ابوعبدالرحمن مشرف
عدد الرسائل : 763 العمر : 49 نقاط : 400 تاريخ التسجيل : 26/11/2007
| موضوع: تفسير جزء من سورة المدثر الجمعة 15 فبراير - 21:05:37 | |
| تفسير جزء من سورة المدثر قال تعالى ** يا أيها المدثر(1) قم فأنذر(2) وربك فكبر(3) وثيابك فطهر(4) والرجز فاهجر(5) ولا تمنن تستكثر(6) ولربك فاصبر(7) فإذا نقر فى الناقور( فذلك يؤمئذ يوم عسير(9) على الكافرين غير يسير(10) ذرنى ومن خلقت وحيدا(11) وجعلت له مالا ممدودا(12) وبنين شهودا(13) ومهدت له تمهيدا(14) ثم يطمع أن أزيد(15) كلا إنه كان لإياتنا عنيدا(16) سأرهقه صعودا(17) أنه فكر وقدر(18) فقتل كيف قدر(19) ثم قتل كيف قدر(20) ثم نظر(21) ثم عبس وبسر(22) ثم أدبر واستكبر(23) فقال إن هذا إلا سحر يؤثر(24) إن هذا إلا قول البشر(25) سأصليه سقر(26) وما أدراك ما سقر(27) لا تبقى ولا تذر(28) لواحة للبشر(29) عليها تسعة عشر(30) وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنه للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين أمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين فى قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هى إلا ذكرى للبشر(31) كلا والقمر(32) والليل إذ أدبر(33) والصبح إذا أسفر(34) إنها لأحدى الكبر(35) نذيرا للبشر(36) لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر(37) كل نفس لما كسبت رهينة(38) إلا أصحاب اليمين(39) فى جنات يتساءلون(40) عن المجرمين(41) ما سلككم فى سقر(42) قالوا لم نك من المصلين(43) ولم نكن نطعم المسكين(44) وكنا نخوض مع ا لخائضين(45) وكنا نكذب بيوم الدين(46) حتى آتانا اليقين(47) فما تنفعهم شفاعة الشافعين(48) فما لهم عن التذكرة معرضين(49) كأنهم حمر مستنفرة(50) فرت من قسروه(51) بل يريد كل امري منهم أن يؤتى صحفا منشره(52) كلا بلا لا يخافون الآخرة(53) كلا إنه تذكره(54) فمن شاء ذكره(55) وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة(56) } **************************** و السورة من تفسر الشيخ ( المغامسى) وهو من افضل المعاصرين فى علوم القران و الشيخ يسكن المدينة النورة و الشيخ بكاء اسيف يرق قلبه للقرآن و نحسبه علي خير و الله حسيبهبسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثرة واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين . • أما بعد:- فالسورة التى سنشرع إن شاء الله تعالى فى تفسيرها فى هذا المقام هى سورة المدثر ويظهر جليا أننا نتتبع أوائل ما أنزل وسورة المدثر سورة مكية باتفاق لا يعلم لها اسم آخر إلا هذا الاسم وهو موجود فى المصاحف التى بين أيدينا ولا يعلم فيه خلاف . - قوله تعالى ** يا أيها المدثر** قم فأنذر } :- من المدثر ؟ هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا مناداة له لوصف حاله وقلنا قد قلنا فى لقاء ماض عند حديثنا عن قول الله تبارك وتعالى {اقرأ بسم ربك الذى خلق} ذكرنا قضية أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل من الجبل يرجف فؤاده ووصل إلى خديجة رضى الله عنها وأرضاها وقد من الله عليها بالعقل والروية والحكمة ولأمر ما جعلها الله زوجه لنبيه صلى الله عليه وسلم رغم أن سنها أكبر منه ولكن الله ادخرها لفترة ومرحلة عصيبة فى عمر الدعوة قامت بها رضى الله عنها وأرضاها على أكمل وجه فلما قدمت عليه ذكرته بصنيعه عندها والإنسان قد يظهر للناس شخصية أخرى غير شخصيته لكن خلطائة وأصحابه وأهله وأبنائه طلابه لا يخفى عليهم كثيرا من شخصيته وإذا كان الإنسان كاملا أو شبه كامل أو عظيما فى نظر أبنائه فى نظر زوجته فى نظر قرابته فى نظر خواص طلابه خواص رفقائه فهذا من أعظم الدلالة العظمة لأن هؤلاء يرونه على حقيقته فخديجة رضى الله عنها تر النبى صلى الله عليه وسلم على حقيقته ولما جاء يفاجئها أن ملك انزل علية وألقى عليه وحيا ولما ما تعرفه من خصيصه أحواله واطلاعها على أسراره جعلها تقبل الأمر بكل رضى لأنها على علم أن هذا الرجل الذى هو الآن بعلها أهل لأن يكون نبي هذه الأمة فأيدته وقالت إنك لتحمل الكل وتعين على نوائب الحق وتقرى الضيف وأخذت تعدد مآثره ومناقبه قبل أن يبعث صلوات الله وسلامه عليه. بل إنهم قالوا فيما نقلوه ما قاله ابن إسحاق بسند مرسل يعنى فيه انقطاع وهو من أعجب ما نقل . • فائدة من أعجب ما نقل :- من أعجب ما نقل قالوا : إن من وسائل التثبيت التى ادخرتها خديجة رضى الله عنها للنبى صلى الله عليه وسلم فى مرحلة ما من مراحل الدعوة تريد أن تثبته يا ابن عم إذا جاءك الملك هذا فأخبرنى فلما رأي النبى صلى الله عليه وسلم جبريل قال لخديجة إننى أراه قالت يا ابن عم أجلس هاهنا على فخذها الأيمن ثم قالت له يا ابن عم أتراه قال نعم قالت له يا ابن عم تحول تعالى على فخذى الأيسر قالت أتراه قال نعم قالت له يا ابن عم تحول تعالى فى حجري فجلس فقالت يا ابن عم أتراه قال نعم فنزعت خمارها وحصرت عن شعر رأسها ثم قالت يا ابن عم أتراه قال لا قالت يا ابن عم اثبت فو الله إنه لملك وليس بشيطان . هذا نقل بعدة طرائق رغم أن الطرائق التى نقل عنها فيها انقطاع . • الشاهد من هذا :- يبعد وقوعه مما عرف من رجاحة عقلها وهى المرأة الوحيدة التى أبلغها الله السلام ووحيه جبريل وأن النبى صلى الله عليه وسلم قال له جبريل هذه خديجة إذا أتتك فأقرئها من ربها ومنى السلام ورغم أنه فى أول الإسلام ما بعد انتشر الفقه والدعوة والعلم لكنها ماذا قالت : وعليك وعلى جبريل السلام ولم تقل وعلى الله السلام لأن الله هو السلام . فهذا إذا علمته تلك المرأة فى المرحلة الأولى من الدعوة هذا برهان آخر عظيم على عقلها ورفيع قدرها . • مسألة :- س: من هو المدثر؟ ج: هو النبى صلى الله عليه وسلم . س: الثياب تكون شعار وديثار فما المقصود بكل منهما ؟ ج: الشعار هو ما يلبس ويكون ملاصق للجسد . ج: الديثار هو ما يلبس فوق الثوب الملامس للجسد . والنبى صلى الله عليه وسلم عندما دخل على خديجة وقال دثرونى كان عليه ثياب أم لا ؟ قطعيا كان عليه ثياب وكيف دثرته خديجة أعطته ثياب أخر يتغطى بها فأصبح ما أعطته خديجة ديثارا وليس شعارا لأنه صلى الله عليه وسلم كان عليه شعارا . • مسالة :- س: ما أصل المدثر من ؟ ج: من المتدثر من الفعل تدثر لكنها اضغمت لقرب المخرج . فلما أصبح النبى صلى الله عليه وسلم على هذه الحالة ناداه ربه بالحال والوصف الذى هو عليه فنداه نداء ملاطفه لقوله تعالى ** يا أيها المدثر** قم فأنذر** وربك فكبر }. • مسالة :- س: ما هى الوصايا الخمس التى أوصى الله بها رسوله فى هذا المقام ؟ ج: قال له :- 1- ** قم فأنذر } 2- ** وربك فكبر } 3- ** وثيابك فطهر ** والرجز فاهجر} 4- {ولا تمنن تستكثر } 5- {ولربك فاصبر } . - الوصية الأولى :- قوله تعالى ** قم فأنذر } أى قم من مضجعك وأنذر قومك فى المقام الأول . • مسألة :- س: لماذا قال ( قم فأنذر ) ولم يقل ( قم فبشر )؟ ج: لأن الناس كانوا على معاص وهو فى حاجة للنذاره أكثر من حاجتهم للبشارة، فقال الله تعالى ** قم فأنذر } وكونه صلى الله عليه وسلم سيصبح نذير للعالمين هذه مهمة صعبة فأوصاه الله بوصايا خمس . - الوصية الثانية :- قوله تعالى ** وربك فكبر } أى تعظيم الله وليس المقصود فقط قول كلمة الله أكبر لأن الصلاة لم تكن فرضت وإنما الآن تهيئه هذا النذير والبشير صلى الله عليه وسلم ، فتعظيم الله سبحانه وتعالى الممهد له أصلا على جبل حراء يترفع عن البلايا وأهلها فجاءه الأمر صريحا ** وربك فكبر } أى عظمه وأجله وكل ما عظم الله فى قلبك عرفت قدر المخلوقين، فمن أعظم ما يعينك على الطاعة ويذهب بك عن المعصية ويجعلك صبورا على طاعة الله علمك بعظمة الجبار جلا جلالة .
--------------------------------------------------------------------------------
قوله تعالى ** وربك فكبر } : وقد جاءت فى أخر الإسراء ** وكبره تكبيرا } وتسمى هذه الآية التى فى الإسراء ( آية العز ) . - الوصية الثالثة :- قوله تعالى ** وثيابك فطهر ** والرجز فاهجر } . • مسألة :- س: أختلف العلماء فى قضية الثياب . ج: فمنهم من قال إنه القلب ومنهم من قال أنه الثياب المعهودة والصواب أن يقال أن المقصود كل ذلك طهارته صلى الله عليه وسلم حسيا ومعنويا . وكان نبينا صلى الله عليه وسلم كذلك فأمره جلا وعلا أن يبتعد عن المعايب والمناقص وهذا الأمر للتأكيد فقط وأن الله قد هيأه وأعده لذلك . - ولكن أنت المتبع لهدى محمدا صلى الله عليه وسلم هممت بأمر صعب وليت الإمامة بالمسجد أو الخطابة أو الدعوة إلى الله أو الشروع فى طريق العلماء فيجب أن تكون محمد الخصال كريم الأخلاق تنأي بنفسك عن كل مواطن الرذائل ولو كانت مباحة حتى لا تقع فى دائرة الشبهات فإن الناس تذم بالحق وبالباطل ومن دعى الناس إلى ذمه ذموه بالحق وبالباطل . قوله تعالى ** والرجز فاهجر } : الرجز يعنى المعاصى والمقصود فى هجرانها توخي الحذر من غضب الله جلا وعلا والبعد عن غضبه لا يكون إلا بالبعد عن معاصيه لأن المعاصى هى أسباب النقم قال جلا وعلا ** فلما أسافونا انتقمنا منهم } فى قضية موسى وفرعون . - الوصية الرابعة :- قوله تعالى ** ولا تمنن تستكثر } من طرائق الهبات أن الإنسان أحيانا يعطى عطية رجاء أن يكافأ أعلى منها طريقة استثمارية فى الناس ويبلغكم أن بعض الناي يعطون بعض الأمراء أو الوجهاء بعض الهدايا حتى يكافئه الأمير أو الوجيه بأكثر من هذا، فالنبى صلى الله عليه وسلم يعد لشأن عظيم أى فينبغى أن يبعد أى شائبة فهذا وإن كان هذا الشأن مباح للأمة إلا أنه لا يجوز بحقه صلى الله عليه وسلم . • وإن أردت أن تكون عظيم بحق لا تجعل لأحد من الخلق عليك خاصة فى قضية المال منا فالناس ثلاث ( رجل أنت أميرة أحسنت إلية فأصبح أسير لك وإن هو أحسن إليك أصبحت أسير إليه خرجت من كونك أمير إلى كونك أسير وإن لم تحسن إليه ولم يحسن إليك فأنت وهو نظراء ) . هذا النبى صلى الله عليه وسلم معد بأن يفئ الناس إلى رشده وعقلة وحلمة وكرمة فلا يحسن بأن يكون أحد من الخلق له عليه منه. • مسألة :- س: لماذا عاش النبى صلى الله عليه وسلم يتيم الأبوين ؟ ج: حتى لا يكون لهما حقا عليه فحق الأبوة واجب وحق الأمومة واجب فمات أبوة وهو حمل وماتت أمة وهو ابن ست سنوات فنتفي بذلك إيجاب حق علية صلى الله عليه وسلم لأن للوالدين حق فالله جعلهما سبب لإيجادك فلما ماتا أنتهي السبب الذى تكون به الولاية لهما فأصبح صلى الله عليه وسلم يمشى على الأرض ليس لأحد عليه فضل إلا ربه سبحانه وتعالى . وقد جاء دور أبى بكر ، لكن دور أبى بكر فى الدين ليس على النبى صلى الله عليه وسلم ولهذا ادخر أبى بكر النياق للهجرة فرفض الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقبلها إلا بحقهم وأعطى أبا بكر دنانير مقابلها والمقصود أنه اشتراها حتى يركب ذلولا هى لهم وليس لأحد، فمن الحر الذى ليس لأحد عليه يد . • مسألة :- س: فإذا وقع عليك فضل الأحرار ماذا تفعل ؟ ج: تكافئهم بأعظم حتى تدفع عن نفسك أن تكون فى رقة أحد إذا أعطاك . ومن هنا نفهم أن النبى صلى الله علية وسلم يقبل الهدية ولكن يكافئ بأعظم منها حتى لا يكون لأحد عليه فضل صلى الله عليه وسلم . • هذا لا يمكن أن يفترض فى كل أحد و لكن نتكلم عن عظماء الرجال وأنتم طلبة علم فيجب أن تكونوا كذلك . - وهذه الأربع محتاجه إلى الصبر ولهذا قال:- - الوصية الخامسة :- ** ولربك فاصبر } ولم يجعلها مطلقة إنما جعلها مقرونة بالله لماذا لأن كل من يصبر رجاء عطاء أحد أو فعل أحد أى إن كان ذلك الموعود يدب إليه اليأس أما من كان يرجوا فرج الله فلا يمكن أن يدب إليه اليأس أبدا لأن ما عند الله مضمون موثوق لا يخلف الله وعدة . فالنبي صلى الله عليه وسلم وعدة جبريل ذات يوم أن يأتيه ولما أن جاءت الساعة التى واعدة فيها كان بيده صلى الله عليه وسلم عصا فمازال يروح ويغدوا فى البيت ويلقى عصاه ويقول ما يخلف الله وعدة ورسوله لماذا لم يأت جبريل، ثم أبصر تحت سريرة فإذ1 جرو ( أى كلب ) قيل للحسن أو الحسين قال منذ متى وهذا الجرو قالوا : ما ندرى يا رسول الله قال : أخرجوه فلما أخرجوه فجاء جبريل فلما سأل جبريل قال : إننا معشر الملائكة لا ندخل بيت فيه كلب ولا صورة . • الشاهد :- أن الله لا يخلف وعدة . لكن التعامل مع الناس فإنه حتى فى موعد اللقاء تنتظر ساعة أو ساعتين تصبر ثم لا تلبس أن تيأس لأنك تتعامل مع مخلوق لا تتعامل مع خالق . - مثال ذلك :- ابن الحطيئة شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام بديع اللسان مشكوك فى نسبه ، موضع الشاهد جاءه أقوام بغية أن يعطوه والشعراء يفتنون بشعرهم فما أكرموه الإكرام اللازم حصل شئ من التقصير ومازال ينتظر وكان لهؤلاء القوم جيران ينافسونهم فى الخير والمعروف وكان يطلبون من الحطيئة أن يأتى ويتنقل إليهم حتى يكرموه فيصبح بذلك العار على الآخرين ولكن ابن حطيئة بقى على جواره حتى لم يجد شئ أصابه اليأس انتقل إلى الآخرين فلما انتقل إلى الآخرين لامه الأولون فقال لهم البيت المشهور . فالله سبحانه وتعالى لا يخلف وعدة كما قال جلا وعلا على لسان نبيه يعقوب ** ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } . هذا ما حكاه الله فى وصاياه لنبيه ثم ذكر جلا وعلا بعد أن قال ** ولربك فاصبر } ذكر الساعة كنوع من الإشارة
| |
|