ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: التطابق بين اخلاق النبى صل الله عليه وسلم .... وبين ما يسمى بحقوق الانسان الأحد 18 أكتوبر - 2:36:07 | |
|
ان المسلمين، الذين يواجهون كل هذا العدوان على القيم الإنسانية،
هم أتباع النبي محمد " صل الله عليه وسلم" ،
الذي رد للإنسان كرامته، وحفظ عليه إنسانيته،
ونادى بحقه في الحرية والأمن والحياة الكريمة المستقرة،
وكم عمل جاهدا حتى يحقق للضعفاء من الفقراء والمحتاجين أمنا وسلاما، نعموا بهما،
فذاقوا طعم الحياة الهانئة الكريمة في ظل القيم والمبادئ والمثل التي أرسى الإسلام قواعدها،
وقد كان الرسول محمد " صل الله عليه وسلم" صاحب أخلاق تهوى إليها النفوس العالية،
أخلاق يتعشقها النبلاء والفضلاء والعظماء،
لو لم يقم محمد " صل الله عليه وسلم" دينا لقامت هذه الأخلاق دينا وحدها.
جاء محمد " صلى الله عليه وسلم" بدعوته السمحة لينصف أهل الفقر من أهل الغنى،
معلنا أن الجميع في حق الحياة سواء،
الفقراء الذين أعاد إليهم إنسانيتهم،
وأعطاهم حقوقهم، وحررهم من العبودية والذل.
فبعد ان كثر الحديث في زمننا الراهن عن حقوق الإنسان،
واتخذ عالمنا المعاصر يوما خاصا أطلق عليه :
"اليوم العالمي لحقوق الإنسان "،
وذلك رغم ما يعانيه بنو آدم في أنحاء عديدة في المعمورة الأرضية
من الإذلال والإهانة والتشريد والقتل،
أضف إلى ذلك إهدار الكرامة الإنسانية، وتحكم القوى العظمى في مصائر الشعوب والأمم،
والتحيز للمعتدين، وإغماض العين عن صنوف المعاناة التي يواجهها البشر في مناطق عديدة من عالمنا المعاصر،
مع كيل الأمور بمكيالين،
فلا يكون للضعيف من سند أو ناصر أو معين.
هذه اللمحة النورانية،
التي حبا الله بها نبيه محمدا " صل الله عليه وسلم" ،
ردت الكرامة الإنسانية إلى قوم أفقدهم الظلم إياها، وسلبهم نعمتها،
وأعادت إليهم الإحساس بقيمتهم ودورهم كبشر بحق في الحياة المعاشة،
أعادت إليهم حقهم الأصيل في الحياة الحرة الكريمة
التي لا تعرف تمييزا بين البشر بسبب الجنس أو اللون أو العرق أو اللغة أو الطبقة أو المعتقد،
فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب.
أعلن محمد " صل الله عليه وسلم" :
أنه لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح،
وإن الله لا ينظر إلى صورنا وأجسامنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا،
وأعلن أيضا إن قيمة الإنسان بتقواه وأعماله النافعة المفيدة للناس وللمجتمع الذي يحيا فيه، بل للبشر أجمعين،
وعليه،
فإن الأعمال النافعة الصالحة هي مناط التقدم عند الله،
فقد خلقنا الله شعوبا وقبائل لنتعارف، لنتعاون، لنتضامن، لنتبادل الآراء والأفكار والخبرات والتجارب،
لنعمر معا الأرض التي نحيا عليها من أجل واقع أحسن،
ومستقبل أفضل لنا ولذوينا وللأجيال القادمة.
إذن، لم يخلقنا الله على الأرض لنتعارك أو لنتحارب أو لنتعادى أو ليصطدم بعضنا ببعض،
أو ليتعالى بعضنا على بعض،
أو ينهب بعضنا خيرات بعض.
يقول الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
صدق الله العظيم
(الحجرات:13).
، كان الرسول الكريم " صل الله عليه وسلم"
لا يسمح لنزعة التعالي والعنصرية أن تتواجد، بل كان يواجهها بكل حزم وصرامة حتى يقتلعها من جذورها،
ولذلك، عندما سمع الصحابي أبا ذر الغفاري "رضي الله عنه" يعير آخر بسواد أمه،
بدا عليه الغضب الشديد (وقلما كان يغضب)،
وقال له مقرعا ومعبرا عن ضيقه بهذه النزعة المقيتة:
«طف الصاع، طف الصاع، إنك أمرؤ فيك جاهلية،
ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل».
ونزل قوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ
وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
صدق الله العظيم
(الحجرات:11).
عندما طلب بعض الزعماء من نبي الله محمد " صل الله عليه وسلم"
أن يجعل لهم مجلسا خاصا بهم لا يشاركهم فيه الضعفاء والفقراء، نزل القرآن الكريم ينهى عن الاستجابة لهم،
ويطلب من رسول الله " صل الله عليه وسلم" أن يصبر نفسه على الجلوس إلى الضعفاء والفقراء،
لأن نزعة التعالي هذه يمقتها الإسلام، ويؤكد دوما الأخوة الإنسانية العامة.
يقول الله تعالى:
بيسم الله الرحمن الرحيم
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}
صدق الله العظيم
(الكهف:28).
ان القارئ الدارس، والباحث المتفحص لحياة النبي محمد " صل الله عليه وسلم" ،
حينما يجد ملامح هذه العظمة، التي لم تعرف البشرية لها مثيلا،
والتي كانت سمة واضحة تبدو ظاهرة في كل تصرفاته وأقواله وأفعاله،
حينما نرى ذلك نتساءل:
من أين اكتسب (صلوات الله وسلامه عليه) هذه الشمائل المضيئة؟
هل جاءته من البيئة المحيطة به، ؟؟؟؟
أم جاءته من المجتمع الذي نشأ فيه وترعرع؟؟؟؟؟
وهل ورثها وتلقاها من والديه ومن أهله وذويه؟؟؟؟؟
حينما يحاول المرء أن يجد جوابا شافيا عن هذه التساؤلات،
يجد أن الجو العام الذي نشأ وشب فيه رسول الله " صل الله عليه وسلم"
كان يمثل مجتمعا أو محيطا بعيدا كل البعد عما اتصف به الرسول الكريم
من مثل وأخلاق والتزام،
ولنقرأ معا ما تناقلته كتب السيرة النبوية
وقاله جعفر بن أبي طالب "رضي الله عنه" (ابن عم محمد " صل الله عليه وسلم" ) للنجاشي (ملك الحبشة)
يصف ما كان عليه المجتمع في بلاد العرب قبل دعوته " صل الله عليه وسلم"
من ظلم، وضياع للحقوق، وفساد للأخلاق، وانعدام للقيم والمثل، واستغلال من القوي للضعيف،
وما جاء به نبي الرحمة (صلوات الله وسلامه عليه) من احترام للإنسان، واحترام للآخر، ورد لكرامة البشر الضائعة،
وحماية الضعفاء من عسف الأقوياء، ودعوى للحب والسلام والطهر والعفاف والنقاء والتسامح،
وإصلاح للعقائد، واحترام لعقل الإنسان.
يقول جعفر بن أبي طالب "رضي الله عنه" للنجاشي:
«أيها الملك،
كنا قوما أهل جاهلية،
نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار،
ويأكل القوي منا الضعيف،
حتى بعث الله إلينا رسولا منا،
نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه،
فدعانا إلى إله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان،
وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء،
ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات،
وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا».
ويواصل جعفر "رضي الله عنه" كلامه، فيقول عن النبي محمد " صل الله عليه وسلم" :
«وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام،
فصدقناه وآمنا به،
واتبعناه على ما جاءه من الله، فعبدنا الله وحده،
فلم نشرك به شيئا،
وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا،
فعدا علينا قومنا،
فعذبونا،
وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى،
وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث،
فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا،
وحالوا بيننا وبين ديننا
خرجنا إلى بلادك (الحبشة وهي بلاد مسيحية)،
واخترناك على من سواك،
ورغبنا في جوارك،
ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك».
وبالطبع فقد رحب النجاشي بالمسلمين المهاجرين من مكة إلى الحبشة، وأحسن إليهم،
كما أنه رفض أن يسلمهم إلى وفد قريش الذي جاء يطلبهم،
باعتبارهم خارجين على قانون العرب الوثني في تلك الآونة.
ونحب أن نشير إلى أن النبي " صل الله عليه وسلم"
اختار الحبشة مكانا لهجرة المسلمين الأوائل
لمعرفته أن النجاشي مؤمن بدين سماوي،
وهو المسيحية السمحة،
والمسلم لا يكون مسلما حقا إلا عندما يؤمن بجميع الرسالات السماوية،
وبجميع أنبياء الله ورسله،
وبأن جميع الأديان من رحم واحد،
كما كان الرسول محمد (صلوات الله وسلامه عليه)
يعرف أن النجاشي كمسيحي رجل صالح لا يظلم عنده أحد.
نعود لنقول:
لقد صور جعفر بن أبي طالب "رضي الله عنه" في كلامه للنجاشي
حال المجتمع العربي قبل دعوة النبي محمد " صل الله عليه وسلم" إلى الإسلام،
ووضع في مقابل ذلك ما جاء به الرسول " صل الله عليه وسلم"
من إصلاح للعقيدة والأخلاق والسلوك والمعاملات،
وبخاصة حماية الضعفاء من ظلم الأقوياء المتجبرين.
فهل يعتقد أحد أن بيئة كهذه،
أو محيطا اجتماعيا سماته هذه يكون له تأثير إيجابي في حياة رسول الله محمد " صل الله عليه وسلم" ؟
إذن، فليس للبيئة أو المحيط أثر يذكر في هذا السمو النبيل في الأخلاق التي تحلى بها.
وإذا عرفنا أن أباه مات وهو جنين في بطن أمه،
وأن أمه ماتت وهو في سن السادسة،
أدركنا أن ليس لهما أدنى توجيه في حياته،
وعليه يعود السؤال مرة أخرى:
من أين جاء ذلك لنبي الرحمة والهدى؟
الإجابة ببساطة شديدة تأتي في آية من القرآن الكريم،
جامعة لكل معاني الرحمة لبني البشر أجمعين،
هي قوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}
صدق الله العظيم
(الأنبياء:107).
إذن، فهي رسالته " صل الله عليه وسلم" ،
وعليه تكون تلك هي الإجابة لمنظمات حقوق الانسان ....
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
| |
|