منتدى شباب كفر الجمال
مرحبا بك أيها الزائر الكريم ...أبو حبيب يرحب بك في منتدى شباب كفر الجمال...
و يشرفنا أن تقوم بالتسجيل لتتمكن من الاطلاع على جميع أقسام المنتدى....
منتدى شباب كفر الجمال
مرحبا بك أيها الزائر الكريم ...أبو حبيب يرحب بك في منتدى شباب كفر الجمال...
و يشرفنا أن تقوم بالتسجيل لتتمكن من الاطلاع على جميع أقسام المنتدى....
منتدى شباب كفر الجمال
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى شباب كفر الجمال

 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
حقيقة التصوف Animal11
حقيقة التصوف 09910
حقيقة التصوف 1611
حقيقة التصوف Tحقيقة التصوف Eحقيقة التصوف Nحقيقة التصوف Emptyحقيقة التصوف Lحقيقة التصوف Aحقيقة التصوف Mحقيقة التصوف Eحقيقة التصوف Gحقيقة التصوف Lحقيقة التصوف Eحقيقة التصوف Emptyحقيقة التصوف Wحقيقة التصوف Wحقيقة التصوف W
حقيقة التصوف 1611 الآن  وبعون الله تعالى   المنتدى على سيرفر جديد www.elgemal.net

 

 حقيقة التصوف

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالخميس 26 نوفمبر - 15:49:38


الحمد لله
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله
الحمد لله على نعمة الإسلام الحمد لله على نعمة الإيمان الحمد لله على
نعمة لا إله إلا الله كلمة الحق ومفتاح الجنة وباب الوصول إلى الله سبحانه
وتعالى الكلمة التي من قالها فقد عصم دمه وماله وعرضه .. لا إله إلا الله
الحمد لله الذي أوضح لنا السبيل ودلنا على الطريق وبعث فينا ومنا حبيبه
الرحيم الشفيق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تركنا على المحجة
البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك والعياذ بالله تعالى
اللهم صلي وسلم وبارك وكرم على حبيبك المصطفى إمام أهل الصدق والوفا وعلى
أصحابه الخلفاء وآله الكرام الشرفاء والتابعين لهم بإحسان إلى يوم اللقاء
برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم وأرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وأرنا
الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا على الحق فيما نقول ونفعل ونعتقد
بمحض فضلك وجودك يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين أما بعد:


[ماهية التصوف]
التصوف
التصوف الذي نعنيه نحن هنا هو الطريق الحق الذي انتشرت أخباره في المشارق والمغارب
التصوف المقصود منه كما قال أهل العلم هو بلوغ مرتبة الإحسان ، لأننا نعلم
أن الله سبحانه وتعالى لما بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة {
الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب
والحكمة } [آل عمران/75]
فإذا المهمة التي بعث بها رسول الله صلى
الله عليه وسلم ليست مهمة مخاطبة العقول أو التلاوة أو الإرسال إليهم فقط
، إنما كان مبعوثًا بالتعليم والتزكية والتربية ، فإذاً شأن التزكية للنفس
الذي يبلغ صاحبها إلى مرتبة المعاملة مع الله تعالى التي سأل عنها رسول
الله في الحديث الصحيح لما جاءه جبريل فقال يا محمد أخبرني عن الإسلام
فأخبره ثم قال أخبرني عن الإيمان فأخبره ثم قال أخبرني عن الإحسان وقال
الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، إذًا نحن
علمنا أن الإسلام هو الأركان الخمسة الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم
والحج ، وعلمنا أن شرائع الإسلام ألُّفت فيها المؤلفات الكبيرة ، وأن أهل
الإسلام أخذوا فيها بالمذاهب التي اشتهرت فهناك المذهب الحنفي والمالكي
والشافعي والحنبلي ، كل هذه المذاهب جاءت في تفريعات أمور الشريعة الظاهرة
وهي الإسلامية في أركان الإسلام وما يتعلق بها من معاملات بعد ذلك ، ثم
جاءنا في الإيمان كلام أهل التوحيد والذين تكلموا وسموا بعد ذلك برجال
العقيدة وسمي هذا العلم بعلم العقيدة ، وبقي شأن التزكية وشان التربية
وتصفية القلوب لتحقيق هذه العبودية لله سبحانه وتعالى فسميت بما تعارف
عليه أهل الإسلام من أهل القرون الأولى أنه التصوف.
التصوف عرفه أهله
وأصحابه وأئمته ، نحن نعلم أن كل علم يرجع فيه إلى من أسسه وإلى رجاله
وإلى أئمته ، فعلم التصوف علم عظيم تعلق بالتربية على وفق الكتاب والسنة ،
وأئمته الذين اشتهروا به وهم مراجعٌ فيه ممن استخلص معاني التربية من
الكتاب والسنة عرفوا هذا المنهج بتعريفات هي الأصل والمرجع فلا يأتي أحد
فيعرف التصوف ثم يهاجم التصوف من حيث تعريفٍ عرفه هو أو غيره ، وينسى
التعريفات التي عرفه بها أهله رضوان الله تعالى ، فمثلاً :
[تعريف علماء التصوف للتصوف]

قال الشيخ عبد القادر الجيلاني -وهو من كبار أهل التصوف ومن أشهرهم على الإطلاق- يقول:
((التصوف ليس ما أخذ عن القيل والقال ولكن أخذ من الجوع وقطع المؤلوفات والمستحسنات))
ويقول الإمام الغزالي - الحجة التي سمي بـحجة الإسلام وهو الذي أحسن البيان في مجال التصوف وكتبه أجرى الله بها النفع في جميع بلاد المسلمين- يقول :
(( التصوف هو تجريد القلب لله تعالى واحتقار ما سواه ))
أي تخليص القلب لله تعالى واعتقاد ما سواه اعتقادًا أنه لا يضر ولا ينفع
فلا يؤول إلى على الله فالمراد باحتقار ما سواه اعتقاد أنه لا يضر ولا
ينفع وليس المراد الازدراء والتنقيص
ويقول الشيخ ابن عطاء السكندري - صاحب الحكم - :
((التصوف هو الإسترسال مع الحق ))
ويقول الشيخ معروف الكرخي :
(( التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق ))
ويقول الإمام أبو الحسن الشاذلي -الذي يتبعه في ميدان التصوف الملايين اليوم من البشر-:
(( التصوف تدريب النفس على العبودية وردها إلى أحكام الربوبية ))
ويقول الإمام الجنيد -والإمام الجنيد يسمى سيد الطائفة الصوفية- يقول الإمام الجنيد:
((التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع اتباع)) يعني اتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم
ويقول أيضًا :
(( علمنا هذا -أي التصوف-
مقيد بالكتاب والسنة ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في
هذا الأمر والطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى
الله عليه وسلم ))
ويقول :
(( علمنا هذا -يعني التصوف- مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يسمع الحديث ويجلس ويأخذ أدبه من المتأدبين أفسد من اتبعه ))
ويقول :
(( التصوف أن يختصك الله بالصفاء فمن صفا من كل ما سوى الله فهو الصوفي ))
إلى غير ذلك من التعريفات ويقول أيضًا :
(( التصوف
تصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبيعية وإخماد الصفات
البشرية ومجانبة الدعاوي النفسانية ومنازلة الصفات الروحانية والتعلق
بالعلوم الحقيقية واستعمال من هو أولى على الأبدية والنصح لجميع الأمة
والوفاء الله على الحقيقة واتباع الرسول في الشريعة ))
هكذا يعرف هذا الإمام التصوف بأنه كله كتاب وسنة
ويقول الإمام السري -من تلامذة الإمام الجنيد- يقول :
((سمعت الجنيد يقول التصوف أن يميتك الحق عنك ويحييك به ))
ويقول السيد الشريف الجرجاني :
(( التصوف
هو وقوف مع الآداب الشرعية ظاهرًا فيسري حكمها من الظاهر إلى الباطن
وباطنًا فيسري حكمها من الباطن إلى الظاهر فيحصل للمتأدب بالحكمة كمال ))
ويقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري -مجمع القراءات الإسلامية قراءات القرآن- يقول :
(( التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس وتصفية الأخلاق وتأمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية ))
ويقول مِن مَن عرف التصوف من المتأخرين شيخ محمد سعيد البوطي :
(( التصوف
اسم حادث لمسمى قديم إذ إن مسماه لا يعدو كونه سعيًا إلى تزكية النفس مع
الأغبار العالقة بها عادةً كالحسد والتكبر وحب الدنيا وحب الجاه وكذلك
ابتغاءه توجيهها إلى حب الله عز وجل والرضا عنه والتوكل عليه والإخلاص له
سبحانه وتعالى))
ويقول الإمام الحداد -من أكابر رجال التصوف باليمن- يقول :
(( طريقنا هو العلم والعمل به والإخلاص لله والورع والخوف من الله جل جلاله وتعالى في عظمته ))
-ويقول في بعض أبياتًا له:-
وإن الذي لا يتبع الشرع مطلقًا * على كل حال عبد نفس وشهوة
فبـيع هوى يبكـى علـيه لأنـه * هو الميت ليس الميت ميت الطبيعة
وما في طريق القوم -يعني الصوفية- بدأً ولا انتهاء * مخالفة للشرع فاسمع وانصت
وخل مقالات الذين تخبطوا * ولا تك إلا مع كتابٍ وسنة ))
ويقول بعضهم في وصف أهل التصوف:
(( قوم همومهم بالله قد علقت * فمالهم همم تسمو إلى أحد
فمطلب القوم مولاهم وسيدهم * يا حسن مطلبهم للواحد الصمد
ما إن تنازعهم دنيا ولا شرف * من المطاعم واللذات والولد
ولا للباس ثياب فائق أنق * ولا لروح سرور حل في بلدي ))
أحببت أن أنقل هذه التعريفات لأولئك الكرام السادات أوائل أهل التصوف
وأكابرهم حتى يعلم السامع أن مراجع أهل التصوف يقولون أن التصوف أنه كله
كتاب وسنة وكله تزكية للنفس وكله تربية للأخلاق للوصول إلى مرتبة الصديقية
والقرب من الله والإحسان مع الله .

[لفظ التصوف]

ثم نأتي إلى لفظ التصوف نفسه
كثيرٌ يشكل عليه لفظ التصوف ويقول (لماذا تسمون هذا بالتصوف؟) و (لماذا لا
نكتفي بذكر التزكية ؟) و (لماذا هذه الطائفة سميت بالصوفية؟) فنقول:
أولاً : التصوف اختلف العلماء في أصله من أين أتى هذا الاسم ، فقال بعضهم
(أتى هذا الاسم من الصوف) لأن كثير من أوائل هذا المنهج من الزهّاد
والعبّاد اشتهروا بلبس الصوف ; والصوف هو لبس الأنبياء وهو لبس الصالحين
وهو كذلك لبس الصحابة عليهم رضوان الله تعالى الكثير منهم لبسوا الصوف
لأنه زهيد الثمن ولأنه لبس الفقراء والضعفاء وأهل التصوف كانوا يميلون إلى
الفقر وإلى الزهد في هذه الدنيا كما حثّت على ذلك الشريعة وجاءت سيرة
المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها زهد في هذه الفانية المنتهية النافذة
الدنيا وما فيها .
وقال بعضهم (إن التصوف أصله جاء من الصفاء)
وبعضهم قال (هو مشتق من الاصطفاء)
فالصوفي هو الذي صوفي من الحق أي صافاه الحق فهو الصوفي
وقال بعضهم (هو من الصِفَّا) لأن أهل الصِفَّا الذين كانوا مع النبي صلى
الله عليه وسلم من الصحابة -وكان منهم أبو هريرة وغيره- هم فقراء الصحابة
الذين جاؤوا إلى المدينة وليس لهم بيتٌ يأويهم وليس لهم زوج ولا ولد هؤلاء
أهل الصِفَّا كانوا يلبسون الصوف ويجلسون في الصُفَّ يعبدون الله تعالى
ويذكرون الله فإذا جاء الجهاد خرجوا وإن لم يكن الجهاد بقوا في مسجد رسول
الله يعتكفون يأكلون مع رسول الله ويشربون مع رسول الله ولذلك يقول أبو
هريرة عليه رضوان الله : (إني حفظت هذا الحديث لأني كنت أمشي مع رسول الله
على ملأ بطني) يعني أنه لم يكن هناك شيء يشغلني كمثل بقية الناس فأنا كنت
ملازم رسول الله أأكل معه وأشرب معه وليس عندي شيءٌ يشغلني
فقال بعضهم (أن أهل التصوف هم أمثال أهل الصُفَّا الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) .
وعلى العموم .. كثرت الأقوال وليس هناك مشاحة في الاصطلاح كذلك قال أهل العلم :
(( لا مشاحة في الاصطلاح
)) قل ما شئت .. وسمي ما شئت .. ما دام أن ذلك ليس بخارج عن الحق وعن طريق
الحق فليس هناك إشكال ، فنحن نعلم أن مسميات كثيرة قد حدثت في الإسلام ،
مثلاً :
لماذا جاء اسم (أهل السنة والجماعة) ؟ هل كان الصحابة يسمون بأهل السنة والجماعة ؟ هل كان من التابعين من يسمى بهذا الاسم ؟
ثم جاءت بعد ذلك المذاهب : فيقال عن الذين تبعوا في فروع الفقه أباحنيفة
يقال لهؤلاء (الأحناف) ، ولأولئك (المالكية) ، ولأولئك (الشافعية) ،
ولهؤلاء (الحنبلية) لماذا ؟ واشتهرت هذه الأسماء ولم يعترض عليها أحد في
الإسلام !
ثم جاءنا في علم العقيدة مثلاً أن العقيدة لم يأتي هذا
اللفظ لا في عهد رسول الله ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا
تابع التابعين ولا في القرن الثالث ولا في الرابع بل ولا في الخامس فمتى
اشتهر علم العقيدة بهذا الاسم إلا مؤخرًا ، فلماذا لم نقل أن علم العقيدة
هذا علم باطل وعلم مبتدع لماذا ؟!
نقول (لا مشاحة في الاصلاح) الألفاظ
لا مشاحة فيها ، أمور اشتهرت بين المسلمين واستحسنت بين المسلمين ، فلماذا
تنكر هذه الأسماء ونحن نرى إلى هذا اليوم يسمى هؤلاء بالسلفية وهؤلاء
يسمون بكذا والذين يتخرجون من جامعة إسلامية معينة يسمون باسم تلك الجامعة
فلا بأس من نسبة الناس في فئاتهم إلى شيء من هذه التصنيفات فلا بأس في ذلك
، وهو أمر مشتهر بين أهل الإسلام من قديم وجاء بعد ذلك علم المصطلح وجاءنا
بعد ذلك علم الأصول وعلم التخريج والرجال كلها أمور حدثت بعد القرون
الأولى فلا بأس بها وأهل الإسلام كلهم متفقون على ذلك فلماذا التصوف
بالخصوص يأتي بعضهم فيقول (لماذا هؤلاء جعلوا لأنفسهم لماذا التزكية مهمة
المسلمين أجمعين) . نعم نحن نعلم أن أهل التصوف لم يقولوا نحن مثلاً (لا
نأخذ الفقه) لكن كما أن هناك أناس اشتهروا مثلاً بالعقيدة فهل يعني أن
أولئك يسمون بعلماء العقيدة ، أو الذين اشتهروا بعلم الفقه يسمون بالفقهاء
، والذين اشتهروا بعلم التفسير سموا المفسرين رجال التفسير ، رجال المصطلح
، رجال الأصول ، هل يعني أننا إذا أطلقنا على أحد هذه الأصناف من الناس
الذي اشتهروا بنوع من العلم ، أننا نقول أنهم لا يعلمون شيئًا من تلك
العلوم أبدًا ؟! لا لا نقول ذلك إنما هذا الشخص قد اشتهر بهذا الصنف من
العلم بزيادة وهو يعلم تلك العلوم الأخرى ، كذلك الصوفية هم تخصصوا في أمر
التزكية والتربية والمتابعة لدقائق النفوس لتفسيرها بما جاء به كتاب الله
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وألفُّوا في ذلك المؤلفات وعملوا لذلك
المجالس والمجامع والوعظ والتذكير وهم كذلك أهل تفسير وهم فقهاء وهم أهل
حديث -وإذا رجعنا وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى -فيما يأتي- أن الصوفية
هم رجال التفسير أن الصوفية هم رجال الحديث أن الصوفية هم رجال المصطلح أن
الصوفية هم رجال الفقه فكلها الكتب الموجودة في العالم الإسلامي اليوم
طافحة بمؤلفات أهل التصوف الذين ألَّفوا في أنواع العلوم وأصنافها ، هذا
المعنى وإن كنت لا أحب الإطالة فيه إلا لأن البعض يشكل عليه أمر اللفظ ولا
مشاحة في الاصطلاح أبدًا .

[بروز التصوف]
نعود إلى مسالة بروز التصوف ، متى برز التصوف بهذا الاسم وبهذا المنهج ؟
هل التصوف -الذين يهاجمون التصوف هؤلاء بالجرأة- نقول لهم تريثوا تريثوا
هل التصوف هو وليد سنوات يسيرة ؟ هل هو وليد هذا القرن الأخير ؟ هل هو
وليد قرنين أو ثلاث أو أربع أو خمس؟
لا ، التصوف ظهر من القرون الأولى
قرون الخيرية وأكابر الصوفية هم الذين كانوا في القرون الأولى الذين قال
فيهم النبي صلى الله عليه وسلم { خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم }
أولاً .. نعود إلى بعض الكتب التي نقلت شيئًا من ذلك . يقول الكندي سنة مائتين و واحد في كتابه (الولاة والقضاة) في صفحة 162 -مائة واثنين وستين- يقول :
(( وظهرت طائفة بالاسكندرية يسمون بالصوفية يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) سنة مائتين و واحد !
ويقول الإمام الحسن البصري كما نقل عنه السراج الصوفي في اللمع يقول :
(( رأيت صوفيًا في الطواف فأعطيته شيئًا لم يأخذ .وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي ))
ويقول الإمام الكلاباذي-الإمام الكلاباذي توفي سنة 398 هـ ثلاثمئة وثمانٍ
وتسعين يعني هو من أهل القرن الرابع !- قد ألف كتابًا كاملاً سماه التعرف
لمذهب أهل التصوف وروى كثيرًا من أخبار الصوفية من أهل القرن الثاني ومن
أهل القرن الثالث الذين اشتهروا بالصوفية ومن أحب أن يطالع هذا الكتاب فهو
كتاب بحمد الله مطبوع وموجود في أسواق المسلمين يمكن أن يرجع إليه وأن
ينتفع به والإمام الكلاباذي روى عنه الحاكم وروى عنه الدارقطني وترجم له
الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء قال عنه الحاكم -عن الإمام الكلاباذي صاحب كتاب التعرف لمذهب اهل التصوف-

قال : ((هو من الحفاظ حسن الفهم والمعرفة عارفًا بصحيح البخاري وهو متقنٌ ولم يخلف بما وراء النهر مثله))
يعني أنه طبقة في هذه العلوم وفي الحديث وجاء ليجمع لنا هذا الكتاب عن
التصوف ثم نجد مراجع أهل التصوف من أهل القرون الأولى نذكر بعضهم على سبيل
الإجمال لا التفصيل فمثلاً عندنا :
الإمام الحسن البصري
الذي تلقى عن جملة من الصحابة وهو مرجع أهل التصوف وأكثر طرق الصوفية
اليوم يروون الطريق ويأخذون السند في التزكية إلى الإمام الحسن البصري وهو
ولد في سنة 22 هـ اثنين وعشرين وتوفي سنة 110 هـ مائة وعشرة .
عندنا الإمام إبراهيم بن أدهم ، عندنا الإمام عبد الله بن المبارك ، أبو مسلم الخولاني ، -كلهم من أهل القرن الأول- الإمام محمد بن واسع توفي سنة 123هـ مائة وثلاثة وعشرين ،

الإمام مالك بن دينار 131 هـ سنة مائة و واحد وثلاثين ، داود الطائي سنة 165 هـ مائة وخمس وستين ، الفضيل بن عياض سنة 186 هـ مئة وست وثمانين ،
معروف الكرخي سنة 200 هـ مئتين ، شيخ سليمان الداراني 215 هـ مئتين وخمسة عشر ، الحارث المحاسبي
المشهور الذي له جملة من الكتب في التصوف وهي موجودة في مكاتب المسلمين
الإمام الحارث المحاسبي توفي سنة 243 هـ مئتين وثلاث وأربعين ، ذا النون المصري 245 هـ مئتين وخمس وأربعين ،

أبو حمزة الصوفي -وهو ممن أخذ عنه الإمام أحمد بن حنبل وكان الإمام أحمد يجالسه- في سنة 269 هـ مئتين وتسعة وستين ،
الإمام الجنيد -سيد الطائفة الصوفية مرجع أهل التصوف- سنة 297 هـ مائتين وسبع وتسعين ، وبعدهم الإمام الغزالي والجيلاني والشاذلي والفقيه المقدم في
القرن الخامس وبعده وقبله أعداد كبيرة جدًا من أهل التصوف هم من أهل تلك
القرون الخيرية فما نقول في هؤلاء الأئمة ؟ الذين سردت أسمائهم الآن من
أهل التصوف رووا لنا الحديث واشتهرت تراجمهم في كتب التراجم ولا يكاد في
كتب الطبقات أن تخلو هذه الكتب عن أسمائهم وعن أخبارهم وعن قصصهم ولا
يستطيع واعظٌ أن يرجع إلى المواعظ إلا بذكرهم وذكر أخبارهم وقصصهم عليهم
رحمة الله ورضوانه سبحانه وتعالى إذًا نحن نعلم أن التصوف نشأ من تلك
القرون الأولى ، لهذا نقول للذين يسارعون في الهجوم على التصوف تريثوا
لتعلموا إذا أردتم الكلام عن التصوف أنتم تتكلمون عن من ؟ وتتحدثون عن من
؟ ثم نقول لماذا برز التصوف في تلك القرون الأولى ؟ ما هي الدوافع
والدواعي التي جعلت التصوف يبرز كمنهج ، لماذا برز التصوف كمنهج ؟ له
قواعده وله ترتيباته وله رجاله وله أئمته . نقول :
نحن نعلم أن سيدنا
عثمان بن عفان عليه رضوان الله تعالى قتل في داره شهيدًا ، وفتح على الأمة
باب فتنة عظيمة ، ثم بعد ذلك قتل سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ،
وتحولت بعد ذلك الخلافة إلى ملك ، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم ، تحولت الخلافة إلى ملك ، ولما تحولت الخلافة إلى
ملك ، بدأت الأوضاع في العالم الإسلامي تتغير ، ثم اشتدت ، فجاء يزيد بن
معاوية الذي شهد علماء الإسلام أنه كان فاسدًا وفاجرًا ، فصارت من الفتن
في الحرمين الشريفين وفي بلاد المسلمين أشياء يشيب لها رأس الوليد ، فلقد
هدمت الكعبة وقتل الحجاج عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن
كرام التابعين من أكابرهم ، ثم قتل خيار خيار أهل الأرض في ذلك الوقت ،
الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ، قتل وقتل معه أعداد كبيرة من آل بيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا هو الوضع السياسي الذي كان في المجتمع
في ذلك الزمن ، هذا كله مع نهاية القرن الأول أو منتصفه ، بعد منتصفه ،
حدثت هذه الفتن ، وقتل عبد الله بن الزبير وحصلت هذه المصائب العظيمة
الكبيرة الشديدة و لحق بأهل الملك وبدور الأمارة أعداد من من أخذوا صورة
هذا العلم فأخذ كبار علماء الإسلام -كمثل الحسن البصري وأشباهه وأمثاله- ،
أخذوا وانحازوا بأنفسهم عن هذه الفتنة ، ولم يجالسوا الحكام والملوك
والأمراء وبقوا يطالبون الأمة بالرجوع إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله
عليه وسلم فإن الأموال انتشرت في الأمة وجاءت الأموال والملابس الفاخرة
والعطور الفاخرة من كل مكان ، وبقي هؤلاء الطائفة على ما كان عليه رسول
الله يربط على بطنه الحجر من شدة الجوع ، ويلبس الصوف ، وداره وحجره
معلومة وصغيرة بسيطة حياته كلها صلى الله عليه وسلم فقر وزهد وورع وترك
لمستلذات هذه الحياة الفانية ، فلما بقي هؤلاء الجماعة على هذا الوصف ،
عرفوا بالصوفية واشتهروا بهذا اللفظ ، فصاروا يتكاثرون وصاروا يدعون إلى
هذا الطريق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه بعض الأسباب
التي كانت في ذلك الزمن ، داهمت الأمة فسببت إنحياز أهل الصدق والزهد وأهل
الإحسان إلى بعضهم البعض وأخذهم عن آل بيت رسول الله وعن الصالحين والبقية
الباقية من الصحابة ، فبقوا على ذلك الوصف الحسن الطيب ، ثم هناك أوضاع
اجتماعية كذلك أثرت ، كما أن هذا الوضع سياسي ومن الفتن وتغير الخلافة إلى
الملك سبب انحياز أهل التصوف واجتماعهم وتسميهم بهذا الاسم ، فهناك ظروف
اجتماعية كذلك ، كظهور الطوائف المختلفة وكما حصل الترك والتخلف لما كان
عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من السنن وكثرة الأموال وظهور
الترف الذي ظهر في العالم الإسلامي في ذلك الوقت كل هذه أسبابٌ اجتماعية ،
جعلت الصادقين من علماء هذه الأمة المتمسكين بأصل ما جاء عليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم يبقون يأخذون بهذا الفقر والزهد بمنهج التصوف .
هذه كلها مقدمات وحقائق تاريخية وأوضاع أحببت بيانها من أجل أن تسمع وتعلم
، ومن أجل أن تعرف يا أخي أن التصوف نشأ في هذه الظروف وبهذه الأسباب
وبهؤلاء الرجال ، ثم نأتي إلى الأدلة والبراهين التي تدل على أن التصوف حق
، وعلى أن أهل التصوف هم أهل حق فأقول :


عدل سابقا من قبل ابوعلى في الخميس 26 نوفمبر - 15:55:42 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالخميس 26 نوفمبر - 15:50:35

[الشواهد والبراهين على أن التصوف حق]
على أن التصوف حق ونور وهدي وصفاء ،
[الدليل الأول]
من الأدلة والبراهين أولاً : مضمون التصوف ومحتواه .
فنحن نعلم أن الحكم على الشيء هو فرع تصوره إذا أردنا أن نحكم على شيء قبل
أن نحكم عليه لا بد أن نتصور هذا الشيء ونعرفه أما إنسان يحكم على شيء دون
أن يعرفه فهذا مجازف فهذا متجرأ فهذا متطاول ، فلا نحكم على شيء إلا إذا
تصورناه وعرفناه فنحن بما ذكرنا من التعريفات لأهل التصوف ، نعلم أن هذا
هو الحق .

[الدليل الثاني]
لأمر الثاني -أو الدليل أو العلامة الثانية- : قضية السند
. السند هو قضية عظيمة في الإسلام وفي الدين وفي الأمة لأننا نعلم أن أمة
النبي محمد صلى الله عليه وسلم ميزها الله سبحانه وتعالى باتصال السند
فيها في تلقي القرآن والسنة ، والحق تعالى أنزل القرآن وحفظ القرآن { إنا
نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } والنبي صلى الله عليه وسلم قال { من
كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار } فتناقل رجال هذه الأمة القرآن والحديث
بأسانيد لم يرضوا أن ينتقل هذا السند إلا بشروط شديدة وقوية جدًا فلا يروى
إلا عن العقل الضابط المحقق المستقيم الصالح ، نحن نعلم أن القرآن في
قراءاته السبع -أو قراءاته العشر- ، كلها متلقاة بأسانيد ، الذي يريد أن
يتلقى القرآن اليوم لا يكفيه أن يمسك مصحف ويقرأه فيقول (أنا تلقيت
القرآن) لا .. إن هذا وحي من السماء ، تلقاه رسول الله عن ربه بواسطة
جبريل ، وألقاه إلى الصحابة فسمعوه من لسانه ، ثم جاء التابعون فسمعوه من
الصحابة وحققوه ودققوه ، وجاء الذين بعدهم يروون هذه القراءات للقرآن
فنعلم أن أسانيد تلقي القرآن في الأمة كلها ممزوجة برجال التصوف ، هل الذي
اليوم يتهم التصوف بأنه ضلال أو أنه بدعة أنا أريد منك يامن طال لسانك على
الصوفية وكثر اتهامك على أهل التصوف وتجرأت عليهم حتى أنزلتهم أسوأ
المنازل من الضلال والبعد والابتداع ومن التغيير في دين الله تعالى .. أريد منك أن تأتيني بسند واحد لك في قراءة إحدى القراءات لكلام الله تعالى ليس في هذا السند أحد من رجال التصوف ؟
، نحن نتحدى أن يأتي أحد بسند في قراءة القرآن ليس فيه رجال التصوف ،
عندنا أمثلة على رجال القراءات الذين كانوا من مشاهير أهل التصوف ، فمثلاً
عندنا :
شيخ الإسلام زكريا الأنصاري
مرجع القراءات بمصر الذي يروي القراءات السبع وهو مرجع لهذه القراءات ،
أغلب أسانيد القراءات تعود إليه ، الشيخ زكريا الأنصاري -شيخ الإسلام- ،
هو من كبار رجال التصوف ، وله مؤلفات في التصوف ، وهو الذي شرح الرسالة
القشيرية والرسالة القشيرية تسمى (دستور الصوفية) كما سماها بعضهم ، وهذا
الشيخ شرحها وهو مسند القراءات ومرجع القراءات في السند ، مثلاً :
إرجع إلى كتاب (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار) واقرأ أخبار القراء وأسانيدهم تجده يترجم للكثير منهم بأنهم الصوفية .
مثلاً: تجد من أهل الأسانيد العظيمة والمراجع في سند القراءات الإمام أحمد
بن علي البغدادي أبو الـخطاب ترجم له في هذا الكتاب فقال : (هو أبو الخطاب الصوفي من شيوخ الإقراء ببغداد توفي سنة ست وسبعين وأربعمئة) .
(الإمام أبو أحمد بن السكينة البغدادي المقريء الصوفي شيخ العراق في عصره)
(الإمام العلامة الواصفي المقريء المفسر أبو العباس الخطيب الصوفي أحد الأعلام) وترجم له في ترجمة طويلة قال:
(عالم بالتفسير كان خطيبًا واعظًا زاهدًا خيرًا صاحب أوراد وتهجد)
(الإمام أبو عبد الله المصري المقريء الصوفي نزيل دمشق)
(الإمام نجم الدين الواسطي الشافعي الصوفي قرأ القراءات بواسطة وأتقنها على الشيخ علي قرين)
(الإمام أبو شجاع الأصبهاني ثم البغدادي المقريء الفقيه الشافعي كان
قد أخذ عن الصوفية وعن رجال التصوف وصحب الصوفية ثم جاور وأمَّ بالمقام
وروى الكثير عن أهل التصوف) وغيرهم وغيرهم لدي أسماء كثيرة هنا لا أحب
الإطالة بذكرها كلها .
عندنا هذا بالنسبة للقرآن ، وبالنسبة للحديث
وهو المصدر الثاني من مصادر التشريع واستمداد الأحكام الشرعية حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم نأتي إلى البخاري أصح الكتب بعد كلام الله سبحانه
وتعالى فنجد:
أسانيد تلقي البخاري كلها ، الذين رووا عن البخاري
والذين رووا عنهم من أهل الحديث بعد ذلك ، كلهم يروون صحيح البخاري بطرق
أهل التصوف ، أشهر من شرح صحيح البخاري ، والذي عرف بين الناس شرحه وهو في
كل مكتبات المسلمين ، الإمام ابن حجر العسقلاني ، أمير المؤمنين في الحديث الذي شرح البخاري ، هو الذي ترجم ترجمة للإمام عبد القادر الجيلاني إمام التصوف وأخذ كثيرًا عن رجال التصوف ، وفي سنده في رواية البخاري ترجمةً لرجال التصوف ، الإمام القسطلاني الذي شرح البخاري مثله ، الإمام مسلم (صحيح مسلم) وهو أصح الكتب بعد البخاري ، شرحه لنا الإمام النووي ، والإمام النووي الحجة هو أشهر من أن يشهر وأعرف من أن يعرف ، الإمام النووي لما روى لنا سنده في رواية صحيح مسلم ، في المجلد الأول في شرحه ذكر في سنده
(فلان أخذ مسلمًا عن فلان وكان من الصوفيًة.. فلان وكان من أهل التصوف ..
يروي عن فلان وكان صوفيًا رضي الله عنه .. وكان من أئمة التصوف رحمه الله)

فيروي لنا الإمام النووي سنده في صحيح مسلم كله عن رجال التصوف ، فنحن نريد الذي يتطاول على التصوف اليوم نريده أن يأتي لنا بسند له يروي به البخاري أو يروي به صحيح مسلم دون رجال التصوف .
يا معشر أهل الإسلام نحن نخاف إذا كثر الاتهام والأباطيل التي ينشرها بعض
الناس عن أهل التصوف ، أن يأتي يوم يرجع الراجع إلى كتب الحديث فيجد أن
الأسانيد في رواية هذه الكتب كتب السنة والقرآن فيها رجال التصوف فينبذ
هذه الكتب ويقول أن أسانيد الأمة كلها فيها غير العدول وفيها صوفية مخرفين
مبتدعين أصحاب خزعبلات أو كما يقول بعضهم هداهم الله تعالى لا بد أن نتنبه
إلى هذا ، ننظر مثلاً الإمام الذهبي في
كتاب سير أعلام النبلاء لما كان يترجم للرجال ، كان إذا أراد أن يمتدح بعض
المحدثين يقول (كان صوفيًا) أو (كان من أهل التصوف) ، وارجع إلى كتاب سير
أعلام النبلاء في ذكره وامتداحه لبعض المحدثين بأنهم صوفية ستجد ذلك
كثيرًا في كتابه رحمه الله تعالى ، إذا قضية السند قضية عظيمة ينبغي
التنبه لها وينبغي الانتباه فهي أمر كبير وشأن عظيم في الأمة الإسلامية ، فالذي يخدش اليوم في التصوف يخدش في سند الحديث وفي سند القرآن وفي أسانيد تلقي العلوم الشرعية كلها .

[الدليل الثالث]
الدليل الثالث -أو الشاهد الثالث على أن التصوف حق- :
أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أهل البيت)
أهل البيت ما قضيتهم في الإسلام ؟
هل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم قضية في الإسلام ؟
أبدًا ! الله سبحانه وتعالى أمر الأمة أن تودهم وقال لنبيه { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } [الشورى/23]
فإذًا مودة أهل البيت مفروضة على الأمة بنص كلام الرب تعالى .
ثم نأتي إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم . هل رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في هذا الأمر؟
نعم ، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يجعل أهل البيت علامة على الحق ،
فمثلاً حديث الثقلين -الذي هو حديث صحيح وبلَّغه بعض الحفاظ إلى مرتبة
الحديث المتواتر بالتواتر المعنوي- نجد في رواية مسلم قال صلى الله عليه
وسلم : ((وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا
بكتاب الله واستمسكوا به، -فحث على كتاب الله ورغب فيه-، ثم قال وأهل بيتي
أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي
))
فهذا رسول الله يقول لنا أنا تارك فيكم القرآن وأهل البيت ويقول لكم استمسكوا بهم .
وفي رواية الترمذي وأحمد والطبراني وأبي يعلى يقول صلى الله عليه وسلم :
(( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا أحدهما أعظم من
الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي -أي ذريتي- أهل
بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ))
يقول ((ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض)).
وفي رواية الطبراني وأحمد -وهي رواية صحيحة- يقول : ((إني تارك فيكم
خليفيتيَّ كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا
علي الحوض )) وفي رواية ((فإن مثلهما كمثل سفينة نوح))
إذًا ..هذه
الروايات كلها تدل على أن أهل البيت هم علامة على الحق ، وهم علامة على
الصدق ، يقول البعض مثلاً : ((إذا كان هذا قولك فماذا تقول في أن بعض أهل
البيت خرجوا عن الحق فبعضهم اتبعوا بعض الفئات التي ابتدعت وإننا نرى
اليوم فيهم من هو فاسق ونرى منهم اليوم من هو مرتكب للمعاصي فما تقول في
ذلك))

نقول : لا نقول أهل البيت معصومون كما يقول البعض ، أهل
السنة والجماعة لا يقولون بعصمة أهل البيت ، إنما نحن نقول أن أهل البيت
هم علامة على الحق ، يعني أن إجماع علمائهم الذين تتصل أسانيدهم بأهل
البيت إلى جدهم الأكبر صلى الله عليه وسلم هم علامة على هذا الحق ، وهم مع
القرآن بشاهد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فاللذي يخالف هذا القول
كأنما يخالف نص حديث نبيه ورسوله الواضح البين الذي مثل الشمس في رابعة
النهار .
نحن نرى الطرق الصوفية اليوم في العالم الإسلامي فنجد أن كل
الطرق الصوفية -أو معظمها- تعود أسانيدها بل وتأسيسها إلى رجال آل بيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثلاً :
أصحاب الطريقة القادرية
-أو الجيلانية- وهم ملائين في العالم منهم بالعراق وفي إفريقيا وفي الهند
وفي الحجاز كلهم يعودون في سندهم بالتربية والتزكية وأخذ الأوراد والأذكار
إلى الإمام عبد القادر الجيلاني الحسني -يعود نسبه الى الحسن بن علي بن ابي طالب-.
الشاذلية وهم كذلك ملائين منهم في مصر وفي الشام وفي الحجاز وفي تركيا وفي نواحي العالم كله ، وهم يعودون إلى سيدنا أبو الحسن الشاذلي السيد -من آل بيت رسول الله-.
نجد طريقة آل أبي علوي
المشتهرة بحضرموت واليمن وكثرة من أهل الحجاز وشرق آسيا قاطبة يتبعهم في
طريقتهم أهل اندنوسيا وهم أكثر من مائتي مليون في تلك البلاد كلهم على
طريقة صوفية على منهج هؤلاء السادة من آل أبي علوي الحسينيين ، يرجع نسبهم إلى الحسين بن علي بن أبي طالب
، ومؤسس هذا الطريق هو الإمام الفقيه المقدم من أهل القرن الخامس و
طريقتهم مشتهرة في اندنوسيا والفلبين وفي سيلان -التي تسمى سيريلانكا- وفي
الهند وفي افريقيا كمثل كينيا وجزر القمر وزنجبار وغيرها من بلاد الإسلام
ملائين من البشر من أهل الإسلام يتبعون هذا الطريق .
نجد السادة التيجانية إلى السيد محمد التيجاني كذلك في أواسط افريقيا وفي شمالها .
نجد الأدارسة الذين بالمغرب وفي جنوب الحجاز وجهة اليمن ، الأدارسة كلهم يعودون حسنيين إلى الإمام إدريس الأكبر ويعود بعضهم إلى الإمام أحمد بن إدريس المدفون بصبيا بجوار جيزان .
الطريقة السمانية المشتهرة بالسودان وبالمدينة وغيرها من بلاد المسلمين تعود إلى الشيخ محمد السمَّان كذلك من أهل البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الإمام أحمد البدوي ، الدسوقي ، .. أعداد يطول ذكرهم كل الطرق الصوفية الموجودة مؤسسوها هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المتلقون عنه.
إذًا السواد الأعظم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منهج الحق
، فلو الواحد اليوم ببساطة وسهولة يقول (الصوفية مبتدعة .. الصوفية ضالون)
فكأنه يقول السواد الأعظم من أمة النبي والسواد الأعظم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أهل ضلال وكل ضلالة في النار فيدخل أهل الإسلام وغالبية آل بيت رسول الله إلى النار ، ما يقول بذلك عاقل أبدًا أبدًا أبدًا .
الواقع والتاريخ يثبت أن أهل البيت غالبيتهم على طرق الصوفية في العالم كله ، الذي لا يصدق يرجع إلى الواقع أمامه ، يذهب إلى بلاد المسلمين فيجد الطرق الصوفية فيجد كلها آل بيت رسول الله الذين يتصدَّرونها .

[الدليل الرابع]
ثم علامة رابعة على أن التصوف حق : هو الإجماع .
نحن نعلم كما سمعتم أن التصوف برز من القرون الأولى ومرت عليه هذه القرون
كلها ، ونعلم أن الأمة لم تهاجم هذا التصوف ولم يتكلم فيه أحد ، سأذكر في
ختام هذه الجلسة أقوال أئمة الدين من الكبار كأمثال الأئمة الأربعة ومن
بعدهم أقوالهم عن التصوف ومجالستهم لرجال التصوف ليعلم السامع أن التصوف
من تلك الأيام مشتهر وأن الأمة قد استحسنته وقد ارتضته على مر عصورها .
الأمة الإسلامية هل كانت كلها غافلة ؟ هل كانت كلها نائمة ؟ هل كانت كلها راقدة ؟ ضلالة تنتشر فيها ولا تهاجم ؟!
نحن نريد أن نعلم متى هوجم التصوف ؟ ومن الذين هاجموا التصوف ؟ ومن الذين
تكلموا عن التصوف بالكلام الذي البعض اليوم يتكلم عنه بالتشنيع والتشديد
وبالتفسيق أو التضليل ، نجد كلهم أفراد والكثير منهم جاؤوا متأخرين كمثل
ابن الجوزي أو ابن تيمية أو غيره ممن جاء من بعد من بعد القرن الثامن ، بل
نفس هؤلاء الذين ذكرتهم سأنقل من كلامهم ما يدل على أنهم لم يهاجموا
التصوف كمنهج إنما هاجموا بعض أدعياء التصوف وسأثبت ذلك في الكلام المقبل
-إن شاء الله تعالى- .
نحن نرى أغلب أهل الأرض اليوم منسوبون إلى
التصوف ونرى مرور القرون كلها لم يهاجم التصوف وفي ذلك كفاية لصاحب العقل
والفهم أن يدرك أن التصوف حق ، وأن يدرك أن التصوف صدق ، ليس بباطل .
قال صلى الله عليه وسلم -في أحاديثه الكثيرة-: (( لا تجتمع أمتي على ضلالة
)) كما جاءنا في مسند الإمام أحمد يقول صلى الله عليه وسلم : ((سألت الله
عز وجل ألا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها )) ويقول (( إن الله لا يجمع
أمتي -أو قال أمة محمد- على ضلالة )) و ((يد الله على الجماعة ومن شذ شذ
في النار)) ويقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في حديثه الطويل ((وفي
أمتي أجارهم من ثلاث لا يعمهم بسنة ولا يستأصلهم عدو ولا يجمعهم على ضلالة
)) وفي سنن ابن ماجه يقول أنس بن مالك (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول (( إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد
الأعظم ))
وفي مصنف ابن أبي شيبة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم
((وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على
ضلالة ))
وشواهد هذه الأحاديث كثيرةً جدًا نحن نرى إجماع الأمة على مر
القرون بأنها ارتضت هذا التصوف ولم يتكلم فيه أحدٌ إلا أفراد معينون
هاجموا التصوف من حيثيات معينة سيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى ونرى
غالبية أهل الأرض اليوم من المسلمين كذلك هم على منهج التصوف وعلى اتصال
بطرق التصوف الموجودة في العالم الإسلامي .

فإذًا هذه أربعة شواهد ذكرتها تدل على أن التصوف حق مع ما مر من كلام عن بدايته ونشأته وأصله أولاً ذكرنا العلامات والشواهد
أولها : أصل التصوف وتعريفه وما يحتويه هذا المنهج علامة على الحق.
ثانيًا : قضية السند وأحب أن يحسن الواحد منكم النظر إليها والتأمل فيها .
الثالثة : هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتسابهم إلى التصوف واتصال التصوف بهم على مر العصور كلها .
رابعًا : الإجماع
ومرور القرون الطويلة من القرون الأولى من نشأة التصوف وأهل العلم من
أوائل هذه الأمة كلهم يمتدحون ويثنون التصوف وأهل التصوف ويترجمون لرجال
التصوف في كتبهم وفي طبقاتهم وفي رجال الحديث والتفسير وغير ذلك
.

ثم من العلامات والبيانات للتصوف التي أحب أن يعرفها السامع منكم

[دور الصوفية في الجهاد في سبيل الله]
دور التصوف في الجهاد في سبيل الله
الجهاد في سبيل الله الذي الأمة الإسلامية اليوم في أمسَّ الحاجة إليه
ونحن نرى واقع العالم الإسلامي وما يجري على أراضيَ المسلمين في المقدس
وغيرها في الشرق والغرب ننظر إلى الجهاد الذي مر في العالم الإسلامي من
القرون الأولى إلى اليوم وماذا كان دور التصوف فيه .
نقول : أولاً : إذا رجعنا إلى ترجمة رجال التصوف الأوائل وجدناهم كلهم كانوا ممن يخرجوا في سبيل الله تعالى .
[الصوفية وحروب الصليبيين]
ثم نأتي إلى المعارك الكبرى في الإسلام وإلى القادات العظماء في الإسلام فننظر : القائد نور الدين زنكي الذي حارب الصليبية الإمام القائد نور الدين زنكي المشهور الورع التقي الصوفي ، كان جليس رجال التصوف وهو الذي قرر كتاب إحياء علوم الدين للجيش كله وهو من أشهر كتب التصوف .
ترجم له وذكر ذلك الإمام ابن كثير في كتاب البداية والنهاية وجاء في كتاب
الروضتين في أخبار الدولتين وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء -الإمام
القائد نور الدين زنكي- .
السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم في موقعة ملاذكر سنة (463) أربعمئة وثلاث وستين وكان يتبرك بالشيخ أبي القاسم القشيري وعدد من مشائخ الصوفية وارجع إلى نفس المراجع التي ذكرتها في نور الدين زنكي ، السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم!.
القائد البطل صلاح الدين الأيوبي
الذي جاء تباعًا لنور الدين زنكي الإمام صلاح الدين الأيوبي القائد الذي
حرَّر بيت المقدس وما أحوجنا لمثله اليوم وهو في سنة (532) خمسمئة واثنين
وثلاثين كان يوصف (الصوفي الزاهد الورع النقي التقي) ذكره السبكي في طبقاته قال عنه ابن كثير : ((كان شجاعًا كثير الصلاة وله خانقاه بالديار المصرية أقامه للصوفية
)) خانقاه معروف في مصر هي الدور التي يجتمع فيها أهل التصوف للذكر بناها
لهم صلاح الدين الأيوبي ، وبنى مدارس الصوفية في جبل قاسيون في الشام وهو
الذي بنى قبة الإمام الشافعي القبة
المعروفة على قبر الإمام الشافعي وعلى ضريح الإمام الشافعي الذي بناها هو
صلاح الدين الأيوبي ، وفتح بيت المقدس في السابع والعشرين من رجب سنة
(583) خمسمئة وثلاث وثمانين بإشارة مشائخ الصوفية وكان في جيشه كثير من
أهل التصوف ، صلاح الدين الأيوبي ! ، أخاف أن يأتي أحد اليوم فيقول صلاح
الدين الأيوبي مبتدع كبير بنى قبة على قبر الإمام الشافعي وأنه كان يجالس
الصوفية ، ومن ؟! عسى أن صاحب هذا القول هو الذي سيفتح بيت المقدس اليوم !!.
الإمام القائد محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية الذي جاءت الإشارة إليه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (خير الأمير أميرها وخير الجيوش جيشها) كذلك كان جليس رجال التصوف ، هذه حروب الصليبية والذين قاتلوهم .

[الصوفية وحروب التتار]
نأتي إلى حروب التتار الذين هاجموا الإسلام وانتهكوا بلاد المسلمين وانتهكوا بغداد وما حولها ، حروب التتار ، نجد الإمام أبو الحسن الشاذلي مرجع الصوفية الشاذلية ، كان هو قائد الحملة التي حبست لويس التاسع في المنصورة كان عمره فوق الستين وكف بصره فخرج حاملاً الراية يدعو الجهاد الجهاد.
الإمام العز بن عبد السلام هو شيخ القائد سيف الدين قطس
ومعروف القائد سيف الدين قطس ، هو الذي انتصرت على التتار في معركة عين
جالوت سنة (656) ستمئة وست وخمسين في السابع والعشرين من رمضان ، سيف
الدين قطس كان من تلامذة العز بن عبد السلام من أشهر رجال التصوف من
كبارهم .
الإمام أحمد البدوي بمصر كان يهادن وتلامذته معسكرات التتار بالليل لفك الأسرى وكم من كثير من الأخبار التي تذكر عن جهاد الصوفية .
[الصوفية والاستعمار]
نأتي إلى جهاد الصوفية ضد الاستعمار الأخير
نجد الشيخ عبد الكريم المغربي قائد حركة المرابطين في المغرب ضد الاستعمار -الاستعمار الإنجليزي والفرنسي وغيره-.
الشيخ عبد القادر -الأمير عبد القادر- الجزائري ضد فرنسا بالجزائر من كبار علماء التصوف.
الشيخ عمر المختار في ليبيا من الطريقة السنوسية الذي أذاق إيطاليا مُرً ومرارة عظيمة في صحراء ليبيا ، الشيخ عمر المختار وهو سنوسي الطريقة صوفي .
الإمام الزاهر من آل أبي علوي هو الذي أخرج هولندا من منطقة آكي باندنوسيا وهو من كبار الصوفية .
عز الدين القسام في فلسطين الذي أتعب اليهود والصهيونية كان صوفيًا عليه رحمة الله تعالى عز الدين القسام .
في السودان الذي حارب وأقام الحملة ضد الاستعمار الإمام المهدي الصوفي .
الذين قاتلوا الاستعمار بالشام هم أصحاب الطريقة الشاذلية والنقشبندية .
اليوم الذين يجاهدون بالشيشان هم أهل الطريقة النقشبدنية من الصوفية.
فهذا طرف من أخبار جهاد الصوفية قديمًا وحديثًا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالخميس 26 نوفمبر - 15:52:21

[دور الصوفية في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى]
ثم نأتي إلى دور الصوفية في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
فنجد أن أكثر الأراضي التي دخلت في الإسلام دون السيف ، إنما دخلت إلى
الإسلام بدعوة الصوفية ولا غير ، والتاريخ يشهد بذلك بل وكتب العرب والغرب
والشرق وكتب المستشرقين وكتب المؤرخين كلها تثبت هذه الحقيقة .
نجد مثلاً : الإسلام كيف دخل إلى شرق آسيا ؟ كيف وصل إلى الهند ؟
عن طريق السادة آل أبي علوي المنسوبين إلى الطريقة -طريقة آل أبي علوي-
إلى الإمام الفقيه المقدم إلى سيدنا الحسين هم الذين أدخلوا الإسلام إلى
الهند وإلى الفلبين واندنوسيا كلها وجزر الواق واق وإلى كل نواحي شرق آسيا
وإلى جوانب في إفريقيا بعد ذلك وفي شرق افريقيا على وجه الخصوص .
هؤلاء الذين نشروا الإسلام واليوم تعداد المسلمين في تلك البلاد بمئات
الملائين ليس بعشرات الملائين بل بمئات الملائين ، فنجد ان غالبية تعداد
السكان اليوم من المسلمين دخلوا إلى الإسلام على أيدي رجال التصوف وأهل
الذكر وأهل الحضرات .
نأتي إلى جهات روسيا وداغستان والشيشان وإلى منطقة البلقا ، نجد كلها دخلت إلى الإسلام عن طريق رجال التصوف من النقشبدنية والشاذلية وغيرهم وارجع إلى تاريخ هذه المناطق ، تركيا أوروبا اليوم الإسلام الذي ينتشر فيها عن طريق من ؟ نجدهم أصحاب الطرق الصوفية ، الصحراء الكبرى بافريقيا السادة التيجانية وغيرهم ووسط
افريقيا وإلى نواحي كثيرة في العالم الإسلامي الذي اليوم هو مرتبط
بالإسلام ومواضع الأقليات الإسلامية إذا تفقدناها وجدناها كلها دخلت إلى
الإسلام عن طريق رجال التصوف .
إذًا كيف يتجرأ المتجرأ بالحديث
والكلام عن التصوف بهذه الجرأة وهذه البذاءة أحيانًا ، قد يتطاول بعضهم
-والعياذ بالله تعالى- هؤلاء الذين جاهدوا في سبيل الله هؤلاء الذين نشروا
الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى تأتي ببساطة يأتي بعض الناس أو نرى مثلاً
في قناة من القنوات الفضائية يأتون ببرنامج يصورون أن التصوف هو دراويش
بعض الناس يتخالطون رجال ونساء يختلط بعضهم ببعض ويمتزج بعضهم ببعض
ويعملون بعض الحركات ثم يقولون للناس هذا هو التصوف ، اتقوا الله ، أستغفر
الله العظيم ، كيف ؟! هذه الحملة اليوم على التصوف وعلى أهل التصوف في
تصوير الصوفية بأنهم أهل هذه الأفعال المنكرة كيف يليق بمسلم أن يتصور هذا
التصور عن أهل هذه الأسانيد ، يا أخي !! ،
إسمع الكلام الذي سمعته في كل هذه المحاضرة وتأمله حتى لا تتطاول لسانك
على هؤلاء القوم الكرام الذين خدموا دين الله سبحانه وتعالى .

[مسألة الهجوم على التصوف المنتشر هذه الأيام]
نأتي إلى مسألة الهجوم على التصوف المنتشر اليوم.
متى بدأ هذا الهجوم ؟ متى جاء هذا الكلام عن الاتهامات لهذا التصوف ؟
نجد الذين يهاجمون التصوف كلهم من منطقة معروفة وما مر عليهم أكثر من
مائتين سنة أصلاً على طريقتهم ومنهجهم اليوم الذي ينشرونه ، هم الذين
يهاجمون التصوف ما في أحد غيرهم في العالم يهاجم التصوف ! وأكثر الشواهد
يأتون ببعض كلام لابن تيمية وبعض كلام لابن الجوزي وبعض كلام لابن القيم
أو الشاطبي أو غير هؤلاء من علماء العالم الإسلامي ، ويجعلون ذلك طريقًا
وسبيلاً لهم ، بأن يتطاولوا على أهل الإسلام ، وعلى علماء الدين عليهم
رضوان الله تعالى .
هذا كلام ابن تيمية : الشيخ ابن تيمية وقبله ابن الجوزي وبعده ابن القيم تكلموا عن التصوف ولكنهم هاجموا بعض مظاهر التصوف أو المتمصوفة أو الذين ادعوا التصوف أو هاجموا بعض الأشياء التي لم يفهموها في التصوف ولم تتضح لهم في التصوف وإلا فالشيخ ابن تيمية نفسه يأتي في كتبه وفي فتاواه ليمتدح التصوف وليثني على التصوف مثلاً:
يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة في الجزء العاشر من مجموع فتاويه ، قال : ((فأما
المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض وابراهيم
بن أدهم وسليمان الداراني ومعروف الكرخي والسري السقطي -هؤلاء كلهم من أهل
القرن الأول والثاني- والجنيد وغيرهم من المتقدمين مثل الشيخ عبد القادر
الجيلاني والشيخ حمّاد والشيخ أبي البيان وغيرهم من المتأخرين وهم لا
يسووغون للسالك ولو طار في الهواء ومشى على الماء أن يخرج عن الامر والنهي
الشرعيين بل عليه أن يعمل بالمأمور ويدع المحظور إلى أن يموت وهذا هو الحق
الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف وهذا كثير من كلامهم
))
إذَا نحن نرى ابن تيمية نفسه يقول هذا الكلام ويقول في مجموع فتاواه كذلك في المجلد الحادي عشر :
(( وأهل
السنة والجماعة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع هو أن المؤمن
يستحق وعد الله وفضله والثواب على حسناته ويستحق العقاب على سيئاته إن
الشخص الواحد يستمع فيه ما يتاب عليه وما يعاقب عليه وما يحمد عليه وما
يذم عليه وما يحب منه وما يبغض منه فهذا هذا إذا عرف أن منشأ التصوف كان
من البصرة وأنه كان فيها من يسلك طريق العبادة والزهد مما له فيه اجتهاد
كما كانت الكوفة من يسلك من طريق الفقه والعلم ما له فيه اجتهاد وهؤلاء
نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف فقيل في أحدهم صوفي وليس طريقهم
مقيد بلباس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به لكن أضيفوا إليه
بكونه ظاهر الحال
)) ثم يقول (( ثم التصوف
عندهم له حقائق وأحوال معروفة قد تكلموا في حدوده وسيرته وأخلاقه كقول
بعضهم : الصوفي من صفا من الكدر وامتلأ من الفكر واستوى عنده الذهب والحجر
)) إلى غير ذلك من كلام الشيخ ابن تيمية وقد تكلم في فتاواه وألف في ذلك رسالة سماها "الصوفية والفقراء" وتكلم فيها عن أهل التصوف بكلام جميل وحسن قال (( ويقولوا
فإذا قيل عن هؤلائك الزهَّاد والعبَّاد من البصريين أنهم صديقون فهو كما
يقال عن أئمة الفقهاء من أهل الكوفة أنهم صديقون أيضًا كل بحسب الطريق
الذي سلكه من طاعة الله ورسوله وبحسب اجتهاده وقد يكونون من أجلِّ
الصديقين بحسب زمانهم
)) هذا كلام ابن تيمية وغيره كثير.
ثم نجد مثلاً الإمام ابن القيم.
ابن القيم ألف كتابًا كاملاً في التصوف سماه مدارج السالكين في ثلاث
مجلدات نقل فيه جميع كلام أهل التصوف فاللذي يريد أن يعود إليه فهو موجود
يقول ((الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد
عليك في الدين وكذلك التصوف قال الكتاني : التصوف هو الخلق فمن زاد عليك
في الخلق فقد زاد عليك في التصوف
)) هذا كلام ابن القيم ، وله كلام غير ذلك كثير قيم ، والذين مثلاً اليوم ينتسبون إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويهاجمون التصوف كذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب كثير ما أثنى على التصوف فمثلاً:
يقول في القسم الثالث من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب جزء فتاوى
ومسائل قام بجمعها وتصحيحها ومقابلتها على أصولها الشيخ صالح بن عبد
الرحمن وغيره يقول في الصفحة واحدة والثلاثين المسئلة الخامسة : (( سأل
رحمه الله عن مسائل مفيدة فأجاب : اعلم أرشدك الله أن الله سبحانه وتعالى
بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو العلم النافع ودين الحق
الذي هو العمل الصالح إذا كان من ينتسب إلى الدين منهم من يتعانى بالعلم
والفقه ويقول به كالفقهاء ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية
فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين
))
إذًا هذا كلام
الذين يعود إليهم هؤلاء الذين يهاجمون التصوف ويسندون إليهم الأمر نجدهم
يثنون على التصوف وإنما الشيخ ابن تيمية وغيره هاجموا بعض الألفاظ التي
اشتبهت على البعض يكون فيها شبه الحلول أو الاتحاد أو يكون فيها بعض ما
خرج عن ظاهر الكتاب والسنة ، فهم إنما هاجموا الصور السيئة التي هي دخيلة
على التصوف وليس التصوف بعينه وكان الشيخ ابن تيمية إذا ذكر الشيخ عبد
القادر الجيلاني يقول (قدس الله سره) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالخميس 26 نوفمبر - 15:53:20

[أقوال العلماء في التصوف]
وأختم هذه الجلسة وهذه المحاضرة بقراءة كلام أئمة الدين حول التصوف ،
ليكون ختامًا حسنًا جميلاً لقول الكرام ، وهم الذين يعتدُّ بهم ويأخذ
بقولهم ولا قولة مثل قولهم .
[1] منهم الإمام أبو حنيفة الإمام النعمان
أبو حنيفة نقل الفقيه الحنفي الحصفكي صاحب الدر أن أباعلي الدقَّاق رحمه
الله تعالى -كان من أهل التصوف هذا- قال : ( أنا أخذت الطريقة من أبي
القاسم النصرأبادي وقال أبو القاسم أنا أخذتها من الشبلي وهو من السري
السقطي وهو من معروف الكرخي وهو من داود الطائي وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله )) انظر إلى حاشية ابن عابدين الدر المختار (ج1/ص43) الجزء الأول صفحة ثلاثة وأربعين. فأبو حنيفة يعطي طريقة صوفية !

[2] الإمام مالك رحمه الله : يقول الإمام مالك رحمه الله ( من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق
) انظر حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإمام الزرقاني في الفقه
المالكي (ج3/ص95) الجزء الثالث صفحة خمسة وتسعون وفي غير ذلك من أخبار
الإمام مالك والأئمة الأربعة المشهورين وغيرهم .

[3] الإمام الشافعي : قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : (صحبت
الصوفية فاستفدت منهم ثلاث كلمات قولهم الوقت سيف إذا لم تقطعه قطعت
وقولهم نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وقولهم العدم عصمة
)
في كتاب تأييد الحقيقة العلية للإمام جلال الدين السيوطي صفحة (15) خمسة
عشر ، وقال أيضًا -الإمام الشافعي-: (حبب إليَّ من دنياكم ثلاث ترك التكلف
وعشرة الخلق بالتلطف والإقتداء بطريق أهل التصوف ) راجع كتاب كشف الخفاء
ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للإمام العجلوني.

[4] الإمام أحمد بن حنبل
: كان يقول قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله (يا ولدي عليك
بالحديث وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية فإنهم ربما كان
أحدهم جاهل بأحكام دينه) فلما صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي عرف أحوال
القوم أصبح يقول لولده (يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم فإنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة ) راجع كتاب تنوير القلوب للشيخ أمين الكردي.
وكان الإمام أحمد مع جلالة قدره إذا توقف في مسألة يقول لأبي حمزة
البغدادي (ما تقول في هذه المسألة يا صوفي ؟) فمهما قال له اعتمده ، ونقل
العلامة محمد السفارييني الحنبلي عن إبراهيم بن عبد الله العلاني رحمه
الله (أن الإمام أحمد قال عن الصوفية لا أعلم أقوامًا أفضل منهم قيل أنهم يستحيون ويتواجدون قال دعوهم يفرحون مع الله ساعة) كتاب غذاء الألباب شرح منطومة الآداب.

[5] الإمام الشريف الجرجاني : يقول في التعريفات صفحة (52) اثنين وخمسين -كتابه التعريفات- يقول : (( التصوف
مذهب كله جد فلا يخلطونه بشيء من الهزل وهو تصفية القلب عن المواقف البرية
مفارقة الأخلاق الطبيعية إخماد الصفات البشرية ومجانبة الدعاوي النفسانية
ومنازلة الصفات الروحانية .. -إلى غير ذلك إلى أن قال- .. واتباع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الشريعة
))

[6] الإمام الغزالي يقول في كتابه المنقذ من الضلال بعد أن فرغ من علوم الشريعة يقول واصفًا التصوف والصوفية : ((ثم إني لما فرغت من هذه العلوم أقبلت بهمتي على طريق الصوفية وعلمت أن طريقهم إنما يتم بعلم وبعمل ..إلى آخر كلامه رضي الله عنه))

[7] الشيخ الإمام الكبير حجة المتكلمين عبد القاهر البغدادي رحمه الله في كتابه الفرق بين الفرق قال :
(( الفصل الأول من فصول هذا الباب في بيان أصناف أهل السنة والجماعة ثمانية أصناف من الناس)) ذكر منها الصنف السادس قائلاً : ((والصنف
السادس منهم الزهَّاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا واختبروا فاعتبروا
ورضوا بالمقدور وقنعوا بالميسور وعلموا أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
مسؤول عن الخير والشر ومحاسب على مثاقيل الذر .. إلى آخر كلامه
)) في كتاب الفرق للإمام عبد القاهر البغدادي المتوفي سنة (429) أربعمئة وتسع وعشرين .

[8] الإمام فخر الدين الرازي -الإمام الكبير المفسر الشهير- رحمه الله في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين يقول :
(( الباب الثامن في أحوال الصوفية
اعلم أن أكثر فرق الأمة لم يذكروا الصوفية وذلك خطأ لأن حاصل قول الصوفية
أن الطريقة إلى المعرفة إلى الله هو التصفية والتجرد من العلائق البدنية
وهذا طريقٌ حسن )) وقال أيضًا : ((والمتصوفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرد
النفس من العلائق الجسمانية ويجتهدون ألا يخلو سرهم وبالهم عن ذكر الله
تعالى .. الى آخر كلامه
)) اعتقادات فرق المسلمين للإمام فخر الدين الرازي المتوفي سنة (606) ستمئة وستة .

[9] الإمام النووي الحجة أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي يقرر في رسالته المعروفة المقاصد -كتيب مطبوع للإمام النووي- يقول :
((
أصول الطريق التصوف خمسة -فيأصل التصوف يقول أصول طريق التصوف خمسة- تقوى
الله تعالى في السر والعلانية واتباع السنة في الأقوال والأفعال والإعراض
عن الخلق في الإقبال والإدبار والرضا عن الله في القليل والكثير والرجوع
إلى الله في السرَّاء والضرَّاء
)) راجع مقاصد الإمام النووي في التوحيد والعبادة وأصول التصوف صفحة (20) عشرين ، توفي الإمام النووي سنة (676) ستمئة وست وسبعين.

[10] الإمام السيوطي العلامة المشهور يقول في كتابه تأييد الحقيقة العلية -وهو من الصوفية- : ((
إن التصوف في نفسه علم شريف وإن مداره على اتباع السنة وترك البدع
والتبرِّي من النفس وعوائقها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها
والتسليم لله تعالى ..إلى آخر كلامه وهو كلام طويل
)) في كتابه تأييد الحقيقة العلية في الصفحة (57) السابعة والخمسين ، الإمام السيوطي المتوفي سنة (911) تسعمئة وتسعة عشر .

[11] الإمام تاج الدين السبكي قال تاج الدين السبكي المعروف المشهور في كتابه معيد النعم ومبيد النقم تحت عنوان (الصوفية) ((حياهم
الله وبياهم وجمعنا في الجنة نحن وإياهم وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعبًا
ناشئًا عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المتلبسين بها .. -إلى أن قال-.. وإنهم
المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة .. إلى آخر كلامه
)) في كتابه معيد النعم في صفحة (119) مئة وتسعة عشر ، الإمام السبكي توفي سنة (771) سبعمئة و واحد وسبعين .

[12] ابن خلدون رحمه الله المؤرخ يقول ابن خلدون في كلامه عن علم التصوف :
(( هذا
العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة ، وأصله أن طريقة هؤلاء القوم
لم تزل عند الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين من بعدهم طريقة الحق
والهداية ، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض
عن زخارف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليها الجمهور ، من لذة ومال
وجاهٍ والانفراد عن الخلق .. -إلى آخر كلامه قال-..واختصَّ المقبلون على
العبادة باسم الصوفية
)) مقدمة ابن خلدون صفحة (328) ثلاثمئة وثمان وعشرين ، وهو المتوفي سنة (808) ثمانمئة وثمان .

[13] الشيخ العز بن عبد السلام : يقول ((قد
قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وآخرى وقعد
غيرهم على الرسوم ومما يدلك على ذلك ما يقع على يدي القوم من الكرامات
وخوارق العادات فإنه فرع عن قربات الحق لهم ورضاه عنهم .. -إلى آخر كلامه-
)) الشيخ العز بن عبد السلام.

[14] من المشائخ المشهورين في زمننا هذا الشيخ محمد متولي الشعراوي
-المفسر المشهور الذي يسمعه الناس في الشاشات دائمًا وفي الإذاعات رحمه
الله تعالى- : يقول الشيخ محمد متولي فيما يرويه لنا في كتاب أصول الأصول
للشيخ زكي إبراهيم يقول : (( الصوفي يتقرب إلى
الله بفروض الله ، ثم يزيدها بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام من جنس ما
فرض الله ، وأن يكون عنده صفاء في استقبال أقضية العبادة فيكون صافيًا لله
والصفاء هو كونك تصافي الله فيصافيك الله
)) قال : (( والتصوف رياضة روحية لأنها تلهم الإنسان بمنهج تعبديٌ لله فوق ما ترضى ))

[15] الشيخ أبو الحسن الندوي -المشهور
كذلك المعروف الذي صليَّ عليه في وفاته صليَّ عليه في الحرمين الشريف قبل
سنوات يقول - في بحث (الصوفية في الهند وتأثيرها في المجتمع) من كتابه
(المسلمون في الهند) قال : ((إن هؤلاء الصوفية
كانوا يبايعون الناس على التوحيد والإخلاص واتباع السنة والتوبة عن
المعاصي والظلم والقسوة ويرغبونهم في التحلِّي بالأخلاق الحسنة التخلي عن
الرذائل مثل الكبر والحسد والبغضاء
))

[16] الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي
-حفظه الله تعالى من علمائنا البقية الموجودين بالشام- يقول : (( كان أبي
رحمه الله يجزم بأن التصوف النقي هو جوهر الإسلام ولبابه وكان يأكد أن
المسلم إذا لم يكن قد تشرَّب حقيقة التصوف فقد حبس نفسه في معاني الإسلام
ولم يرقى صعدًا إلى حقيقة الإيمان)) في كلام له كثير من كتابه (السلفية)
وفي كتبٌ الأخرى تكلم بكثير من الكلام عن التصوف حفظه الله تعالى .

[17] وهذا الشيخ الإمام الحسن البنا -صاحب الحركة الإسلامية العظيمة- يقول في مذكراته في الصفحة (27) السابعة والعشرين : ((وصحبت الإخوان الحصافية بدمنهور وواظبت على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة ))
ويقول الحسن البنا -رحمه الله تعالى كما ذكر ذلك بلاد الرزق في كتابه حسن
البناء بأقلام تلامذة حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه- يقول : ((في
دمنهور توثقت صلته -يعني حسن البنا- بالإخوان الحصافية -هذا الطريق
الحصافية- وواظب على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة مع الإخوان
الحصافية ورغب في أخذ الطريقة حتى انتقل من مرتبة المحب إلى مرتبة التابع
وكان المؤسس غارقًا في التصوف كما في مذكراته صفحة (32) اثنين وثلاثين حيث
يقول (وكانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستغراق في عاصفة التصوف
والعبادة )
)) وكثير من كلام الحسن البنا وإن كان بعض الذين اليوم ممن يقول أنه من أتباع الحسن البنا ربما يتطاول على التصوف .
وكذلك فئات المسلمين والذين اشتهروا بخدمة الدين في المشارق وفي المغارب
وبالهند والسند والشرق والغرب أغلبهم ومعظمهم نراهم من أهل التصوف أو
جلساء رجال التصوف هذا ما أحببت أن أبينه في هذه المحاضرة التي حاولت فيها
أن آتي بأقوال العلماء وبمظاهر الدلالة على حقيقة التصوف .
[الخاتمة]
وإن كان هذا الكلام لا يعني أنني أؤيد بعض المظاهر التي دخلت دخيلة على
التصوف فهناك متمصوفة دخلاء على التصوف ليسوا بصوفية ، نحن إنما نتكلم
وهذه الجلسة كلها إنما هي لبيان أن التصوف الحق حق
، أما أنا أعلم أن هناك من دخل على التصوف ومن ادعَّى التصوف من أدعياء
يخالطون النساء ويفعلون المنكرات ثم يقولون نحن أولياءٌ لله أو يدعون إلى
اختلاط النساء بالرجال أو غير ذلك من هذه التصرفات فنحن ورجال التصوف كلهم
لا نؤيد هذا ولا ندعوا إلى هذا وننكره إنكارًا للمنكر ونأمر بالحق أمرًا
بالمعروف .
نسأل الله تعالى لنا الهداية والثبات إنه أكرم الأكرمين
وأرحم الراحمين ومن كان له سؤال أو استفسار يمكن أن نجود عليه -بفضل الله
تعالى وبتوفيقه- إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالجمعة 27 نوفمبر - 14:20:44

الفقهاء تلامذة الصوفية من كتاب الاحسان اللشيخ المربي عبد السلام ياسين حفظه الله

وكذلك من أعيان الفقهاء
من جميع المذاهب
تجد الفقيه بعد استكمال طلبه للعلم أو أثناء الطلب يلتمس وليا مرشدا يصقل قلبه بالإحسان. هذا
الإمام السيوطي جامع علوم عصره المتبحر المتفنن الذي نازع معاصريه الزعامة
وقارعهم بعناده واعتداده بنفسه يلجأ إلى المشايخ الشاذلية يتخذهم قدوة وأدلة. كتب في "حسن
المحاضرة" دعواه، وهو جدير بها رحمه الله: "رزقت التبحر في سبعة علوم
التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع على طريقة العرب والبلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة. والذي
أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم الستة، سوى الفقه والنقول التي اطلعت
عليها منها، لم يصل إليه ولا وقف عليه شخص من الأشخاص. فضلا عمن هو دونهم.
وأما علم الحساب فهو
أعسر شيء
علي وأبعده عن ذهني. وإذا نظرت في مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلا أحمله. وقد كملت عندي آلات الاجتهاد"[1].
ما بال مثل هذا الرجل
المعتز بعلمه، المنفرد في عصره بالاطلاع الواسع، المؤلف المرموق، المقرب إلى "خليفة"
عصره المتوكل على الله العباسي، المحسود من طرف فقهاء مصر، خاضوا ضده معارك حامية، يذهب
إلى المشايخ أهل الطريق يخضع لهم ويتتلمذ ؟ ألم يكفه ما في بطون الكتب من علم غزير؟ عبرة لك يا سيدي يا أخي يا حبيبي يا من
ترشد الناس لقراءة كتب الصوفية. "تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة
الشاذلية"، هذا عنوان كتاب السيوطي، وهو مطبوع. فابحث عنه عله يكون آخر ورقات
تبحث فيها عن التربية الإحسانية، ولن تجد فيه إلا شهادة رجل صادق خشى كما
تخشى أن يكتم شهادته، )وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ( (سورة البقرة، الآية:140). تتلمذ خلق لا يكادون يحصون من الفقهاء في كل العصور
للمشايخ من رجال الطريق. وتحدثوا عن مشايخهم، وقارنوا بين الفقهاء والصوفية وفاضلوا. استمع
معي إلى حكم محدث بارز يقارن ويقوم، محدث تتلمذ للمشايخ الشاذلية كما تتلمذ السيوطي. إنه ابن حجر الهيثمي. قال: "فمستنبطو
الفروع هم خيار سلف الأمة وعلماؤهم وعدولهم وأهل الفقه والمعرفة فيهم. فهم قوم غذوا بالتقوى
وربوا بالهدى. أفنوا
أعمارهم في استنباطها وتحقيقها بعد أن ميزوا صحيح الأحاديث من سقيمها وناسخها من منسوخها. فأصلوا
أصولها ومهدوا فروعها. فجزاهم الله عن المسلمين خيرا وأحسن جزاءهم، كما
جعلهم ورثة أنبيائه وحفاظ شرعه، ألحقنا الله بهم وجعلنا من تابعيهم بإحسان"[2].
ويكتب عن العارفين
الصوفية: "العارفون بالله الذين وفقهم الله لأفضل الأعمال، وحفظهم من سائر المخالفات
في كل الأحوال. ثم كشف لهم الغطاء فعبدوه كأنهم يرونه، واشتغلوا بمحبته عما سواه. وأطلعهم
على عجائب ملكه، وغرائب حكمه، وقربهم من حضرة قدسه، وأجلسهم على بساط أنسه، وملأ قلوبهم بصفات جماله وجلاله، وجعلها مطالع
أنواره، ومعادن أسراره، وخزائن معارفه، وكنوز لطائفه. وأحيى بهم الدين، ونفع
بهم المريدين، وأغاث بهم العباد، وأصلح بهم البلاد"[3].
ثم يتحدث عن الفقهاء
ليعقد المقارنة فيقول: "علماء الظاهر الذين عرفوا رسوم العلوم الكسبية، وعويصات
الوقائع الفعلية والقولية، وغرائب البراهين العقلية والنقلية، حتى حفظوا سياج
الشرع من أن يلم به طارق، أو يخرقه مبتدع مارق. فالأولون (أي العارفون) أفضل، وإن كان
للآخرين (الفقهاء حماة الشريعة) فضل عظيم، بل ربما كانوا أفضل من حيثية لا
مطلقا"[4].
الشهادة القولية
الصادرة عن الفحول من
علماء الأمة وأئمتها لها وزنها. والعبرة بالشهادة الفعلية أقوى وأبلغ. انقياد
الفقهاء للمشايخ المربين، وانصياعهم لأمرهم، وتلقيهم بالتسليم والموافقة لتوجيهاتهم، ثم تعظيمهم لهم ومحبتهم إياهم واعترافهم
بفضلهم تقرأ هذا في أثباتهم وفهارسهم، وفي كتب التاريخ والطبقات. فهل هي ظاهرة تدل
على صبيانية رجال الإسلام أم هناك مادة نورانية لا توخذ من الكتب بل من قلوب أهل الصفاء والوفاء؟
إن من لا حرقة في نفسه
إلى معرفة الله لا يبحث، وإن بحث فلمجرد الاطلاع وإرضاء الفضول.
باحث عن الحق صارم ترك
لنا
بمجموع تاريخه وثروة
فكره وثمين مؤلفاته
شهادة بليغة كانت لأجيال المسلمين منذ تسعة قرون معينا لا ينضب من الفهم والاقتداء والانتقاد والأخذ
والرد أيضا. إنه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه، الجبل الراسخ
الذي لايسع المفكر ولا العالم ولا الفقيه ولا الصوفي ولا السياسي ولا الباحث عن أسرار
النفس البشرية ولا المؤرخ للفكر الإسلامي والإنساني أن يمروا به مر الكرام. بعضهم يقرأ نقدا لهذه الفكرة أو تلك النظرة من نظرات
الغزالي وفكره فيسد عليه النقد الهدام بأنقاضه منافذ التمييز. إن أخطأ
الغزالي في جزئية فالبشر معدن الخطأ. ويكون ماذا إن انتقده فلان أو علان؟ أنت ماذا
جنت يداك، ماذا فعلت بحياتك يا من يلهو بقراءة جدل الرجال؟
أبو حامد بحث واستقصى، ثم اضطر آخر الأمر لرجل يعلمه دينه. فماذا
قال أبو حامد، وما يفيدني أنا ما شهد به أبو حامد في قضيتي مع ربي؟

كتاب
"المنقذ من الضلال" كتاب عظيم الفائدة على صغر حجمه. لخص فيه حجة الإسلام مسيرته
وحيرته وأخطاءه وسلوكه. قال: "ثم إني لما فرغت من هذه العلوم (العلوم النقلية والعقلية في عصره قتلها
دراسة ونقاشا) أقبلت بهمتي على طريق الصوفية، وعلمت أن طريقتهم لا تتم إلا بعلم وعمل. وكان
حاصل علمهم قطع عقبات النفس، والتنزه عن أخلاقها المذمومة، وصفاتها الخبيثة، حتى يتوصل إلى تخلية القلب عن غير الله،
وتحليته بذكر الله. ( … ) فلم أزل أفكر فيه مدة، وأنا بعد على مقام الاختيار أصمم
العزم على الخروج من بغداد، ومفارقة تلك الأحوال يوما (الأحوال التي كان فيها
هي منصبه المرموق مدرسا في "النظامية" أكبر "جامعة" في بغداد وسمعته
كفقيه تشد لفتواه الرحال). قال: وأحل العزم يوما، وأقدم فيه رجلا وأؤخر عنه أخرى. لا تصدق لي رغبة في طلب الآخرة بكرة إلا
وتحمل عليها جند الشهوة حملة فتفترسها عشية. فصارت شهوات الدنيا تجاذبني
بسلاسلها إلى المقام، ومنادي الإيمان ينادي: الرحيل! فلم يبق من العمر إلا
القليل! وبين يديك السفر الطويل! وجميع ما أنت فيه من العلم والعمل رياء وتخييل. فإن
لم تستعد الآن للآخرة فمتى تستعد؟ وإن لم تقطع الآن هذه العلائق فمتى تقطع؟
فعند ذلك تنبعث الداعية، وينجزم العزم على الهروب والفرار. ثم يعود الشيطان ويقول: هذه حالة عارضة، إياك أن تطاوعها، فإنها
سريعة الزوال. فإذا أعرضت عنها وتركت هذا الجاه العريض والشأن المنظوم
الخالي عن التكدير والتنغيص، والأمن الصافي عن منازعة الخصوم، ربما التفتت إليه نفسك، ولا
يتيسر لك المعاودة".

ومرض الرجل مرضا شديدا، انعكس الصراع النفسي المحتدم
في جوفه على جسمه فأرداه، كذلك الهمم العالية تنوء بحملها الأجسام. ويئس
الأطباء فلم يبق ملجأ إلا الله الرؤوف الرحيم. وبرأ أبو حامد من أمراض جسمه
ومن تردده، فأوصى لعياله، ثم غادر بغداد متخففا يبحث عن رجل من لحم ودم يدله على الله بعد
أن أعياه البحث عن الحق في بطون الكتب، وزحمه هم الآخرة وهم الله.
لقي شيخا مربيا فصحبه وشاوره وائتمر بأمره. ويتحدث
عن
"المتبوع المقدم" (كأنه ينظر إلى قول موسى للخضر عليهما السلام: هل أتبعك) فيقول: "فمن كان لله كان الله له. حتى إنه في
الوقت الذي صدقت فيه رغبتي لسلوك هذه الطريق شاورت متبوعا مقدما من
الصوفية في المواظبة على تلاوة القرآن. فمنعني وقال: السبيل أن تقطع علائقك من الدنيا
بالكلية، بحيث لا يلتفت قلبك إلى أهل وولد ومال ووطن وعلم وولاية. بل تصير إلى
حالة يستوي عندك وجودها وعدمها، ثم تخلو بنفسك في زاوية، تقتصر من العبادة على الفرائض والرواتب، وتجلس فارغ القلب، مجموع
الهم، مقبلا بذكرك على الله تعالى. وذلك في أول الأمر بأن تواظب باللسان على ذكر
الله تعالى، فلا تزال تقول الله الله، مع حضور القلب وإدراكه، إلى أن تنتهي إلى
حالة لو تركت تحريك اللسان لرأيت كأن الكلمة جارية على لسانك، لكثرة اعتياده.
ثم تصير مواظبا عليه إلى أن ينمحي أثر اللسان، فتصادف نفسك وقلبك مواظبين على الذكر من غير حركة اللسان. ثم تواظب إلى أن لا
يبقى في قلبك إلا معنى اللفظ، ولا يخطر ببالك حروف اللفظ وهيآت الكلمة، بل يبقى المعنى
المجرد حاضرا في قلبك على اللزوم والدوام"[5].
كيف يقبل العقل أن يمنع
مؤمن مؤمنا من قراءة القرآن والمواظبة على التلاوة؟ أم كيف نفهم قَبول حجة
الإسلام عالم بغداد توجيها من هذا القبيل؟ أم كيف نعقل بادئ الأمر أن يسأل
أمثال أبي حامد هذه المسألة: هل أواظب على التلاوة؟
إن إسلاس القياد لولي
مرشد يدلك على الطريق شرط في السلوك. وما كان لولي أن يأمر إلا بحق. وما منعه
من المواظبة على التلاوة إلا بغية أن يهيئه بتصفية القلب بالذكر، حين يعم قلبه الإيمان ويعقل قلبه القرآن، لمرحلة تكون فيها
المواظبة على التلاوة عبادة كاملة. وهاك الدليل. روى الإمام أحمد عن عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا
رسول الله، إني أقرأ القرآن فلا أجد قلبي يعقل عليه. فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: إن قلبك حشي الإيمان، وإن الإيمان يعطى العبد قبل القرآن". ثم إن الذكر بالاسم المفرد أنكره ابن تيمية رحمه
الله وأجمع الصوفية إجماعا على أن الذكر به من أعظم الذكر. فلا جدال.
ثم إن العبرة عندنا هنا في انصياع عالم فقيه من أعلام
الملة لشيخ "متبوع مقدم"، يطيعه فيما يأمر بلا نقاش. السؤال الدائم: لماذا
يضطر الفقهاء الصادقون لصحبة المشايخ؟ والجواب الدائم أنها
الولاية التي لا تكسب بالدراسة والاطلاع، بل بنور يقذفه الله جل وعلا في قلوب
أصفيائه، فيأتي من شاء الله له خيرا يقتبس من ذلك النور. والنفوس الصغيرة لا تقبل أن تعترف بمزية عليها لأحد، إنما يعترف بفضل
أولي الفضل من كان أهلا لفضل الله الذي يوتيه من يشاء، والله ذو الفضل
العظيم.
ويمضي أبو حامد يطبق الإرشادات إلى أن فتح الله له
كما يفتح الفتاح العليم لأحبابه. كتب رحمه الله في "المنقذ من الضلال":
"ثم دخلت الشام وأقمت بها قريبا من سنتين، لا شغل لي إلا العزلة والخلوة
والرياضة والمجاهدة، اشتغالا بتزكية النفس وتهذيب الأخلاق وتصفية القلب بذكر الله تعالى كما
حصلته من علم الصوفية.
فكنت أعتكف مدة في مسجد دمشق، أصعد منارة المسجد طول النهار، وأغلق بابها على نفسي (...)، ودمت
على ذلك مقدار عشر سنين. وانكشفت لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها
واستقصاؤها. والقدر الذي أذكره ينتفع به".
ويؤدي الرجل بأمانة
وصدق وبساطة شهادته أمام الله تعالى ليقرأها من بعده الصادقون. ما كان يبالي أن
يعترض معترض أو يسخر ساخر. ما حاول أن يعلل ويفلسف ويعقلن تنازلا عند من يشققون الكلام. بل أفضى بذات قلبه إلينا في كلمات
مباشرة ساذجة سذاجة الحق وبساطته. فمن أزرى بعقل كبير مثل عقل أبي حامد، أو
اتهم سكرات القلوب المعروفة عند المجانين والمجاذيب، فما عليه إلا أن يتخطى شهادة الرجل
ويطوي هذا الكتاب ويرتبه في الرف. وقد انتهى الأمر وما يغني الحديث. والسلام.
يؤدي الغزالي شهادة
مجملة لأن ما انكشف له لا يمكن "استقصاؤه وإحصاؤه" فيستمر قائلا:
"إني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن
السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق. بل لو جمع عقل العقلاء
وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئا من سيرهم وأخلاقهم
ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إلى ذلك سبيلا. فإن جميع حركاتهم وسكناتهم، في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة،
وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به".
نعم يا ولي الله، ما
وراء نور النبوة نور يستضاء به، ولا فوق النموذج الأول نموذج يعلو. رحم الله زمر الصالحين من الصوفية والمحدثين والعلماء
العاملين. أووا إلى الزوايا والمدارس والعزلة والصمت والمجاهدة والسهر
والعبادة والذكر. وبقي عليهم أمر عظيم لم يتخلوا عنه استغناء عنه، إذ لا يعوضه
في مراتب الإحسان شيء. بقي عليهم الجهاد في الأرض ليحكم دين الله الأرض. عاشوا، الأحباء،
في عهود كان قدر الله فيها على الأمة أن يحكم النظام العاض والجبري. وفي حاضر الأمة ومستقبلها لن نلتفت إن شاء الله إلى
ما تحت الصحابة رضي الله عنهم الذين جمعوا أطراف الإحسان وأقطار المجد الدنيوي والأخروي من
كل جانب. كانت فاعليتهم في ميادين الجهاد ضمان بقاء الدين واستمراره حتى اغترف الصوفية من ينبوع كان للصحابة رضي الله عنهم
فضل تلقيه وصيانته والذود عنه والجلاد من دونه بالمال والسيف، وفضل نشره
وتبليغ دعوته، وفضل قتال الكفر حتى باد الكفر، وفضل نصرة الحق حتى ظهر الحق.
أهل الكمال حقا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو
النورين وعلي الإمام،
ثم أهل بدر وبيعة العقبة وبيعة الرضوان وسائر مشاهد الإسلام.
يوتي الله عز وجل فضله
من يشاء كما يشاء. وقد آتى سادتنا الصوفية خيرا كثيرا. لكن أساليب العزلة
وتربية الصمت والمجاهدة المنفردة في زماننا نكوص وبيت المقدس محتل، والأمة نهب
مقسم، وجودها المعنوي
مهدد، ورسالتها منكرة في عقر دارها. لسنا ممن يكيل للغزالي اتهامات كما يفعل فلاسفة الجامعات من
بني جلدتنا. قضى الله وما شاء فعل، والتكليف علينا وحده هو المعتبر. تكليف الشرع أن نأمر
بالمعروف وننهى عن المنكر ونجاهد في الله حق جهاده حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
مطلب شريف ومطمح منيف
أن تحدث نفسك بأن تلحق بالصالحين وتكون من أولياء الله. ثم أن تصارع نوازع النفس والهوى ونزغات الشيطان وتتجرد للعمل وتشمر
وتهجر كل ما سوى الله عز وجل. تلك طريق سلكها ذوو الهمم الرفيعة من الرجال
أمثال أبي حامد، تعطرت بأنفاسهم الأزمان. لم يكن الدين غريبا في أزمنتهم، بل كانوا ساكنين
تحت مطارق الأقدار
الإلهية التي حكمت بأن يعيش المسلمون في ظل ملك عاض وجبري إلى أن يرفع الله جل جلاله تلك الحوبة
التاريخية. الآن عاد الدين غريبا كما بدأ، فطوبى لغرباء أزمنتنا إن شمروا
للالتحاق بركب الأخيار على متن الجادة الجهادية التي سلكها الصحابة في غربة
الإسلام الأولى، حتى نصروا الدين وأقاموا للإسلام دولة وصرحا شامخا. تلك الجادة أوسع
وأبعد منالا وأوفر نورانية لأنها جمعت بين الجهاد لتحقيق مطالب الأمة وبين المجاهدة لتحقيق المطلب الإحساني الفردي.
في ظروف الغزالي وحدوده
بالزمان والمكان
والمطلب تجرد الغزالي لطلب "علم الآخرة" بعد تحصيل علوم الفقه وبعد جدال الفلاسفة ونيل الأوطار
الدنيوية. "وتزيا بزي الصالحين، وقصر الأمل، ووقف الأوقات على هداية الخلق
ودعائهم إلى ما يعنيهم من أمر الآخرة وتبغيض الدنيا والاشتغال بها على
السالكين والاستعداد للرحيل إلى الدار الباقية والانقياد لكل من يتوسم فيه
أو يشم منه رائحة المعرفة أو التيقظ بشيء من أنوار المشاهدة"[6].
إعراض عن الدنيا وإقبال
على الله عز وجل وانقياد لأهل الخير. "وتفكر في العاقبة وما يجدي وما ينفع في الآخرة.
فابتدأ بصحبة الفارمدي، وأخذ منه استفتاح الطريقة، وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام
بوظائف العبادات والإمعان في النوافل واستدامة الأذكار والجد والاجتهاد طلبا للنجاة، إلى أن جاز تلك العقبات"[7].
من عظماء الإسلام كثير
لجأوا مثل الغزالي، قبله وبعده، إلى مربين يساعدونهم على جواز العقبات. لا تكاد
تحصي الأمثلة للعلماء الذين ارتموا في أحضان العارفين تعج بذكرهم كتب التاريخ وطبقات
المذاهب.
من أجلهم سلطان العلماء
شيخ الإسلام والمسلمين إمام عصره بلا مدافعة، الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر
الذي كان في عصره ملاذ الأمة وحاميها من الحكام الظلمة. إنه عز الدين بن عبد
السلام الصائل بعلمه في المجالس، الصائل بشجاعته في الحق، يهجم بكلمة الزجر والتأنيب على
دواوين الحكام. مواقفه
تشرف كل منتسب للعلم في كل زمان.
كان رحمه الله أعبد الخلق وأتقاهم. حكى عنه ابن
دقيق العيد، أحد الأكابر علما وتقى، أنه: "لبس خرقة التصوف من الشيخ شهاب الدين السهروردي
وأخذ عنه". وذكر أيضا أنه: "كان يقرأ بين يديه رسالة القشيري فحضره مرة
الشيخ أبو العباس المرسي لما قدم من الإسكندرية إلى القاهرة، فقال له الشيخ عز
الدين: تكلم عن هذا الفصل. فأخذ المرسي يتكلم والشيخ عز الدين يزحف في
الحلقة ويقول: اسمعوا هذا الكلام الذي هو حديث العهد بربه"[8]. قال
السبكي: "وقد كانت للشيخ عز الدين اليد الطولى في التصوف، وتصانيفه قاضية
بذلك".
قال عز الدين سلطان
العلماء: "أما تفضيل العارفين بالله على العارفين بأحكام الشرع فقول الأستاذ (القشيري)
وأبي حامد (الغزالي) فيه متفق. ولا يشك عاقل أن العارفين بما يجب لله من أوصاف الجلال ونعوت
الكمال وبما يستحيل
عليه من العيب والنقصان أفضل من العارفين بالأحكام. بل العارفون بالله أفضل من أهل الفروع والأصول. لأن
العلم يشرف بشرف المعلوم وبثمراته. فالعلم بالله وصفاته أشرف من العلم بكل معلوم من
جهة أن متعلقه أشرف المعلومات وأكملها، ولأن ثماره أفضل الثمرات"[9].
هل كان فطاحلة علمائنا
بهاليل مجانين حتى يزحفوا في الحلقة إعجابا بكلام العارفين وهم كانت ترتعد خوفا منهم
فرائص الجبارين في الأرض؟ أم أنهم لم يجدوا في كتب الرقائق والوعظ ما يروي
الغلة حتى ينقادوا للمشايخ ويتتلمذوا بأدب؟
هذه نصيحة من أحد كبار
فقهائنا عسى أن يقرأها من يوصون بـ"التصوف السني" الذي تحتويه بطون الكتب التي تكفي قراءتها والتضلع منها. قال
القسطلاني صاحب المؤلفات المشهورة:
"وإن
كان مرادك أن تصير بقراءتها (أي كتب القوم) صوفيا محققا فوالذي فلق الحبة وبرأ
النسمة لو قرأت من هذه الكتب عدد رمل عالج في
مدة عمر نوح لم تصر صوفيا حتى يلج الجمل في سم الخياط. إنما التصوف الدؤوب في الطاعات،
وترك المخالفات، وفطم النفس عن المألوفات، وعدم التطلع إلى ما في أيدي الناس
من الأموال المباحات
فضلا عن الشبهات، وترك التوسل بالخلق، والاعتماد على الله في كل الحالات"[10].
يفتي القسطلاني بحرمة
قراءة الكتب المشتملة على العبارات الغامضة والشطحات. وينصح بعدم تضييع الوقت في
طلب علم القوم، لأن العلم بلا عمل بطالة. وكانت سعادته بلقاء الشيخ شهاب الدين السهروردي،
وهو ابن أخ الشيخ أبي النجيب السهروردي الأشهر، لبس منه خرقة التصوف[11].
وكان تقي الدين بن دقيق
العيد شيخا إماما زاهدا محدثا حافظا ورعا فقيها بلغ درجة الاجتهاد المطلق. قال
السبكي
: "ولم ندرك أحدا من مشايخنا يختلف في أن ابن دقيق العيد هو
العالم المبعوث على رأس السبعمائة المشار إليه في الحديث المصطفوي النبوي
صلى الله عليه وسلم، وأنه أستاذ زمانه علما ودينا"[12]. هذا الإمام الأوحد في قرنه سلك طريق القوم على يد الشيخ
الصالح كمال الدين بن عبد الظاهر الهاشمي[13]. وكانت له كرامات كثيرة[14].
نختم حديثنا عن الفقهاء
الصوفية، وقد اقتصرنا على الأشهرين من الشافعية، بذكر التقي السبكي أحد أعلام الأمة
الذي كان يدعى بالشافعي الثاني، وناهيك بالتشبيه.
تصدى التقي السبكي،
والد مؤلف الطبقات، لمسائل شيخ الإسلام ابن تيمية وعارضه في اجتهاداته الشاذة عن
الإجماع في موضوع زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وفي قضية الطلاق المعلق وغيرها. كانت اضطرابات ابن تيمية رحمه الله وسجنه
وما لحقه ولحق أصحابه من أذى نتيجة لما يسمى "مسائل" ابن تيمية. وهي بضع وستون
مسألة في أصول الدين وقضايا الفقه خالف فيها علماء عصره. لم يكن الفارس الحنبلي في
زمانه وتفرده بآرائه
وحدته المرجع المطلق كما هو الشأن في هذه الأزمان التي فتحت فيها أبواب الخزائن لتنشر كتبه من دون كتب
خصومه.
يقول الحافظ الذهبي الناقد اللاذع عن شيخه التقي
السبكي في كتابه "المعجم المختصر" كما نقل عنه عبد الوهاب السبكي في
الطبقات: "القاضي الإمام العلامة الفقيه المحدث الحافظ فخر العلماء تقي الدين
أبو الحسن (...) وكان صادقا ثبتا خيرا دينا متواضعا حسن السمت من أوعية العلم. يدري الفقه
ويقرره، وعلم الحديث
ويحرره، والأصول ويقررها والعربية ويحققها (...) وقد بقي في زمانه الملحوظ إليه بالتحقيق"[15]. شهادة إنصاف.
كان "ملحوظ زمانه"
هذا ومحققه كلفا بالصالحين ومعاشرتهم، كثير العبادة والذكر، مستجاب الدعوة، ظاهر
الكرامات. "وكان كثير التعظيم للصوفية والمحبة لهم. ويقول: طريق الصوفي إذا
صحت هي طريق الرشاد التي كان السلف عليها"[16].
يعظمه الذهبي ويقول:
"ما صعد هذا المنبر بعد ابن عبد السلام أعظم منه"[17]. قال عبد الوهاب السبكي: "وصح من طرق شتى عن الشيخ تقي الدين ابن
تيمية أنه كان لا
يعظم أحدا من أهل العصر كتعظيمه له، وأنه كان كثير الثناء على تصنيفه في الرد عليه"[18]. رحمهم الله جميعا وإيانا وعفا، إنه العفو الغفور.
[1] حسن المحاضرة ج 1 ص 153 - 159.

[2] الفتاوي
الحديثية ص 207.

[3] نفس
المصدر ص 226.

[4] نفس
المصدر ص 226.

[5] ميزان
العمل ص 222.

[6] طبقات
الشافعية ج 4 ص 108.

[7] نفس
المصدر ج 4 ص 109.

[8] طبقات
الشافعية ج 5 ص 83.

[9] تأييد
الحقيقة العلية ص 23.

[10] نفس
المصدر ص 75.

[11] طبقات
الشافعية ج 5 ص 18.

[12] طبقات
الشافعية ج 6 ص 3.

[13] نفس
المصدر ج 6 ص 143.

[14] نفس
المصدر ج 6 ص 4.

[15] ج 6 ص 150.

[16] نفس
المصدر ج 6 ص 168.

[17] نفس
المصدر ج 6 ص 157.

[18] نفس
المصدر ج 6 ص 168


__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالأحد 29 نوفمبر - 11:29:49

هل الإسلام يحتاج إلى التصوف ؟
.
فإذا كان الشىء يحتاج إلى نفسه ، جاز أن يقال : إن الإسلام
يحتاج إلى التصوف .

الإسلام انقياد
ظاهرى ، لا يتم إلا بالانقياد الباطنى ، وإلا كان نفاقاً .

والانقياد
الباطنى هو :

الإيمان بوصفه عملاً من أعمال القلب ، التى نسميها " التصوف " ، فليس
التصوف شيئاً غير الإسلام ، حتى يقال :

إنه يحتاج إليه
، او يستغنى عنه ، إنما التصوف هو ذروة الدين كله
، مقام " الإحسان " : التقوى ، والتزكية ، والربانية ، كما قدمنا
، فهو الغاية والثمرة التى لا تتاح إلا لسالك مريد موفقًّ ذَواق .


وهكذا
نجد :
أن
السؤال الذى يقول : هل التصوف يضيف جديداً إلى الإسلام سؤال غير وارد ، والإجابة
عليه واضحة فى الرد على الشطر السابق .


أين هذا السؤال
من قوله تعالى :
]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت
عليكم نعمتى ، ورضيت لكم الإسلام ديناً
[ "
سورة المائدة ، الآية : 2 "


أن
التصوف الحق هو :

الإسلام فى اعلى مستوياته .


ومن اعجب العجب
من بعضهم أن يكتب أنه يقبل أوصاف الشكر والصب والورع والزهد والذكر والفكر ، من
كتب المتمسلفة ، ولا يقبلها من كتب المتصوفة ، تعصباً وغلاً للذين آمنوا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالثلاثاء 1 ديسمبر - 16:18:55

من ثمرات التصوف :


الحب الالهي


المحبة لله هي الغاية
القصوى من المقامات، والذروة العليا من الدرجات، فما بعد إِدراك المحبة مقام إلا
وهو ثمرة من ثمارها، وتابع من توابعها، كالشوق والأنس والرضا.. ولا قبل المحبة
مقام إِلا وهو مقدمة من مقدماتها كالتوبة والصبر والزهد..
[الإحياء للإمام الغزالي كتاب المحبة
والشوق ج13. ص2570].



دليلها وفضلها:


الأدلة على
محبة الله لعبده، ومحبة العبد لربه كثيرة. قال الله تعالى: {يُحِبُّهُم ويُحِبُّونَهُ}
[المائدة: 54]. وقال تعالى: {والذين آمنوا أشَدُّ حُبّاً
للهِ}
[البقرة: 165]. وقال تعالى: {قل إنْ كُنْتُم تُحِبُّونَ اللهَ فاتَّبِعوني
يُحْبِبْكُمُ اللهُ ويغفِرْ لكُمْ ذنوبَكُم}
[آل عمران: 31]. ويحببكم الله:
دليل على المحبة وفائدتها وفضلها.



وفي السنة عن أنس رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث مَنْ
كنَّ فيه وجد حلاوة الإِيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إِليه مما سواهما، وأن
يحب المرء لا يحبه إِلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار
[أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله
تعالى: مَنْ عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إِليَّ عبدي بشيء أحبَّ
إِليَّ من أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إِليَّ بالنوافل حتى أحبه،
فإِذا أحببتُه كنتُ سمعُه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها،
ورجله التي يمشي بها، وإِن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنه
[أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الرقاق باب التواضع].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذا أحب الله
العبد دعا جبريلَ فقال: إِني أحب فلاناً فأحبَّه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء
فيقول: إِن الله يحب فلاناً فأحِبُّوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في
الأرض
[أخرجه البخاري في
صحيحه في كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة].



وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كان من دعاء
داود عليه السلام: اللهم إِني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك،
اللهم اجعل حبك أحب إِلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد
[أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وقال: حسن غريب]:


والقرآن والسنة مملوءان بذكر مَنْ
يحبه الله من عباده، وذكر ما يحبه من أعمالهم وأقوالهم وأخلاقهم كقوله تعالى: {واللهُ يُحِبُّ الصابرينَ}
[آل عمران: 146]. {واللهُ يُحِبُّ المحسنينَ} [المائدة: 93]. {إنَّ اللهَ يُحِبُّ التوابينَ ويُحِبُّ
المُتَطَهِّرينَ}
[البقرة: 222]. وقوله في ضد
ذلك: {واللهُ لا يُحِبُّ الفسادَ}
[البقرة: 205]. {واللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مختالٍ فخورٍ} [الحديد: 23]. {واللهُ لا يُحِبُّ الظالمينَ} [آل عمران: 57].


وقد جعل رسول الله صلى الله عليه
وسلم حب الله ورسوله من شرائط الإِيمان في أحاديث كثيرة فقال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إِليه من أهله وماله والناس
أجمعين
[رواه البخاري ومسلم في
صحيحهما في كتاب الإيمان عن أنس رضي الله عنه].



وقد وجه الرسول الأعظم صلى الله
عليه وسلم أصحابه للمحبة، لما لها من الأثر العظيم والمقام الرفيع، ولَفَتَ
أنظارهم إِلى نعمه تعالى وبالغ إِفضاله، ثم بيَّن لهم أنَّ حبهم لله يقتضي حبهم
لحبيبه الأعظم عليه الصلاة والسلام، كما أنَّ حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم
يوصلهم إِلى حب الله تعالى. قال عليه الصلاة والسلام: أَحِبُّوا
الله لما يغذوكم من نعمه، وأَحِبّوني بحب الله
[رواه الترمذي في كتاب
المناقب وقال: حسن غريب رواه الترمذي في كتاب المناقب وقال: حسن غريب].



وقد بشر الرسول صلى الله عليه
وسلم المحبين بالمعية مع محبوبهم، فقد روى أنس رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي
صلى الله عليه وسلم متى الساعة يا رسول الله؟ قال: ما
أعددتَ لها؟ قال: ما أعددتُ لها من كثير صلاة ولا
صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله. قال: أنت مع
مَنْ أحببتَ. قال أنس: فقلنا ونحن كذلك؟ قال: نعم. ففرحنا بها فرحاً
شديداً
[رواه البخاري في صحيحه في كتاب المناقب، ومسلم في صحيحه في كتاب البر عن
أنس رضي الله عنه].



والأحاديث في المحبة كثيرة، وكلها
تشير إِلى عظيم فضلها، وبالغ أثرها، وحين تحقق الصحابة الكرام رضوان الله تعالى
عليهم بمحبة الله ورسوله بلغوا أوج الكمال في الإيمان والأخلاق والتضحية، وأنستهم
حلاوة المحبة مرارة الابتلاء وقساوة المحن، وحملهم دافع المحبة على بذل الروح
والمال والوقت، وكلِّ غالٍ ونفيسٍ في سبيل محبوبهم لعلهم يحوزون رضوانه وحبه.



والحقيقة أن الإِسلام أعمال
وتكاليف وأحكام، وروحه المحبة، والأعمال بلا محبة أشباح لا حياة فيها.






الأسباب المورثة للمحبة:


ذكر العلماء من الأسباب المورثة
للمحبة أموراً كثيرة، وأهمها عشرة:



أحدها: قراءة القرآن بالتدبر
والتفهم لمعانيه وما أريد به.



الثاني: التقرب إِلى الله
بالنوافل بعد الفرائض، فإِنها توصل إِلى درجة المحبوبية بعد المحبة.



الثالث: دوام ذكره على كل حال
باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا التذكر.



الرابع: إِيثار محابِّه على
محابِّك عند غلبة الهوى، والتسنُّمُ إِلى محابِّه وإِنْ صعب المرتقى.



الخامس: مطالعة القلب لأسمائه
وصفاته ومشاهدتُها ومعرفتها، وتقلبُه في رياض هذه المعرفة ومباديها، فمن عرف الله
بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبَّه لا محالة.



السادس: مشاهدة بره وإِحسانه
وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة، فإِنها داعية إِلى محبته.



السابع: انكسار القلب بكليته بين
يديه تعالى تذللاً وتواضعاً.



الثامن: الخلوة به وقت التجلي
الإِلهي لمناجاته لاسيما في الأسحار، وتلاوةُ كلامه، والوقوفُ بالقلب والتأدبُ بين
يديه، ثم ختْمُ ذلك بالاستغفار والتوبة.






التاسع: مجالسة المحبين الصادقين،
والتقاط أطايب ثمرات كلامهم، كما ينتقي أطايب الثمر. ومن الأدب في مجالستهم ألاَّ
تتكلم في حضرتهم إِلا إِذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمتَ أن فيه مزيداً لحالك ومنفعة
لغيرك.



العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين
القلب وبين الله عز وجل
[انظر كتاب مدارج السالكين ص11 -12].


فمن هذه الأسباب وغيرها وصل
المحبون إِلى منازل المحبة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعبدالرحمن
مشرف
مشرف
ابوعبدالرحمن


ذكر عدد الرسائل : 763
العمر : 49
نقاط : 400
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالثلاثاء 1 ديسمبر - 21:29:29

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

أهذه الصوفية التي تريدون

أرجوك أقرأ هذه المقالة كلها كطالب للحق و ليس طالب للغلبة والفوز


ومن هذه السخافات : الاستجارة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلاّ الله تعالى من توقي المصائب ، وجلب المنافع ! ، وتعظيم حرمة قبور الأولياء إلى حد اعتقاد أن البلاد تصان به من الأضرار والأخطار !! ، واعتقاد أن من حاول أن يفعل في تلك البقاع خطيئة أن أحوال الشيخ تدركه وتنال منه !! ، وهذا كله من الكفر بالله تعالى ، وأضرب على هذه الصورة عدة أمثلة :

ما قاله الزبيدي في "طبقات الخواص " ( ص : 251 ) في ترجمة عيسى الهتار ، قال الزبيدي : ( وقبره هناك مشهور يقصد للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة !!! ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يتعرض له بمكروه !!! ، ومن تعدى ذلك عوجل بالعقوبة ، والقرية كلها محترمة ببركته ... ) .

وقال في ترجمة : أبي الخطاب عمر الهمداني ( ص : 235-236 ) : ( وتربته في موضعه من الترب المشهورة في الجبال يقصدها الناس من كل ناحية للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه ، بل وقريته كلها من سكن فيها أمِن من كل ما يخاف !!! ، ومن قصدها بسوء أو تعرض لأحدٍ من المستجيرين بها عوقب أشد العقوبة معجلاً ، وقد جرّب ذلك غير مرة .... ) .

وقال في ترجمة أبي الخطاب عمر بن محمد بن رشيد ( ص : 236 ) : ( وقبره ... مشهور مقصود للزيارة والتبرك ، وهو أحد السبعة الذين يقال فيهم : إن من واظب على زيارتهم سبعة أيام متوالية قضيت حاجته !!!! ) .

وقال في ترجمة أبي العباس أحمد بن علوان الصوفي ( ص : 71 ) : ( وقبره بها ظاهر معروف مقصود للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة لا سيما في آخر جمعة من شهر رجب !! .... وقرية الشيخ المذكور محترمة !! ، ومن استجار بها لا يقدر أحد أن يناله بمكروه... ) .

وقال في ترجمة : جوهر الصوفي ( ص : 121 ) : ( وتربته هنالك من أكبر الترب المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه ، ومن تعدى إلى ذلك عوقب عقوبة معجلة وقد جرب ذلك غير مرة !!! ) .

وقال في ترجمة : سفيان الأبيني ( ص : 149 ) : ( وتربته هنالك من الترب المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحدٌ أن يناله بمكروه أبداً ، ومن تعدى شيئاً من ذلك عوقب أشد العقوبة من غير إمهال ، وقدر جرّب ذلك غير مرة .... ) .

وقال في ترجمة : طلحة الهتار الذي يُزعم أنه كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة !! ، ( ص : 165 ) : ( وبني عليه قبة معظمة !! ، وتربته هنالك من أشهر الترب وأكثرها قصداً للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه وعند تربته قرية كبيرة تنسب إليه يقال لها : الطليحية كلها مجللة محترمة !! ... وله في زبيد زاوية محترمة من استجار بها لا يقدر أحد أن يناله بمكروه ، وانتفع بها الناس نفعاً عظيماً لكونها داخل البلد !! ، ومن نابه شي فزع إليها ويكون كأنه في بيته يقوم بمصالحه وحوائجه وهو في أمنٍ ودعه وذلك باقٍ مع أولاده وأولادهم إلى الآن !!!! ) .

وقال في ترجمة : ابن الغريب ( ص : 209 ) : ( وتربته في القرية من الترب المشهورة المعظمة المقصودة من الأماكن البعيدة للزيارة والتماس الخير والبركة ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه ، ومن تعدى ذلك عوقب أشد العقوبة من غير مهلة ، وقد جرب ذلك غير مرة .. ) .

وقال الزبيدي في ترجمة : فرج النوبي ( ص : 258 ) : ( وقبره بها مشهور يزار ويتبرك به!! ، قلّما قصد تربته ذو حاجة إلاّ قضيت حاجته ... ) .

وقال الزبيدي في ترجمة : محمد بن أبي بكر الحكمي ( ص : 267 ) : ( وتربة الشيخ والفقيه من الترب المعظمة المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة ، ومن استجار هنالك أمِن من كل ما يخاف ، ولا يقدر أحد أن يناله بمكروه من الدولة والعرب وغيرهم ... ) .

وقال الزبيدي في ترجمة : محمد بن يعقوب المعروف بأبي حربة ( ص : 276 ) صاحب الدعاء المشهور الذي قيل أنه كان يدعو به عند إنشائه وهو ينظر في اللوح المحفوظ !!! ، قال الزبيدي : ( وقبره هناك مشهور يزار ويتبرك به ويقصد من الأماكن البعيدة ، وقبور أولاده وذريته ... وتربتهم هنالك من الترب المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة ، ما قصدهم ذو حاجة إلاّ قضيت حاجته ، ومن استجار بهم لا يقدر أحد أن يناله بمكروه من أرباب الدولة والعرب وغيرهم..... ) .

قلت : وغير هذه المواطن كثير !! ، فيا رباه الغوث ، سبحانك ما ألطفك ، سبحانك ما أوسع رحمتك ، ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الطور:43) قال تعالى : ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) (المؤمنون:88-89) . ، وقال تعالى : ( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ) (الجـن:22) .

فإذا لم يكن هذا الكلام الفاسد من كلام الزبيدي ، وهذه الاعتقادات المضلة : شرك بالله تعالى ومروق من الشريعة ، فوالله ما في الوجود شرك ولا كفر !! .

بالله يا أهل العقول ، ويا أرباب النهى : ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (النحل:17) : ( أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُون َ)(النمل: من الآية63) ، ( أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )(النمل: من الآية64) ، كيف يفزع إلى أهل القبور ، ويلاذ بهم ، ويستجار بهم من دون الله تعالى ؟! .

فما أخطر كيد إبليس على هؤلاء القوم :

كيف أضلهم : ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ) (الأحقاف:5) .

كيف أعماهم : ( لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)(لأعراف: من الآية179) .

كيف صدهم عن السبيل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (الكهف:104) ، ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (فاطر:Cool .

نعم يا صاحب التوحيد : ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) ، فلو علم الله فيهم خيراً ، وأراد بهم هداية ، لاصطفاهم واجتباهم إليه : ( وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (الأنفال:23) ، ( وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )(القصص: من الآية56) .

قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتابه " كشف الشبهات " بعدما عرّف التوحيد وعظّمه ، وبيّن الشرك وشنّعه : ( أفادك فائدتين : الأولىا: الفرح بفضل الله ورحمته كما قال تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:58) ، وأفادك الخوف العظيم ، فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل ، وقد يقولوها وهو يظن أنها تقربه إلى الله كما ظنّ المشركون ، خصوصاً إن ألهمك الله تعالى ما قصّ عن قوم موسى مع صلاحهم وعلمهم أنهم أتوه قائلين : (اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَة)(الأعراف: من الآية138) فحينئذٍ يعظم خوفك وحرصك على ما يخلصك من هذا وأمثاله ... ) .

فافرح يا عبدالله بهداية لك ، وأكثر له من الشكر والثناء فما يعادل الهداية إلى التوحيد نعمة .

وأكثر الخوف من الشرك و وسائله ، فهي طريقة الموحدين من الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين ، فهذا إبراهيم خليل رب العالمين ، الأمة القانت الحنيف الأوّاه المجتبى يقول : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الآية (ابراهيم:35-36) ، وهذا يوسف عليه السلام يقول في دعائه : ( تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ )(يوسف: من الآية101) ، وهذا نبينا وحبيبنا وسيد الخلق أجمعين وإمام الموحدين وخليل رب العالمين : محمد صلى الله عليه وسلم يقول : ( يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك ) ، وفي الباب آثار وأشعار ، والله المستعان وعليه التكلان .

***

يستغرب البعض جمود بعض المتصوفة على عقيدته ، وعدم قبوله للحجج والبينات التي تلقى عليه من كل حدبٍ وصوب ، وذلك مستند إلى تعلّقهم الكبير بالمرجعية الدينية ، وتقديم أمرها على أمر الشارع ، فتعظيم المريد للشيخ ، وانكساره بين يديه ، والافتقار إليه ، وتقبيل الأرض من تحت أقدامه ! ، كل ذلك من مقومات هذه العقلية المتحجرة ! ، بل أن من المرجعيات الدينة من يقدم أمره ونهيه على أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم !! ، فهذا ذو النون المصري [ ت : 245هـ ] يقول : ( طاعة المريد لشيخه فوق طاعته ربه!!! ) [ تذكرة الأولياء : 1/171 ] .

وهذا صاحب [ الختمية : 135 ] : ( الشيخ هو الإمام الذي يرشدك وينير لك الطريق ، ولذا فطاعته واجبة لازمه ، وإن لم تكن واجبة فكيف تستفيد منه .... ولا ريب أنك لن تصل إلاّ بطاعته لا بمخالفته ، فلذا وجبت طاعة الشيخ المرشد في كل أمرٍ من الأمور .. ) .

ويقطعون صلة المريد بكل شيخٍ غير شيخه الذي يربيه ويلحظه بالعناية !! ، فيقول الشيخ الفوتي صاحب [ رماح حزب الرحيم : 1/142 ] : ( واعلم أن الاقتصار على واحدٍ لا يتعداه إلى غيره شرط لازم في طريق أهل الله ، ولابد لكل مريد من التزامه وإلاّ فلا سبيل له في الوصول البتة !!! ) .

ونقل عن ابن عربي قوله : ( إنما كان المريد لا يفلح قط بين شيخين قياساً على عدم وجود العالم بين إلهين !!!! ، وعلى عدم وجود المكلف بين رسولين !! ، وعلى عدم وجود امرأة بين رجلين !!!!!! ) [ المرجع السابق : 1/143 ] .

بل إن مشايخ السوء يحسسون أتباعهم بأن مخالفة أمرهم من موجبات الدخول في نار جهنم !! ، فيقول أبو الحسن علي الأهدل : ( قال لي سيدي – يعني الله - : من خالف كلامك أحرقته بناري !! ) .

قال الزبيدي معلّقاً : ( فكان إذا أراد أن يأمر الفقراء بشيٍ يقول : أريد كذا وكذا ، ولا يقول لهم : اعملوا كذا وكذا ، ويقول : أخاف عليهم النار إن خالفوني !!!!! ) [ طبقات الخواص : 198 ] .

بل منهم من جعل الجنة تحت تصرّفه يدخل فيها من يشاء ، فهذا التجاني يقول : ( وليس لأحدٍ من الرجال أن يدخل كافة أصحابه الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا من الذنوب ما عملوا ، وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلاّ أنا وحدي!!!! ) [ الطبقات الكبرى : 2/90 ] .

فهذه مختارات من عبارات المتصوفة ، ومن أراد الاستزادة فهناك المزيد ، وليراجع للاستفادة كتاب " تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي " للشيخ الفاضل محمد أحمد لوح [ ط : دار ابن القيم – مجلدان ] ، والله المستعان .

******
يقول أحمد التيجاني – فيما تقدم نقله - : (وليس لأحدٍ من الرجال أن يدخل كافة أصحابه الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا من الذنوب ما عملوا ، وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلاّ أنا وحدي!!!! وأما سائر سادتنا الأولياء رضي الله عنهم فيدخلون الجنة أصحابهم بعد المناقشة والحساب !! ) [ الطبقات الكبرى : 2/90 ] ، و [ كشف الحجاب : 373-374 ] .

وقال الشعراني في [ طبقاته : 2/106 ] : ( ومنهم الشيخ الخضري رضي الله عنه المدفون بناحية نها بالغربية وضريحه يلوح من البعد من كذا وكذا ... وكان يقول : لا يكمل الرجل حتى يكون مقامه تحت العرش على الدوام ، وكان يقول : الأرض بين يدي كالإناء الذي آكل منه !!! ، وأجساد الخلق كالقوارير ، أرى ما في بواطنهم... ) .

ويقول أحمد التيجاني في إجابته لأحد مريديه لما طلب الضمان في المعرفة : ( وأما ما طلبت من الضمان في المعرفة بالله من كونها صافية من اللبس ، ممزوجة حقيقتها بالشريعة ، فإن أمرها لا يكون إلاّ كذلك ، لا غير ... وأنا لك ضامن أن لا تسلب ما دمتَ في محبتنا ، وكل ما دونه ، من دخول الجنة بلا حساب إلى ما وراءه وما قبله !! ، وسامحتك فيما لا تعلمه مما مقتضاه سوء الأدب ، وأما السورة فتداومها أحد عشر ألف مرة ( 11000 ) كل يوم أو كل ليلة مختلياً وحدك وقت ذكرها فقط ، وبدؤها أن تقرأ الفاتحة مرة ، و صلاة الفاتح لما أغلق !!! مرة ، وتهدي ثوابها لأهل النوبة في ذلك اليوم من الأولياء والأحياء ثم تقوم وتقف مستقبلاً وتنادي : (دستور يا أهل النوبة جبهتي تحت نعالكم ، ثم تقرأ الفاتحة مرة ، وتهدي ثوابها لروح الشيخ عبدالقادر ، والشيخ أحمد الرفاعي ، وجميع الأولياء الغائبين والحاضرين ثم تقرأ الفاتحة مرة وتهدي ثوابها لروح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم تسأل المدد!!! ) [ كشف الحجاب : 85-86 ] .

قال يوسف النبهاني الملحد في [ كرامات الأولياء : 2/276 ] : ( عبيد أحد أصحاب الشيخ حسين ، كان له خوارق مدهشة ، ومنها أنه كان يأمر السحاب أن يمطر لوقته ، وكل من تعرّض له بسوء قتله في الحال !!! ، دخل مرة الجعفرية فتبعه نحو خمسين طفلاً يضحكون عليه ، فقال : لأعزلنك من ديوان الملائكة !!!! فأصبحوا موتى أجمعين ، وقال له بعض القضاة : اسكت ، فقال له : اسكت أنت ، فخرس وعمي وصم ، وسافر في سفينة فوحلت ، ولم يمكن تقويمها ، فقال : اربطوها بخيط!!! في بيضي – يعني خصيتيه !!!- ففعلوا ، فجرها حتى خلصها من الوحل ) .

قلت : اللهم لك الحمد على نعمة الهداية والاتباع ، فهذه هي الصوفية التي يريدون ، ومن يزعم براءته من هذه الخزعبلات فليعلن كفره بها ، وجحودها ، وجحود أهلها .

***
مما يدعو المسلم إلى اللهج الكثير بحمد الله تعالى ما يراه من تنكب قلوب الكثير من الصوفيين عن قبول الحق والإصغاء إليه ، وهذه حكمة الله تعالى مع من لم يرد هدايته قال تعالى : ( وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (الأنفال:23) .

ولا يحزن المؤمن من عدم قبولهم للحق ، ما عليه إلاّ البلاغ ، قال تعالى : ( وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (الأنعام:35) .

وقال تعالى : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف:6)

وقال تعالى : ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (فاطر:Cool

وهذه الآيات أكبر سلوان للمؤمن ، وإلاّ لطاش عقله ، وخارت قواه مما يرى من مبلغ ضلال القوم وانحرافهم مع تجلي آيات الله وبيناته !! .

فالجد والكيس والاجتهاد ، والحذار الحذار من العجز والكسل والجبن والبخل والفرار يوم الزحف ! .

***

الحمد لله رب العالمين :

من مشاركة الأخ عبدالله المسلم :

يعتبر كتاب الشعراني (طبقات الشعراني) من أهم مراجع الخرافة في كتب الصوفية ، وهم ينفون عن الشعراني ويدعون أن هذه الخرافات التي يواجهون بها نقلاً من كتاب الطبقات ، هي مما زيد على الكتاب ودس على الشعراني بغير علمه. وعلى فرض ثبوت هذا ، فهناك مشكلتان:

الأولى ـ أن الصوفية أصبحوا إذا وجهوا بالخرافة قالوا مدسوسة ، وإذا خلوا إلى بعضهم رووا هذه التخريفات ، ومنها ما وثق صوتاً وصورة لداعية التصوف المعاصر "علي الجفري اليمني" وهو يروي أحد هذه الخرافات عن الشعراني

الثانية ـ أن الكتاب بأكمله إلا النـزر القليل جداً ، ينضح ويفور بالخرافة ، فلا نعلم أيها المدسوس الحق القليل أم التخريف الكثير. وللتوثيق إليك فيض من غيض:

وفيما يلي بعض الكرامات المزعوة لبعض من يعظمهم الخرافيون ويدعون لهم الكرامات

ولا يملك من اطلع عليها إلا أن يحمد الله على نعمة العقل والإيمان

قال الشعراني في الطبقات (2ـ 184): طبعة دار العلم للجميع: الشيخ الصالح عبد القادر السبكي أحد رجال الله تعالى كان من أصحاب التصريف بقرى مصر رضي الله عنه: ((وكان كثير الكشف لا يحجبه الجدران والمسافات البعيدة من اطلاعه على ما يفعله الإنسان في قعر بيته.... وخطب مرة عروساً فرآها فأعجبته فتعرى لها بحضرة أبيها ، وقال: انظري أنت الأخرى حتى لا تقولي بعد ذلك بدنه خشن ، أو فيه برص أو غير ذلك ، ثم أمسك ذكره وقال: أنظري هل يكفيك هذا ، وإلا فربما تقولي: هذا ذكره كبير لا أحتمله ، أو يكون صغيراً لا يكفيني ، فتقلقي مني ، وتطلبي زوجاً أكبر آلة مني)).

وقال أيضاً: الشيخ علي أبو خودة الطبقات (2ـ135): ((وكان رضي الله عنه إذا رأى امرأة أو أمرداً راوده عن نفسه ، وحسس على مقعدته ، سواء كان ابن أمير ، أو ابن وزير ، ولو كان بحضرة والده ، أو غيره ، ولا يلتفت إلى الناس ، ولا عليه من أحد)).

وقال أيضاً في الطبقات (2 ـ185): ((الشيخ شعبان المجذوب رضي الله عنه ، كان من أهل التصريف بمصر المحروسة ، وكان يخبر بوقائع الزمان المستقبل وأخبرني سيدي علي الخواص رضي الله عنه أن الله تعالى يطلع الشيخ شعبان على ما يقع في كل سنة من رؤية هلالها ، فكان إذا رأى الهلال عرف جميع ما فيه مكتوباً على العباد)).

وقال: ((وكان يقرأ سورا غير السور التي في القرآن على كراسي المساجد يوم الجمعة وغيرها فلا ينكر عليه أحد ، وكان العامي يظن أنها من القرآن لشبهها بالآيات في الفواصل))

وقال: ((وقد سمعته مرة يقرأ على باب دار، على طريقة الفقهاء الذين يقرؤون في البيوت فأصغيت إلى ما يقول فسمعته يقول: "وما أنتم في تصديق هود بصادقين ، ولقد أرسل الله لنا قوماً بالمؤتفكات يضربوننا ويأخذون أموالنا وما لنا من ناصرين" ثم قال: اللهم اجعل ثواب ما قرأناه من الكلام العزيز في صحائف فلان وفلان إلى آخر ما قال)).

وقال أيضاً في الطبقات (2ـ142): ((الشيخ إبراهيم العريان رضي الله عنه ،كان يُخرج الريح بحضرة الأكابر ثم يقول: هذه ضرطة فلان ، ويحلف على ذلك ، فيخجل ذلك الكبير منه ، مات رضي الله عنه سنة نيف وثلاثين وتسعمائه)). ((وكان رضي الله عنه يطلع المنبر ويخطب عرياناً ...... فيحصل للناس بسط عظيم)).

وقال أيضاً: ((شيخنا أبو علي هذا كان من جماعته: الشيخ عبيد: وأخبرني بعض الثقات أنه كان مع الشيخ عبيد في مركب فوحلت ، فلم يستطع أحد أن يزحزحها ، فقال الشيخ عبيد: اربطوها في بيضي (الخصيتين) بحبل وأنا أنزل اسحبها ففعلوا ، فسحبها ببيضه حتى تخلصت من الوحل إلى البحر ، مات رضي الله عنه في سنة نيف وتسعين وثمانمائه)).

وقال أيضاً في الطبقات (2ـ 87): ((سيدي الشيخ محمد الغمري ، أحد أعيان أصحاب سيدي أحمد الزاهد رضي الله عنه ، كان من العلماء العاملين والفقراء الزاهدين المحققين سار في الطريق يسيرة صالحة وكانت جماعته في المحلة الكبرى وغيرها يضرب بهم المثل في الأدب والاجتهاد ، قال: ودخل عليه سيدي محمد بن شعيب الخيسي يوماً الخلوة فرآه جالساً في الهواء وله سبع عيون فقال له: الكامل من الرجال يسمى أبا العيون)).

وقال أيضاً في الطبقات (2ـ88): ((سيدنا ومولانا شمس الدين الحنفي كان رضي الله عنه من أجلاء مشايخ مصر وسادات العارفين صاحب الكرامات الظاهرة والأفعال الفاخرة والأحوال الخارقة والمقامات السنية)) إلى أن قال: ((وهو أحد من أظهره الله تعالى إلى الوجود ، وصرفه في الكون)). إلى أن قال: ((قال الشيخ أبو العباس: وكنت إذا جئته وهو في الخلوة أقف على بابها فإن قال لي ادخل دخلت ، وإن سكت رجعت فدخلت عليه يوما بلا استئذان فوقع بصري على أسد عظيم فغشي علي فلما أفقت خرجت واستغفرت الله تعالى من الدخول عليه بلا إذن ". ثم قال" وقد مكث في خلوته سبع سنين تحت الأرض ابتدأها وعمره أربع عشرة سنة".

"قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: ولم يخرج الشيخ من تلك الخلوة حتى سمع هاتفا يقول: يا محمد اخرج انفع الناس ثلاث مرات ، وقال له في الثالثة: إن لم تخرج وإلا هيه. فقال الشيخ: فما بعد هيه إلا القطيعة ، قال الشيخ فقمت وخرجت إلى الزاوية فرأيت على السقيفة جماعة يتوضؤون فمنهم من على رأسه عمامة صفراء ومنهم زرقاء ، ومنهم من وجهه وجه قرد ، ومنهم من وجهه وجه خنزير ، ومنهم من وجهه كالقمر ، فعلمت أن الله أطلعني على عواقب أمور هؤلاء الناس ، فرجعت إلى خلفي وتوجهت إلى الله تعالى فستر عني ما كشف لي من أحوال الناس وصرت كآحاد الناس)).

وقال أيضاً في ترجمة علي وحيش في الطبقات (2ـ149): ((كان رضي الله عنه من أعيان المجاذيب أرباب الأحوال ...وله كرامات وخوارق واجتمعت به يوماً)). إلى أن قال: ((وكان إذا رأى شيخَ بلدٍ أو غيرَه ينـزله مِن على الحمارة ويقول له: أمسِك رأسَها حتى أفعل فيها! فإن أبى الشيخ تسمَّر في الأرض لا يستطيع أن يمشي خطوةً، وإن سمح حصل له خجلٌ عظيمٌ والناس يمرُّون عليه)).

ويقول الشعراني عن نفسه في كتابه "الطبقات: ((إنَّ سبَبَ حضوري مولد "أحمد البدوي" كلَّ سَنَةٍ أنَّ شيخي العارف بالله تعالى "محمد الشناوي" رضي الله عنه! أحدَ أعيان بيته رحمه الله، قد كان أخذ عليّ العهد في القبة تجاه وجه سيدي أحمد رضي الله عنه، وسلَّمني بيده، فخرجت اليد الشريفة من الضريح! - بين الشعراني والبدوي نحو أربعة قرون! -وقبضت على يدي. وقال: يا سيدي يكون خاطرك عليه، واجعله تحت نظرك! فسمعتُ "سيدي أحمد" من القبر يقول: نعم. ولما دخلتُ بزوجتي فاطمة أم عبد الرحمن وهي بكرٌ، مكثتُ خمسةَ شهورٍ لم أقرب منها فجاءني وأخذني وهي معي، وفرش لي فراشاً فوق ركن القبة التي على يسار الداخل، وطبخ لي الحلوى، ودعا الأحياء والأموات إليه! وقال: أزِل بكارتها هنا! فكان الأمر تلك الليلة)) الطبقات (1ـ161

***

الحمد لله رب العالمين

ولما يا رامي ؟

ألا تريد أن يكون للأجيال من بعدنا ( سلف ) في التحذير من هذه المقالات الفاسدة ، وبيان خطرها على الناس ؟! .

أوليست هذه المقالات متجددة ، ويتناقلها الصوفيون في ( بيعاتهم ) و ( خلواتهم ) ؟! ، فكيف تُمر ولا تنكر ؟! ، حتى يأتي من بعد من يقول : لم ينكرها أحد ! .

وما دخل ابن تيمية في ( ابن عربي ) و ( القونوي ) و ( التلمساني ) حتى يتتبع كتبهم ومقالاتهم ويخر بها على رؤوس أتباعهم ؟! .

ثم ما الذي يضرك ؟ .

ألست معنا بأن هذه العقائد فاسدة ، وأنها في حضيض السخافة ! ، فلو أن هذه الكتب كأصحابها كانت فبانت ولم يعرف لها ذكر لما التفت إليها أحد ، ولكنها تطبع وتجدد وتوزع أحياناً بالمجان !!! ، فما الذي يبيح لي ولك ( غش الأمة ) و ( تسليمها ) لهذا الشر العظيم ، والخطر الوخيم .

وقبل الختم أنقل هذه السخافة من كتاب " طبقات الخواص " للزبيدي [ ص : 308 ] ، فقد ذكر في ترجمة محمد بن موسى بن عجيل أن صاحبه ماتت زوجته ، وكان يحبها حباً شديدا ، قال الزبيدي : ( فأسف عليها أسفاً كثيرا ، فقصد الفقيه محمد بن موسى ، وشكا عليه حاله ، وقال : مرادي أن أراها وأعلم ما صارت إليه ، فاعتذر منه الفقيه !!!! ، فلم يقبل منه وقال : ما أرجع إلاّ بقضاء حاجتي ، وكان له محل عند الفقيه ، فامتهله ثلاثة أيام ، ثم طلبه ذات يوم ، وقال له : ادخل هذا البيت إلى امرأتك ، فدخل فوجدها على هيئة حسنة وعليها لباس حسن ، وسألها عن حالها فأخبرته أنها على خير ، فسر لذلك ، ثم خرج إلى الفقيه مسرورا طيب النفس ، وقد سكن ما كان يجده من الأسف !!!!! ) .

تامل هذا جيداً واحمد ربك على العافية .
***

يقول علي وفا : ( اعلم أن قلوب الرجال امثال الجبال فكما أن الجبال لا يزيلها عن أماكنها إلا الشرك بالله كما قال عز وجل : ( وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) ، وكذلك قلوب الرجال لا سيما الولي لا يزيل قلبه إلا الشرك الواقع من تلامذته معه !!!! ، من إشراك أحد معه في المحبة ، لا يزيله إلا ذلك ، لا تقصير في الخدمة ولا غير ذلك !! ) [ رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم : 1/118-119 ] .

ولعلنا نحفظ الحديث الرباني : ( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ... ) الحديث .

فاقرءوا ما يقوله الدسوقي لأحد مريده : (يا ولدي إن صح عهدك معي فأنا منك قريب غير بعيد !!! ، وأنا في ذهنك ، وأنا في سمعك ، وأنا في طرفك ، وأنا في جميع حواسك ، الظاهرة والباطنة !! ، وإن لم يصح عهدك لا تشهد منّي إلا البعد ) [ الطبقات الكبرى : 1/150 ] .

تأملوا هذا جيدا واعرفوا فضل الله عليكم ، واسألوا ربكم العافية .

****
الحمد لله :

زر مصر وقف على ( قبر الحسين ) و ( ضريح الست نفيسة !! ) و ( وضريح السيدة عائشة ! ) و ( سكينة ) و ( السيدة زينب ) و ( ضريح الشافعي ) و ( ضريح الليث بن سعد ) !!! .

وقف على قباب العراق ، في أكثر من مائة وخمسين ضريح مشهور مزار متبرك بأعتابه !! . فكيف بالأضرحة المغمورة !!! .

وقف لحظات عند قبر الأوزراعي في جنوب بيروت وما عنده من عجائز ركع رتع !! ، وخرق معلقة ، وسدنة ، ونذور !!!! .

وزر دمشق وابحث لنا عن صدق قول عبدالرحمن بك ( ت : 1890م ) بأنها : أربع تسعين ومائة ضريح إن لم تزد في عام ( 2005 م ) ؟! .

وتقلب في جنبات الهند ، وقف على مذهلات العقول من الشرك بالله تعالى ، وحج الآلاف بل الملايين لها ! .

وارحل إلى ( ميرغني ) السودان ، وجنبات الإدريسيين في بلاد المغرب .

وارحل إلى ( تريم ) و ( سييون ) وسوف يزول عنك هذا الشك بإذن الله !!!!! .

هذا ما يجهد الجفري والصوفيون اليوم إلى تجديده ، وإحياء رسومه ، وإعادة تاريخ ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى !!! .

قال الأمير الصنعاني في قصيدة مدحه لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب :

ويعمر أركان الشريعة هادما ******** مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد

أعادوا بها معنى سواع ومثله ******* يغوث و ود بئس ذلك من ودِ

وقد هتفوا عند الشدائد باسمها ******* كما يهتف المضطر بالصمد الفرد

وكم عقروا في سوحها من عقيرة ******* أهلت لغير الله جهرا على عمد

وكم طائف حول القبور مقبّل ******** ومستلم الأركان منهن باليدِّ

فأنقذ نفسك يا رامي من النار ، وافزع إلى من بيده مقاليد الأمور ، ودعانا كي نفزع إليه وننكسر بين يديه ، ويفرح بذلك ، ويتودد إلينا بالإجابة ، وهو الحي الذي لا يموت .

ولماذا لا نشتغل بإحياء دعوة المرسلين إلى توحيد رب العالمين ، وإحياء سنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم ، وننقذ الناس من ( الطرق ) و ( الخرق ) وسائر البدع .

ونزهد ، ونتورع ، ونتعبد لله تعالى ، ونذكر الله تعالى في كل حين ولا حاجة إلى ( تصوف ) و ( صوفة ) و ( صفو !! ) احوال .

ومن لم يجعل الله نورا فما له من نور .
***

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

فمتابعة لما سبق أن ذكرته في مشاركة سابقة عن ( غلو ) ( الصوفية ) في ( مشايخهم ) و ( الأولياء ) ، آمل من القارئ الكريم تأمل هذه النقولات التي يقف لها شعر الموحد ذهولا وعجبا ، ويقف عندها خوفاً و وجلا ، وكيف يعمي الله أبصار بعض الخلائق ويطمس على وجهها ويصرفها عن السبيل ! ، ففي كتاب " الإبريز " ( ص : 240 ) يقول الدباغ : ( الشيخ للمريد في درجة لا إله إلاّ الله ، محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله ، فإيمانه متعلق به ، وكذا سائر أموره الدينية والدنيوية ! ، فقال له ابن مبارك – تلميذه - : إني أخاف من الله تعالى في أمور فعلتها ! ، فقال لي : ما هي ؟ ، فذكرت له ما حصل ، فقال لي : لا تخف من هذه الأشياء !!! ، ولكن أكبر الكبائر في حقك أن تمر عليك ساعة ولا أكون في خاطرك ، فهذه هي المعصية التي تضرك في دينك ودنياك !!!!! ) .

فتأمل يا عبد الله كيف ضاهي مكانته بمكانة الشهادتين في الإسلام ، وكيف هوّن على مريده الخوف من الله تعالى ، وكيف عظّم متابعته ومراقبته وجعل فواتها من أكبر الكبائر بل أكبرها على الإطلاق .

والنبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الذنب أكبر ؟ فقال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك ) .

[ انظر كتاب : تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي – محمد أحمد لوح – 421 ] .

وخذ على هامش الخرافات والزندقة ما نقله ( الشعراني ) في " طبقاته " ( 1/170 ) عن الدسوقي قوله : (أنا في السماء شاهدت ربي وعلى الكرسي خاطبته !!! ، أنا بيدي أبواب النار غلقتها ، وبيدي جنة الفردوس فتحتها ، من زارني أسكنته جنة الفردوس ) .

قلت : لعنك الله يا ملحد ! ، فالله تعالى ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103) ، والله لا يجلس على الكرسي وإنما ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) ، وأبواب النار مفتحة الأبواب ترتقب أهل الضلال وتقول : هل من مزيد ! ، وأبواب الجنة لا تفتح لأحد قبل الحبيب الخليل محمد صلى الله عليه وسلم ، والجنة ملك الله تعالى يدخلها الله من يشاء من عباده وليس للكافرين لهم فيها نصيب : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(المائدة: من الآية72) .

تأملوا هذا يا أرباب العقول ويا أصحاب الحجا ، واعرفوا فضل الله عليكم أن هداكم للإسلام ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .

*****

من سخافات عقول [الصوفية ] إيمانهم برؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ، ونفي موته الذي نصّ الله تعالى في القرآن الكريم في قوله سبحانه : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:144) ، وقوله سبحانه : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (الزمر:30) ، فخلطوا في فهم معنى حياة الأنبياء حتى : أطلقوا لهم الحياة المطلقة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من قبره ، ويتفقد أحوال أمته ، ويغيث من استغاث به ، وغير ذلك من الترهات والخزعبلات التي تمجها عقول العقلاء فكيف بأهل الإسلام النبلاء ؟! .

فهذا إبراهيم المتبولي !! ، من أئمة الصوفية ، يقول عنه الشعراني في [ طبقاته : 1/68 ] أنه كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً في المنام ، فيخبر بذلك أمه ، فتقول : يا ولدي إنما الرجل من يجتمع به في اليقظة ، فلما صار يجتمع به في اليقظة ويشاوره على أموره ، قالت له : الآن شرعت في مقام الرجولية !! ) .

قلت : بل والله شرع في الدجولية !! ، وسخافة العقول .

ويقول تلميذه عبدالقادر الدشطوطي : ( ... ليس أحد من الأولياء له سماط يمد كل سنة فوق سد الاسكندر ذي القرنين غير سيدي إبراهيم المتبولي .... ولا يتخلف أحد من الأنبياء والأولياء عن حضوره ، فيجلس النبي صلى الله عليه وسلم صدر السماط والأنبياء يميناً وشمالاً على تفاوت درجاتهم .. ) [ طبقات الشعراني : 2/77 ] .

وفي ترجمة محمد الفيومي الصوفي !! ذكر الشعراني في [ طبقاته : 2/160 ] : ( أنه كان يخبر أنه يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة أي وقت أراد !!!! ) .

قال الشعراني معلّقاً : (وهو صادق !!!! ، لأنه صلى الله عليه وسلم سائر في كل مكان وجدت فيه شريعته وما منع الناس من رؤيته إلا غلظ حجابهم !! ) .

قلت : بل أنت وإياه كاذبان ضالان ، فأين الذين يدافعون عن الصوفية من أمثال هذه العقائد الكفرية التي ما قال بها اليهود ولا النصارى في أنبيائهم وأحبارهم ورهبانهم ، ولا الرافضة في رجعتهم !! ، فأي ضلال هذا الضلال ، نعوذ بالله من الخذلان .

وهذا الشعراني – بريد الكفر – ينقل عنه الفوتي قوله : ( فلا يزال أحدهم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويكثر منها ، ويتطهر من كل الذنوب حتى يجتمع به يقظة في أي وقتٍ شاء ، ومن لم يحصل له هذا الاجتماع فهو إلى الآن لم يكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار المطلوب .. ) .

ويقول : ( لا يكمل الرجل عندنا مقام العرفان حتى يصير يجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة ) .

وقال : ( وممن رآه يقظة من السلف !!!! : الشيخ أبو مدين المغربي ، والشيخ عبدالرحيم القناوي ، والشيخ موسى الزواوي ، والشيخ أبو الحسن الشاذلي ، والشيخ أبو العباس المرسي ، والشيخ أبو السعود بن أبي العشائر ، و سيدي إبراهيم المتبولي ، والشيخ جلال الدين السيوطي : وكان يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واجتمعت به يقظة نيفاً وسبعين مرة !!! ، وأما سيدي إبراهيم المتبولي فلا يحصى اجتماعه به ... ) [ رماح حزب الرحيم – عمر بن سعيد الفوتي – 1/199 ] .

وفي الباب نفسه ما تتناقله الرفاعية و علي الجفري !!!! عن أحمد الرفاعي من أنه لما حج وقف على القبر الشريف وأنشد قوله :


في حالة البعد روحي كنت أرسلها ******* تقبل الأرض عني وهي نائبتي

وهذه نوبة الأشياخ قد ظهرت ****** فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
قالوا : فخرجت إليه يد النبي صلى الله عليه وسلم من القبر فقبلها ؟! .

وعقد الفوتي التيجاني فصلاً يقول فيه : ( الفصل الحادي والثلاثون في إعلامهم أن الأولياء يرون النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ، وأنه صلى الله عليه وسلم يحشر كل مجلس أو مكان أراد بجسمه وروحه ... ) [ رماح حزب الرحيم – 1/198 ] .

وهذا الشاذلي إمام الطريقة يحكي عنه الشعراني أنه كثير الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم !! ومن ذلك قوله : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على سطح الجامع الأزهر عام خمسة وعشرين وثمانمائة فوضع يده على قلبي وقال : يا ولدي الغيبة حرام ، ألم تسمع قول الله تعالى : ( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً )(الحجرات: 12) وكان قد جلس عندي جماعة فاغتابوا بعض الناس .. ) [ طبقات الشعراني : 2/65 ] .

بل لا تعجب إذا قيل لك بأن الصوفية يعتقدون رؤية الأولياء بعد موتهم يقظة بأجسادهم وأرواحهم !! ، فقد ذكر الشعراني في ترجمة العياشي من ذلك شيئاً فقال : ( وكانت الأولياء الأموات يزورونه كثيراً لا سيما الشافعي !!!!! رضي الله عنه ، فكان يخبر أنه كان عنده يقظة لا نوماً ، وكان من لا يعرف حاله يقول : هذا خراف ) [ طبقات الشعراني : 2/162 ] .

قلت : إي والله إنه خراف .

وللصوفية في هذا الباب من العجائب والغرائب مما ينادي بها عليهم بالجهل والزندقة !! ، والله المستعان .

أبو ريان الطائفي
كان الله في عونه ونصرته



أهذه هي الصوفية التي تريدون ؟!

أبو ريان الطائفي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ourhome12.jeran.www
ابوعلى
عضو محترف
عضو محترف
ابوعلى


ذكر عدد الرسائل : 374
نقاط : 425
تاريخ التسجيل : 19/05/2009

حقيقة التصوف Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة التصوف   حقيقة التصوف Emptyالخميس 3 ديسمبر - 13:39:53

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخى الكريم
انك كمن يتحدث عن الإسلام فيذكر فيه ان المسلمين اليوم كذابون يتعاملون بالربا يقتل بعضهم بعضا


لايحترمون الجوار وووووووووووووووووووووووووووووو





أما الإسلام الحق فأنت
لاتبحث عن حقيقته لاتبحث عن
فضله لاتبحث عن طريقه



عذرا اخى فالتصوف الحق هو الإسلام الحق ومن شط شط فى النار


فيا ليت قومى يعلمون؟؟؟؟؟؟؟


والتصوف الحق هو ماذكرته لك فوق ما كتبت فاقرأه......
وانظر..... هل
ترى فيه من فطور؟



وأخيرا عندى امتحانات
وبعدها نلتقى ان شاء الله فى طريق الحق لا التعصب



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حقيقة التصوف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب كفر الجمال :: منتدى الفكر الاسلامي :: منتدى الفكر و التاريخ الإسلامي-
انتقل الى: