من الأمور التي كانت تدهشني كثيراً عند قراءة التاريخ قصة سيف الدين قطز ..
ذلك الملك الذي اعتلى عرش مملكة مُنهكة من صراعات السلطة والأزمات الاقتصادية والحملات الصليبية ،
بينما انشغل قادتها بالصراع على السلطة وانشغل شعبها بالصراع من أجل البقاء ، فاستطاع خلال عام واحد فقط
أن يتصالح مع المماليك البحرية (عدوه اللدود) ثم التوحد مع الممالك المحيطة ثم حل الأزمة الاقتصادية
وتجهيز الجيش لمواجهة أكبر قوة عسكرية في ذلك الزمن (التتار) .
ليحقق بعدها نصراً مذهلاً ثم يطاردهم ليحرر الشام منهم .
المدهش ليس ما سبق ..
المدهش أن من حقق هذا الإنجاز المدهش قُتل أثناء عودته بعد كل هذه الانتصارات ،
فكان رد فعل عسكره (كما يذكر ابن خلدون) أن سألوا من الذي قتله ؟؟
فأشاروا لبيبرس ..
فقاموا يبايعوه ولقبوه بالـ " القاهر " !!
هكذا فقط .. بكل بساطة !
حاولت دراسة تاريخ هذه المرحلة كثيراً لأفهم هذا التناقض غير المفهوم ، و وجدت دائماً أن رد فعل الشعب كان هو نفسه :
- الصالح أيوب يحكم مصر ..
الشعب : إشطه
- الملك الصالح يموت فتحكم شجر الدر ..
الشعب : إشطه
- شجرة الدر تتولى الحكم ..
الشعب : إشطه
- عز الدين أيبك يتولى الحكم ..
الشعب : إشطه
- شجرة الدر تقتل أيبك فتقتلها زوجته بالقباقيب ، ويتولى نور الدين ابنه الحكم وعمره 15 عاماً ..
الشعب : إشطه
- قطز يتولى الحكم وينتصر على التتار ..
الشعب : إشطه
- بيبرس يقتل قطز ويستولى على الحكم ..
الشعب : إشطه ..
الثلاث سنوات الماضية كانت كافية جداً لإجابة كثير من الأسئلة التي كانت تحيرني عن سيكولوجية الجماهير ..
هذه ليست دعوة للإحباط .. بل على العكس !
هي ربما دعوة للفخر لأننا الجيل الذي رفض نظرية الـ " إشطه "
و أزعج أصحابها طوال الثلاث سنوات الماضية .. و لكننا فشلنا فى النهاية وعادت الـ " إشطه "