دكتور أحمد زويل
قصة عالم مصرى
مصر سباقة فى جميع المجالات العلمية والأدبية والفنية ، وهذا الموضوع يتحدث عن أحد علماء مصر البارزين الذين تفوقوا على علماء أمريكا وأوربا ، وكان فخرا تعتز به مصر . (وقد حصل على جائزة نوبل فى الكيمياء لسنة 1999 منفردا) وكرمته مصر والعالم .
إستقبال غير حافل وصمود أمام التحديات : الهدوء يسود المكان ... إستقبلته المدينة إستقبالا باردا .. وهو يجتاز البوابة الأخيرة لمطار ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية ؛ إذ كانت تظن أن لديها عشرات الآلاف من العلماء ، الأكثر منه قيمة ونفعا ... ولو أن هذه المدينة كانت تعلم الغيب ، وأنه سيتفوق بعلمه وخلقه على كل مالديها من علماء ... لكان للإستقبال شأن آخر . فى لمح البصر ... كان الشاب المصرى (أحمد زويل) يدلف عبر الشارع ، غير مكترث ببرودة الإستقبال ، واثقا من نفسه ، ينظر إلى المستقبل فى تحد واضح ، وقوة كان يعلم أنها لابد أن تقهر البرودة التى تسيطر على كل شئ ... كم كان يتمنى أن يرمقه أحدهم بنظرة ولو كانت قاسية ... لكن أحدا لم يلتفت إليه !! لقد كان (أحمد زويل) أمام أمرين لاثالث لهما : أن يترك هذه البلاد الباردة ويرحل على الطائرة نفسها. ن يبقى ويستمر وينجح ولاينكسر ... وكان الأمر الثانى إختياره فقد جاء ليثبت عبقرية وتفوقا ، ويضيف جديدا إلى العالم ، ويفيد سائر البشرية . هكذا بدأت القصة .
نبوغه المبكر والمستمر فى العلوم حتى الدكتوراه :
إن أحداث هذه القصة تبدأ عام 1946م ، بمدينة دمنهور ، التى شهدت مولد وطفولة واحد من أعظم من أنجبتهم مصر فى مجال العلوم ، وهو (د. أحمد زويل) ، الذى تميز منذ بواكير طفولته بحبه الشديد لإجراء التجارب العلمية ، ذلك الحب الذى لم يكن دافعه الوحيد للإلتحاق بكلية العلوم ، فقد كانت أسرته تعده ليكون طبيبا . كانت دراسة (أحمد زويل) فى كلية العلوم سلسلة متواصلة من النجاح والتفوق ، إذ إنضم إلى قسم الإمتياز منذ العام الجامعى الأول (وهو نظام معمول به فى الجامعات المصرية ، يهدف إلى ضم الطلاب الذين حققوا نجاحا وتفوقا ، لتتم معاملتهم معاملة خاصة ، ورعايتهم علميا ، ليكونوا نواة للمشتغلين بالتدريس الجامعى ، والعمل فى المجالات البحثية) ، وحتى حصوله على المركز الأول فى السنة النهائية ، وتعيينه معيدا بكلية العلوم ، وحصوله على درجة الماجستير بإمتياز ، وإختيار الجامعة له ، ليسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليستكمل دراسته الجامعية ، ويحصل على درجة الدكتوراه فى العلوم . وكانت هذه بداية القصة التى نحن بصددها .. (الخطوة فى طريق الألف ميل) .
ترشيحه لجائزة نوبل لتفوقه فى العلوم :
قضى (أحمد زويل) سنوات طويلة يبحث ويدرس فى مجالات (الليزر) وتطبيقاته، حتى استطاع أن يحقق السبق العلمى الفريد، الذى جعله يرشح لأكثر من مرة للحصول على جائزة نوبل فى العلوم، إذ توصل إلى إختراع كاميرا يمكنها تصوير ورصد حركة الجزيئات عند ميلادها ، وعند إلتحام بعضها ببعض ، وكان ذلك نصرا علميا هائلا فتح الباب على مصراعيه ، أمام عديد من الإستخدامات الطبية والعلمية ، وتغيير كثير من المفاهيم .
حصوله على أكبر جائزة علمية فى أمريكا :
وتتوالى إنتصارات د. أحمد زويل ، الأستاذ المساعد بجامعة (بنسلفانيا) بالولايات المتحدة الأمريكية ، والأستاذ المشارك للفيزياء الكيميائية بمعهد (كاليفورنيا) فى الفترة من 1978 حتى عام 1982 ؛ إذ سجل بعد ذلك براءة إختراع جهاز تركيز الطاقة الشمسية ، ثم حصل على جائزة الكسندرفون همبولدن ، من ألمانيا الغربية ، وهى أكبر جائزة علمية هناك ، كما حصل على وسام باك وتينى من ولاية نيويورك عام 1985م ، وجائزة (الملك فيصل) فى الفيزياء .
أصغر الأعضاء سنا فى الأكاديمية الأمريكية للعلوم :
ومن أعظم ماسجل (د. أحمد زويل) من إنجازات باهرة أن انتخب بالإجماع عضوا بالأكاديمية الأمريكية للعلوم فى عام 1989م وكان أصغر الأعضاء سنا ، إذ كان عمره يبلغ ثلاثة وأربعين عاما فقط ، وهى سابقة فى تاريخ الأكاديمية ، إذ لم تكن تقبل أعضاء أعمارهم أقل من خمسة وخمسين عاما ، مهما كانت إبداعاتهم العلمية ، ومهما كان تفوقهم وسبقهم ؛ مما يدل على أن د. أحمد زويل كان عبقرية غير مسبوقة ، وعطاء منقطع النظير .
أهم مؤلفاته :
وللدكتور أحمد زويل مجموعة من الأجهزة المسجلة بإسمه ، وأربعة كتب علمية، ومايزيد عن 250 بحثا علميا فى مجالات الليزر.
إرادة مصرية صلبة تحقق المجد :
إن رحلة النجاح الباهرة التى حققها (د. أحمد زويل) لم تكن لتحقق دون إرادة قوية نادرة ، تعينه على العمل المتواصل لمدة عشرين ساعة يوميا على مدى ستة وعشرين عاما ... تلك الإرادة المصرية التى أثبتت نفسها على الساحة الأمريكية ، ووسط أناس لايعترفون للشرق وللعرب بأى مكانة ؛ للإسهام فى النهضة التكنولوجية المتقدمة ، وأثبتت أنه حين تكتمل عناصر النجاح يظل الإنسان – وحده – فى طليعة هذه العناصر ، ويظل المصرى قادرا على إثبات نفسه فى أى مكان ، وتحت أى ظرف .