قلب بلا حب

قلب بلا حب

أقبلت

سعيدة مسرورة تكاد أن تطير من الفرحة..فسوف يتحقق حلمها أخيرا في الالتحاق

بكلية الطب...الحلم الذي جاهدت من أجله ولاقت معاملة والدها القاسية والتي

ستتغير بالتأكيد عندما تحقق حلمه في التحاق أحد أبنائه بكلية

الطب...حقيقية لم تكن هي المقصودة بهذا الحلم، بل أخيها المدلل هو المقصود

...ولكن ما الفرق ؟ المهم أن حلم أبيها قد تحقق..خاصة بعد أن عجز

أخوها في

أن يحقق ذلك الحلم بعد أن التحق بكلية التربية الفنية....استيقظت من

أفكارها علي صوت والدتها التي أطلت من الشباك لتسألها هل نجحت؟ فأجابتها

بأنها نجحت أخيرا. ثم صعدت إلي غرفة أبيها فطرقت الباب ثم دخلت فقبلت يديه

وجلست بجانبه فسألها

بلهجة تتسم بالقسوة:- " هل ظهرت النتيجة ؟ فأجابته

بهدوء:- " نعم.. ...لقد نجحت " انتظرت أن يسألها عن المجموع ولكنه لم

يبال.. فنظرت إليه نظرة مليئة بالأمل وقالت



لقد

حصلت علي مجموع 98.5% وهذا يمكنني من الالتحاق بكلية الطب وأحقق لك حلمك"

فنظر إليها نظرة يملؤها الحنان ثم تحولت فجأة إلي نظرة اتهام حتى خيل

إليها أن نظرة الحنان تلك كانت من نسج خيالها فصمتت فقال

لها بعد فترة صمت:- " ولكني لم أحلم أبدا أن تدخلي كلية الطب...كل ما

أردته لك أن تكملي تعليمك حتى لا تقولي أني قصرت معك في شيء...في الحقيقة

لم أحلم لك بأي شيء بل كانت أحلامي من أجل ولي عهدي ووريثي الوحيد الذي

خيب رجائي "كان صوته مليئا بالمرارة فصمت ثم أكمل بحسرة " تحطمت كل أمالي

وأحلامي..فكيف ستحققين حلما لم يكن من أجلك ؟ هل ستعطين أخيك مجموعك ؟

نظرت

إليه بحزن وقالت:- " إذا كان هذا سيسعدك فإنني مستعدة أن أهبه مجموعي إن

كان ذلك ممكنا بل مستعدة أن أهبه روحي إذ كان هذا يفرحك، فأنا أعلم إنها

بلا قيمة بالنسبة لك طالما هي متحدة مع جسدي ولكنها ستصبح ذات قيمة إذا

اقترنت بأخي الولد الرجل...وريثك الوحيد، اغفر لي...فلو كان الأمر بيدي

لقتلت نفسي حتى تسعد ولكن لا يصح أن أعصي ربي لأرضيك إني مستعدة لإرضائك

فأرجو أن تحترم حتى رغبتي، أرجو أن تعتبرني ابنة ليست بابنتك تعطف عليها

وتتظاهر بحبك لها، نعم.....يا أبي..لا تستغرب فاني بحاجة إلي حبك حتى ولو

كان وهما ...أحتاج إلي حنانك ولو كان مجرد تمثيل، فاعذرني يا أبي إذ حققت

حلم لم يك من أجلي..بل ليس من حقي "صمتت فجأة وأجهشت في البكاء فنظر نظرة

لها مليئة بالتأنيب وقال:- " لماذا تبكين ؟ إن هذه أول مرة أرك فيها

تبكين، فقد كنت صلبة لا تنكسرين، لست مثل أخيك الأرعن الذي يبكي مثل

النساء "قالت له بعيون دامعة:- "كم حبست هذه الدموع طوال ستة عشر عاما،

ولكنك مخطئ يا أبي...فإني بكيت وبكيت حتى أنهكنى البكاء، فقد كان قلبي

يبكي دما حتى كاد أن ينشطر من كثرة البكاء، وبكيت عيني ولكن بدموع صامتة

غير مرئية لا يشعر بلهيبها غيري ...ولكن يبدو أن الدموع الصامتة قد جفت من

كثرة البكاء وقد آن الأوان للدموع الحقيقية أن تذرف وتعبر عن نفسها وتوضح

لك مدي قسوتك..بل وتضعك أمام ضميرك ليحاسبك وليؤكد لك أنك لم تك عادلا قط

معي فأشفق علي يا سيدي وداوني...

داوفتاة لم تذق حب أبيها بل وجردت من حب والدتها لصالح أخيها..أشفق سيدي علي من هي في

أتم الاستعداد أن تهبك روحها فقط لكي ترضيك..ولكنك لا تهتم ..وتعطي كل

اهتمامك لوريثك كما يحلو لك أن تدعوه

نظر إليها أبوها وقال:- " ألهذا الحد تحقدين علي أخيك ؟"

قالت:-"أحقد ؟! أنا

أحقد علي أخي؟! أنا لا أستطيع أن أحقد علي أي شخص تجمعك به أي صلة فما

بالك بمن يجمعك به الدم ؟من ليس إلا قطعة منك؟ "

وقف أبيها ثم نظر إليها

وقال " اذهبي الآن "فقالت : ماذا فعلت يا أبي حتى تعاملني هكذا..ما

ذنبي..؟أتعلم ..؟جئت إلي الدنيا فتاة محكوما عليها بالإعدام...لم أخط باب

محكمتي ولم أر وجه حكامي ولكني عايشت جلادي "فقال لها " جلادك ؟!

أهكذا ترينني..فإنني لم أضربك طوال حياتك "فقالت بقهر:- " ولكنك أيضا لم تحتضنني أو تربت علي رأسي طوال حياتى و لم تحن ولم تبتسم والأسوأ أنك لم تحبني

!"