أبومعاذ مشرف عام
عدد الرسائل : 1194 نقاط : 1652 تاريخ التسجيل : 22/04/2008
| موضوع: لماذا نهينا عن التشبه بالكافرين؟ الإثنين 5 أبريل - 15:21:30 | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاته اللهم صلى على محمد و على آل محمد ابتداءً ينبغي أن نفهم، كما هي القاعدة في الإسلام، أن الدين مبناه على التسليم؛ التسليم لله تعالى، والتسليم للرسول صلى الله عليه وسلم. والتسليم معناه: تصديق خبر الله تعالى وامتثال أمره واجتناب نهيه وبتصديق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره واجتناب نهيه واتباع هديه. فإذا عرفنا هذه القاعدة فإنه ينبغي للمُسلم: أولاً: أن يُسَلِّم بِكُل ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ثانياً: أن يَمْتَثله، ومما جاء به: النهي عن مُشابهة الكافرين ثالثاً: وبعد أن يُسَلِّم ويطمئن ويثق بخبر الله وشرعه ويمتثله، فإنه بعد ذلك لا مانع من أن يلتمس التعليلات والأسباب.. فلذلك نستطيع أن نقول: بأن أسباب النهي عن التشبه بالكافرين كثيرة، وأغلبها مما يدركه أصحاب العُقول السليمة والفِطَر المُستقيمة، من ذلك: أولاً: أن أعمال الكُفار مبناها على الضلال والفساد، فإن أعمال الكُفار مبناها على الضلال والانحراف والفساد في عقائدهم وفي عاداتهم وفي عباداتهم وفي أعيادهم وفي سُلوكهم. والصلاح استثناء، ثُم إذا وُجد بينهم من الأمور الصالحة شيئاً فإنما يكون مما لا يُؤجر عليه أحدٌ منهم. كما قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَاً} [سورة الفُرقان الآية 23]. ثانياً: التشبه بالكافرين يُوقِع المُسلم بالتبعية لهُم، وفي هذا مُشاقة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم واتباع لسبيل غير المُؤمنين. وفي هذا وعيدٌ شديد، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِهِ مَا تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [سورة النساء الآية 115]. ثالثاً: التشابه بين المُتشَبَّه به، يُوقع شيئاً من المُشاكلة بين المُقلَّد والمُقلِّد. بمعنى التناسب الشكلي والميول في القلب والانصهار والموافقة في الأقوال والأعمال، وهذا أمرٌ مُخِلٌ بالإيمان لا ينبغي لمُسلم أن يقع فيه. رابعاً: أن التشبه يُورث، في الغالب، الإعجاب بالكافرين، ومِن ثَم الإعجاب بدينهم وعاداتهم وسُلوكهم وأعمالهم وما هُم عليه من الباطل والفساد. وهذا الإعجاب لابُد أن يُورِث ازدراء السُنن وازدراء الحق والهُدى الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والذي عليه السلف الصالح؛ لأن من تشبه بِقومٍ وافقهم ورضيَ بفعلهم وأعجبه ذلك، وبالعكس فإنه لا يُعجبه الفعل والقول المُخالف. خامساً: أن المُشابهة تُورث المودة والمحبة والموالاة بين المتشابهين، فإن المُسلم إذا قَلَّد الكافر لابد أن يجد في نفسه إلفةً له، وهذه الإلفة لابد أن تورِث المحبة وتورث الرضا والموالاة لغير المؤمنين، والنفرة من الصالحين المُتقين العاملين بالسُنة المُستقيمين على الدين، وهذا أمر فِطري يُدركه كل عاقل، خاصةً إذا شعر المقلِّد بالغُربة أو شعر المقلِّد بما يُسمى بالانهزامية النفسية، فإنه بذلك إذا قلد غيره فإنه يشعر بعظمة المُقلَّد وبالمودة له والأُلفة والتناسب بينهما، ولو لم يكن من ذلك إلا التناسب الظاهر لكفى، مع أن التناسب الظاهر في الشكل وفي العادة وفي السُلوك لابد أن يُورِث التناسب الباطن، وهذا أمر يُدركه كل من يتأمل مثل هذه الأمور في سُلوك البشر. ولأضرب لكم مثلاً في وجود التناسب والمحبة والإلفة بين المُتماثلين: لو أن إنساناً ذهب إلى بلدٍ آخر يكون هو فيه غريباً، فإنه لو رأى إنساناً مثله يمشي في السوق يلبس كلباسه ويتكلم بلغته، فإنه لابد أن يشعُر نحوه بشيء من المودة والإلفة أكثر مما لو كان في بلده. إذن فالإنسان إذا شعر أنه مُقلِّد لآخر، فإن هذا التقليد لابد أن يقع في القلب له أثر، هذا في الحالات العادية، فكيف لو قلد المُسلم الكافر عن إعجاب! وهذا هو الحاصل، فإنه لا يُمكن أن يقع التقليد من المُسلم للكافر إلا وأن يكون ذلك صادراً عن إعجاب وعن تقليد وعن مُحاكاة وعن محبة تُورث المودة والموالاة، كما نرى من المُتفرنجين من المُسلمين. وسادساً: نُهينا عن التشبه؛ لأن مُشابهة المُسلم للكافرين في الغالب لابد أن تجعله في مقام الذليل والضعيف الذي يشعر بالصَغار والانهزامية، وهذا الذي عليه الكثير من الذين يُقلدون الكفار الآن.
كتبه: أ.د. ناصر بن عبد الكريم العقل، أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من كتاب: قضايا عَقَدِيَّة مُعاصِرة
| |
|