قراءة في كتاب " دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية "
للدكتور " عبد الحليم عويس " رحمه الله
......................................
توطئـــة
الحمد لله الذي يذكره تطمئن القلوب ، وبتوفيقه تتم الصالحات ، ونصلي
ونسلم على سيد ولد آدم أجمعين ، خاتم النبيين وأشر ف المرسلين محمد ( صلى
الله عليه وسلم ) ، وعلى أهله وآل بيته وصحابته وتابعيهم إلى يوم الدين
أجمعين .
وبعد ..
فإن المتأمل لحال أمتنا اليوم يرى أنها في أسواء حال ، تعاني من الضعف والهوان
، تعاني من الذل والصغار ، تعاني من تسلط المتجبرين وقهر الظالمين من أمم
الأرض أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله !! الكثيرون يتساءلون ما سبب هذه
الحالة التي نشهدها منذ زمن ، ويروا أنها قد طالت وأصبحت لا تطاق ،
وأخذوا يتساءلون متى يتحقق وعد الله بالنصرة والتمكين ؟ متى يتحقق وعد
الله بدحر الكافرين وخزي الفاسقين ؟ متى يتحقق وعد الله بالظفر لأهل
الإسلام ، والذل والصغار لأهل الشيطان ؟ .
تعددت الأسباب والمسوغات للواقع المر الذي نعانيه ، وركز الكثيرون على
كثير من الأسباب والتي من أهمها تضييع عقيدة الولاء والبراء ، وتعطيل
الحدود والشرع الكريم وعدم تطبيقه ، وتطبيق قوانين وضعية ما انزل الله بها
من سلطان والحكم بها بين الناس ، ترك الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام ،
ومقومات النصر والتمكين من القوة والعدة التي ترهب أعداء الله ..... إلخ .
ولاقت هذه الأسباب وغيرها تفصل وتفسير ، وفند لذكرها وتفصيلها
وتفنيدها الكثير من الكتب والمقالات والأبحاث ، وقتلت بحثا وتمحيصا ،
وبالرغم من ذلك ظل الصدع موجودا وظل هناك نقص لا يكتمل وظلت
الأدوية الأزمة لعلاج أمراض الأئمة ينقصها دواء هام جدا ، يعد وبدون مبالغة
من اخطر الأدوية التي نحتاجها لعلاج الآفات والأمراض المصاب بها الأمة .
هذا الدواء هو ( معرفة تاريخنا المجيد وماضينا التليد ) ، أي والله لا سبيل لنا
لاستعادة ما قد فقدناه من عزة وكرامة ، ومجد وسؤدد وشرف إلا بقراءة
تاريخنا العريق وماض ينا التليد والتعرف عليه والتعلم منه وتطبيق دروسه
ووضعها موطن التنفيذ .. قال الله تعالى للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) في أول
آية أنزلت في القرآن : " اقرأ " ، وقال القائل : " اقرأوا التاريخ إذ فيه العبر
ضل قوم لا يدرون الخبر " ، وقال آخر : " أمة لا تعرف تاريخها لا تحسن
صياغة مستقبلها " .
فكيف لأمة مثل امتنا لها تاريخ مثل تاريخنا أن تكون بهذه الحال ؟
كيف لأمة أول ما أنزل على نبيها من الوحي اقرأ إن تكون بهذا الجهل وهذه الأمية ؟
كيف لأمة الشجاعة والبطولة ومصنع الرجال ومعين الأبطال أن تكون خاضعة خانعة لمثل هؤلاء الأقزام ؟
تتساؤلات كثيرة لا تكفي هذه السطور لطرحها ، ولكن الإجابة متمثلة في أن
أعداؤنا قد نجحوا وأفلحوا أيما نجاح في فصل الأمة عن ماضيها ومجدها ، وقاموا
بتشويه تاريخها وتزييفه ودس الأباطيل والمنكرات فيه ، فزوروا الحقائق وشوهوا
صفحات تاريخنا المشرقة ، ونجحوا في إيجاد أجيال من أبناء أمتنا مشوهة هويتها
، فصلوها عن أصولها ومنابع وجودها ولا حول ولا قوة إلا بالله مستغلين الحالة
السيئة التي يمر بها المسلمون من ضعف وشتات ، وهوان وذل مما أطمعهم في
أهل الإسلام أكثر وأكثر ، ولكن الله غالب على أمره .
معرفة تاريخنا فرض واجب على كل مسلم يريد نصرة الإسلام وعز المسلمين ،
فرض واجب لمن يريد رفعة الأمة واستعادة أمجادها ومجدها الضائع ، فرض
واجب لمن يريد إن يصحح الواقع المرير الذي نعانيه ، فرض واجب على كل
من يريد صياغة المستقبل واستعادة الريادة والقيادة مرة أخرى ..
من اجل تحقيق هذه الغاية ( تبصير عموم المسلمين بتاريخهم المجيد وماضيهم
التليد ) ستكون هذه القراءات والتعليقات التي سنقدمها لكم من أجل
التخلص من الأمية التي نعانيها من جهلنا بتاريخنا العريق مما يسبب تأخر في تحقق
النصر والتمكين ، وستكون أولى قراءاتنا في سفر جليل وكتاب من أنفس ما
قرأت من الكتب ، سطر بمداد من نور على صفحات من الضياء ، إن هذا
الكتاب كلما قرأته مرة أعيد قراءته مرة أخرى ، وعند كل مرة أحس أني ما
قرأته قبل ذلك وأني أقرأه لأول مرة ، هذا الكتاب حري إن يكتب بماء الذهب
إي والله ولست أبالغ ، فهو على الرغم من صغر حجمه إلا انه جم الفائدة ،
مليء بالدروس والعبر والعظات ، مليء بالذكرى لمن كان له قلب ، مليء
بالعظة لمن ألقى السمع وهو شهيد ... موعدنا مع قراءة في كتاب
قراءة في كتاب دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية
للدكتور " عبد الحليم عويس " رحمه الله
سائلين الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ، لا يبتغى به إلا
وجهه ولا يراد به إلا مرضاته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه
أخوكم
الفقير إلى عفو ربه
أمير البحار الإسلامية ( خير الدين بربروسة )