَمّد عن نفسه الجنون، وما نهي الرجل عن صنيعه، إنما ابتدره قائلاً: إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن مُحَمّدا عبده ورسوله، أما بعد. وهنا لم يتمالك الأزدي نفسه حتى قال له: أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه الرسول *صلي الله عليه وسلم* ثلاثًا، فقال له ببساطة الحق وروعته: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك تلك، ولقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك علي الإسلام، فبايعه. حقًا! إن القلب الصادق، والعقل الفطن، لا يحتاجان لكثير جدال حتى يتبين لهما الحق. بشري من يثرب في سكون الليل وظلمته، وبينما أوي أهل مكة وحجيج العام الحادي عشر للنبوة إلي فرشهم نائمين، إذ كان هناك فريقان لم يزر النوم عيونهم اليقظة. أما الفريق الأول فستة من شباب الخزرج، ممن ذكرهم موسم الحج بنبوءة جيرانهم وحلفائهم من يهود يثرب، بأن نبيًا من الأنبياء مبعوثًا في هذا الزمان سيخرج فتتبعه يهود ويقتلون معه العرب قتل عاد وإرم، ثم أقض مضجعهم أيضًا ما تركوه بيثرب من حرب أهلية بينهم وبين بني عمهم من الأوس، أكلت الأخضر واليابس، وأنهكت قواهم، وذهبت بها؛ فأخذوا يتحدثون فيما بينهم حديثــًا سري في هدوء الليل، وتسلل إلي آذان الفريق الثاني: مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* النبي الشغوف بدعوته وصاحبيه أبي بكر، وعلي، فقصدوا إلي شباب الخزرج وسألهم النبي: من أنتم؟، قالوا: نفر من الخزرج، فقال: من موالي يهود؟ *أي من حلفائهم*، فقالوا: نعم، فعرض عليهم *صلي الله عليه وسلم* الإسلام ودعاهم إلي الله وحده، وتلا عليهم القرآن فتفجرت ينابيع الحق من قلوبهم النقية، وأنفسهم الظمأي إلي حلاوته، وأسرعوا يقولون لبعضهم البعض: تعلمون والله ياقوم إنه النبي الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه. وأسلموا علي يديه *صلي الله عليه وسلم* ثم قالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولاقوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسي أن يجمعهم الله بك. ورجع هؤلاء المسلمون الجدد إلي بلدهم حاملين رسالة الإسلام، حتى لم تبق دار من دورها إلا وفيها ذكر مُحَمّد. وهكذا شاء من جعل سجن يوسف المظلم طريقًا لظهور الحق وعلوِّ الشأن، أن تكون هذه الليلة التي رآها المسلمون مظلمة؛ لضياع قوتهم، وقلة حيلتهم، وانصراف القبائل عن دعوته أن تكون طريقًا أيضًا لظهور الحق وعلوِّ الشأن، وسبحان من قال: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا).
(يتبع) ====
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 21:56:20 | |
|
الفصل السادس:: ==========
الإسراء والمعراج:: ===========
ها هي البشارات تتوالى، والانتصارات تتعاقب في دأب شديد! ولئن بدا الرسول *صلي الله عليه وسلم* مهزومًا في عالم الشهادة، فلقد غدا منصورًا في عالم الغيب، الجن تؤمن به *في رحلة العودة من الطائف* حين كفر الناس، وأبواب السماء تفتح له، حين أغلقت في وجهه أبواب الأرض. أسري برسول الله *صلي الله عليه وسلم* بجسده من المسجد الحرام إلي بيت المقدس، راكبًا علي البراق، بصحبة جبريل *عليه السلام*، وبالمسجد الأقصى حيث أبناء إبراهيم من ولده إسحاق *عليهم السلام*، صلي مُحَمّد بالأنبياء إمامًا وكأن ذلك إيذان بانتقال النبوة من ولد إسحاق إلي ولد إسماعيل *عليهما وعلي أبيهما السلام*، ثم عرج به *صلي الله عليه وسلم* إلي السماوات العلا حيث توالت رؤيته للآيات العجيبة، وأمام ربه *عز وجل* كان فرض الصلوات الخمس، فلما أصبح رسول الله *صلي الله عليه وسلم* في قومه أخبرهم بما أراه الله *عز وجل*، فكذبوه وآذوه، فساق لهم من دلائل صدقه ما يقنع عقولهم السقيمة، غير أنها لا تعمي الأبصار، ولكن تعمي القلوب التي في الصدور. فرض الصلوات الخمس خمسون صلاة في كل يوم وليلة هي ما فرضها الله *سبحانه وتعالي* علي سيد الأنبياء في رحلة المعراج، لكنه *صلي الله عليه وسلم* حين مر بموسى *عليه السلام* أشار إليه أن يرجع إلي ربه ويسأله التخفيف لأمته، ففعل ووضع عنه ربه عشرًا، ولم يزل مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* يتردد بين موسى *عليه السلام* الناصح بالتخفيف وربه تبارك وتعالي، حتى صارت الصلوات خمسًا، وعندها أجاب *صلي الله عليه وسلم* موسى الناصح بمزيد من التخفيف: قد استحييت من ربي، ولكني أرضي وأسلم، فلما بعد نادي منادٍ: قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي. ما رآه مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* من الآيات وجب علي الأنبياء حمل ما لم يحمل به غيرهم، ولذا فقد حق لهم أن يصلوا إلي يقين لا يلزم غيرهم، ولأن الخبر ليس كالمعاينة، فقد عاين الأنبياء من الآيات العجيبة ما جعل الدنيا بأسرها تدنو في أعينهم عن جناح بعوضة، وما جعلهم يستعذبون في سبيل حمل الرسالة ما يمر عليهم من المحن والعذاب. وفي رحلة المعراج رأي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* من الآيات العجيبة ما ثبت فؤاده، وملأ قلبه يقينًا، ففي السماء الدنيا رأي آدم *عليه السلام*، ورأي أرواح الشهداء عن يمينه وأرواح الأشقياء عن يساره، وفي السماء الثانية رأي عيسي ويحيي *عليهما السلام*، وفي السماء الثالثة رأي يوسف *عليه السلام*، وفي السماء الرابعة رأي إدريس *عليه السلام*، وفي الخامسة رأي هارون *عليه السلام*، ورأي أخاه موسى*عليه السلام* في السادسة، ولما انتهي إلي السماء السابعة لقي إبراهيم *عليه السلام*، وكان كلما رأي نبيًا سلم عليه ذلك النبي ورحب به، وأقر بنبوته، ثم عرج به إلي الجبار* جل جلاله*، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدني، وفي هذه الرحلة تكررت له *صلي الله عليه وسلم* حادثة شق الصدر، وعرض عليه اللبن والخمر فاختار اللبن، ورأي أربعة أنهار في الجنة، نهرين ظاهرين وهما: النيل والفرات، ونهرين باطنين، ورأي مالك خازن النار، كما رأي الجنة والنار، ورأي أكلة مال اليتامى لهم مشافر كمشافر الإبل، يقذفون بقطع من النار في أفواههم فتخرج من أدبارهم، ورأي أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون بسببها علي الحركة، ويطؤهم آل فرعون حين يعرضون علي النار، ورأي الزناة يأكلون اللحم الغث المنتن، ويتركون السمين الطيب إلي جنبه، ورأي النساء اللاتي يدخلن علي أزواجهن من ليس من أولادهم معلقات من أثدائهن، وقد قص مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* علي أهل مكة حين أصبح خبر رحلته فصدقه من شاء الله له أن يصدق، وكذبه من صرف عن رؤية الحق رغم دلائل صدقه التي ساقها لهم النبي. دلائل صدقه من آمن بالإسلام كله لايكذبه لبعضه، ومن عرف مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم* آمن بصدقه كيفما حدَّث، هاتان الحقيقتان البسيطتان هما اللتان نطق بهما لسان أبي بكر بسهولة ويسر: لئن كان قاله، لقد صدق، فوالله إنه ليخبرني إن الخبر ليأتيه من السماء إلي الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه!، ولأن العقول والقلوب ليست كلها كعقل أبي بكر وقلبه، شاء الله أن يؤتي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* أدلة دامغة لمن أراد أن يمعن النظر ، فقد سأله الناس أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله له حتى عاينه، وطفق يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وعن البعير الذي يقدمها، وعن بعير شرد لهم فدلهم عليه، وعن ماء كان لهم مغطي فشربه ثم تركه مغطي كما كان ليكون لهم آية، لكن أني لمن لم يصدع قلبه لآيات القرآن أن تهتز شعرة من رأسه لحديث النبي الصادق؟!.
__________________________________________
بيعة العقبة الأولى:: ============
إن النبتة التي غرسها رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بيده في موسم الحج في السنة الحادية عشرة للنبوة، قد اشتد عودها، حتى جاء في الموسم التالي اثنا عشر رجلاً، خمسة من الستة الذين قابلوه في العام الماضي، وسبعة جدد، جاءوا يبايعون الرسول *صلي الله عليه وسلم* عند العقبة بمني، بيعة كبيعة النساء يوم فتح مكة *أي علي الإيمان والطاعة*، دون حرب أو قتال، وقد بعث النبي *صلي الله عليه وسلم* معهم شابًا من السابقين إلي الإسلام هو مصعب بن عمير العبدري؛ ليعلم من أسلم بيثرب شئون دينهم، ويدعو بها من لم يسلم بعد، وقد بارك الله في سفارة مصعب، وكان يعرف بالمقرئ، وآمن بدعوته أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، وقصة إسلامهما تنبئ بحكمة مصعب ودماثة خلقه، وقد أقام مصعب في دار أسعد بن زرارة يقوم بما انتدب له بجد وحماس حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار أمية بن زيد، وخطمة، ووائل، فقد وقف بهم عن الإسلام قيس بن الأسلت الشاعر حتى عام الخندق العام الخامس للهجرة. ولم يأت العام المقبل: العام الثالث عشر للنبوة إلا ومصعب قد عاد إلي مكة، يزف إلي رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بشائر الفوز، وبوارق الأمل، في قبائل يثرب، وما بها من خير ومنعة.
بيعة العقبة الثانية: ========== الله أكبر!! الله اكبر!! الله اكبر!! موسم الحجيج للعام الثالث عشر من النبوة يسفر عن غرس مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* وقد استغلظ واستوي علي سوقه، وفد يثرب يقدم قاصدًا مكة وبين صفوفه ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان ممن أسلم وآمن بالدين الجديد، لا ينهزهم إلا شوقهم للقيا نبي الله *صلي الله عليه وسلم*، ومبايعته علي النصرة وتحت جناح الليل، وبعد مضي ثلثه الأول، كان التسلل خفية، للقاء الموعود، عند العقبة حيث الجمرة الأولي من مني، حسب الاتفاق المضروب، وبينا هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* ومعه العباس عمه * وهو بعد علي دين قومه*، أما أبو بكر وعلي فقد وقف كل منهما عينًا علي الطريق؛ لحراسة الاجتماع السري، وقبل أن يسرد النبي *صلي الله عليه وسلم* بنود البيعة أكد العباس علي خطورتها، وبعد أن سردها فقد كرر التأكيد علي خطورة البيعة، الأنصاريان السابقان: العباس بن عبادة، وأسعد بن زرارة، لكن الأنصار الذين عرف الإسلام طريقه إلي قلوبهم، ما كادوا يستمعون إلي قولهما حتى بادروا إلي مصافحة رسول الله *صلي الله عليه وسلم* قائلين: والله لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها. وبعد أن تمت البيعة، قام الأنصار تنفيذًا لطلب رسول الله *صلي الله عليه وسلم* باختيار اثني عشر نقيبًا، حتى إذا تمت البيعة، اكتشف شيطان المعاهدة فصاح علي قريش يستفزهم، وسعت قريش لمطاردة المبايعين؛ لقتل حركة تعلم جيدًا شدة خطورتها، لكن الله سترهم، ولم تظفر قريش إلا بسعد بن عبادة الذي أجاره المطعم بن عدي، والحارث بن حرب بن أمية، فعاد سالمًا إلي ركبه، وعاد الجمع الميمون إلي المدينة ينشرون دعوة الله، ويهيئون يثرب لإقامة دولة الإسلام الأولي في الأرض، ويستعدون لاستقبال المهاجرين، ونبيهم *صلي الله عليه وسلم*.
______________________________________________________
بنود البيعة: ======
كانت بيعة العقبة الأولي علي الإيمان والطاعة، أما هذه البيعة فقد كانت علي الجهاد والقتال كذلك، وقد جمع رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بنود هذه البيعة في نقاط خمس: 1) الأولى : السمع والطاعة في النشاط والكسل 2) الثانية : النفقة في اليسر والعسر 3) الثالثة : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 4) الرابعة: أن يقوموا في سبيل الله لا تأخذهم في الله لومة لائم 5) الخامسة: أن ينصروا رسول الله *صلي الله عليه وسلم* إذا قدم إليهم، ويمنعونه مما يمنعون منه أنفسهم، وأزواجهم، وأبناءهم. وواضح من هذه البنود الخمسة أن الإسلام لم يعد عقيدة تسكن أفئدتهم فحسب، بل صار دعوة، وحركة، وجهادًا، وتضحية، تكلفهم أرواحهم ودماءهم في بعض الأحيان، أما وعد النبي *صلي الله عليه وسلم* إن هم وفوا بما عليهم، فلم يكن النصر في الدنيا ولا الغلبة علي أعدائهم، كما لم يكن متاعًا أو جاهًا يتنعمون به إنما كان الجنة، والجنة فحسب. وقد سأل أبو الهيثم بن التيهان رسول الله *صلي الله عليه وسلم* قائلاً: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالاً، وإنا قاطعوها *يعني اليهود*، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلي قومك وتدعنا؟، فتبسم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم. وعلي شدة وضوح الخطورة في بنود هذه البيعة، إلا أنه تم التأكيد علي خطورتها من الحاضرين ليبايع من أراد وهو علي بينة من أمره.
__________________________________________________
التأكيد على خطورة البيعة:: ================
أن يبايع المرء علي الدفاع عن دعوة جندها الفقراء والمستضعفون، وأعداؤها كل ذي سطوة وقوة علي ظهر الأرض ليس بالأمر اليسير، وخير للمرء أن يعتذر بأدب في أول الدرب علي أن ينكص علي عقبيه بعد أن يحاط بالجمع الغفير!. لهذا الأمر بدأ العباس عم النبي *صلي الله عليه وسلم* الحديث مع الأنصار قائلاً بقوة ووضوح: يا معشر الخزرج، إن مُحَمّدا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو علي مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أبي إلا الانحياز إليكم، واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عزة ومنعة من قومه وبلده. والحق أن العباس قد أوضح الأمر بجلاء ويسر، فما كان من كعب بن مالك إلا أن طلب من رسول الله *صلي الله عليه وسلم* أن يسرد بنود بيعته حتى يبايعوه عليها، فقال: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت! فسرد النبي *صلي الله عليه وسلم* بنود بيعته؛ ليبايعوه، لكن العباس بن عبادة أسرع ليؤكد للقوم خطورة ما أقدموا عليه فقال: إنكم تبايعونه علي حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلاً أسلمتموه، فمن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه علي نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة، فقالت الأنصار: لرسول الله *صلي الله عليه وسلم*: ابسط يدك. لكن أسعد بن زرارة أخذ بيده *صلي الله عليه وسلم* قائلاً: رويدًا يا أهل يثرب! إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون علي ذلك فخذوه وأجركم علي الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله. لكن الأنصار صاحوا بأسعد في ثبات ويقين: يا أسعد، أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها. فكانت البيعة.
__________________________________________
اختيار النقباء:: =========
ما أروع الإسلام حين تدب في نصوصه الحياة فتسعي في الأرض تنظم للمسلمين شئونهم، يقرر الإسلام مبدأ الشورى، ثم تأتي بيعة العقبة الثانية ليتجلى هذا المبدأ في أبهى صوره، رسول الله لا ينتقي -وهو النبي المعصوم- منهم أحدًا، إنما يكل الأمر إليهم قائلاً: أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبًا؛ ليكونوا علي قومكم بما فيهم. أما الأنصار فيعلمون أنهم جميعًا أمام شرع الله سواء، من آمن في العام الحادي عشر، ومن بايع بيعة العقبة الأولي، ومن لم يمض علي بيعته سوي لحظات، الجميع سواسية، لهم نفس الحق، وعليهم ذات الواجب، وفي الحال تم انتخاب تسعة نقباء من الخزرج، وثلاثة من الأوس، ثم أخذ عليهم النبي -صلي الله عليه وسلم- ميثاقًا آخر بصفتهم الرئاسية قائلاً: أنتم علي قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسي بن مريم، وأنا كفيل علي قومي -يعني المسلمين-، فقالوا: نعم!. ويا لها من عظمة نبوية جليلة حين أعلن مُحَمّد -صلي الله عليه وسلم- التكافؤ في المسئولية بينه وبين النقباء الجدد في قوله : وأنا كفيل علي قومي.
_____________________________________________
اكتشاف قريش للبيعة:: =============
يا أهل الأخاشب، هل لكم في مُحَمّد والصباة معه قد اجتمعوا علي حربكم؟". انطلقت هذه الصيحة، بأنفذ صوت سمع قط، من فوق مرتفع من الأرض، في اللحظات الأخيرة للبيعة؛ لتصل إلي سمع كل قرشي بمني، وعرف النبي -صلي الله عليه وسلم- صاحب الصيحة فقال: هذا أزب العقبة -وهو شيطان-، أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك. ثم أمر الأنصار أن يسارعوا إلي رحالهم، ولعل هذه الصيحة كانت أول اختيار وأسرعه لصدق الأنصار في بيعتهم، فقد أسرعوا بوضع أيديهم علي مقابض السيوف قائلين: لئن شئت يا رسول الله لنميلن غدًا علي أهل مني بأسيافنا؛ لكنه -صلي الله عليه وسلم- أبي أن يعجل بمعركة يكون ثمنها أرواح المسلمين، ودماءهم دون نفع أو جدوى فقال لهم: لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلي رحالكم؛ فرجعوا وناموا حتى أصبحوا، وظلت كلماته -صلي الله عليه وسلم-: "لم نؤمر بذلك" درسًا معلقًا بأذهانهم يتعلمون منه التخلي عن تهور الجاهلية وطيشها، وإعلاء مصلحة دين الله فوق كل مصلحة، والاحتكام الدائم إلي شرع الله تعالي، فلا تكون حركة إلا بأمر أو إجازة من الله ورسوله.
________________________________________________
مطاردة المبايعين: ==========
مادت الأرض تحت أقدام قريش وطاشت عقولهم، إن مُحَمّدا قد أعجزهم وهو الضعيف بمكة، فكيف يصنع وكيف يصنعون إن وجد لدعوته حصنًا بيثرب؟! إنها نهاية قريش إذن، والواجب عليهم أن يبادروا الحركة الوليدة في مهدها قبل أن يشتد عودها، وينتشر خطرها، ذهب زعماء مكة إلي مخيم يثرب قائلين: يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلي صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه علي حربنا، وإنا والله ما من حي من العرب أبغض إلينا من أن تنشب الحرب بيننا وبينكم، وبقدر ما اشتمل قولهم هذا علي التهديد والوعيد بقدر ما اكتسي بحلة الرقة والملاطفة، لكن مشركي يثرب ما كان لهم علم بما صنعه أهلوهم من المسلمين، فأخذوا يقسمون لهم أن حلفًا بينهم وبين مُحَمّد ما وقع، وما كان له أن يقع، وما زالوا بهم حتى أقنعوهم بكذب هذا الخبر. انصرفت قريش وهي لا تشك في صدقهم، ثم إنهم لم يزالوا يبحثون ويتحرون عن الأمر حتى تأكد لهم أن الخبر صحيح، والبيعة قد تمت فعلاً، فهموا بمطاردة اليثربيين، لكن بعد فوات الأوان، إذ كانوا قد انصرفوا إلي أوطانهم، فلم يدركوا منهم إلا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو فطاردوهما، وأفلت المنذر منهم فلم يظفروا إلا بسعد بن عبادة الذي أخذوا يضربونه ويجرون شعره حتى أدخلوه مكة، وما أنقذه من أيديهم إلا المطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية، فقد كان سعد يجير لهما قوافلهما المارة بالمدينة، ولحق سعد بإخوانه، فعاد الركب المبارك آمنًا إلي المدينة.
(يتبع) =====
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 22:45:26 | |
|
الفصل السابع:: =========
الهجرة إلى يثرب ومؤامرة قريش:: ==========
كانت بيعة العقبة الثانية أخطر انتصار حققته الدعوة منذ ولادتها، فقد صار لها اليوم حصن ووطن، وسط صحراء العرب الواسعة، وكما أدرك هذا رسول الله *صلي الله عليه وسلم* فأسرع في إرسال المسلمين إلي يثرب ليبادروا إلي تأسيس المجتمع الجديد بها، فإن قريشًا قد انتبهت لذلك أيضًا، فأخذت تحول بينهم وبين الهجرة، وفي ظل هذا المناخ القلق كان المسلمون يلوذون فرارًا إلي يثرب، لا يحملون معهم سوي إيمانهم بالله ويقينهم به، مخلفين وراءهم بيوتهم وأموالهم، وتجارتهم ومصالحهم، بل بعض أهليهم في العديد من الأحيان. وإن هجرة كهجرة أبي سلمة وزوجته، وكهجرة صهيب الرومي، أو هجرة عياش بن أبي ربيعة، لتوضح لنا ما كان المسلمون يلاقونه من كيد قريش حتى يمنعوهم من الهجرة، لكن عناية الله ورحمته حالت دونهم وما يبغون، فما مضي بعد بيعة العقبة إلا شهران وبضعة أيام حتى لم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله، وأبو بكر، وعلي أقاما بأمره لهما، ومن احتبسه المشركون كرهًا.
_______________________________________
مؤامرة قريش:: =========
إن الخطر الذي كانت تراه قريش بعقلها حين تفكر في أمر هذه الدعوة قد أخذ يتجسد الآن بعد هجرة المسلمين إلي يثرب، حتى صارت تراه حقيقة بعيونها المندهشة!، ولئن هي صبرت علي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* دون أن تغمد في صدره سيفها فيما مضي احترامًا لأبي طالب، أو إبقاءً علي ود بني هاشم، أو إجلالاً لجوار المطعم بن عدي، فإن ما يحدث بيثرب الآن يدفعها دفعًا؛ لتجهز علي هذا النبي قبل أن يلحق بأتباعه، فلا تستطيع رد سهم قد نفذ. واجتمعت في دار الندوة في السادس والعشرين من صفر سنة أربع عشرة من البعثة وجوه قريش الممثلة لكافة بطونها، وظلوا يتدارسون بينهم خطة الإجهاز علي نبي الله *صلي الله عليه وسلم* وانتهت المشاورة إلي أخبث خطة لقتل من أرسل رحمة للعالمين... مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*.
_______________________________________________
المشاورة: ======
بين جدران دار الندوة كانت المؤامرة تحاك خيوطها، والجريمة البشعة ترسم خطواتها، ولئن بدأ إخوة يوسف بالقتل حين أرادوا الوقيعة به ثم انتهوا إلي النفي لصلاح بقي في قلوبهم، فإن قلوب وجوه قريش المظلمة، وعقولهم الصدئة قد أبت إلا تنكب هذا الطريق، بدأت آراؤهم بقول ابن الأسود: نخرجه من بين أظهرنا، وننفيه من بلادنا، ولا نبالي أين ذهب، ولا حيث وقع، فقد أصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت. ثم عرجت آراؤهم إلي قول البختري: احبسوه في الحديد، وأغلقوا عليه بابًا، ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله من الشعراء الذين كانوا قبله *زهير والنابغة* ومن مضي منهم من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم. لكن حظ هذا الرأي من القبول لم يزد عن سابقه، ثم انتهوا إلي رأي أبي جهل بن هشام الذي قال لهم: والله إن لي فيه رأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد!، أري أن نأخذ من كل قبيلة فتي شابًا جليدًا نسيبًا وسيطًا فينا، ثم نعطي كل فتي منهم سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعًا فلم يقدر بنو عبد مناف علي حرب قومهم جميعًا، فرضوا منا بالدية فأديناها لهم. ووافق المتآمرون علي هذا الاقتراح الآثم بالإجماع، ورجعوا إلي بيوتهم، وقد ظنوا أنهم سينفذونه.
_____________________________________________
أسماء المؤتمرين: ==========
كان المؤتمرون في هذا اليوم يمثلون وجوه قريش وبطونها، فعن قبيلة بني مخزوم كان أبو جهل بن هشام، وعن بني نوفل بن عبد مناف كان جبير بن مطعم وطعيمة بن عدي، وعن بني عبد شمس بن عبد مناف كان شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب وعن بني عبدالدار كان النضر بن الحارث، وعن بني أسد بن عبدالعزي كان أبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام، وعن بني سهم كان نبيه ومنبه ابنا الحجاج، وعن بني جمح كان أمية بن خلف، وعند مجيئهم إلي دار الندوة اعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل، فقالوا له: من الشيخ؟، فأجابهم: شيخ من أهل نجد، سمع بالذي اتعدتم له، فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسي ألا يعدمكم منه رأيًا ونصحًا؛ فأدخلوه معهم، وهكذا اجتمع إبليس الجن مع أبالسة الإنس علي كيد النبي *صلي الله عليه وسلم* والله بما يعملون محيط
______________________________________________
هجرة النبي *صلي الله عليه وسلم*:: =====================
"علي رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي". هكذا كانت إجابة النبي *صلي الله عليه وسلم* لأبي بكر حين تجهز للهجرة إلي المدينة، وما إن علم الصديق بذلك حتى حبس نفسه علي رسول الله *صلي الله عليه وسلم*، ليصحبه، وعلف راحلتين بذلك استعدادًا للهجرة المرتقبة، وفي السابع والعشرين من صفر للسنة الرابعة عشرة من النبوة جاء الأمر بالهجرة من الله *عز وجل* إلي رسوله الكريم، فانطلق في الظهيرة إلي صاحبه أبي بكر، متقنعًا؛ ليخبره الخبر، ثم رجع *صلي الله عليه وسلم* بعد أن أبرم الخطة مع صديقه إلي بيته ينتظر مجيئ الليل، أما مشركو مكة فقد تعجلوا تنفيذ مؤامرتهم الدنيئة، وقاموا بتطويق المنزل، حتى يغمدوا في صدره الشريف سيوفهم إذا أرخي الليل أستاره، لكن رافع السماوات بغير عمد، مالك الملك، ومدبر الأمر *سبحانه وتعالي*، جرت مشيئته بأن يغادر الرسول بيته، ثم يلحق بأبي بكر؛ ليتحركا إلي غار ثور، وفي الغار كان اختباؤهما عن عيون قريش، التي جن جنونها، وأسرعت في مطاردة الرسول *صلي الله عليه وسلم*، ولما أعجزها الطلب، رصدت مكافأة ضخمة لمن يأتي لها بالمهاجرين حيين أو ميتين، فاجتمع عليه *صلي الله عليه وسلم* مع مطاردة قريش مطاردة سراقة بن مالك أيضًا. ومضي النبي *صلي الله عليه وسلم* في حماية ربه وأمنه قدمًا في الطريق إلي المدينة، وجرت له بها أحداث عديدة، منها: نزوله *صلي الله عليه وسلم* وأبي بكر في خيمة أم معبد، التي هنئت بمقدمه المبارك، ومازال الرسول *صلي الله عليه وسلم* يتقدم في مسيره حتى نزل بقباء، ثم دخل المدينة التي طال اشتياق أهلها لمجيئه وإقامته بها، وبعد أيام من وصوله لحق به أهله *صلي الله عليه وسلم* وأهل أبي بكر، ثم كانت هجرة علي *كرم الله وجهه*.
_________________________________________________
الأمر بالهجرة:: ========
نزل جبريل الأمين *عليه السلام* إلي النبي يخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له في الهجرة، ويحدد له وقت الهجرة في قوله: لا تبت هذه الليلة علي فراشك الذي كنت تبيت عليه. ومن فوره ذهب الرسول *صلي الله عليه وسلم* في حر الظهيرة إلي أبي بكر متقنعًا، فعلم الصديق أن نبيه لم يأت في هذه الساعة إلا لأمر قد حدث، واستأذن رسول الله *صلي الله عليه وسلم* ثم دخل علي أبي بكر *رضي الله عنه* قائلاً: إني قد أذن لي في الخروج، فأجابه الصديق: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟! فقال *صلي الله عليه وسلم*: نعم. وعاد النبي *صلي الله عليه وسلم* إلي بيته مترقبًا مجيء ليل، ينتظره معه صناديد قريش!.
____________________________________________________
تطويق المنزل:: =========
أمضي كبراء قريش *بل سفهاؤها* نهارهم في الإعداد لمعركتهم الكبرى والتي سيواجهون فيها بشجاعة رجلاً أعزل ينام هادئًا في فراشه البسيط!! وبسخرية شديدة أبدي أبو جهل دهشته المتعالية من أمر النبي *صلي الله عليه وسلم* حين وقف مع جمعه الفتي محاصرًا بيت النبوة غير شاك من نفاذ أمره قائلاً: إن مُحَمّدا يزعم أنكم إن تابعتموه علي أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جعلت لكم نارٌ تحرقون فيها. لا شك أن سخريةً ودهشةً هما أكبر من سخرية أبي جهل ودهشته ستكون من نصيبنا نحن!! ن حن الذين نطالع الآن هذا الحدث، ونحن نعلم كيف سيخيب أبو جهل وفريقه، وكيف سيخرج النبي *صلي الله عليه وسلم* من بينهم سالمًا، وكيف سيكون له فيهم ذبح، ويكون لأتباعه من بعده ملك العرب والعجم، أما السخرية فمن موقفه المتعالي ذاك، وأما الدهشة فمما نعلمه من إصراره علي مضيه في طريقه بعد ظفره من هذا الحصار بخفي حنين الشهيرين!.
_______________________________________________
الرسول يغادر بيته :: ===========
مر رجل مشرك ببيت مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* ليلاً فرأي أمرًا عجبًا، سادة قريش وكبراؤها ينامون حول باب البيت ورؤوسهم مغطاة بالتراب!! وبدهشة قد خالطتها السخرية أيقظهم متسائلاً: ماذا تنتظرون؟، فأجابوه بثقة الأغبياء: مُحَمّدا. أما مُحَمّد الذي ينتظرونه فإنه قد خرج من بين صفوفهم المتراصة، بعد أن جعل عليًا مكانه في الفراش، وغطاه ببردته، وأخذ حفنة من التراب وجعل يذرها علي رؤوسهم، وهو يتلو: (وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون)، وأفاق مشركو مكة علي كلمات الرجل، التي ألقاها في وجوههم وهو يتولى عنهم متعجبًا قائلاً: خبتم وخسرتم، فو الله مر بكم، وذر علي رؤوسكم التراب ، وانطلق لحاجته، لكن النومى المعاندين نفضوا عن رؤوسهم التراب، وتطلعوا من صير الباب، فرأوا عليًا، فطمأن بعضهم بعضًا قائلين: والله إن هذا لمُحَمّد نائم ، عليه برده. فبقوا في أماكنهم متيقظين متنبهين حتى استيقظ علي وقام عن فراشه، فطاش صوابهم، وسألوه عن النبي *صلي الله عليه وسلم* فقال ببساطة: لا علم لي به!.
__________________________________________
من الدار إلى الغار ومطاردة الرسول: ====================
بينما الليل قد أرخي ستاره علي مكة في ليلة السابع والعشرين من شهر صفر للسنة الرابعة عشرة لبعثته *صلي الله عليه وسلم* إذ سمع أبو بكر الصديق من يطرق بابه، وعلي الفور استقبل الصديق زائره المرتقب مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم*، وأسرع خارجًا معه من باب خلفي بالدار، وعلي عكس المتوقع، اتجه النبي *صلي الله عليه وسلم* وصاحبه جنوبًا باتجاه اليمن وأخذ يجدُّ وصاحبه في السير خمسة أميال حتى وصلا إلي جبل شامخ، وعر الطريق، صعب المرتقي ، ذي أحجار كثيرة ، يعرف بجبل ثور، فتسلقاه إلي أن انتهيا إلي غار في قمة الجبل، عرف بغار ثور فدخلاه. في الغار لا شك أن تاريخ الإنسان علي الأرض سيظل يحفظ في ذاكرته هذا المشهد باعتزاز وتقدير! نبي كريم يحمل النور للبشرية يقبع في غار مظلم، وقد أجهده السير، فوضع رأسه في حجر صاحبه، ثم نام لكنه الآن ينتبه، وما أيقظه إلا دموع صاحبه التي انحدرت رغمًا عنه فوقعت علي وجهه الشريف، ويسائل مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* صاحبه: مالك يا أبا بكر؟ فيجيبه الصديق: لدغت، فداك أبي وأمي. إن أبا بكر وقد وجد ثقبين في الغار، خاف علي نبيه العظيم، فوضع في كل واحد منهما قدمًا من قدميه، حتى لدغ، فأبي أن يتحرك حتى لا يوقظ حبيبه، حقًا ما أقسى جبل ثور، وما أرق المشاعر التي حبست في جوفه!، تفل الرسول صلي الله عليه وسلم* علي قدمه، فذهب عن أبي بكر ما أصابه، وبقي المهاجران بالغار ثلاث ليال يأتيهما عبد الله بن أبي بكر بخبر قريش ليلاً، ثم يغدو عليهما عامر بن فهيرة مولي أبي بكر بغنم له، فيشربان من لبنها، ويعود مولي أبي بكر بغنمه إلي مكة، مزيلاً بآثارها آثار ابن أبي بكر.
_________________________________________________
مطاردة الرسول *صلي الله عليه وسلم*:: =======================
إن سيوف قريش العازمة علي اختراق جسد النبي الشريف لم تلق في صبيحتها مُحَمّدا في بيته، وبدلاً من اعترافها بالعجز أمام قدرة الله تعالي ومشيئته، استدارت رؤوس الكفر لتصب جام غضبها، وتظهر مدي شجاعتها علي فتي أعزل، وفتاة وحيدة، أما الفتي فكان عليًا، فضربوه وسحبوه إلي الكعبة، وحبسوه ساعة، وأما الفتاة فكانت أسماء بنت أبي بكر، قدموا إليه بقوتهم المتغابية، بعد أن عجزوا عن أن يظفروا من علي بمعلومة تفيدهم، فقرعوا بابها وسألوها عن أبيها، فأجابتهم بثبات: لا أدري والله أين أبي، فرفع المتغطرس الفاحش الخبيث أبو جهل يده، ولطم خدها لطمة طرح منها قرطها، ثم مضي يعوي، وقد لحقه جيش الأغبياء. واجتمعت قريش، وأصدرت أوامرها المتعالية الطائشة: توضع جميع الطرق الخارجة من مكة تحت الحراسة المشددة، ومن يأت بمُحَمّد أو صاحبه حيًا أو ميتًا يمنح مكافأة مائة من الإبل. ينتشر علي الفور الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب. لكن ما جدوى ذلك كله والله هو المقدر والمدبر؟! نعم وصلت أقدامهم الخائبة إلي باب الغار، وخشي أبو بكر من افتضاح أمرهما وقال: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا، وخاف أن يمس رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بسوء، فقال: إن قتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، لكن ما جدوى وصولهم والأمر بيد الله تعالي من قبل ومن بعد؟! هكذا كان الدرس الذي نطق به النبي *صلي الله عليه وسلم* متسائلاً: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟!.
________________________________________
مطاردة سراقة :: =========
فارس مترجل عن فرسه النجيبة، يحمل رمحه، ويسعى خلف رجل أعزل يطلب منه الأمان! والأعزل يسير قدمًا، يتلو قرآن ربه، ولا يلتفت إليه! تلك هي الصورة التي نقلتها لنا كتب السيرة لفارس بني مدلج: سراقة بن مالك بن جعشم، حين خرج يطارد رسول الله *صلي الله عليه وسلم* وصاحبه الصديق طامعًا في مكافأة قريش، فعاندته فرسه وغاصت قوائمها في الرمل مرارًا، حتى علم أن مُحَمّدا وصاحبه ممنوعان، وأعطي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* سراقة الأمان، كتابًا خطه عامر بن فهيرة، ليحتفظ به سراقة، سراقة الذي بدأ يومه محاربًا للنبي *صلي الله عليه وسلم*، ثم أنهي هذا اليوم مدافعًا عنه، بتضليل المطاردين له، وصرفهم عن هذا الطريق.
_________________________________________
في الطريق إلى المدينة:: ==============
ثلاثة أيام مرت علي النبي *صلي الله عليه وسلم* وصاحبه في الغار حتى هدأت المطاردة، ثم خرجا بعدها ليبدءا رحلتهما إلي المدينة بصحبة دليلهما عبد الله بن أريقط، الذي كان علي دين قريش، وكانا قد عهدا إليه براحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، وصحبهما أيضًا عامر بن فهيرة مولي أبي بكر، وأتتهما أسماء بنت أبي بكر بطعامهما، ثم تحرك الركب جنوبًا باتجاه اليمن، فغربًا نحو الساحل ثم شمالاً بمحاذاة الساحل، في طريق لا يسلكه أحد إلا نادرًا، وكان الصديق خلال الرحلة يفرغ وسعه لراحة النبي *صلي الله عليه وسلم* وأمنه، فإذا سأله أحد: من هذا الرجل الذي بين يديك؟، أجابه: هذا الرجل يهديني الطريق؛ حتى يخفي حقيقة النبي *صلي الله عليه وسلم* طلبًا لسلامته، ودون أن يكذب، وفي الطريق كانت هناك مفاجأة كبيرة تنتظر رسول الله *صلي الله عليه وسلم* وصاحبه: تلك هي اعتراض بريدة بن الحصيب الأسلمي لهما طمعًا في مكافأة قريش، لكن رسول الله *صلي الله عليه وسلم* دعاه إلي الإسلام، فأسلم من فوره مع سبعين رجلاً من قومه، ونزع عمامته، وعقدها برمحه، فاتخذها راية تعلن بأن ملك الأمن والسلام قد جاء ليملأ الدنيا عدلاً وقسطًا، وكانت فرحة رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بهذا النصر الجديد كبيرة، إذ بإسلام بريدة الذي كان سيد قومه دخلت قبيلة أسلم في الإسلام، وصارت قاعدة إسلامية جديدة علي الطريق بين مكة والمدينة، ولقي النبي *صلي الله عليه وسلم* في الطريق أيضًا الزبير، وهو في كرب من المسلمين، كانوا تجارًا عائدين من الشام، فكسا الزبير النبي *صلي الله عليه وسلم*وصاحبه ثيابًا بيضاء.
___________________________________________
في خيمة أم معبد:: ===========
حامل الخير تجد أثره وريحه حيثما مر! ولقد مر نبي الله بخيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة جلدة تطعم وتسقي من مر بها، إلا أنها اعتذرت عن تقديم شيء لمُحَمّد وصاحبه قائلة: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، فجاء النبي إلي شاة ضعيفة، لم تستطع لشدة ما بها أن ترعي مع الغنم، ثم مسح بيده الشريفة علي ضرعها، وسمي الله ودعا، فامتلأ لبنًا حلبه النبي *صلي الله عليه وسلم*، ثم سقاها، فشربت حتى رويت، وسقي صحبه حتى روي، ثم شرب وحلب في إناء لها ثانيًا، حتى ملأه ثم تركها وارتحل، وأفاقت أم معبد علي صوت زوجها: من أين لك هذا؟ والشاة عازب ولا حلوبة في البيت؟! فأخبرته خبر الرجل المبارك الذي مر بها فقال: إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه، ثم قال: لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلي ذلك سبيلا!. أما أهل مكة فقد أصبحوا يسمعون صوتًا ينشد بأبيات يصف بها مرور مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* بخيمتي أم معبد، وهم يتبعون صاحب الصوت ولا يرونه، فلما سمع الناس صوت هذا الرجل من الجن علموا أين ذهب مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*.
___________________________________________________
النزول بقباء: ======:
كانت ظهيرة يوم الإثنين الثامن من ربيع الأول سنة أربع عشرة للنبوة، ظهيرة شديدٌ حرها، ألجأت المسلمين الذين كانوا يخرجون لاستقبال رسول الله *صلي الله عليه وسلم*، تتنازعهم مشاعر الخوف، وجواذب الشوق ألجأتهم إلي الاحتماء ببيوتهم، وفي هذا الجو القلق، الذي يغلفه السكون برداء ثقيل، إذا بصرخة مدوية يطلقها يهودي من فوق مرتفع تشق عنان السماء قائلة: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون!. وما كادت هذه الصرخة تصل إلي آذانهم حتى انطلق المسلمون إلي السلاح، وتعالت أصوات التكبير فرحًا بقدومه، وسمع التكبير في بني عمرو بن عوف، وأسرع المسلمون للقاء المرتقب، لقاء خير الأحبة، وسيد الأنام، حامل النور والهداية، مُحَمّد بن عبد الله فأحدقوا به، وأحاطوه وقد كسته السكينة، والوحي يتنزل عليه بقول ربه *عز وجل*: (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير)، وكان يومًا مشهودًا زحفت فيه المدينة بأسرها لاستقبال الرسول، ونزل في بني عمرو بن عوف، ونزل بقباء علي كلثوم بن الهدم، وأقام بها أربعة أيام، أسس خلالها مسجد قباء وصلي فيه، فلما كان بها اليوم الخامس *يوم الجمعة*؛ أرسل إلي أخواله من بني النجار، فجاءوا متقلدين سيوفهم، فركب وأبو بكر خلفه، وسار نحو المدينة، حتى أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فصلي بهم الجمعة وكانوا مائة رجل
(يتبع) ====
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الجمعة 25 مارس - 23:27:22 | |
|
الفصل الثامن:: =========
الدخول في المدينة ===========
إن عافية الله الواسعة، والتي سألها مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* ربه والدماء تغطي عقبيه، وهو مطرود ملاحق من سفهاء الطائف تتبدى الآن إحدى آياتها، فطرقات المدينة وبيوتها تهتز بأصوات التكبير والتحميد، وبنات الأنصار ينشدن الأناشيد فرحًا بقدوم النبي ، ونبي الله يتجاذب خطام راحلته أهل الأنصار وكل يقول له: هلم إلي العدد والعدة، والسلاح والمنعة، وهو يقول لهم: خلوا سبيلها فإنها مأمورة. أما دابة النبي *صلي الله عليه وسلم* فكان من توفيق الله لها أن بركت في ديار بني النجار *أخوال رسول الله* من كان يحب أن ينزل عليهم، ونزل عنها النبي *صلي الله عليه وسلم* وأقام في بيت أبي أيوب الأنصاري، وأخذ أسعد بن زرارة بزمام راحلته فكانت عنده، وهكذا صار لدعوة الله دار تعيش بها، وصار لقيادتها حصن تأوي إليه، وبقي للإسلام أن يخوض معركته الكبرى بتأسيس مجتمع جديد! وقد دعا نبي الله *صلي الله عليه وسلم* للمدينة حين أخبرته زوجه عائشة بمرض أبي بكر وبلال فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حبًا، وصححها، وبارك في صاعها ومدها وانقل حُمَّاها فاجعلها بالجحفة.
___________________________________________
هجرة أهله وأهل أبي بكر:: ===============
بعد أيام من وصوله إلي المدينة وصلت إليه زوجته سودة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبي العاص لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر.
_______________________________________
هجرة علي *رضي الله عنه*:: =================
إن رسول الله *صلي الله عليه وسلم* الذي أحاط به قومه ليقتلوه ليلة الهجرة أوصي عليًا حين جعله مكانه في فراشه أن يرد الودائع التي عنده لأهلها من قريش، وما إن قام علي بن أبي طالب بمهمته تلك في أيام ثلاثة حتى هاجر ماشيًا علي قدميه؛ ليلحق بنبيه بقباء، وينزل عند كلثوم بن الهدم.
____________________________________________
الدفاع عن المدينة:: ===========
الماء الساكن خلف السد لا تدرك قيمته حتى يتدفق تياره، والحجرة المظلمة لا يري جمالها حتى تضاء أركانها، وكذلك المدينة عند الهجرة كان بها كثير من الخير الساكن، وبعض الأركان المظلمة، وتغير ذلك كله كان ينتظر وصول مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* والذي ما إن وصل حتى بدأ في تأسيس مجتمع جديد قبل أن ينزل عن راحلته، لكن أني للكفر أن يهدأ، وهو يبصر الإيمان ساعده يشتد، وجنوده تتجمع. لم تستطع قريش أن تكظم حقدها فأرسلت تهدد المسلمين وتتوعدهم، وهنا أنزل الله الإذن بالقتال أولاً، ثم فرض القتال بعده، وكما كانت قلوب المسلمين تهفو إلي مكة حوَّل الله صدورهم في الصلاة إلي الكعبة بنزول الوحي بتحويل القبلة. وما إن مر شهر علي تحويل القبلة، حتى ساق الله المسلمين دون تهيؤ منهم إلى غزوة بدر الكبرى فكان نصرًا كبيرًا، ونجاحًا مؤزرًا، تلته أعياد أقيمت، وفروض فرضت. واستمر الجهاد حتى كانت غزوة أحد في العام الثالث للهجرة، ولم يكد المسلمون يضمدون جراحاتهم، حتى استأنفوا جهادهم دفاعًا عن دولتهم الفتية، وأدركت قريش أنه لا قبل للمشركين بمحاربة المسلمين، إلا إذا اتحدت فصائلهم، وتجمعت أشتاتهم، فألفوا الأحزاب، وأحاطوا بالمدينة ينوون استئصال خضرائها، وإبادة ساكنيها، فكانت غزوة الأحزاب، التي نصر الله فيها عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وقد كشفت هذه الغزوة عن لؤم اليهود وغدرهم؛ فتلاها الرسول *صلي الله عليه وسلم* بغزوة بني قريظة، وظل النشاط العسكري متقدًا بعدها حتى كانت وقعة الحديبية، والحق أن مكائد اليهود، والدور الذي لعبه المنافقون جعل مهمة الدفاع عن المدينة، لاتقتصر علي حماية حدودها فحسب، بل تشتمل أيضًا محاربة أعدائها الكامنين داخل الأسوار.
_________________________________________________
المدينة عند الهجرة:: ============
يظن البعض أن رسول الله *صلي الله عليه وسلم* القادم من مكة المشتعلة حربًا عليه وعلي دعوته، قد دخل المدينة الهادئة الوادعة، ليتمتع فيها بالاستقرار والراحة، والحق أن هذا ظن قد فاته الصواب!. إن دخول الإسلام إلي المدينة قد بدل واقعها من حال إلي حال، وإن دخول مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* إلي المدينة كان في قمة هذا التحول! أهل المدينة كانوا أوسًا وخزرجًا، فصاروا مسلمين ومشركين، والروابط كانت للعشيرة، فأصبحت للعقيدة، ومهاجرو مكة أضحوا مواطني المدينة، وحرب بعاث أمست رمادًا، والحكم صار لله، ودار الحكم موقعها المسجد، ومُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* يحكم بأمر ربه، أما تاج ابن أبي فقد طواه النسيان، ويثرب التي كانت تأمن من حولها، الآن تواجه الخطر من قريش والعربان، وأكثر من ذلك كله تنظيم الديار حول المسجد، وتغيير الأعراف الاجتماعية، وزوال أخلاق الجاهلية، وإشراق أخلاق الإسلام، وتجديد أسواق المدينة وعلاقاتها الاقتصادية، كل ذلك التحول الذي بدأه إيمان ستة من أهل يثرب، وزاده انتشار الإسلام في بيوتها وقدوم المهاجرين إلي ديارها شهد الرسول أقصاه حين دخل المدينة القلقة، وحين تعامل مع أهلها، مسلمين، ومشركين، ويهود فأقام مجتمـعًا قاوم محاولات تفتيته بقوة وعزم.
______________________________________________
المسلمون بالمدينة :: ============
لم يكن مسلمو المدينة علي وجه واحد، بل كان منهم المهاجرون الذين خلفوا وراءهم أموالهم وديارهم وبعض أهليهم، طاعة لرسول الله، ونصرة لدين *الله عز وجل*، كما كان منهم الأنصار المقيمون بديارهم، واشتمل رهط الأنصار علي شعبتين؛ الأوس والخزرج، وقد تجلت عظمة الإسلام، وحكمة نبيه في تحويل هذه الخيوط المتعددة إلي نسيج واحد، تجمعهم المؤاخاة وتؤلف العقيدة بين قلوبهم.
_______________________________________
المشركون بالمدينة :: =============
"لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم"؟! هكذا انطلقت كلمات رسول الله *صلي الله عليه وسلم* تشق غبار حرب أعلنها مشركو المدينة علي مسلميها، وهكذا كانت خطته الحكيمة! فالمشركون يخيفون الناس من خطر قريش القادم، ويَدَّعون الحكمة في قتال المسلمين، ويجعلون من المسلمين عدوهم، أما رسول الله *صلي الله عليه وسلم* فهو يعلن في جمله الثلاث تلك المتعاقبة، أن الخطر في قتال الأهلين من المدينة، والغفلة والسفاهة في إعلان هذه الحرب، وأن العدو الأوحد لكلا الفريقين هو تجمع قريش بمكة!، وبكلماته تلك الحاسمة، استطاع أن ينهي حربًا كاد أن يستعر لهيبها!! وأن يقاوم محاولة لتفتيت المجتمع بالمدينة. والحق أن غالب مشركي المدينة لم يكونوا علي هذا القدر من الحقد والضغينة، فسوي عبد الله بن أبي الذي كاد أن يتوج ملكًا، لولا قدوم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* إلي المدينة، وسوي من معه من الرؤساء الذين انهارت زعامتهم الجاهلية بظهور نور الإسلام، لم يكن هؤلاء المشركون يبطنون العداوة للإسلام، بل كانوا علي شك من دينهم، وتردد في تركه حتى انتقلوا إلي الإسلام أرسالاً.
___________________________________________
اليهود في المدينة :: ===========
بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، تلك قبائل اليهود الثلاث التي كانت تقطن المدينة، وهم رغم أصولهم العبرانية إلا أنهم صبغوا بالصبغة العربية في الزي واللغة والحضارة؛ لطول ما أقاموا في بلاد الحجاز. وقد كانوا يرون أنهم أصحاب علم وفضل وقيادة روحانية، لأنهم أهل كتاب ليسوا كوثنيي العرب، وكانوا يعلمون أن نبيًا قد أتي زمانه، واعتقدوا أنه من نسلهم، وتوعدوا أهل يثرب بقتالهم تحت إمرته. وامتاز اليهود بالمهارة في فنون التجارة، فكانوا يوردون الثياب والحبوب والخمر إلي المدينة، ويصدرون تمرها، كما كانوا يضاعفون ثرواتهم من التعامل بالربا، وقد سقط في أيديهم حين رأوا مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم*، لعلمهم بصدق نبوته، وخروجه عن بيتهم، وشعورهم بزوال مكانتهم، وضياع مصالحهم، باهتداء من حولهم من العرب، إلي دين الله القويم؛ ولذا كتموا عداوتهم حينًا، وأظهروها حينًا آخر، وأعماهم حقدهم حتي تحالفوا مع عباد الصنم ضد المسلمين المصدقين بموسى *عليه السلام* وكتابه، أما رسول الله *صلي الله عليه وسلم* فإنه لم يعاملهم إلا بما ظهر له، وبما علمه ربه، فعقد معهم معاهدة الند للند، علي أن لهم دينهم وله دينه، وقد كانت معاهدة تجلت فيها عظمة الإسلام ومبادؤه الخالدة، رغم محاولات اليهود الدائبة لتفتيت المجتمع المدني، ورغم كيدهم المستمر، ما ظهر منه وما بطن.
____________________________________________
مكائد اليهود:: ========
دخل مُحَمّد*صلي الله عليه وسلم* يثرب فوجد يهودها علي صنفين؛ بعضهم شكل تجمعًا كبيرًا مستقلاً، والبعض الآخر ظل أفرادًا داخل قبائلهم المتعددة، وعاهد *صلي الله عليه وسلم* أتباع أخيه موسى *عليه السلام* علي الصدق والنجدة والوفاء، حتى يكونوا معه في أمة يثرب. وحاول اليهود الذين احترقت أفئدتهم حين أيقنوا بانتقال النبوة إلي ولد إسماعيل حاولوا أن يفتتوا المجتمع المسلم وهم إن أخفوا ذلك إلي حين فإن بني قينقاع قد أظهروه بعد نصر المسلمين ببدر، فأجلاهم النبي عن المدينة، وظنت بنو النضير *بعد هزيمة المسلمين بأحد* أنها قاتلةٌ مُحَمّدا، وهمت بذلك، فألحقها المسلمون بأختها خارج أسوار المدينة الوادعة. ومرة أخري سعت يهود بالغدر حين ألبت الأحزاب لغزو المدينة، ثم أظهرت بنو قريظة الخيانة، حين ظنت أن المسلمين قد انتهي أمرهم، فحالفت قريشًا ومن معها، ولكن الله تعالي نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. فدفعت بنو قريظة ثمنًا فادحًا لخطيئتها الفادحة. ويبدو أن تطهير المدينة لم يعد كافيًا؛ إذ تجمعت رؤوس الفتنة والغدر بخيبر، تنسج بليل المكائد للمسلمين. فذهب إليهم النبي ليحاربهم وجهًا لوجه كما ألف، لا دسًّا وغيلة كما اعتاد الخائنون، ولم يعد إلا ونصر الله يخفق بجناحيه فوق جيشه الميمون. وبعد، فقد بقي اليهود في دين الله، ودولة المسلمين، أمة من الأمم، لها ما للمسلمين، وعليها ما عليهم، ما بقي أتباعها مسالمين وادعين، أما إن أظهروا الغدر والعداء، فجزاء الغادرين المعتدين في دين الله صارم قاطع، ليهود أو غيرها!.
___________________________________________
تأسيس مجتمع جديد:: =============
ما أيسر أن نطوف بخيالنا في دروب مدينة فاضلة، نصف معالمها لمن حولنا حين نفيق! ثم ما أعظمها من مهمة حين ننهض؛ لنقيم بسواعدنا ما طمح إليه ذلك الخيال، إن تغيير المجتمعات إلي الأفضل يبقي أصعب مهمة واجهها الإنسان، ذلك أنه يبدأ من واقع اختلطت فيه آمال الناس وآلامهم، بأعرافهم وأخلاقهم، ثم بأوضاعهم ونظمهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعليه أن يتعامل مع ذلك كله؛ ليحوله إلي مثاله المنشود، وقد كانت تلك هي المهمة التي طفق رسول الله *صلي الله عليه وسلم* يعالجها منذ وطئت قدمه الشريفة أرض المدينة وحتى وفاته، وبها بدأ التقويم الإسلامي للتاريخ، إن بذور الإسلام التي بذرها مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* في صدور أصحابه بمكة قد نمت وأينعت، وصارت حياة كاملة تراها في أسواق المسلمين، وتجارتهم. وتلحظها في عمارة دورهم، وتخطيط شوارعهم، ولهوهم ومرحهم، كما تجدها في خلقهم وأعرافهم، ونظمهم، وحربهم وسلمهم. وتشاهدها دومًا إن حدثت الناس، أو تجولت في المكان!. ولقد بدأ رسول الله *صلي الله عليه وسلم* طريقه الشاق ذلك ببناء المسجد، ثم بترسيخ المؤاخاة، وبعقد ميثاق التحالف *دستور الدولة*، بث الخلق، ورفع المعنويات، ثم بمعاهدته مع اليهود، حتى إذا استقر له الأمر، واطمأن إلي الأساس، شرع يقيم بجد وجلد بناء مجتمعه المنشود، والذي قاوم بذكاء محاولات تفتيته المختلفة.
_____________________________________________
بناء المسجد وتشريع الأذان:: ================
كان أول ما طالعته عيون المسلمين بالمدينة بعد نزول النبي *صلي الله عليه وسلم* علي أبي أيوب رؤيتها رسول الله يشمر عن ساعديه، وينقل اللبن والحجارة بانيًا مسجده النبوي منشدًا: اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة وقد أقيم المسجد في المكان الذي بركت فيه ناقة المصطفي، بعد أن اشتراه من يتيمين يملكانه، فسوي أرضه، وأقام أعمدته من الحجارة، وحوائطه من اللبن والطين، وسقفه من جريد النخل، وعمده من الجذوع، وفرشت أرضه من الرمال والحصباء، وجعلت له ثلاثة أبواب. وبني النبي *صلي الله عليه وسلم* إلي جانبه حجرات أزواجه، من الحجر اللبن، وسقفها بالجريد والجذوع. وإلي جانب كونه مكانًا للعبادة والصلاة فقد ظل المسجد منتدى تلتقي فيه جموع المسلمين، وجامعة يتلقون فيها علومهم، وبرلمانًا لعقد المجالس الاستشارية، بل ودارًا يأوي إليها فقراء المهاجرين الذين عدموا الدار و المال والأهل بمكة. وكان تشريع الأذان في بداية الهجرة ميلادًا لصيحة الحق التي لازال المسلمون يتمتعون بسماعها خمس مرات كل يوم وليلة.
___________________________________________
تشريع الأذان:: ========
ما أعظم القلوب حين تتجلى فيتراءى الحق علي صفحتها! إن صحابيًا جليلاً هو عبد الله بن زيد رأي في منامه رجلاً عليه ثوبان أخضران، يحمل ناقوسًا في يده، فأراد أن يبتاعه منه حتى يدعو به إلي الصلاة، فسأله الرجل: أفلا أدلك علي خير من ذلك؟ ثم أرشده إلي كيفية الأذان. وأسرع ابن زيد إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم* يخبره الخبر فقال له: إنها لرؤيا حق إن شاء الله، ثم أمره أن يعلمها بلالاً صاحب الصوت النّدي؛ ليؤذن بها بين الناس. أما بلال فإنه ما إن بدأ أذانه حتى فوجئ المسلمون بعمر بن الخطاب يسرع في الطريق يجر رداءه قائلاً: يا نبي الله، والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل ما رأي!!. وهكذا يتضح أن من شغل قلبه بالبحث عن الحق لا يلبث إلا أن يهديه الله إليه.
_______________________________________________
المؤاخاة وميثاق التحالف:: ===============
أوس وخزرج فرقت بينهما حرب بعاث، وقرشيون ويثربيون فرقت بينهم عصبية الجاهلية وحميتها، كان هذا هو أول ما التفت إليه مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* بعد أن أتم بناء المسجد!. وفي دار أنس بن مالك كان اجتماع تسعين رجلاً من المسلمين، نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار، يؤاخي رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بين كل اثنين منهم علي المواساة، بل والميراث أيضًا، ولقد كانت لحظة رائعة في تاريخ الإنسانية، ذابت فيها روابط الجنس واللون والدم حين قويت وتآلفت روابط الدين والعقيدة. ثم عقد النبي *صلي الله عليه وسلم* ميثاق تحالف بين المهاجرين والأنصار تأكيدًا ودعمًا لمبدأ الأخوة والتراحم، اللازم لبناء المجتمع. ولم يكن من العجيب بعدئذ أن تلمح سعد بن الربيع يعرض علي عبد الرحمن بن عوف *رضي الله عنهما* أن يطلق له زوجته، ويعطيه نصف ماله، كما لم يكن من المستغرب أن نري الأنصار والمهاجرة قد علت أصواتهم عند النبي، فالأنصار يقولون: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، فيرد عليهم النبي *صلي الله عليه وسلم* قائلاً: لا. فيقولون: فتكفونا المؤنة، ونشرككم في الثمرة، فترد المهاجرة: سمعنا وأطعنا.
________________________________________
ميثاق التحالف:: =========
مجتمع وليد، وواقع متحول، ودولة يراد لها القيام لا بد لكل ذلك جميعًا من دستور واضح مستقر، ينظم لهم أمورهم، ويرجعون إليه ومن قوله للمسلمين والمؤمنين من قريش ويثرب: إنهم أمة واحدة من دون الناس، إلي قوله: وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلي الله *عز وجل*، وإلي مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*، كانت بنود هذا الدستور النبوي لمجتمع المدينة. ولاشك أن روح هذا الميثاق قد تجلت في مبدأين أساسين: 1. الرابطة هي العقيدة. 2. والحكم هو الله. وقد شمل هذا الميثاق أيضًا معاهدة مع اليهود، تليت بمعاهدات مع قبائل عربية متفرقة.
________________________________________
بث الخلق ورفع المعنويات:: ================
"يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام". ذلك كان درس الإسلام الأول، علي يدي النبي *صلي الله عليه وسلم* حين دخل المدينة، الإحسان إلي المخلوق، والإحسان مع الخالق، روح الرسالة وجوهرها!. وما مضت إلا سنوات قلائل حتى توفي رسول الله، وقد ترك مجتمعًا أنموذجًا في خلقه وفضله، مجتمعًا يعلم أن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، كما يعلم أن التراحم والتواصل سر قوته ونصرته، إن المعنيين باللوائح والدساتير سيبهرهم ميثاق التحالف، كما إن المهتمين بروح القانون ومقاصده سيدهشهم ذلك المجتمع المسلم الذي صنعه مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*.
(يتبع) ====
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم السبت 26 مارس - 0:01:53 | |
|
الفصل التاسع:: ========== المعاهدة مع اليهود:: =============
يأتي الإسلام ليقدم للبشرية الخير، ويحقق لها السعادة، البشرية بأسرها مسلمين كانوا أم غير مسلمين، وفي عالم مزقته العصبية الحمقاء جاء الإسلام، ليقر المبدأ السامي البسيط: (لا إكراه في الدين). ومعاهدة مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* مع اليهود تنطق برغبة صادقة في تحقيق الخير والأمن، ومنع الفساد والاضطراب، بأمة واحدة، اليهود أحد عناصرها، نعم بدا للرسول بعض ما يبطنون حين أسلم عبد الله بن سلام، وحين حاولوا تفتيت المجتمع، لكن ما للإسلام ونبيه والتفتيش عما بذات الصدور؟! إنما حسبه ما ظهر!.
_______________________________________________
محاولة تفتيت المجتمع :: ===============
لاشك أن ساذجًا عربيًا، مشركًا كان أو يهوديًا، عاش بالمدينة وقت قدوم النبي *صلي الله عليه وسلم* إليها، سوف يدرك ببداهة أن أسرع وسيلة لتفتيت مجتمع المدينة هي العبث بأوتار الفرقة بين الأوس والخزرج، أو بين الوافدين من أهل مكة، والمقيمين من أهل المدينة. ولئن قام بالأولى اليهود، بمكر من شيخهم شاس بن قيس، فلقد قام بالثانية المشركون، بدهاء من كبيرهم عبد الله بن أبي، وبذكاء وسرعة ذكّر مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم*المسلمين بربهم قائلاً: الله الله ! أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟، وذكرهم بنعمة الإيمان والتأليف بين قلوبهم، فتركوا السلاح، وعانق بعضهم بعضًا وهم يبكون، كما أنه بنفس الذكاء والحزم ذكر المشركين برابطة القرابة والنسب، فصرفهم عن قتال أهليهم من المؤمنين، لرسالة خبيثة بعثت بها قريش.
___________________________________________________
تهديدات قريش والصد عن المسجد الحرام:: ========================
إن مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم* المشغول ببناء مسجده، والمؤاخاة بين أفراد أمته، وعقد المعاهدات مع جيرانه، والعناية بتنظيم شئون مدينته، فوجئ بخطاب من قريش تعلن فيه الحرب عليه وعلي من اتبعه، ثم إن الأنصار قد فوجئوا أيضًا بأنهم ممنوعون من زيارة بيت الله الحرام، وتمادت قريش في تهديد المهاجرين، فاتخذ المسلمون حذرهم واحتياطهم.
________________________________________________
قريش تعلن الحرب :: ============
"إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لنقاتلنه أو لنخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتليكم ونستبيح نساءكم". كانت هذه هي كلمات رسالة قريش، والتي قرأها عبد الله بن أبي بن سلول بعين زائغة، ويد مرتعشة، فطاش صوابه، وجمع إخوانه من عبدة الأوثان، لقتال مُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* ومن معه، مهاجرين كانوا أم أنصارًا، لكن رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بحكمته في التعامل مع المشركين أطفأ نارًا، كاد أن يتأجج لهيبها، مانعًا بذلك إحدى محاولات تفتيت المجتمع المسلم.
______________________________________________
الصد عن المسجد الحرام:: ===============
إن قريشًا التي ثارت ثائرتها ضد الإسلام وأهله بدعوى الحفاظ علي تراث الآباء، وقيم المجتمع المكي العريقة، تفاجئنا اليوم بموقف غريب، فأبو جهل سيد قريش، القبيلة المسئولة عن تهيئة بيت الله لزواره. وتيسير هذه الزيارة لهم يري سعد بن معاذ يطوف بالكعبة مع أمية بن خلف حليفه بمكة، فيعترض طريقه قائلاً بغلظة: ألا أراك تطوف بمكة آمنًا وقد آويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم، وتعينونهم، أما والله لولا أنك مع أبي صفوان مارجعت إلي أهلك سالما، فرفع سعد صوته عليه صائحًا: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعك ما هو أشد عليك منه، طريقك علي أهل المدينة.
_______________________________________________
تهديد المهاجرين:: ===========
يبدو أن نصيحة عتبة بن ربيعة لقريش بعد لقائه بمُحَمّد *صلي الله عليه وسلم* حين قال لهم: إن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر علي العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به* يبدو أن هذه النصيحة التي تجاهلوها قديمًا ما زالت لاتجد صداها لديهم، رغم ما رأوه طيلة سنوات من الآيات والعبر، إن قريشًا لم تر المسلمين كشرٍ رحل عنها، بل كخطر يجب عليها أن تتعقبه ولا تفلته، فأرسلت إلي المسلمين بالمدينة متوعدةً مهددةً: لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلي يثرب، سنأتيكم فنستأصلكم ونبيد خضراءكم في عقر داركم، وتأكد المسلمون من عزمهم علي المضي في غيِّهم، فأخذوا حذرهم واحتياطهم لذلك.
_____________________________________________
حذر المسلمين واحتياطهم:: ================
لئن كان خوف المسلمين بمكة راجعًا لعجزهم عن حمل السلاح، فإن حذرهم بالمدينة قد ألجأهم إلي حمله أثناء نومهم!. روي أبي بن كعب، قال: لما قدم رسول الله وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وكانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصبحون إلا فيه، هكذا كانت حالهم، وهكذا كان رسولهم *صلي الله عليه وسلم* الذي كان لا يبيت إلا ساهرًا، أو في حرس من الصحابة.
_______________________________________________
الإذن بالقتال:: ========
تبدلت الظروف بالمسلمين، وتغيرت أحوالهم بين مكة والمدينة؛ فأذن الله عز وجل* لهم بالقتال؛ دفعًا للظلم عنهم، واعتمادًا علي نصر القدير، وكان علي المسلمين في هذا الوقت أن يبسطوا سيطرتهم علي جوار المدينة، لا أن يستكينوا بعقرها!. وتحقيقًا لهذا الواجب فقد سلكوا سبيلين، أولهما: عقد معاهدات الحلف، أو عدم الاعتداء علي القبائل المجاورة لطريق التجارة من مكة إلي الشام، أو القاطنة بينه وبين المدينة، وثاني هذين السبيلين: إرسال السرايا والغزوات إلي هذه الطريق.
____________________________________________________
عقد معاهدات الحلف:: ============
فضلاً عن مشركي المدينة الذين سالمهم رسول الله، فإن باب الموادعة والمهادنة مع غير المحاربين من المشركين ظل مفتوحًا. عقد النبي *صلي الله عليه وسلم* معاهدة مع جهينة، وكانت مساكنهم علي ثلاث مراحل من المدينة، كما حالف عمرو بن مخشى الضمري، سيد بني ضمرة في غزوة الأبواء، وفي غزوة العشيرة عاهد بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة، وفي العام الخامس الهجري، بعد أن بدأت القبائل تتجرأ علي المسلمين عقب أحد، وعلم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* أن بعضًا منها علي مشارف الشام تعد العدة لغزو المدينة، بادرهم ونزل بساحتهم فوجد أهل دومة الجندل قد فروا في كل وجه، ثم وادع في تلك الغزوة سيدهم عيينة بن حصن، والمتتبع لسرايا المسلمين وغزواتهم يدرك بجلاء أنهم ما كانوا يقصدون حربًا إلا لقريش التي هددتهم، أو لقبيلة أعلنت عداءها للنبي، ولعل نص المعاهدة مع بني ضمرة توضح هذا المعني، إذ تقول كلماتها: هذا كتاب من مُحَمّد رسول الله لبني ضمرة، فإنهم آمنون علي أموالهم، وأنفسهم، وأن لهم النصر علي من رامهم، إلا أن يحاربوا دين الله، مابل بحر صوفة، وإن النبي إذا دعاهم لنصره أجابوه.
___________________________________________________
السرايا والغزوات قبل بدر:: ===============
باب المهادنة مفتوح، وقد ولجت منه جهينة وبنو ضمرة، أما إن أبت قريش إلا الصياح والتوعد، والتهديد والتطاول، فللحق قوة تحميه! هذا ما أكده النبي، ومن معه من المسلمين، لمشركي مكة ومن مالأهم، في سرايا وغزوات متتابعة وهي: سرية سيف البحر، وسرية رابغ، وسرية الخرار، وغزوة الأبواء، وغزوة بواط، وغزوة سفوان، وغزوة ذي العشيرة، وسرية نخلة.
اولا: السرايا:: _____________________________ 1-سرية سيف البحر: علم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بخروج أبي جهل في عير لقريش، ومعه ثلاثمائة رجل، فعقد لواءً أبيض لحمزة وأرسله في ثلاثين رجلاً من المهاجرين، يحمل لواءهم أبو مرثد كناز بن حصين الغنوي، فبلغوا سيف البحر، من ناحية العيص، فالتقوا واصطفوا للقتال، لولا أن مجدي بن عمرو الجهني *وكان حليفًا للفريقين* قد مشي بينهما حتى حجز بينهم، وكانت هذه السرية في رمضان عام واحد من الهـجرة. __________________________________________________ 2-سرية رابغ: وقد وقعت في شوال في السنة الأولي من الهجرة، حيث التقي المسلمون، وقوامهم ستون راكبًا من المهاجرين علي رأسهم عبيدة بن الحارث بن المطلب، مع مائتين من المشركين تحت إمرة أبي سفيان* التقوا علي بطن رابغ، فتراموا بالنبل دون وقوع قتال، وكان حامل لواء المسلمين يومئذ مسطح بن أثاثة، ومن طرائف هذه السرية انضمام اثنين من جيش المشركين إلي المسلمين، وهما المقداد بن عمرو البهراني، وعتبة بن غزوان المازني، فقد كانا مسلمين، خرجا مع الكفار كوسيلة؛ لبلوغ جيش المسلمين.
__________________________________________ 3-سرية الخرار: وقد خرج فيها سعد بن أبي وقاص في عشرين راكبًا، في ذي القعدة في السنة الأولي من الهـجرة، يكمنون بالنهار ويسيرون بالليل، طلبًا لعير قريش، حتى بلغوا الخرار، فوجدوا العير قد مرت بالأمس، فعادوا ولم يلاحقوها، تنفيذًا لأمررسول الله *صلي الله عليه وسلم* لهم بذلك، وقد كان حامل اللواء يومئذ المقداد بن عمرو.
======================================= ثانيا:الغزوات:: ___________
1- غزوة الأبواء:
وهي أول غزوة يخرج فيها رسول الله *صلي الله عليه وسلم* بنفسه مستخلفًا سعد بن عبادة علي المدينة، في جيش قوامه سبعون رجلاً من المهاجرين، حامل لوائهم حمزة بن عبد المطلب؛ طلبًا لعير قريش، وقد بلغ الجيش "ودان" فلم يلق كيدًا، وفي هذه الغزوة عقد النبي *صلي الله عليه وسلم* معاهدة حلف مع عمرو بن مخشي الضمري سيد بني ضمرة. وقد جرت هذه الغزوة في صفر سنة اثنتين من الهجرة.
______________________________________________ 2-غزوة بواط:
في ربيع الأول في السنة الثانية من الهجرة، خرج رسول الله *صلي الله عليه وسلم* في مائتين من أصحابه، يحمل لواءهم سعد بن أبي وقاص؛ ليعترض ألفين وخمسمائة بعير لقريش، يحميها مائة رجل علي رأسهم أمية بن خلف الجمحي، فبلغ بواط ولم يلق كيدًا، وكان خليفته *صلي الله عليه وسلم* علي المدينة سعد بن معاذ .
_______________________________________________ 3-غزوة سفوان:
تسمى هذه الغزوة بغزوة بدر الأولي، وقد وقعت أحداثها في ربيع الأول سنة اثنتين من الهجرة؛ إذ أغار كرز بن جابر الفهري في قوات خفيفة من المشركين علي مراعي المدينة، ونهب بعض المواشي، فخرج رسول الله *صلي الله عليه وسلم* لمطاردته في سبعين رجلاً من أصحابه، بعد أن استخلف علي المدينة زيد بن حارثة، وأعطي اللواء علي بن أبي طالب، ووصل النبي *صلي الله عليه وسلم* واديًا يقال له سفوان، من ناحية بدر، لكنه لم يدركها فرجع من دون حرب.
__________________________________________________ 4-غزوة ذي العشيرة:
خرج رسول الله *صلي الله عليه وسلم* في جمادى الأولى في السنة الثانية من الهجرة في خمسين ومائة *ويقال في مائتين* من المهاجرين، علي ثلاثين بعيرًا يعتقبونها، اعتراضًا لعير قريش الذاهبة إلي الشام، لكنهم حين بلغوا ذا العشيرة وجدوا أنها قد فاتتهم بأيام، وهذه العير هي التي طلبها رسول الله *صلي الله عليه وسلم* في رحلة عودتها من الشام، فكانت سببًا لغزوة بدر الكبرى، وقد آب إلي المدينة في جمادى الآخرة، وكان قد استخلف عليها أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وحامل اللواء في هذه الغزوة هو سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وقد عقد النبي *صلي الله عليه وسلم* معاهدة عدم الاعتداء مع بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة في هذه الغزوة.
__________________________________________ 5-سرية نخلة:
بعد أن أتم عبد الله بن جحش، واثنا عشر مهاجرًا يومين في مسيرهم فضوا كتاب رسول الله *صلي الله عليه وسلم* الذي كان معهم تنفيذًا لأوامره، فوجدوا فيه: إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل بين مكة والطائف، فترصد بها عير قريش، وتعلم لنا من أخبارهم. وشعر عبد الله بثقل المهمة، وقلة عدد أصحابه، فخيرهم بين المجيء معه، إن أحبوا الشهادة، وبين الرجوع إلي المدينة إن كرهوا الموت، فما تخلف عنه منهم أحد، إلا سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان فإنهما كانا يعتقبان بعيرًا لهما فهرب منهما، فتخلفا في طلبه. واستأنفت السرية مسيرها حتى بلغت نخلة، ورأت عير قريش تمر حاملة الزبيب، والأدم والتجارة، وفيها عمرو بن الحضرمي، وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولي ابن المغيرة. وهنا وقع المسلمون في حيرة كبيرة، إذ كانوا في اليوم الأخير من شهر رجب في السنة الثانية من الهجرة. وهو شهر حرام، لا يجوز فيه القتال، لكنهم إن تركوهم دخلوا مكة، وانتهي الأمر، ورأوا بعد المشاورة أن يقاتلوهم، فرموا عمرو بن الحضرمي فقتلوه، وأسروا عثمان والحكم، وأفلت نوفل، ثم قدموا بالعير والأسيرين إلي المدينة، وعزلوا من ذلك الخمس، فكان أول خمس، وأول قتيل، وأول أسيرين في الإسلام، وهنا أطلقت قريش التي طالما انتهكت حرمات المسلمين، وسفكت دماءهم بالبلد الحرام أطلقت عقيرتها، حزنًا علي شهر الله الحرام الذي انتهك، ثم نزل الوحي بالقول الحق، موضحًا أن حرمات المسلمين التي انتهكت، ودم نبيهم الذي كاد يسفك، أعظم حرمة عند الله من شهر رجب، وقد أطلق بعدها رسول الله *صلي الله عليه وسلم* سراح الأسيرين وأدي دية المقتول إلي أهله.
(يتبع) ====
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم السبت 26 مارس - 0:29:21 | |
|
الفصل العاشر:: =========
فرض القتال:: ========
إن قريشًا التي طال تكبرها، قد لقنتها سرية نخلة درسًا لم تنسه، فعبد الله بن جحش ونفر من المسلمين معه يستطيعون بسهولة أن يغيروا علي تجارة قري، فيسوقوا عيرها إلي المدينة مع أسيرين، وقد خلفوا وراءهم قتيلاً، لكن قريشًا المعاندة والتي أدركت الخطر علي طريق تجارتها إلي الشام، قد اختارت سبيل الحرب من جديد، وهنا وفي شعبان سنة اثنتين من الهجرة نزلت آيات الله تعالي الفارضة للجهاد، والقتال في سبيله، ثم ما لبثت هذه الآيات غير يسير، حتى تليت بآيات من سورة مُحَمّد، تصف طريقة القتال، وتبين أحكامه، وتحث عليه، وتذم أولئك الوجلين منه، الخائفين علي أنفسهم.
__________________________________
تحويل القبلة:: ========
إن رفع الستار قد يكون لفضح المتسترين به، أو لاستقبال نهار يوم جديد، أما تحويل القبلة، فقد كان الأمرين معًا!!. فحين نزل أمر الله تعالي في شعبان في العام الثاني من الهجرة بتحويل قبلة المسلمين من المسجد الأقصى بالقدس، إلي المسجد الحرام بمكة، فضح كثير من ضعفاء اليهود ومنافقيهم، الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا عداوته فضحوا برفضهم الامتثال لأمر الله، ورجوعهم إلي ما كانوا عليه، فتطهرت صفوف المسلمين منهم. ولا شك أيضًا أن في تحويل القبلة إيذانًا باستقبال طور جديد في دعوة المسلمين، طور لا ينتهي إلا باحتلال القبلة الجديدة، فهل يصلي المسلمون لقبلة قد نجستها أوثان المشركين؟! اللهم لا!.
__________________________________________________
غزوة بدر الكبرى:: ========== غزوة بدر الكبرى ( الجمعة 17 رمضان السنة 2 هـ )
غزوة بدر . تاريخها 17 رمضان . السنة الثانية هجرية
إن غزوة بدر كانت نتيجة طبيعية للهجرة إلى المدينة ،فقد أرادت قريش أن تقتل محمدا وهو بمكة ، ولكن محمدا نجا من هذه المؤامرة بفضل الله وهاجر إلى المدينة التي أصبحت مركزا
إسلاميا حرا طليقا، يهدد أوثان قريش ، بالإضافة إلى تهديده لتجارتها الصاعدة والهابطة بين مكة والشام ، فأصرت قريش أن تقضي على هذا المركز الجديد الذي يهدد حياتها الدينية والاقتصادية جميعا . فكانت غزوة بدر نتيجة هذه الإفرازات ،
ولكم وصف لهذه المعركة التي غيرت كل مفاهيم القوة والتي من خلالها وضعت المسلمين في الطريق السليم والصحيح فاصبح يحسب لهم ألف حساب .
قوات المسلمين ( 314 ) رجل معهم فرسان وسبعون بعير قوات العدو ( 950 ) رجل معهم ( 200 ) فرس وعدد كبير من الإبل سببها بغية الاستيلاء على قافلة قريش التجارية القادمة من الشام
بقيادة أبي سفيان والتي يحميها ثلاثون إلى أربعين رجلا وهي تتكون من ألف بعير تقريبا . في المدينة المنورة في يوم الاثنين الثامن من رمضان سنة اثنتين هجرية الموافق 5 مارس 624م
في هذا اليوم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحبة رجاله الذين بلغ عددهم ثلاثمائة و أربعة عشر رجلا ، وهناك عند الصفراء توقف الرسول ، و بعث برجاله لاستطلاع بدر وإلى أي مكان وصلت العير ( عير قريش ) وكان عليه الصلاة والسلام مطمئنا على مدينته ومن فيها لانه ترك فيها رجلا صالحا تقيا ، إماما للناس في صلاتهم هو عبد الله ابن أم مكتوم .
وأعطى عليه الصلاة والسلام اللواء إلى أول سفرائه مصعب بن عمير. في الوقت نفسه الذي كانت فيه قافلة أبي سفيان تواجه مصاعب الطريق ، كان المشهد في مكة قد بدأ يتهيأ لخطر قادم . فتجهزت قريش وخرجت في جمع كبير من أشرافها وسادتها ، قاصدة مكان محمد لانقاد أموالها وتجارتها على حد قولهم . استخدم أبو سفيان دهاءه وغير مجرى طريقه وسلم بقافلته .. ولما نجا ورأى انه قد سلم من الخطر أرسل إلى قومه يقول : إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم فقد نجاها الله فارجعوا . فقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نرد بدرا ( وكان بدر أحد مواسمهم …. كل عام ) فنقيم عليه ثلاثا فننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقى الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرتنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا
و لقد وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى واد ذفران ثم إلى الأضافر ثم بلد آخر لقد كان وصوله إلى بدر قبل قريش فاختار موضع يشرف على منطقة القتال وبنى فيه العريش وقام بترتيب المسلمين بشكل صفوف وهو أسلوب جديد لم تعرفه العرب من قبل ، لكن في الجهة المقابلة لم يكن للمشركين قائد أو منظم يقودهم . أقبلت قريش فلما رآها الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (( اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك ، اللهم نصرك الذي وعدتني اللهم احنهم ( أهلكهم ) الغداة )) . ثم اقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما شرب منهم رجل إلا قتل مكانه . بدأت المعركة بمبارزة ثلاثة من المسلمين لثلاثة من المشركين ، فبارز عبيدة بن الحارث عتبة بن ربيعه وبارز حمزة شيبة بن ربيعه وبارز علي الوليد بن عتبة فتغلب المسلمون على المشركين في هذه المبارزة ، بعدها اشتد القتال فكان المسلمون يردوهم بوابل من السهام فارتبك المشركون فبدأو في التفكك
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقود الصفوف بنفسه والتي أخذت تقترب من صفوف المشركين التي فقدت قادتها وبدأت في التبعثر والهروب ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم قواته أن تشد عليهم وبدأت المطاردة التي انتهت بانتصار المسلمين على المشركين . فاخذ المسلمون في جمع الغنائم والأسرى فعاد عليه الصلاة والسلام إلى المدينة مع موكب الرجال حاملين لواء النصر على جبابرة مكة …. وأئمة الكفر فيها .
من نتائج المعركة استشهاد أربعة عشر مسلما وقتل سبعون مشركا وأسر سبعون آخرون كلف منهم المتعلمون بتعليم أطفال المسلمين مقابل إطلاق سراحهم .
وللتوضيح نقول وبالله التوفيق:: ______________________
قلة من المؤمنين ساقهم الله تعالي لملاقاة الكثرة من المشركين المتكبرين، حتى إذا وافوهم لم يلبثوا إلا يسيرًا، ثم نصرهم الله بقدرته عليهم، تلك كانت قصة بدر! القصة التي مهما قلبت صفحاتها طالعتك قدرة الله، وتدبيره لعباده، حين تتأمل سبب الغزوة، أو قوة الجيش المسلم وتنظيمه، وإذا صحبتهم في الطريق إلي بد ر أو استمعت إلي النذير في مكة، أو رأيت تجهز المشركين للغزو، وتحرك جيشهم، وانفلات عيرهم، وانشقاق جيشهم، في كل ذلك ستجد حتمًا قدرة الله وتدبيره!. إن مشاهد بدر المتتالية تغرس اليقين في قلب المسلم، وتورثه صدق التوكل علي ربه، توكلاً لاينافيه أخذه بالأسباب، إن هذه المعاني تتسارع إلي قلوبنا ونحن نشاهد الرسول *صلي الله عليه وسلم* يستشير صحابته قبل الغزوة، ثم حين يقوم بالاستكشاف لمعركته، وتتسارع إلي قلوبنا ونحن نستمع إلي صوت نزول المطر قبيل المعركة، أو ونحن نري نشر القوات وتهيئة مكان القيادة، ثم حين نستمع إلي صوت القيادة، ثم حين نستمع إلي كلمات المصطفي *صلي الله عليه وسلم* وهو يقوم بالتعبئة المعنوية، وكذلك حين نولي وجهنا شطر الجانب الآخر فنلحظ الخلاف وقد تجدد في صفوف المشركين، لكن الأعجب من ذلك كله، هو دقات قلوبنا التي لا زالت بعد أربعة عشر قرنًا من هذه الحادثة تتلاحق وهي تتابع ترائي الجيشين، وقدوم ساعة الصفر، ثم المبارزة الأولي قبل الهجوم العام، ومناشدة الرسول ربه عز وجل، والهجوم المضاد، وانسحاب إبليس من المعركة، ثم الهزيمة الساحقة، ونهاية المعركة. إن مشاهد هذه الغزوة لا تسأم منها قلوب المؤمنين أبدًا، وإن صورة مكة وهي تتلقى أنباء الهزيمة، والمدينة وهي تتلقي أنباء النصر، ثم تستقبل عودة النبي *صلي الله عليه وسلم* وجيشه إليها لترسم في مخيلتنا نهاية حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل، أما قضية الخلاف في الغنائم، وقضية الأسري، فتؤكدان بشرية حملة ذلك الحق، وحاجتهم الدائمة للتربية والتوجيه.
_________________________________________________
سبب الغزوة:: ========
كسائر السرايا والغزوات التي سبقت بدرًا، بل كامتداد لإحداها *غزوة ذي العشيرة* كان منشأ هذه الغزوة، علم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* برحيل عير لقريش. وعير هذه المرة قد بلغ عددها ألفًا، وحملت من الدنانير الذهبية ما لا يقل عن الخمسين ألفًا، أما حرسها فلم يزد علي أربعين رجلاً، يرأسهم أبو سفيان بن حرب في رحلة عودته من الشام إلي مكة، وما عزم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* علي أحد بالخروج كشأنه في سائر السرايا والغزوات السابقة بل أعلن قائلاً: هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها؛ ولذا فإنه لم ينكر علي أحد من الصحابة تخلف عنه في هذه الغزوة. هذا وقد استخلف رسول الله *صلي الله عليه وسلم* علي المدينة والصلاة عبد الله بن أم مكتوم، حتى إذا كان بالروحاء رد أبا لبابة بن عبد المنذر، واستعمله علي المدينة وقد كان خروجه *صلي الله عليه وسلم* في اليوم الثامن أو الثاني عشر من رمضان للسنة الثانية من الهجرة.
_______________________________________________
قوة الجيش وتنظيمه:: =============
أسرع رسول الله *صلي الله عليه وسلم* لإدراك العير، فلم يكن معه إلا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، قد اصطحبوا فرسين لا ثالث لهما، أحدهما للزبير بن العوام والآخر للمقداد بن الأسود الكندي وسبعين بعيرًا يعتقب كل بعير الرجلان والثلاثة، وقد كان رسول الله وعلي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرًا واحدًا، أما لواء الجيش فكان أبيض يحمله مصعب بن عمير العبدري. وقد قسم رسول الله *صلي الله عليه وسلم* جيشه إلي كتيبتين: إحداهما للمهاجرين، ويحمل علمها علي بن أبي طالب، والأخرى للأنصار ويحمل علمها سعد بن معاذ، كما جعل علي الميمنة الزبير بن العوام وعلي الميسرة المقداد بن عمرو، وعلي الساقة قيس بن أبي صعصعة. أما القيادة العامة فكانت في يده *صلي الله عليه وسلم*.
___________________________________________________
الطريق إلى بدر:: ===========
سار الجيش علي الطريق الرئيسي المؤدي إلي مكة، حتي بلغوا بئر الروحاء، ثم ترك طريق مكة بيسار، وانحرف ذات اليمين علي النازية * يريد بدرًا* فسلك في ناحية منها، حتى قطع واديًا يقال له رحقان، بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم مر علي المضيق، ثم انصب منه حتى قرب من الصفراء، وهنالك بعث بسبس بن عمرو، وعدي بن أبي الزغباء الجهنيين إلي بدر يتجسسان له أخبار العير، وعند وادي ذفران جاءه خبر انفلات العير، وتجهز جيش المشركين وتحركه، فاستشار صحابته في الرجوع أو القتال، ثم واصل مسيره فسلك علي ثنايا يقال لها الأصافر، ثم هبط إلي بلد تدعي الدبة، وترك كثيبًا عظيمًا يسمي الحنان بيمين، حتى نزل قريبًا من بدر.
___________________________________________
النذير في مكة:: ========
"يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها مُحَمّد في أصحابه، لا أري أن تدركوها، الغوث الغوث"!. كانت هذه هي الصرخة التي شقت سماء مكة، الملتهبة بقيظ نهار رمضان، وقد أسرع أهل مكة نحوها، فوجدوا ضمضم بن عمرو الغفاري، الذي استأجره أبو سفيان؛ ليحذر قريشا، فتنقذ تجارتها التي معه وجدوه واقفًا علي بعيره، وقد جدع أنفه، وحول رحله، وشق قميصه، وأخذ يصرخ بصرخته السالفة.
_______________________________________________
تجهز المشركين للغزو:: ==============
إن قريشًا التي لم تندمل بعد جراحاتها من سرية نخلة، قد فزعت إلي الحرب مسرعة، وهي تصيح: أيظن مُحَمّد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟ كلا، والله ليعلمن غير ذلك!، وإن مُحَمّدا *صلي الله عليه وسلم* الذي خرج في قليل من أصحابه يطلب العير، تعد له الآن قريش جيشًا عرمرمًا، فمن لم يخرج من رجالها بعث مكانه رجلاً، وسوي أبي لهب لم يتخلف أحد من أشرافها، وما تقاعس عنهم بطن من بطون قريش خلا بني عدي، فلم يخرج منهم أحد، وما مضت إلا سويعات قليلة حتى كان جيش قوامه ألف وثلاثمائة مقاتل، معهم مائة فرس، وستمائة درع، وجمال كثيرة، قد بدأ مسيره، يتقدمه قائده العام أبو جهل بن هشام. لكن قريشًا بعد أن همت بمسيرها، تذكرت حربه مع بني بكر وخشيت أن تغير علي مكة في غيابها، فتبدي لها إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم *سيد بني كنانة* يطمئنهم قائلاً: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه. فمضوا، وما علموا أن ما يكرهونه من خلفهم، قادم إليهم من بين أيديهم!.
_________________________________________________
تحرك جيش المشركين:: ==============
"الآن نقتل مُحَمّدا وصحبه، الآن يمحى من الدنيا وجودهم، وغدًا تعلم العرب من نكون"! يبدو أن هذه الخواطر التي جالت برؤوس قريش الفارغة، وهي تدب بأقدامها الثقيلة في صحراء الجزيرة، فيعلو في الآفاق دويها، ويرتفع في السماء غبارها الكثيف، أما السؤال الذي تردد في صدور قريش، فتعجبها: أي قوة الآن في أرض العرب تقوم لنا؟!، تحركت جموع قريش بسرعة فائقة نحو الشمال في اتجاه بدر، وسلكوا في طريقهم وادي عسفان ثم قديدًا ثم الجحفة، حيث جاءتهم رسالة جديدة من أبي سفيان تقول كلماتها: إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم، ورجالكم وأموالكم، وقد نجاها الله فارجعوا. وقد كانت هذه الرسالة سببًا لوقوع انشقاق في جيش المشركين.
_______________________________________________
العير تفلت!:: =======
إن داهية قريش، أبا سفيان بن حرب ليس كعمرو بن الحضرمي وصحبه، الذين فتك بهم نفر قليل من المسلمين في سرية نخلة، فالرجل الحذر يعلم أن طريق القوافل اليوم ليس آمنًا كالأمس، وهو لذلك لا يكاد يخطو خطوة إلا وقد سبقتها حركاته الاستكشافية، وقد تقدم عيره حين اقترب من بدر، فلقي مجدي بن عمرو فسأله عن جيش المدينة فقال: ما رأيت أحدًا أنكره، إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلي هذا التل، ثم استقيا في شن لهما، ثم انطلقا. فأسرع أبو سفيان إلي روث بعيريهما، ففته فإذا فيه النوى، فأدرك أنها عير علفت بتمر يثرب، فبادر بترك الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر، واتجه نحو الساحل، ناجيًا بالقافلة من الوقوع في قبضة جيش المدينة
(يتبع) ====
عدل سابقا من قبل ناجي احمد محمد السيد عطيه في الثلاثاء 29 مارس - 14:52:28 عدل 1 مرات | |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم السبت 26 مارس - 0:49:48 | |
|
الفصل الحادي عشر:: =============
الغزوات وحرب المشركين ==============
غزوة بني قينقاع:: ===========
في فرحة المسلمين بانتصارهم في بدر ، لم يستح أولئك اليهود أن يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يغرنك انك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة ، أما والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس !! )) وقد نزل الوحي ينذر هؤلاء بسوء المنقلب : (( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد . قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله ، وأخرى كافرة ، يرونهم مثليهم رأي العين ، والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ))
كان اليهود في المدينة يلعبون لعبة خطرة بين قبيلتي الاوس والخزرج ، أهم قبائل المدينة ، وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوة مباركة أيدها الأنصار الذين بايعوه في بيعتي العقبة الأولى والثانية . وكان أول عمل قام به عليه الصلاة والسلام بعد دخوله المدينة هو المؤاخاة بين قبيلتي الاوس والخزرج ووضع حدا للصراع الذي كان بينهما ، فعاشت المدينة في سلم وأمان مطمئنين تحت راية الإسلام
واليهود كانوا مجموعة من الطوائف أغناهم بنو قينقاع ، لأنهم كانوا يشتغلون في صناعة الحلي والذهب والفضة ، وكانت أماكنهم التي يعيشون فيها محصنة ، وهم بطبيعة الحال لا يحملون خيرا في أنفسهم للمسلمين ، بل يحقدون عليهم ، فنزل في ذلك قرآنا يصف موقفهم هذا . قال الله تعالى : (( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر )) .
وكان سبب الغزوة لما حدث لتلك المرأة المسلمة زوج أحد المسلمين الأنصار ، التي كانت في السوق فقصدت أحد الصاغة اليهود لشراء حلي لها ، وأثناء وجودها في محل ذلك الصائغ اليهودي ، حاول بعض المستهترين من شباب اليهود رفع حجابها والحديث إليها ، فتمنعت ونهرته . فقام صاحب المحل الصائغ اليهودي بربط طرف ثوبها وعقده إلى ظهرها ، فلما وقفت ارتفع ثوبها وانكشفت مؤخرتها . فاخذ اليهود يضحكون منها ويتندرون عليها فصاحت تستنجد من يعينها عليهم . فتقدم رجل مسلم شهم رأى ما حدث لها ، فهجم على اليهودي فقتله ، ولما حاول منعهم عنها وإخراجها من بينهم تكاثر عليه اليهود وقتلوه
وثار المسلمون لمقتل صاحبهم ونقض اليهود حلفهم مع الرسول ، وتظاهروا لقتال المسلمين ، وكانوا أول يهود ينقضون عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . لقد حاولوا هتك عرض امرأة مسلمة شريفة ، وقتلوا مسلما ثار لشرف المسلمة ، وهاهم يستعدون لقتال المسلمين ، هذا شأنهم في كل العصور . ولما تنافر الفريقان واستنفر كل منهم أصحابه وأعوانه وصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغضب عليه الصلاة والسلام اشد الغضب وقال (( ما على هذا أقررناهم )) ولما علم المسلمون بهذا الخبر هبوا لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لتأديب هؤلاء القوم وإخراجهم من بلدة طيبة التي يسكنها افضل خلق الله وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم ، لقتال هؤلاء القوم الذين خانوا عهدهم طاعة لأمر الله تعالى الذي أعطاه الحق في ذلك من خلال الآية الكريمة التي تقول : (( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إ ن الله لا يحب الخائنين )) .
ولما أحسوا بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم ، احتموا في حصونهم المنيعة في انتظار مجيء المسلمين ، فارسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنذارا بالخروج من حصونهم ، وإلا قضي عليهم جميعا ، فجاء ردهم فيه من الفجور أكثر مما فيه من عدم التبصر بما سيحدث لهم من جراء ذلك . عند ذلك استعد الرسول واعد جنده للقتال .. فحمل لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب وتم حصار الحصون وكرر الرسول صلى الله عليه وسلم الإنذار مرة أخرى , فجعلوا يساومون الرسول صلى الله عليه وسلم ويراوغون علهم يجدون فرصة للانقضاض على المسلمين ، لكنهم في آخر الأمر اضطروا للاستسلام والنزول عند رغبة الرسول صلى الله عليه وسلم . وجاء عبد الله بن أبي بن سلول الذي يميل إليهم ويعتبرهم قومه وخاصته . جاء الى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا له : يا محمد احسن موالي ( أي أصحابه ) . ولما أبطأ الرسول صلى الله عليه وسلم عليه بالجواب ادخل يده في جيب درع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتمادى في طلبه ، واثقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أغضبه ، وقال له : اتركني ، ولكن عدو الله قال له : أتقتل أربعمائة حاسر ، وثلاثمائة دارع ( يلبس الدرع ) قد منعوني وحموني من الأحمر والأسود أي العجم والعرب … وتحصدهم في غداة واحدة . فلما ضاق به الرسول صلى الله عليه وسلم نهره قائلا : (( هم لك … خذهم لا بارك الله فيهم …. )) وتبرأ عبادة بن الصامت من عبد الله بن أبي بن سلول وكان هو أيضا حليفهم فنزلت الآية الكريمة : ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ، إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) : وخرجوا من المدينة مذلولين بدون سلاح وعتاد ، واستولى المسلمون على أموالهم وعتادهم وقسم الرسول صلى الله عليه وسلم أموالهم بين المسلمين أخماسا ، واخذ له الخمس ، لينفقه على الفقراء والمحتاجين . وهكذا خرجوا إلى بلاد الشام تاركين خلفهم الأرض الطيبة التي أرادوا أن يدنسوها بخيانتهم ولم يكن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم عبثا فقد هلكوا جميعا في بلاد الشام خلال فترة وجيزة . انهم اليهود أهل الغدر والخيانة أخزاهم الله في الدنيا والآخرة .
****************************************
غزوة احد:: ======= (السبت 15 شوال السنة 3هـ /625 م ) ======================
غزوة أحد زمنها في منتصف شوال من السنة الثالثة للهجرة مكانها سفح جبل أحد الذي يقع في الشمال من المدينة .
لم تهدأ قريش ولم ترتح بعد هزيمتها في بدر . لأن الهزيمة التي لحقت بهم في بدر كانت قاسية جدا عليهم ، وعقدوا العزم على الانتقام من محمد وأصحابه ، وأقسم أبو سفيان ألا يترك الماء يمس جسده ما لم يثأر لأهله الذين قضى عليهم أبطال الإسلام في بدر، وتمكن في خلال عام أن يجمع من قريش وحلفائها من ثقيف وقبائل كنانة وأهل تهامة و الأحابيش ( أي غير العرب الذين تحبشوا أي تجمعوا ) حوالي ثلاثة آلاف مقاتل بينهم سبعمائة دارع ومائتي فرس وثلاثة آلاف بعير . وخرج معهم سبع عشرة امرأة تقودهن هند بنت عتبة زوج أبي سفيان ، ومعهن الدفوف والطبول لتحريض الرجال على القتال والثأر لقتلى بدر
وكانت قوات المشركين قد تجمعت في أكمة (( عينين )) قرب جبل أحد شمال المدينة ، وجعلوا خالد بن الوليد على الميمنة وعكرمة بن أبي جهل على الميسرة ، ودفعوا اللواء الأكبر إلى عبد العزى طلحة بن طلحة . ولما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم بقدوم هذا الجيش استشار أصحابه فيما يفعل ، فأشار الشبان ومن لم يحضر بدرا عليه بالخروج لملاقاة جيش الأعداء ، وأشار بعض الصحابة أن يتحصن المسلمون بالمدينة وان يتولوا الدفاع عنها ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يميل إلى هذا الاتجاه لكن الاتجاه الأول حظي بتأييد أغلب المسلمين ، وعلى هذا خرج الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس ألف من أصحابه ثم انسحب منهم ثلاثمائة يقودهم زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول ، فبقي مع النبي صلى الله عليه وسلم سبعمائة رجل ، اختار منهم خمسين راميا بقيادة عبد الله بن جبير و أوقفهم على الجبل لحماية ظهر المسلمين من خالد بن الوليد وأتباعه . وبدأت المعركة بالمبارزة كالعادة فخرج من قريش طلحة بن أبي طلحة فبرز له علي فقتله ، فتبعه أخوه عثمان فصرعه حمزة ، فخرج أخوهما اسعد فقتله علي فتقدم الأخ الرابع مسافع فصرعه عاصم بن ثابت ، ثم التقى الطرفان حيث أبلى المسلمون بلاءا حسنا وخاصة أبو دجانة سماك بن خرشة وعلي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب الذي اعتبرته قريش عدوها الأول فحملته دم معظم قتلى بدر ، وكانت هند بنت عتبة وعدت العبد الحبشي ( وحشي ) بالعتق من الرق إن هو قتل حمزة وفعلا تمكن من قتله لمهارته في رمي السهام ومع ذلك انتصر المسلمون وهم قلة وتقهقر المشركون وهم كثرة . ثم تحول سير المعركة لصالح المشركين الذين انتهزوا فرصة انشغال المسلمين بجمع الغنائم ، وخاصة الرماة الذين خالفوا أوامر النبي صلى الله عليه وسلم فتركوا مواقعهم طمعا في المشاركة بجمع الغنائم ، وبقي عبد الله بن جبير ومعه عشرة رماة فقط . فالتف خالد بن الوليد عليهم من وراء الجبل وقتلهم جميعا ، وانكشف المسلمون فأصابهم العدو وكانت محنة كبيرة أصيب فيها النبي صلى الله عليه وسلم في فكه وفمه . وازداد الآمر صعوبة لما شاع مقتل النبي صلى الله عليه وسلم في المعركة فانسحب بعض المسلمين إلى المدينة وتشتت البعض الآخر في ميدان المعركة . ولكن كعب بن مالك صاح بأعلى صوته : يا معشر المسلمين ، ابشروا هذا رسول الله …. فاندفع المسلمين فرحين بالنبأ السار ، وكانت المعركة توشك أن تكون لصالح المشركين لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجاله بالتجمع في موضع معين في أعلى جبل أحد ، حتى لا ينفرد بهم المشركون ويقضون عليهم نهائيا ، فلم يستطع المشركون الالتفاف حولهم
وكان التعب قد أنهكهم . وأيقن أبو سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل في المعركة فنادى المسلمين (( يوم بيوم ، والموعد العام المقبل ببدر )) فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقول : (( نعم هو بيننا وبينكم موعد )) . وهكذا توقف القتال ، وانسحب المشركون من المعركة مكتفين بهذا النصر المؤقت بعد أن قتل منهم ثلاثة وعشرين رجلا فقط ، وقد مثلت قريش بقتلى المسلمين بطريقة وحشية فيها جدع الأنوف وقطع الآذان وبقر البطون . وكانت ذروة الانتقام ما أقدمت به هند بنت عتبة والتي اندفعت في حقد وكراهية ، وبقرت بطن حمزة بن عبد المطلب ، وقيل أن وحشي بقر بطنه ، و أخرجت كبده تلوكها بأسنانها ولفظتها . وأسفرت موقعة أحد عن هزيمة مؤقتة للمسلمين الذين عادوا إلى المدينة بعد أن فقدوا اكثر من سبعين شهيدا دفنوا في أرض المعركة ، منهم حمزة بن عبد المطلب ، عبد الله بن جحش، مصعب بن عمير، أوس بن منذر ، اياس بن اوس ، سعد بن الربيع ،
وغيرهم من خيرة الصحابة رضوان الله عليهم جميعا . وفي طريق العودة ، وعند الروحاء على بعد 70 كلم ، أدرك المشركون الخطأ الكبير الذي وقعوا فيه ، فقد كان يتوجب عليهم قطف ثمرة الانتصار بالقضاء نهائيا على المسلمين ، لذلك قرروا العودة واخذ المسلمين على حين غرة وهم يبكون قتلاهم . لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد فطن لما يقومون به ، وكان أذكى منهم و أسرع ففي اليوم التالي عمد إلى تظاهرة عسكرية وصلت إلى بعد حوالي عشرة كيلومترات من المدينة فاوهم المشركين بخروجه للثأر من وقعة أحد . لذلك عدلوا عن قرارهم وعادوا إلى مكة المكرمة بعد أن انتظرهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ورجع إلى المدينة بعد أن رفع معنويات المسلمين . وقد استفاد المسلمون درسا من هذه الهزيمة فتعلموا أهمية طاعة أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولن ينتصر أبدا من أراد ابتغاء عرض الدنيا . وبعد عام على الهزيمة خرج النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين ونزل بدر في شعبان /4 هـ / 626 م لملاقاة المشركين بقيادة أبي سفيان حسب الموعد بينهما . لكن أبا سفيان خاف وجبن بعد مسيرة يومين وتراجع بجيش فيه أكثر من ألفي رجل إلى مكة المكرمة فانتظرهم المسلمون ثمانية أيام ثم رجعوا إلى المدينة وقد ارتفعت معنوياتهم في بدر الثانية التي محت آثار هزيمة أحد .
**********************************************
غزوة بني النضير:: ==========
( ربيع الاول السنة 4هـ /626 م ) ==================
من هم بني النضير ؟ بنو النضير قبيلة من قبائل اليهود في المدينة ، عاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم على عدم الاعتداء وعدم نصر عدو له عليه الصلاة والسلام ،
يسكنون في ضاحية بأطراف المدينة بها خضرة ونخيل وماء تسمى منطقة (( العوالي )) وظل عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم أربع سنوات كاملة قبل أن تحدث هذه الغزوة لما ضعفت شوكة اليهود بعد جلاء بني قينقاع عن المدينة النبوية ، أخذ بنو النضير ، يتعاونون مع مشركي قريش بعد انتصار المسلمين في بدر ، فعندما أراد أبو سفيان الثار خرج في مئتي رجل ، وأتى سلام بن مشكم وهو سيد بني النضير فاستقبله وسقاه خمرا وتعاون معه لإيذاء المسلمين . ثم هجم أبو سفيان على بعض البيوت وقتل رجلين من الأنصار ثم عاد إلى مكة المكرمة . ثم نقض بنو النضير العهد ثانية عندما رفضوا الاشتراك مع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم أحد بحجة أن القتال يدور يوم السبت وان العهد بينهم ينص على المشاركة في الدفاع داخل المدينة وأحد خارجها ، في حين أعتبر النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد غزوة موجهة إلى المدينة . ثم توالت الأحداث ضد مصلحة المسلمين بعد هزيمة أحد يوم السبت 15شوال 3 هـ / 625 م ، فاستهانت القبائل بأمرهم وأخذت تكيد لهم ، فكانت حادثة الرجيع وهو ماء لقبيلة هذيل تعرض فيه ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم للقتل والأسر ثم كانت مجزرة بئر المعونة وهو بين أرض بني عامر وبني سليم في نجد ، في صفر سنة 4 هـ ، حيث استشهد محمد بن المنذر بن عمر ومعه أربعين من المسلمين على يد عامر بن الطفيل ومن ناصره من بني سليم ، ولم ينجوا منهم سوى اثنان كعب بن زيد وعمرو بن أمية الضميري ، الذي قتل رجلين من بني عامر أثناء عودته ، رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد ضمن لهما أمنهما . وكان بنو النضير حلفاء بني عامر ، لذلك خرج النبي صلى الله عليه وسلم معه عشرة من كبار الصحابة منهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم إلى مقربة من قباء لدفع دية الرجلين ، فحاول بنو النضير قتل النبي صلى الله عليه وسلم بان يلقي عمرو بن جحاش صخرة عليه من على ظهر الجدار وهو جالس . لكن الله تعالى فضح مؤامرتهم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعودة إلى المدينة . فخرج وكأنه يريد قضاء حاجة له ، فلم يفطن له أحد ، ثم تبعه أصحابه ثم أنذر النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير بالجلاء عن حصونهم ومزارعهم خلال عشرة أيام فاستعد اليهود للرحيل ، لكن زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول العوفي وعدهم بالمساعدة بألفين من العرب وحثهم على الصمود لان اخوتهم من بني قريظة لن يخذلوهم وكذلك حلفاؤهم من غطفان . رفض بنو النضير الإنذار وأخذوا يستعدون للقتال فرمموا حصونهم و أمدوها بالسلاح وزودوها بمؤونة طعام تكفي اشهر طويلة . حاصر النبي صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير في حصونهم لمدة عشرين يوما وأخذ يقطع نخيلهم ويحرق بساتينهم ، ومنع مساعدة المنافق عبد الله بن أبي بن سلول وحلفائهم من غطفان بعد أن رفض بنو قريظة نقض العهد معه . فأيقن بنو النضير من سوء العاقبة وتملكهم الخوف والرعب وطلبوا منهم حقن دمائهم مقابل الاستسلام والجلاء ، فأجابهم إلى طلبهم شرط أن يخرج كل ثلاثة منهم في بعير يحملون عليه ما شاءوا من دون السلاح ، فخرجوا في 600 بعير فنزل بعضهم في خيبر بزعامة حي بن أخطب وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع ، ورحل البعض الآخر إلى أذرعات عند حدود بلاد الشام . وفي أمر بني النضير يقول الله تعالى : ((هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار )) . سورة الحشرالآية 2 لقد خربوا بيوتهم بأيديهم ، وذلك يتعلق بعقيدتهم فكل يهودي يعلق على نجاف داره صحيفة فيها وصية موسى لبني إسرائيل ، لذلك حملوها معهم عند جلائهم ، وقيل أن ما حملوه معهم هو أخشاب بيوتهم وهي غالية الثمن في شبه الجزيرة العربية . وظن بنو النضير أن هذا الجلاء هو انتصار لهم فخرجوا يرقصون في ابتهاج وسرور وقد تزينت نسائهم ويحملون الدفوف والمزامير . وقد غنم المسلمون من يهود بني النضير 50 درعا و50 خوذة و 34 سيفا ، عدا الأراضي والبساتين التي قسمت على المهاجرين حتى يصبحوا في غنى عن معونة الأنصار إخوانهم في الإسلام . وقيل أن رجلين فقط من بني النضير أسلما فلم تمس أموالهما وهما يامين بن عمير وأبو سعد بن وهب . كان إجلاء بني النضير ضربة قاصمة لليهود الذين شعروا بمرارة النزوح والهجرة ، ومع ذلك لم يفطنوا للخطأ الكبير الذي ارتكبوه ، وهم أهل دين سماوي ، بتحالفهم مع قريش أهل الوثنية ضد المسلمين وهم أهل دين سماوي مثلهم . والتوراة عندهم توصي بالنفور من عبدة الأوثان والأصنام .
***********************************************
غزوة ذات الرقاع :: ==========
( السنة 4هـ ) =========
لماذا سميت هذه الغزوة بغزوة ذات الرقاع ؟
لقد سميت هذه الغزوة بعدة أسماء منها غزوة بني ثعلبة نسبة لبني ثعلبة الذين خرج الرسول صلى الله عليه وسلم لقتالهم ، وكانوا قد نقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وغزة بني أنمار ، وغزوة صلاة الخوف ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى فيها صلاة الخوف ، وسميت غزوة الأعاجيب لما شاهد فيها المسلمون من مواقف أثارت العجب .. بأحداثها
لكن الذي يهمنا هو اسم ذات الرقاع ففي رواية البخاري : روى أبو موسى الأشعري ، وهو من الصحابة الاجلاء أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع ، قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة ونحن ستة بيننا بعير نعتقبه ( أي نتبادل ركوبه ) فنقبت أقدامنا … ونقبت قدماي ( أي جرحت ، وسال الدم منها ) وسقطت أظفاري .. ( وكان ذلك من وعورة الأرض في هذا المكان ) .ويواصل أبو موسى حديثه فيقول : فكنا نلف على أرجلنا الخرق .. ولما كنا نعصب على أرجلنا الخرق … سميت ذات الرقاع
من هذه الرواية نلاحظ معاناةالمسلمين في سبيل رفع راية الإسلام ، فوعورة الأرض.. ومشقة السفر .. لم تمنعهم من ملاحقة أعداء الإسلام والجهاد في سبيل نشره . فقد كانت الأحجار تضرب في أقدام أبي موسى الأشعري وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وتسيل منها الدماء ويعصبونها بخرق من القماش .. لوقف النزيف منها وبينما موكب الرسول صلى الله عليه وسلم يسير نحو القبيلة إذ يفاجأ المسلمون بجمع غفير من غطفان ، (( فتقارب الفريقان ولم يكن بينهما حرب وخاف الناس بعضهم بعضا )) حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف . ومما رأى الناس في غزوة ذات الرقاع انهم حينما شاهدوا القوم مجتمعين وهم أهل غطفان تقارب الجمعان من خوف بعضهم بعض .. ظنا منهم أنها الحرب . لكن لم تكن هناك حرب ولا قتال . فرجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بصحابته في جمادى الأولى من نفس العام ، وكفاهم الله شر القتال .........
*****************************************
غزوة الخندق او الاحزاب:: =============== ( شوال السنة 5 هـ ) ============
زمنها شوال من السنة الخامسة للهجرة
لماذا سميت غزوة الأحزاب ؟ سميت كذلك لانه اجتمع فيها مجموعة من الأحزاب قصد القضاء على الإسلام والمسلمين في المدينة وكان يهود خيبر وبخاصة بنو النضير الذين طردوا من المدينة هم الذين جمعوا وحزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يروي ابن هشام انهم خرجوا حتى قدموا مكة على قريش فدعوهم إلى حرب محمد وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله …..
ثم خرج هؤلاء اليهود إلى غطفان وبني مرة و أشجع وأثاروهم كذلك . فاستجاب أبو سفيان لدعوة اليهود وحشد لهذه الغزوة كل قواه ، وعمل لها كل حيلة رجاء أن تنجح ، وتجمعت قوى الأحزاب في جيش هائل لعل الجزيرة العربية لم تشهده من قبل ، إذ كان عدده يربو على عشرة آلاف مقاتل . واتخذ المسلمون في هذه الموقعة موقف الدفاع فبدا الرسول صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر وكان من بين أصحابه الذين سمع مشورتهم عليه الصلاة والسلام " سلمان الفارسي " الذي أشار عليه بحفر خندقا عميقا واسعا شمال المدينة ويلتف حولها من الغرب إذ كانت الجهات الأخرى محصنة بالجبال والنخيل ، وبدأ المسلمون بحفر الخندق وشاركهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحفر وبينما هم في ذلك الجهد والعمل تقاعس المنافقون وتخاذلوا بحجة شعورهم بالإرهاق ، واخذوا يتسللون هاربين من العمل دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ويذهبون إلى بيوتهم بينما أبطال المسلمين منهمكين في الحفر وكانوا يسابقون بعضهم بعضا في الحفر كسبا للأجر وتنفيذا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وواجه سلمان الفارسي في حفره صخرة أراد كسرها لكنه لم يستطع تفتيتها لصلابتها ، طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتركها له فامسك أداة الكسر وكبر وضرب الصخرة فانفلقت …. وقد استغرق حفر الخندق عشرون يوما وفي رواية أخرى شهرا كاملا . من جانب آخر كان اليهود والمنافقين في المدينة يخوفون المسلمين ويضخمون أنباء الحشود المشركة ويشيعون أنه لا أمل للمسلمين في الدفاع عن المدينة وان كل قبائل العرب قد اتفقت للقضاء على الإسلام وقد وصلت بهم الوقاحة أن بعض المنافقين قال ساخرا " لقد كان محمدا يعدنا بقصور صنعاء وفارس وها نحن أحدنا لا يأمن على نفسه وهو يذهب لقضاء حاجته ! "" لقد أثر ذلك تأثيرا كبيرا على نفسية المسلمين وبدأ الكثير منهم يخاف واشتد عليهم الأمر فكانت قمة المحنة . عند ذلك حاول عدو الله حي بن اخطب أن يقوم بشيء فيه من الخبث والمكر ما يأثر على الجبهة الداخلية في المدينة وذلك انه أتى كعب بن أسد وهو زعيم بني قريظة الذين عاهدوا الرسول ألا يحاربوا ضده ، فأراد هذا الخبيث أن يدخل حصن كعب فلما علم هذا الأخير قصده أوصد دونه أبواب الحصن ، ولكن عدو الله ظل يحاور كعب حتى فتح له أبواب الحصن ومازال معه يثنيه عن العهد وكعب يقول " دعني وما أنا عليه .. فاني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاءا . إلا أن هذا الخبيث ظل معه حتى نقض عهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلم علم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم وفدا يستكشف أخبارهم وكان الوفد مكونا من سيد الاوس في المدينة سعد بن معاذ وسيد الخزرج في المدينة سعد بن عبادة والصحابي عبد الله بن رواحة . وعاد الوفد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالخبر المؤلم ، لقد نقض يهود بني قريظة العهد ، وهكذا انضم بنوا قريضة إلى الأحزاب . واشتد البلاء والخوف فلاتوازن بين القوى .. الأحزاب عشرة آلاف مقاتل ، والمسلمون ثلاثة آلاف رجل ففي هذا الوقت العصيب حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخفف البلاء عن المسلمين بمفاوضة غطفان على ثلث ثمار المدينة مقابل رجوعهم ، وكتب بذلك كتابا استشار فيه الأنصار ، أصحاب الأرض والبساتين . فقال له سعد بن معاذ " أمرا تحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لابد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل شيء اصنعه لكم ، والله ما اصنع ذلك إلا أني رأيت العرب قد رمتكم بقوس واحد " فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان ولا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعا ! أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وب ه نعطيهم أموالنا !؟ والله ما لنا بهذا حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم . فقال عليه الصلاة والسلام فأنت وذاك ، فتناول سعد بن معاذ صحيفة الصلح المقترح فمزقها . أقام المسلمون داخل المدينةالمحصنة وقريش وحلفاؤها من الخارج ولم يكن هنالك قتال مباشر بين الجيشين وقد أثبتت فكرة الخندق أنها فكرة عظيمة وكانت عاملا مهما في منع الأحزاب اقتحام المدينة ، وقد حاول بعض فرسان قريش التسلل إلى المدينة عن طريق مكان ضيق من الخندق ، ولكن فرسان المسلمين بقيادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه تصدوا لهم وحالوا بينهم وبين ذلك وقتلوا منهم عددا كبيرا ، ثم قام رجل مسلم يخفي إسلامه يدعى نعيم ابن مسعود الأشجعي وكان أحد دهاة العرب بمكيدة بين فريقي الحلف المعادي للإسلام قريش واليهود ومشى بينهم بكلام ثبط همم بعضهم البعض فأوهن الله صفوفهم وبث الفرقة بينهم ووقعت بينهم عداوة ، وعدم الثقة في الطرف الآخر فاختلفوا اختلافا شديدا وأرسل الله الملائكة يزلزلون الأرض من تحت أقدامهم ويلقون في قلوبهم الرعب . وهبت ريح شديدة اقتلعت الخيام وقلبت القدو ر وأطفأت النيران وهربت الخيل في الصحراء . وهكذا رد الله كيد الكفار والمنافقين واليهود ورد المشركين عن المدينة ، وكفى الله المؤمنين شر القتال وصدق وعده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده .
**************************************
غزوة بني قريظة :: ==========
( السنة 5 هـ ) =========
غزوة بني قريظة السنة الخامسة الهجرية دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صباح اليوم الذي فرغ فيه من غزوة الخندق ولم يكد يضع السلاح حتى آتاه جبريل عليه السلام في صورة رجل يلبس عمامة يركب بغلة عليها سرج وقال له أو قد وضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال : نعم يا جبريل فقال جبريل : فما وضعت الملائكة السلاح بعد .. إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فاني عامد إليهم فمزلزل بهم )) بعدها أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال لهم من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة ، وسمع المسلمون واطاعوا قول نبيهم صلى الله عليه وسلم وتولى علي بن أبي طالب الراية بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وانطلق الرجال في موكب المجاهدين فلقد اطمأنوا بعد الخندق بأنهم لن تغزوهم قريش بعد اليوم بل هم سيغزون أعداء الإسلام ويقاتلون أئمة الكفر في عقر دارهم هذا ما وعد به رسوله المجاهدين من المسلمين مهاجرين وأنصارا .
اقترب علي بن أبي طالب مع رجاله من حصون بني قريظة واستمع إلى حديثهم خلف الحصون فسمع مقالة قبيحة بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاد إليه ونصحه بان لا يقترب من الحصون فأدرك الرسول بثاقب نظره سبب نصيحة علي وقال له أظنك سمعت منهم كلاما مؤذيا لي . ولما أجابه علي بالإيجاب قال له لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا . تقدم الرسول صلى الله عليه وسلم من حصون بني قريضة فنادى عليهم (( هل أخزاكم الله وانزل بكم نقمته ؟ )) قالوا يا ابا القاسم ما كنت جهولا ونزل رسول الله عند بئر تسمي بئر انا وضرب المسلمون حصارا حول حصون بني قريظة استمر خمسا وعشرين ليلة حتى شق عليهم الحصار وأجهدهم وأصابهم الرعب والخوف من المسلمين .
في هذه الظروف عرض عليهم زعيمهم كعب بن الأشرف ذلك الغدار الماكر الذي نقض كل العهود المتفق عليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليهم ثلاثة حلول إما أن يدخلوا في الإسلام واما أن يقوموا بقتل ذراريهم ونسائهم بأنفسهم ثم يقاتلون المسلمين حتى الموت واما تبييت المسلمين ليلة السبت فان المسلمين قد أمنوا منهم فأبوا كل ذلك وأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم أحد أصحابه وهو أبو لبابه وكان حليفا لهم في الجاهلية …
عندما جاءهم أبو لبابة قام إليه اليهود متوسلين وقدم إليه النساء والصبيان يبكون فرقّ لهم وقالوا له يا أبا لبابة (( أترى أن ننزل على حكم محمد ؟ وكانوا لايعرفون نية الرسول صلى الله عليه وسلم )) ولذلك أجابهم أبو لبابة على سؤالهم بإشارة من يده إلى حلقه موضحا لهم انه الذبح إن هم رضوا بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم . وهنا أدرك أبو لبابة انه قد خان الرسالة وأفشى سرا من الأسرار العسكرية فندم بعد أن شعر انه تعدى حدوده وانطلق هائما على وجهه وربط نفسه إلى أحد أعمدة المسجد وقال لا ابرح حتى يتوب الله علي مما صنعت وظل في مكانه حتى نزلت توبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ف أطلقه بيده الشريفة . لم يهدأ اليهود في حصون بني قريظة فأرسلوا أحدهم وهو شاس بن قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أن ينزلوا على ما نزل عليه بنو النضير من ترك الأموال والخروج بالنساء والصبيان وما حملت الإبل إلا الحلقة … فرفض الرسول صلى الله عليه وسلم وتقرر بعد ذلك أن ينزل بنو قريظة على حكم رسول الله عندها قال الاوس : يا رسول الله إن بني قريظة هم موالينا .. وكانوا حلفائهم قبل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ترضون يا معشر الاوس أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ قالوا بلى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذلك سعد بن معاذ ، وكان سعد مصابا يداوى من جرح بليغ أصابه في غزوة الخندق فاقبلوا عليه يقولون : يا أبا عمر احسن في مواليك فإنما رسول الله ولاك لتحسن فيهم …. فأجابهم : لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم …. وهنا اعتدل سعد رضي الله عنه واصدر الحكم الوحيد الذي أجراه الله على لسانه ولقد كان حكما عادلا أشفى صدور المؤمنين الذين عانوا من غدر اليهود … وأشفى صدور المؤمنين الذين سيأتون من بعد سعد والى أن تقوم الساعة لقد حكم فيهم سعد بان تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى الذراري والنساء . وهنا قال له الرسول صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة ارقعة ( سماوات ) ثم جيء بهم في بيت بنت الحارث وتم حبسهم هناك إلي أن يحين تنفيذ حكم الله فيهم فحفر لهم خندق ثم أمر بهم فضربت أعناقهم في تلك الخندق وقتل معهم يومئذ عدو الله حيي بن اخطب وهو والد أم المؤمنين صفية بنت حيي التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم . قتل من رجال بني قريظة عدد يتراوح بين الستمائة والسبعمائة وقتلت من نسائهم امرأة واحدة وذلك لأنها قتلت أحد المسلمين بطرح رحى عليه واسمه خلاد بن سويد ، وكان ممن وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السبي ريحانة بنت عمرو ولم تزل في ملكه حتى مات . وكان نصر الله عظيما . لقد انزل الله القصاص العادل باليهود جزاء لهم على خيانتهم العهود وخاب ظن المنافقين الذين انكشف أمرهم في قوله تعالى (( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا )) الآية 12 من سورة الأحزاب بل وعدهم الكاذب وعهدهم المنقوض ووعد الله ورسوله هوالصادق . وفي نهاية ذلك اليوم مات سعد بن معاذ شهيدا متأثرا بجراحه من غزوة الخندق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ )) .....
******************************************
غزوة بني المصطلق :: ============
( شعبان السنة 6 هـ ) =============
بنو المصطلق هم فرع من خزيمة سموا بني المصطلق إذ كان جدهم رقيق الصوت . ويروى في سبب هذه الغزوة أن الرسول صلى الله عليه وسلم تلقى نبأ أن بني المصطلق يحرضون على قتله عليه الصلاة والسلام ، وان زعيمهم الحارث بن ضرار هو خطيبهم في ذلك ، فلما تأكد الرسول صلى الله عليه وسلم من الخبر، أسرع فاستعد لهم ونادى بالخروج إليهم ، وكان ذلك في شعبان من السنة السادسة للهجرة ، وجعل لواء المهاجرين لأبي بكر ولواء الأنصار لسعد بن عبادة ، وزحف المسلمون ونزلوا على ماء بئر قريب من بني المصطلق يقال له " المريسيع " فتقابلا الجيشان ، ونادى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأعلى صوته : قولوا : " لا اله إلا الله تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم ، أحاط المسلمون ببني المصطلق ففر من جاءو لمشاركة بني المصطلق في هذه المؤامرة ، ووقف بنو المصطلق وحدهم في مواجهة المسلمين ، وجرى تراشق بالنبال ، وسرعان ما أحس بنو المصطلق بأنهم لا يستطيعون الوقوف في وجه المسلمين وان الحرب ستأكلهم وراح الحارث بن أبي ضرار زعيمهم يقول : " أتانا من لا قبل لنابه عدة وعددا " وكان يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأصاب القوم الرعب فاستسلموا فرفعوا أيديهم والقوا بأسلحتهم ، فأسر منهم سبعمائة رجل ، وسبيت نسائهم وذريتهم ، وغنم المسلمون غنيمة كبيرة … ومما يقوله الرواة في ذلك انهم غنموا ألفا من الإبل ، وخمسة آلاف من الأغنام . وعلى هذا فالحديث عن غزوة بني المصطلق حديث قصير لان الحرب لم تكن شديدة ، ولكن لهذه الغزوة أهمية عظيمة في التاريخ ، إذ ارتبط بها حادثان خطيران أولهما الفتنة التي أوشكت أن تحدث بين المهاجرين والأنصار ، والتي كان سببها راس النفاق في المدينة عبد الله بن أبي بن سلول فأراد أن يستغل حادثة وقعت بين مهاجر وأنصاري ، ليشعل دعوة الجاهلية ، لتعظم وتأكل صفوف المسلمين . الحادثة كانت بين رجل مهاجر يسمى جهجاه بن مسعود من بني غفار أجير عمر بن الخطاب ، ورجل أنصاري هو سنان بن وبر الجهني … تزاحم الرجلان على الماء فاقتتلا ، فصرخ الأنصاري قائلا : يا معشر الأنصار ، ونادى المهاجر : قائلا يا معشر المهاجرين … فلما سمع ذلك راس النفاق ابن أبي قال : لقد نافرونا وكاثرونا في بلدنا ….. واكمل ذلك المنافق يقول .. أما والله لو رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الاذل ….. وكان زيد بن أرقم غلاما صغيرا فسمع هذا الحديث فبلغه إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم ، لقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم مما سمع ، وبينما هو في الموكب إذ التقى بأسيد بن حضير وكان رجلا من أتباع ابن أبي قبل إسلامه فقال له عليه الصلاة والسلام بعد أن رد تحيته ، أوما بلغك ما قال صاحبكم ؟ فقال عليه الصلاة والسلام انه قال : سيخرجن الأعز منها الاذل . فاستغرب الرجل وقال : هو والله الذليل وأنت الأعز ….. ثم أضاف أرفق به يا رسول الله ، فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ملكا ، وانه ليرى أنك قد اسلبته ملكه . فكان عقاب هذا المنافق أن نزل فيه قرآنا وهو القصاص منه ، وعلم ابن عبد الله بن أبي نبأ ما اقره القرآن في أبيه ، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتل أبيه ..
أما الحادثة الثانية فهي حادثة الإفك والتي حملها رأس النفاق أيضا ابن سلول ، وقد تصدى القرآن الكريم لتبرئة السيدة الفاضلة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، من فوق سبع سموات . ومما يتصل بهذه الغزوة زواجه صلى الله عليه وسلم من جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، وكيف كان هذا الزواج يمنا وبركة على أسيرات بني المصطلق فاعتقهن المسلمون وهم يهتفون ، كيف نأسر أصهار رسول الله ؟ وأسلم كثير من بني المصطلق وصفت النوايا وعم الوئام بين المسلمين جميعا.
*****************************************
صلح الحديبية:: =========
( ذي القعدة ، سنة 6 هجرية ) =================
في ذي القعدة من العام السادس الهجري خرج الرسول صلى الله عليه وسلم للعمرة في جمع من أصحابه يبلغ عددهم في ارجح الروايات ألف وأربعمائة من المسلمين المهاجرين والأنصار ومن لحق به من حلفائه العرب وأخذ معه عليه الصلاة والسلام سبعين بهيمة من الهدي ، الأغنام والأضاحي وقيل في ذلك أن عدد المسلمين كان سبعمائة فقط ، أي كل عشر ة لهم هدي واحد ، وبينما الرسول صلى الله عليه وسلم في المسيرة وقد أحرم مع أصحابه ليأمن الناس ويعلموا أن مقصده زيارة بيت الله الحرام . التقى عليه السلام برجل يسمى " بشر بن سفيان الكعبي" فقال له : يا رسول الله قد علمت قريش بخروجك وخرجت برجالها وابلها وهم في مكان قرب مكة ويتزعم فرسانهم خالد بن الوليد . فقال عليه الصلاه و السلام " يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب" .
ثم طلب عليه الصلاة والسلام من رجل من المسلمين أن يدله على طريق غير طريق التي تقف فيها قريش . فسار الرجل في مقدمة المسلمين ، يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه إلى طريق آخر غير طريق قريش وكان طريقا وعرا أجهد المسلمين ، فلما رأى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من أصحابه أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه ، ولما شاهدت قريش الغبار الذي يثره المسلمون قاصدين طريقا آخر عادوا إلى مكة مسرعين خوفا من دخول المسلمين من وموضع آخر ، والتقى الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه برجال من خزاعة وهي قبيلة عربية فلما سألوه عن الذي جاء به اخبرهم عليه الصلاة والسلام انه جاء لزيارة البيت . ولم يقصد الحرب والقتال . عاد القوم إلى مكة يقولون للكفار . يا معشر قريش !! إنكم استعجلتم في الحكم على محمد صلى الله عليه وسلم ، انه لم يأت للقتال وانما جاء زائرا هذا البيت .. فاقسموا ألا يدخل مكة عليهم أبدا .
طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يذهب إلى مكة ليبلغ أشرافها هدف مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة . فقال عمر رضي الله عنه " يا رسول الله إني أخاف قريش على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني ، يقصد أهله وقبيلته وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها " وأشار عمر أن يبعث الرسول عثمان بدلا منه قائلا " انه رجل أعز مني . وكان اختيار عمر صحيحا . لأنه يعرف مكانة عثمان لديهم . وقوة أبناء عمومته في قريش تجعلهم لا يفكرون في قتله .
ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم على رأي صاحبه وخرج عثمان قاصدا مكة ليفاوض أهلها على السماح بدخول المسلمين بقصد الطواف بالبيت العتيق . ولما وصل عثمان إلى مشارف أم القرى ، لقيه رجل من أهله هو أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وجعله في حمايته حتى وصل إلى زعيمهم أبي سفيان وحوله أشراف قريش ، بلغهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأجابوه إن شئت أن تطوف بالبيت فطف ..! . فقال لن افعل حتى يطوف معي رسول الله . فاحتجزه الكفار في مكة . وبلغ المسلمين انهم قتلوه ، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على القتال حتى الموت . وسميت بيعة الرضوان لأنها كانت تحت الشجرة ونزلت فيها الآيات التالية ( سورة الفتح 18/19 ثم جاءت أخبار عثمان من مكة بأنه لم يقتل ، وخبر مقتله غير صحيح . وبعث الكفار رجلا منهم وهو سهيل بن عمرو العامري . إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفاوضه في الصلح وكان شرطهم الأول أن لا يدخل الرسول مكة هذا العام . وتفاوض سهيل مع الرسول طويلا ثم جرى بينهما الصلح ولما سمع عمر شروط الصلح وقف غاضبا يقول : يا رسول الله الست برسول الله . قال عليه الصلاة والسلام : بلى .. قال عمر متسائلا:: أو ليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى .. فأجاب عمر : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أنا عبد الله ورسوله ولن أخالف أمره ولن يضيعني ..
ثم دعا رسول الله علي بن أبي طالب ليكتب كتاب الصلح بين المسلمين وقريش ، فقال عليه السلام : اكتب يا علي : بسم الله الرحمن الرحيم .. فقال سهيل بن عمرو : لا أعرف هذا اكتب باسمك اللهم …. فكتبها علي رضي الله عنه … ثم اكمل الرسول يملي عليا .. (( هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو )) . فقال سهيل لو شهدت انك رسول الله لم أقاتلك .. ولكن اكتب اسمك واسم ابيك . فقال الرسول صلوات الله وسلامه عليه ..: اكتب يا علي (( هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو )) . وأملاه شروط الصلح كما يلي : أن تضع الحرب اوزارها بين الفريقين لمدة عشر سنوات . أن يرد الرسول من يأتيه من قريش مسلما بدون إذن وليه .. ولا تلتزم قريش برد من يأتي إليها من عند محمد . من أحب الدخول في عقد قريش وعهدها فله ذلك .. ومن أراد أن يدخل في عهد محمد من غير قريش دخل فيه .. وأن يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم هذا العام من غير عمرة ، على أن يأتي في العام التالي فيدخل مكة مع أصحابه بعد أن تخرج منها قريش ويقيم فيها ثلاثة أيام وليس معهم من السلاح إلا السيوف ..
أحس المسلمون بخيبة أمل ورأوا أن الصلح فيه تساهل كبير من ناحيتهم وتشددا من قريش ولذلك عندما أمرهم الرسول أن ينحروا ثم يحلقوا لم يقم منهم أحد ، رغم أنه كرر ذلك ثلاث مرات .
حزن الرسول صلى الله عليه وسلم ودخل على زوجته " أم سلمة " أم المؤمنين وذكر لها ما لقيه من المسلمين فقالت : يا نبي الله أتحب أن يطيعوك فيما أردت ؟ إذن فاخرج ولا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بدنتك ، وتدعوا حالقك فيحلق شعرك . ففعل عليه الصلاة والسلام بمشورة أم المؤمنين . فلما رأى المسلمون ذلك قاموا جميعا ونحروا وصار بعضهم يحلق للآخر . وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم حكيما ، في عقده صلح الحديبية ، فقد أمن شر قريش لمدة عشر سنوات قادمة ، جعلته يتهيأ لنشر الدعوة خارج قريش ، وفي جميع أرجاء الجزيرة العربية . وعاد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في موكب صحابي جليل ، فيه رضى بما قسم الله لهم . وفي طريق العودة نزلت سورة الفتح التي بشرت الرسول بفتح قريب ، فاستبشر الصحابة بهذه البشرى العظيمة ، وسكنت قلوب المسلمين وراحوا يستغفرون الله ، وكان عمر بن الخطاب يقول : (( مازلت أتصدق وأصوم واصلي واعتق في الذي صنعت يومئذ ( يقصد يوم الصلح ) مخافة كلامي الذي تكلمت به ، حتى رجوت أن يكون خيرا )) .
***************************************
غزوة تبوك:: ========
إن القتال الذي شرعه الله تعالى، وخاض معاركه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، لهو أشرف أنواع الجهاد، فقد كان فريضة لحماية الحق، ورد المظالم، وقمع العدوان، وكسر الجبابرة، ومن ذلك غزوة تبوك والتي سنقف على تفصيلها في هذا المقال:
____________________________________________________
غزوه تبوك:: =======
تعتبر هذه الغزوة التي وقعت في رجب من صيف عام تسع للهجرة استجابة طبيعية لفريضة الجهاد ، فالروم أقرب الناس إلى جزيرة العرب ، فقد قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ، وليجدوا فيكم غلظةً واعلموا أن الله مع المتقين } ( التوبة 123) . وقد قضى الإسلام على الوثنية في شبه جزيرة العرب ، وبقيت أمامه المجوسية في بلاد فارس والنصرانية في بلاد الشام . وتبوك تقع شمال الحجاز وتبعد عن المدينة 778 كيلو مترا حسب الطريق المعبدة حالياً. وقد سميت غزوة "العسرة" أيضاً لما كان أصاب المسلمين من الضيق الاقتصادي وقتها . وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على النفقة ، فسارع أغنياء الصحابة وفقراءهم إلى تقديم الأموال ، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه أكثرهم انفاقاً على جيش العسرة فوعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنّة . وكان عدد الجيش ثلاثين ألفاً ، وحاول المنافقون تثبيط الناس عن الخروج ، وكان الحر شديداً ، وكان الناس يفيئون إلى ظلال الأشجار ، فكان المنافقون يستغلون ذلك لإشاعة التخاذل . كما كانوا يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلف مبدين الأعذار الكاذبة .
وقد ابتنى المنافقون مسجداً قبيل الخروج إلى تبوك ، ليجتمعوا فيه مكايدةً للمسلمين ، وقد طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فيه ، فنهاه الله تعالى عن ذلك وسمّاه مسجداً "ضراراً" .
وقد تخلف معظم المنافقين عن الغزوة ، ومضى بعضهم مع الجيش يقتنصون الفرص للكيد والإرجاف . ولم يتخلف من الصحابة إلا عدداً يسيراً من ذوي الأعذار سوى ثلاثة لم يكن لهم عذر . ونظراً لبعد الشقة وكثرة الأعداء فقد كشف الرسول صلى الله عليه وسلم عن وجهته للمسلمين ، ليستعدوا لذلك خلافاً لنهجه في الحروب فانه لا يعلن وجهته حتى لا يصل الخبر إلى عدوه فيأخذون أهبتهم .. وقد طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من علي بن أبي طالب أن يخلفه في أهله ، فقال علي : يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبيّ بعدي " . وهكذا شأن أصحاب العقيدة ، لا يفرحون بالثمار والظلال ، بل يؤثرون الحر والظمأ والجوع في سبيل الله ، فهي غنيمتهم التي يدّخرونها لآخرتهم . قال لأبو خيثمة الأنصاري : " تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلت حائطاً ، فرأيت عريشاً قد رش بالماء ، ورأيت زوجتي ، فقلت : ما هذا بانصاب ، رسول الله صلى الله عليه وسلم في السموم والحرور وأنا في الظل والنعيم ، فقمت إلى ناضحٍ لي وتمرات فخرجت ، فلما طلعت على العسكر فرآني الناس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كن أبا خيثمة ". فجئت ، فدعا لي . وبلغ الأمر بالضعفاء والعجزة ممن أقعدهم المرض أو العجز عن النفقة عن الخروج إلى حد البكاء شوق
عدل سابقا من قبل ناجي احمد محمد السيد عطيه في الثلاثاء 29 مارس - 16:37:39 عدل 1 مرات | |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم السبت 26 مارس - 1:19:44 | |
|
الفصل الثاني عشر:: والأخير:: ============
آيات ومعجزات النبوة:: ===============
من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، شفاء المرضى ببركته ودعائه، وقد تكرر هذا الحدث أكثر من مرة، ومع أكثر من صحابي، مما كان له الأثر الكبير في تثبيت نفوس الصحابة رضي الله عنهم، وزيادة إيمانهم، ولجوئهم إلى الله سبحانه وتعالى في أحوالهم كافة. فمن ذلك مثلاً ما حصل مع الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر، فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ( لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون * يخوضون في الحديث* ليلتهم أيهم يُعطاها؟ قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا: هو يارسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأُتي به، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية ) متفق عليه.. ومن ذلك ما حصل مع تلك المرأة التي كانت تصرع، ففي الحديث أن امرأة سوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: ( إن شئتِ صبرت ولك الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يعافيك،) قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها، متفق عليه. والدعاء له أثره العظيم والفعّال، فكيف إذا كان من الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا شك أن أثره سيكون أقوى، ومما يُنقل عن الإمام ابن القيم رحمه الله في أثر الدعاء قوله: "وأن علاج الأرواح بالدعوات والتوجه إلى الله يفعل ما لا يناله علاج الأطباء، وأن تأثيره وفعله وتأثر الطبيعة عنه وانفعالها أعظم من تأثير الأدوية البدنية وانفعال الطبيعة عنها، وقد جربنا هذا مراراً نحن وغيرنا، وعقلاء الأطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسية وانفعالاتها في شفاء الأمراض عجائب". ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم شفاء المصاب ببركة نفثه عليه، مثلما حصل مع الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، فعن يزيد بن أبي عبيد قال: ( رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة،) رواه البخاري . ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم في شفاء المرضى والمصابين، مسحه على جسد المصاب فيشفى بإذن الله عز وجل، كما حصل مع الصحابي عبد الله بن عتيك حينما انكسرت ساقه في طريق عودته من قتل أبي رافع اليهودي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (ابسط رجلك، قال: فبسطتُ رجلي، فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط ) رواه البخاري . تلك المواقف وغيرها تدل على ما أكرم الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم من الكرامات العظيمة، والمنح الربانية الكثيرة، تأييداً لدعوته، وبرهاناً على صدقها، والحمد لله رب العالمين.
__________________________________________________
معجزة القرآن الكريم:: ============
الحمد لله الذي أنعم على عباده بنعمة الخلق ، واختص الثقلين * الجن والإنس * بالتكليف، فأرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، إرشاداً وبياناً وإقامة للحجة، وكان آخر رسله محمداً صلى الله عليه وسلم. وقد أيّد الله رسله بما يناسب كل رسول من الآيات الباهرات التي هي خوارق للعادات، فكانت معجزة موسى عليه السلام العصى، ومعجزة صالح عليه السلام الناقة، ومعجزة عيسى عليه السلام إحياء الموتى بإذن الله وغيرها، وهكذا كانت معجزة كل نبي مما يتوافق مع حال قومه ، ولما كان العرب أهل فصاحةٍ وبلاغةٍ وشعرٍ وبيان، كانت معجزة محمدٍ صلى الله عليه وسلم قرآناً يتحدى به القوم فيما علموا وأتقنوا. فالقرآن الكريم معجزة رسول الله * صلى الله عليه وسلم * العظمى، دالة على صدقه، قد عجز البشر عن الإتيان بمثله، وهي معجزةٌ باقية مستمرة محفوظة، ببقاء رسالة الإسلام نفسها، لكونها خاتمة الرسالات، وآخر النبوات، وهي سبيل عز المسلمين ونصرهم. ومع أنّ حروف القرآن التي منها رُكِّبت كلماته وآياته هي نفس الحروف التي ركب منها كلام العرب، إلا إنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، وتحداهم الله بذلك، قال تعالى: { فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ } (الطور:34)، بل إنّ الله تحدّاهم أن يأتوا بعشرِ سورٍٍ مثله، قال تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (هود:13)، واستمر التحدي في الإتيان بأقل من ذلك، بسورة من مثله، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (البقرة:23). إنه القرآن العظيم المعجز في تركيبه وتنسيقه إلى جانب إعجازة في موضوعه وبيانه، مما حيَّر الفصحاء والبلغاء والشعراء، فجعلهم يذعنون له، ويستسلمون أمامه ، ويعلنون عجزهم وقصورهم، يسمعه بعض القوم، فلا يملك إلا إعلان الحقيقة، فيقول مقالته المشهورة : " إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر". ويسمعه الوليد بن المغيرة المخزومي فيقول مقسماً بالله : "فو الله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله". ويسمعه عتبة بن ربيعة فيذهل، ويسمعه الجن فيؤمنون به ويصدقونه ، قال تعالى { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً } (الجـن:1*2).
أللَّهُمَّ يَا مَنْ خَصَّ مُحَمَّداً وآلَهُ بِالْكَرَامَةِ وَحَبَاهُمْ بِاْلرِّسَالَةِ وَخَصَّهُمْ بِالْوَسِيلَةِ وَجَعَلَهُمْ وَرَثَةَ الانْبِياءِوَخَتَمَ بِهِمُ الاوْصِيَاءَ وَالاَئِمَّةَ وَعَلَّمَهُمْ عِلْمَ مَا كَانَ وَمَا بَقِيَ وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَافْعَـلْ بِنَا مَـا أَنْتَ أَهْلُهُ فِي الدّيْنِ وَالـدُّنْيَـا وَالاخِرَةِ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدير ربنا لا تواخذنا ان نسينا او اخطاءنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته علي الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالاطاقه لنا به واعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا علي القوم الكفرين استغفر الله الذي لا اله الاهو الحي القيوم واتوب اليه وصلى الله على نبينا محمد وآله واصحابه اجمعين
اللهم تقبل اللهم تقبل اللهم تقبل ولا تنسونى من صالح دعائكم
فأن الدعاء بظهر الغيب يعم الداعي والمدعو له
| |
|
| |
ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: رد: قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم الأربعاء 30 مارس - 20:44:21 | |
|
معلومات عامه........ عن سيد الخلق
محمد صلي الله عليه وسلم
1 - ا ســــمــه و نــــــسـبــه : --
هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب , من قبيلة قريش , ينتهي نسبه إلى قبيلة عدنان ثم إلى إسمـــــاعيل بن إبراهيم عليهمـــــا السلام .
2 - و لا د تـــــه : -
ولد صلى الله عليه وسلم في مگة بشعب بني هاشم صبيحة يوم الاثنين 12ربيع الأول من عام الفيل الموافق 20أبريل عام
571- قبل الهجرة بثلاث وخمسين سنة .
... ولد الهدى فالگائنات ضياء ......
... وفم الزمـــــان تبسم وثناء *****
..... الروح والملأ الملائگ حوله ......
... للدين والدنيا به بشراء *****
..... بگ بشر الله السمـــــاء فزينت .....
... وتضوعت مسگا بگ الغبراء *****
... سيدى يا رسول الله *
يا حبيب الله ( يا محمد ) ...
.... تجلي مولد الهادى وعمت ..........
... بشائره البوادى والقصابا *****
.... واسدت للبرية بنت وهب ......
.... يدا بيضاء طوقت الرقابا *****
..... لقد ولدته وهاجا منيرا ........
.... گمـــــا تلد السمـــــاوات الشهابا *****
.... فقام علي سمـــــاء البيت نورا ..........
..... يضئ جبال مگة والنقابا *****
... وضاعت يثرب الفيحاء مسگا .....
.... وفاح القاع ارجاء وطابا *****
..... ابا الزهراء قد جاوزت قدرى ......
..... بمدحگ بيد ان لى انتسابا *****
.... فمـــــا عرف البلاغة ذو بيان ......
.... اذا لم يتخذگ له گتابا *****
.... سيدى * يا حبيبي * يا رسول الله .
... انا المحب ومهجتى لا تنثنى .....
..... عن وجدها وهيامها بمحمد *****
.... قد لامنى فيه الجهول ولو درى .....
.... معنى الهيام به لگان مساعدى *****
3 - هــــجـــرتـــــه : -
هاجر صلى الله عليه وسلم
من مگة إلى المدينة المنورة
في يوم الاثنين 27 من شهر صفر عام 14
للبعثة المبارگة الموافق
12 سبتمبر عام 622م
ووصل إلى المدينة المنورة
في يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 14 للبعثة
الموافق 26 سبتمبر عام 622 .
وقيل وصل إلى المدينة المنورة
في يوم الاثنين 8ربيع الأول عام 14 للبعثة
الموافق 23 سبتمبر عام 622م
ولعل هذا الاختلاف ناتج عن
مدة الثلاثة أيام التي مگثها في الغار ....
.... طلع البدر علينا ....
... من ثنيات الوداع *****
.... وجب الشگر علينا ....
... مـــــا دعا لله داع *****
... ايها المبعوث فينا .....
... جئت بالامر المطاع *****
... جئت شرفت المدينة ....
... مـ´`ـرحـ´`ـبـ´`ـا يا خير داع *****
4 - وفـــــــاتــــــه : -
توفى صلى الله عليه وسلم
ضحى يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 11للهجرة
الموافق 8 يونية عام 632 وذلگ في المدينة المنورة
ودفن في حجرة عائشة رضي الله عنها ,
جنوب شرق المسجد النبوي .
5 - گـــــنـيـتـــــه : ---
... {{ أ بــــــو ا لــــقـا ســـــــــمــ }} ...
6 - أســـمــا ؤ ه و صــــفــا تــه و أ لــــقــا بــــه : -
محمد , احمد , المـــــاحي , العاقب ,
الحاشر , الخاتم , المقتفي ,
نبي الرحمة , البشير , النذير , الأمين ,
الصادق , المصطفى ,
طه , يس , السراج , المنير , رؤوف ,
رحيم , واوصاف أخرى گثيرة ....
7 - ز و جـــــــا تــــــه : ---
1 - خديجة بنت خويلد ....
2 - سوده بنت زمعة ....
3 - عائشة بنت أبى بگر الصديق ....
4 - حفصة بنت عمر بن الخطاب ....
5 - زينب بنت خزيمة ....
6 - هند بنت أبي أمية (ام سلمة) .....
7 - زينب بنت جحش .....
8 - أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ....
9 - ميمونة بنت الحارث ....
10 - جـ▫ـ▫ـويرية بنت الحارث ....
11 - صفية بنت حيي بن أخطب ....
12 - مـــــارية القبطية ....
13 - ريحانة بنت زيد من بني النظير ...
8 - أ و لا د هــــــــ : --
1 - القاسم ....
2 - عبدالله ....
3 - إبراهيم ....
4 - زينب ....
5 - رقية ....
6 - أم گلثوم .....
7 - فاطمة, وجميعهم من ام المؤمنين
خديجة بنت خويلد !!
.. مـــــاعدا إبراهيم فهو من مـــــارية القبطية ...
9 - أ خـــــــــو ا لـــــــــه : -
... أ خـــــو ا لـــه : -
... بنو زهرة , وبنو عدي بن النجار ...
10 - عـــمـــــــــلــــه : -
گان صلى الله عليه وسلم قبل البعثه
راعيا للاغنام , واشتغل بالتجاره
14 - أ خــــو تـــه مــــن ا لــر ضــــا عــــــة : --
عبدالله بن الحارث , أنيسة بنت الحارث ؛؛
وحذافة بنت الحارث ( الشيمـــــاء ) .....
15 - أ خــو تـــه مـــن ا لـنـــــســب ..
ليس له اخوة من النسب
بل گان وحيد أبويه ...
16 - أعـــمـا مــه و عـــمـا تـــه : -
1 - الحارث بن عبد المطلب .....
2 - أبو طالب واسمه عبد مناف ........
3 - حمزة ............
4 - أبو لهب واسمه عبد العزى .....
5 - العباس .............
6 - الزبير ..........
7 - حجلا ..........
8 - المقوم ............
9 - ضرار .........
عمــــــــــاته ســـت : -
1 - صفية ..............
2 - البيضاء ...............
3 - عاتگة ..........
4 - أميمة .......
5 - أروى ............
6 - بره ...........
17 - أ صـــــهــا ر هــ ..........
1 - العاص بن الربيع زوج زينب .....
2 - عتبة بن أبى لهب
تزوج رقية ثم طلقها ...
3 - عتيبة بن أبى لهب
تزوج ام گلثوم ثم طلقها ...
4 - عثمـــــان بن عفان
تزوج رقية ثم مـــــاتت
فتزوج أم گلثوم ....
5 - علي بن أبى طالب
تزوج فاطمة الزهراء ....
18 - صـــا حـــــبــه : -
هو أبو بگر الصديق رضي الله عنه
واسمه عبدالله بن أبى قحافة ] ]
]
19 - ســـبـطــا هـــ : -
هم الحسن والحسين أبناء أبنته فاطمة .....
20 - أمــــيـن ســــر هـــ : --
حذيفة بن اليمـــــان رضي الله عنه .........
21 - حـــــو ا ر يـــــه : -
الزبير بن العوام رضي الله عنه .........
22 - حــــــــــبــه : -
زيد بن الحارثة رضي الله عنه ...........
23 - ا بـــن حــــــــبــه : -
أسامة بن زيد بن الحارث
ويطلق عليه أيضا حبه وابن حبه .......
24 - شـــعـر ا ؤ هـــ : -
حسان بن ثابت , عبدالله بن رواحه , گعب بن مـــــالگ ..
25 - خـــــــــــــد مــــــــــه : -
1 - أنس بن مـــــالگ ..........
2 - هند وأسمـــــاء أبناء حارثة الاسلمي .....
3 - أبو هريرة , سلمى , خضرة .....
4 - رضوى .......
5 - ميمونة بنت سعد .........
6 - برگة أم أيمن .....
7 - أنجشة .......
8 - شقران ...............
9 - سفينة(مهران ثوبان ) ....
10 - يسار النوبي ........
11 - رباح , أسلم ( أبو رافع فضالة ) ....
12 - مدعم ..............
13 - رافع ..................
14 - گرگرة ...........
26 - حـــا ضــنـتــه : -
هي برگة أم ايمن ..............
.. قــا بـلـــتـه : -
القابلة التي قامت على ولادته
صلى الله عليه وسلم ؛؛
هي الشفاء والدة عبد الرحمن بن عوف ...
27 - گـــا فــــــــلــه : -
گفله جده عبد المطلب ,
وبعد وفاته عمه أبو طالب ..
28 - عــــــــمــر هــــــ : -
توفى صلى الله عليه وسلم
وعمره { 63عامـــــا } ..
سيدى يا رسول الله *
يا حبيب الله ( يا محمد ) ..
.... جعلت حياتگ للزمـــــان ربيعا .....
... ومشى بشيرگ في الانام مذيعا *****
.... الله اگبر حين بشر قائلا ....
... وهب الاله الى الانام شفيعا *****
..{ ســـــــــــــــــــيـــد ى } ...
... انت الذى من نورگ البدر اگتسى ....
... والشمس مشرقة بنور بهاگ *****
.... انت الذى لمـــــا رفعت الى السمـــــا ....
... بگ قد سمت وتزينت لسراگ *****
.... انت الذى ناداگ ربگ مـ´`ـرحـ´`ـبـ´`ـا ....
... ودعاگ لقربه وحباگ *****
... وخفضت دين الشرگ يا علم الهدى ....
... ورفعت دينگ فاستقامـــــا هناگ *****
... مـــــاذا يقول المـــــادحون ومـــــا عسى ....
... ان تجمع الگتاب من معناگ *****
... صلي عليگ الله يا علم الهدى ....
... مـــــا اشتاق مشتاق الى مثواگ *****
29 - ســــــا عـــيـه : -
هو عمرو بن أمية الضمري ........
30 - حــــا ر ســــــــــه : -
محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه ......
31 - فـــا ر ســـــــــه : -
أبوقتادة الأنصاري رضي الله عنه ........
32 - الـــمـؤ ذ نــو ن فــي عــــــهــد هــ : -
1 - بلال بن رباح .............
2 - عبدالله بن أم گلثوم ..........
3 - أبومحذوره واسمه أوس بن معير الجمحي ؛؛
... اسلم بعد حنين وتوفى عام 59هـ ....
33 - حـــجــــــــا تـــــــــه : -
حج النبي صلى الله عليه وسلم
حجة واحده
وهي حجة الوداع عام 10هـ ..........
34 - عـــــــمــر ا تــــه : -
اعتمر صلى الله عليه وسلم
أربع عمرات هن : -
1 - عمرة الحديبة عام 6هـ ...........
2 - عمرة القضاء عاهـ ...........
3 - وعمرة الجعرانه عام 8هـ ............
4 - وعمرته التي قرنها مع حجته عام 10هـ
وگانت جميع تلگ العمر في شهر ذي القعدة ......
35 - أ ســــــــمـا ء ســـــيـو فــــه : -
1 - ذوالفقار .............
2 - بتار .............
3 - الحيف ...............
4 - رسوب ...............
5 - المخدم .............
6 - مأثور (وهو السيف الذي ورثه عن والده ) .....
7 - العضب .............
8 - القضيب .............
36 - أ ســــمـا ء أقــــو ا ســــه : -
1 - الزوراء ..............
2 - الروحاء ................
3 - الصفراء ...............
4 - الگتوم ................
5 - السداد ...............
37 - أ ســـــمـــــا ء د ر و عـــــــه : -
ذات الفضول (وهي التي رهنها عند اليهود )
ذات الوشاح ؛؛
ذات الحواشي ,
السعدية ,
فضة ,
البتراء ,
الخرنق بگسر الخاء ....
38 - أ ســــمـا ء خـــــــيـو لـــــه : -
1 - السگب ...............
2 - المرتجز ..........
3 - اللحيف ..............
4 - اللزاز .............
5 - الطرب .............
6 - سبحة أو (سبخة بالخاء ) .........
7 - الورد ...............
39 - أســمـاء نــوقـه وجــمـا لـه
و د و ا بــه ا لأ خــــرى : -
گان له ناقة واحده هي القصواء
وهي التي هاجر عليها من مگة إلى المدينة ؛؛
وگانت تسمى الجدعاء والعضباء ..
وگان عنده حمـــــار يقال له عفير ....
واخر يسمى يعفور .....
.. ا لــبـــــــغــا ل : -
بغلة اسمها دلدل
أهداها له المقوقس هي والحمـــــار عفير ..
وبغلة أخرى اسمها فضة
أهداها له فروة بن عمرو الجذامي
ومعها الحمـــــار يعفور ؛؛
وقد أهداها صلى الله عليه وسلم هذه البغله
( فضة إلى أبي بگر الصديق ) ..
وگان عنده من منائح المعز سبعة هن : ---
1 - عجـ▫ـ▫ـوة ............
2 - زمزم ........
3 - سقيا ....................
4 - برگة ........................
5 - ورسة ............
6 - أطلال ..............
7 - أطراف
ومن النوق اللقائح ذات اللبن سبع لقائح . ..
40 - ر ا يــــــتــه : -
أسم رايته صلى الله عليه وسلم العقاب .........
41 - أ شــــــبــا هـــه : -
گان يشبه من الصحابة : ---
1 - الحسن بن على بن أبى طالب .....
2 - جعفر بن أبى طالب رضي الله عنه ..........
3 - قثم بن عباس بن عبد المطلب .........
4 - أبو سفيان بن الحارث ............
5 - السائب بن عبيد بن عبد مناف .........
6 - عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ........
42 - گـــــــــتــا بـــه : -
گان هناگ گتاب للرسول صلى الله عليه وسلم
يگتبون مـــــا ينزل من القران الگريم أشهرهم : -
1 - أبو بگر الصديق ...........
2 - عمر ابن الخطاب ..............
3 - عثمـــــان بن عفان ..............
4 - علي بن أبى طالب ...............
5 - معاذ بن جبل .............
6 - زيد بن ثابت ..............
7 - معاوية بن أبى سفيان .............
8 - ابي بن گعب .................
9 - عبدالله بن مسعود .............
10 - خالد بن الوليد ...............
11 - ثابت بن قيس ..........
12 - أبان ابن سعيد ..........
وقد ذگر الحافظ العراقي اثنين واربعين گاتبا
من گتاب الوحي !! ...
43 - بـــــــيـو تــــه : -
گان للرسول صلى الله عليه وسلم
تسعة بيوت (حجرات )
وهن :
حجرات زوجاته
إضافة إلى حجرة فاطمة الزهراء ,
وقيل إن هناگ حجرة عاشره
لام المؤمنين ميمونة بنت الحارث ؛؛
ولم يرد في عبارات المتقدمين
ما يحدد موقع هذه الحجرات ؛؛
ولعلها گانت في الجهة الشمـــــالية الشرقية ...
44 - جملة الغزوات التي گانت في عهده
29 غزوة والمشهور ؛؛
إن عدد غزواته 27 غزوة
وذلگ باعتبار صلح الحديبية ليست غزوة ؛؛
وباعتبار عدم خروجه في غزوة موتة ,
فتگون الغزوات التي اشترگ فيها
وگان قائدها 27غزوة وجملة الغزوات
واخيرا ربنا يجعل الحبيب المصطفى
شفيعا لنا يوم القيامه
ولا تنسو نا بالدعاء بظهر الغيب
الدعاء لى ولا امة الاسلام اجمعين
وصلي الله علي سيدنا محمد
وعلي اله وصحبه وسلم
| |
|
| |
| قراءه جديده في قصه الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم | |
|