إن الحمد لله نستغفره و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمد عبده و رسوله أما بعد
اعلم أيها المسلم أن أخطر الأمراض على المسلم هو داء الكبرقال الله تعالى" سأصرف عن أياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق" و قال تعالى " إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين " و قال صلى الله عليه و سلم :يقول الله
تعالى ا"لكبرياء ردائى و العظمة إزارى فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته فى جهنم و لا أبالى" و روى مسلم فى صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال" لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر فقال إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنة فقال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق و غمط الناس " ومعنى بطر الحق الاستنكاف عن قبوله و رده و النظرإليه بعين الاستصغار و ذلك للترفع و التعاظم ومعنى غمط الناس ازدراؤهم و
ا ستحقارهم
و اعلم أن أسرع الكبر فى العلم حينما يرى الانسان نفسه أنه أعلى و أفضل من الناس و يستشعر فى نفسه كمال العلم فيستعظم نفسه و يستحقر الناس و يستجهلهم
و نرى الكبر أيضا فى الحسب و النسب فالذى له نسب شريف يستحقر من ليس له نسب و إن كان أرفع منه علما و عملا ونسى قول الله عز و جل "إن أكرمكم عند الله أتقاكم " الحجرات
و هناك أيضا الكبر بالمال و هو استحقار الغنى الفقير و التكبر عليه وكل ذلك جهل منهم بفضيلة الفقر و آفة الغنى
واعلم أن التكبر يظهر فى أقوال الرجل و مشيته وقيامه و جلوسه و منها أن يحب الرجل قيام الناس له أو بين يديه
فاعلم أيها المسلم الكريم رحمك الله أن الكبر من المهلكات و يجب استئصاله لأن العظمة و الكبرياء لا تليق إلا لله عز و جل
و اعلم أن خير الناس من كان عند الله متواضعا
قال بن أبى سلمة قلت لأبى سعيد الخدرى "ما ترى فيما أحدث الناس من الملبس و المشرب والمركب و المطعم فقال: يا بن أخى كل لله و اشرب لله و البس لله وكل شئ من ذلك دخله زهو أو مباهاه أو رياء أو سمعة فهو معصية و عالج فى بيتك من الخدمة ما كان يعالج رسول الله صلى الله عليه و سلم فى بيته كان يحلب الشاة و يخصف النعل و يرقع الثوب و يأكل مع خادمه و يشترى الشئ من السوق لا يمنعه الحياء أن يعلق الاناء بيده و يصافح الغنى و الفقير و يسلم مبتدئا على كل من استقبله من صغير أو كبير يجيب إذا دعى و لا يحقر ما دعى إليه لين الخلق جميل المعاشرة طليق الوجه شديد فى غير عنف متواضع فى غير مذلة جواد من غير اسراف رقيق القلب زادت عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله علي و سلم لم يمتلئ قط شبعا و لم يبث إلى أحد شكوى و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته