ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: من اقوال الرسول صلى الله عليه وسلم... ( 3 ) السبت 29 سبتمبر - 22:38:12 | |
|
حديث نبوى رفع عن امتى النسيان
متن الحديث
عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان
وما استُكرهوا عليه )
حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما .
التوضيح والتحليل:
كانت الأمم السابقة تؤاخذ على أخطائها ،
وتحاسب على جميع أفعالها ،
دون أن تكون مبررات الجهل أو النسيان شفيعةً لهم ،
أو سببا في التجاوز عنهم ،
في حين أن هذه الأغلال قد رُفعت عن هذه الأمة ،
استجابةً لدعائهم ،
ورحمةً من الله بهم ،
كما بيّن الله تعالى ذلك في قوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم:
{ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }
صدق الله العظيم
( البقرة : 286 ) ،
وقوله سبحانه :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به
ولكن ما تعمدت قلوبكم
وكان الله غفورا رحيما }
صدق الله العظيم
( الأحزاب : 5 ) .
والحديث الذي بين أيدينا
ما هو إلا مظهر من مظاهر رفع الأغلال والآصار
عن أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،
ويتجلّى ذلك إذا علمنا أن هذا الحديث
يدخل فيه كثير من الأحكام الشرعية
في مختلف أبواب العلم ،
حتى إن الإمام النووي رحمه الله قال :
" وهذا الحديث اشتمل على فوائد وأمور مهمة ،
لو جُمعت لبلغت مصنفا " . وصدق الإمام في ذلك ،
لأننا إذا تأملنا أفعال العباد فإنها لا تخلو من حالين :
أن تكون صادرة عن قصد واختيار من المكلف
- وهذا هو الفعل العمد الذي يحاسب عليه صاحبه ويؤاخذ به - ،
أو ألا يكون عمله مبنيا على القصد والاختيار ،
وهذا يشمل الإكراه والنسيان والخطأ ،
وهو ما جاء الحديث ببيانه .
فأما الخطأ ،
فهو أن يريد الإنسان فعل شيء ،
فيأتي فعله على غير مراده ،
فهذا قد بينت الشريعة أن الله قد تجاوز عنه ،
ولم يؤاخذ صاحبه به .
ولعل من لطيف الأمثلة في هذا الباب ،
ما ذكره البخاري ومسلم
في غزوة خيبر
لما تبارز الصحابي الجليل
عامر بن الأكوع رضي الله عنه
مع مشرك ،
فأراد عامر أن يقتل ذلك المشرك
فرجعت ضربته على نفسه فمات ،
فتحدث نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن عامرا قتل نفسه
فبطل بذلك عمله ،
فذهب أخوه سلمة رضي الله عنه
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي
فقال له :
( مالك ؟ )
فقال له :
قالوا إن عامرا بطل عمله ،
فقال :
( من قال ذلك ؟ ) ،
فقال له :
نفر من أصحابك ،
فقال :
(كذب أولئك ، بل له الأجر مرتين ) ،
ففي هذه الحادثة
لم يقصد هذا الصحابي أن يقتل نفسه ،
بل كان يريد أن يقتل ذلك المشرك
فجاءت ضربته عليه ،
فبين النبي صلى الله عليه وسلم
أن خطأه هذا معفو عنه .
على أن رفع الإثم والحرج عن المخطيء
لا يعني بالضرورة عدم ترتب أحكام خطئه عليه ،
خصوصا فيما يتعلق بحقوق العباد ؛
لذلك يطالب المسلم بالدية والكفارة إذا قتل مسلما خطأ ،
كما بين الله تعالى ذلك في قوله :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ
ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة
ودية مسلمة إلى أهله
إلا أن يصدقوا
فإن كان من قوم عدو لكم
وهو مؤمن
فتحرير رقبة مؤمنة
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق
فدية مسلمة إلى أهله
وتحرير رقبة مؤمنة
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين
توبة من الله
وكان الله عليما حكيما }
صدق الله العظيم
( النساء : 92 ) .
وأما النسيان :
فقد بينت الشريعة أنه معفو عنه ،
ويشهد لذلك قوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }
صدق الله العظيم
( البقرة : 286 ) ،
ومع ذلك فإن الأحكام الأخرى تترتب عليه كما أشرنا سابقا ،
فمن نسي الصلاة
فيجب عليه أن يقضيها متى ما ذكرها ،
ومن نسي الوضوء ثم صلّى
فإنه تلزمه إعادة تلك الصلاة .
وثالث هذه الأحوال :
الإكراه ،
فقد يُكره العبد على فعل شيء لا يريده ،
وحينئذٍ لا يقع عليه الإثم أو الحرج .
وقد أنزل الله تعالى قوله :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ من كفر بالله من بعد إيمانه
إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان }
صدق الله العظيم
( النحل : 106 )
لما أجبر المشركون عمار بن ياسر رضي الله عنه
على قول كلمة الكفر ،
فكانت هذه الآية دليلا على نفي الحرج
عن كل من كانت حاله كذلك .
وقد استثنى أهل العلم جملة من المسائل
لا تدخل ضمن قاعدة رفع الحرج بالإكراه ،
نحو قتل النفس المعصومة
أو الزنا
ونحو ذلك
مما ذكره أهل العلم في كتب قواعد الفقه .
وحاصل الأمر ،
فإن هذا الحديث
من أوضح الأدلة على يُسر منهج الإسلام وسماحته ،
كما إنه دليل على فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم ،
حيث خفّف الله عنها ما كان على الأمم قبلها،
فلله الحمد من قبل ومن بعد
على نعمة الإسلام .
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
.
| |
|