مواعظ قصيرة لابن الجوزي
الحمد لله وحده,
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده,
نبينا محمد, عليه أفضل الصلاة والتسليم,
أما بعد:
لقد قرأت هذه المواعظ لابن الجوزي,
وأحببت أن أشاركها معكم :
1- اخواني :
الذنوب تغطي على القلوب ،
فإذا أظلمت مرآة القلب
لم يبن فيها وجه الهدى ،
و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
2- يا صاحب الخطايا اين الدموع الجارية ،
يا اسير المعاصي إبك على الذنوب الماضية ،
أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ،
واحسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت ،
كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ،
ألست الذي بارزت بالكبائر و ما راقبت ؟
3- أسفاً لعبد كلما كثرت اوزاره قلّ استغفاره ،
و كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور .
4- اذكر اسم من إذا اطعته افادك ،
و إذا اتيته شاكراً زادك ،
و إذا خدمته أصلح قلبك و فؤادك
5- أيها الغافل ما عندك خبر منك !
فما تعرف من نفسك إلا ان تجوع فتاكل ،
و تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ،
فبم تميزت عن البهائم !
6- واعجباً لك !
لو رايت خطاً مستحسن الرقم
لأدركك الدهش من حكمة الكاتب ،
و انت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع ،
فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب ،
كيف اعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !
7- يا من قد وهى شبابه ،
و امتلأ بالزلل كتابه ،
أما بلغك ان الجلود إذا استشهدت نطقت !
اما علمت ان النار للعصاة خلقت !
إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها ،
فتذكر أن التوبة تحجب عنها ،
و الدمعة تطفيها .
8- سلوا القبور عن سكانها ،
و استخبروا اللحود عن قطانها ،
تخبركم بخشونة المضاجع ،
و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ،
و المسافر يود لو انه راجع ،
فليتعظ الغافل و ليراجع .
9- يا مُطالباً باعماله ،
يا مسؤلاً عن افعاله ،
يا مكتوباً عليه جميع أقواله ،
يا مناقشاً على كل أحواله ،
نسيانك لهذا أمر عجيب !
10- إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ،
و للفهوم كل لحظة زجر جديد ،
و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ،
غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد
11- كان بشر الحافي
طويل السهر يقول :
أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم
12- من تصور زوال المحن
و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ،
و من تفكر في زوال اللذات
وبقاء العار هان تركها عنده ،
و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب .
13- عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ،
و لبائع البحر الخضم بساقية ،
و لمختار دار الكدر على الصافية ،
و لمقدم حب الأمراض على العافية .
14- قدم على محمد بن واسع
ابن عم له فقال له من اين اقبلت ؟
قال : من طلب الدنيا ،
فقال : هل ادركتها ؟
قال لا ، فقال : واعجباً !
انت تطلب شيئاً لم تدركه ،
فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .
15- يُجمع الناس كلهم في صعيد ،
و ينقسمون إلى شقي و سعيد ،
فقوم قد حلّ بهم الوعيد ،
و قوم قيامتهم نزهة و عيد ،
و كل عامل يغترف من مشربه .
16- كم نظرة تحلو في العاجلة ،
مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ،
يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف ،
و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ،
فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام
17- ياطفل الهوى !
متى يؤنس منك رشد ،
عينك مطلقة في الحرام ،
و لسانك مهمل في الآثام ،
و جسدك يتعب في كسب الحطام .
18- أين ندمك على ذنوبك ؟
أين حسرتك على عيوبك ؟
إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ،
و تضيع يومك تضييعك أمسك ،
لا مع الصادقين لك قدم ،
و لا مع التائبين لك ندم ،
هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ،
و أجريت في السحر دموعاً سائلة .
19- تحب اولادك طبعاً
فأحبب والديك شرعاً ،
و ارع أصلاً أثمر فرعاً ،
و اذكر لطفهما بك
و طيب المرعى أولاً و اخيرا ،
فتصدق عنهما إن كانا ميتين ،
و استغفر لهما و اقض عنهما الدين
20- من لك إذا الم الألم ،
و سكن الصوت و تمكن الندم ،
ووقع الفوت ،
و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ،
و نزلت منزلاً ليس بمسكون ،
فيا أسفاً لك كيف تكون ،
و اهوال القبر لا تطاق .
21- كأن القلوب ليست منا ،
و كان الحديث يُعنى به غيرنا
، كم من وعيد يخرق الآذانا .
. كأنما يُعنى به سوانا ..
أصمّنا الإهمال بل اعمانا .
22- يا ابن آدم
فرح الخطيئة اليوم قليل ،
و حزنها في غد طويل ،
ما دام المؤمن في نور التقوى ،
فهو يبصر طريق الهدى ،
فإذا أطبق ظلام الهوى عدم النور
23- انتبه الحسن ليلة فبكى ،
فضج اهل الدار بالبكاء فسالوه عن حاله
فقال :
ذكرت ذنباً فبكيت !
يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء
24- يا من عمله بالنفاق مغشوش ،
تتزين للناس كما يُزين المنقوش ،
إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش ،
فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش ،
و كيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .
25- ألك عمل إذا وضع في الميزان زان ؟
عملك قشر لا لب ،
و اللب يُثقل الكفة لا القشر
26- رحم الله أعظما ً نصبت في الطاعة و انتصبت ،
جن عليها الليل فلما تمكن و ثبت ،
و كلما تذكرت جهنم رهبت و هربت ،
و كلما تذكرت ذنوبها ناحت عليها و ندبت .
27- يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة ،
و لا رق أملك من الشهوة ،
و لا مصيبة كموت القلب ،
و لا نذير أبلغ من الشيب .
28- إلى كم اعمالك كلها قباح ،
اين الجد إلى كم مزاح ،
كثر الفساد فأين الصلاح ،
ستفارق الأرواح الأجساد
إما في غدو و إما في رواح ،
و سيخلو البلى بالوجوه الصباح ،
أفي هذا شك ام الأمر مزاح .
29- فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة ،
و ليطرق بالأسحار باب الإجابة ،
فما صدق صادق فرُد ،
و لا اتى الباب مخلص فصُد ،
و كيف يُرد من استُدعي ؟
و إنما الشان في صدق التوية .
30- إخواني :
الأيام مطايا بيدها أزمة
ركبانها تنزل بهم حيث شاءت ،
فبينا هم على غواربها
ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها
والله لانها من اعظم واغلي العظات التي سمعتها
وهي عندي اغلي من الذهب والماس
واغلي من كنوز الدنيا كلها
فهل من مستفيد
]