ناجي احمد محمد السيد عطيه نائب المديرالعام
عدد الرسائل : 6618 العمر : 74 الموقع : القاهره - شبرا - كوبري عبود - ارض ايوب نقاط : 10324 تاريخ التسجيل : 05/05/2010
| موضوع: ... جوامع الكلم .... منحة الله لرسوله .. السبت 24 مارس - 22:09:31 | |
|
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ :
( فُضِّلتُ على الأنبياء بست :
أعطيت جوامع الكلم ،
ونصرت بالرعب ،
وأحلت لي الغنائم ،
وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً ،
وأرسلت إلى الخلق كافة،
وختم بي النبيون )
( مسلم ) .
&&**&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&
من مظاهر عظمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودلائل نبوته
أنه صاحب الحكمة البالغة ،
والكلمة الصادقة ،
واللسان المبين ،
وقد فضله الله ـ عز وجل ـ على غيره من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ
بأن أعطاه جوامع الكلم،
فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكلم بالكلام الموجز ،
القليل اللفظ الكثير المعاني ،
وهو ما يسره الله له من البلاغة والفصاحة ،
وبدائع الحكم ومحاسن العبارات ..
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
( فُضِّلتُ على الأنبياء بست :
أعطيت جوامع الكلم ،
ونصرت بالرعب ،
وأحلت لي الغنائم ،
وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً ،
وأرسلت إلى الخلق كافة،
وختم بي النبيون )
( مسلم ) .
وإذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اتصف بصفات لم تجتمع لأحد قبله ولا بعده ،
فقد كان أفصح الناس ،
وأعذبهم كلاماً ،
وأحلاهم منطقا ،
حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ،
يعده العاد ،
ليس بسريع لا يُحفظ ،
ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع ،
بل هديه فيه أكمل الهدي ،
شهد له بذلك كل من سمعه ،
ووصفته أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ بقولها :
( ما كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسرد سردكم هذا،
ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل،
يحفظه من جلس إليه )
( الترمذي ).
وهذه الخاصية للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،
جعلت الكثير من فقهاء الإسلام يختارون من أحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بعض الأحاديث القليلة التي لو أضيفت بعضها إلى بعض فإنها تعبر عن الإسلام بكامله .
ومن أمثلة ذلك ما فعله الإمام أحمد بن حنبل حين قال :
" أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث :
حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ :
( إنما الأعمال بالنيات )
( البخاري ) ،
وحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ :
( من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس فيه، فَهُوَ رَد )
( البخاري )،
وحديث النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ :
( الحلال بَيِّنٌ والحرام بين )
( البخاري ) " .
قال العز بن عبد السلام :
" ومن خصائصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه بعث بجوامع الكلم،
واختصر له الحديث اختصاراً،
وفاق العرب في فصاحته وبلاغته " ..
وقال ابن شهاب فيما نقله البخاري في صحيحه :
" بلغني في جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله .." .
وقال سليمان النوفلي :
" كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكلم بالكلام القليل يجمع به المعاني الكثيرة " ..
وجوامع الكلم التي خُص بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على نوعين
كما ذكر ذلك ابن رجب الحنبلي فقال:
" أحدهما :
ما هو في القرآن كقوله تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
(النحل:90)،
قال الحسن البصري :
" لم تترك هذه الآية خيراً إلا أمرت به ،
ولا شراً إلا نهت عنه "
.. الثاني :
ما هو في كلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وهو منتشر موجود في السنن المأثورة عنه ،
ومن ذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرء ما نوى )
(البخاري)
قال الشافعي :
" هذا الحديث ثلث العلم ، ويدخل في سبعين بابا من الفقه " .
وعن فصاحته وبلاغته ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول القاضي عياض :
" وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول ،
فقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ذلك بالمحل الأفضل ،
والموضع الذي لا يجهل ، سلاسة طبع ،
وبراعة منزع ،
وإيجاز مقطع ،
ونصاعة لفظ ،
وجزالة قول ،
وصحة معان ،
وقلة تكلف ...
أوتى جوامع الكلم،
وخُصَّ ببدائع الحكم ،
وعلم ألسنة العرب ،
فكان يخاطب كل أمة منها بلسانها ،
ويحاورها بلغتها ،
ويباريها في منزع بلاغتها ،
حتى كان كثير من أصحابه يسألونه في غير موطن
عن شرح كلامه وتفسير قوله .." .
وعن كلامه المعتاد يقول :
" وأما كلامه المعتاد،
وفصاحته المعلومة ،
وجامع كلمه
وحكمه المأثورة ،
فقد ألف الناس فيها الدواوين ،
وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب ،
ومنها ما لا يوازى فصاحة ،
ولا يبارى بلاغة "..
ثم ذكر رحمه الله أمثلة كثيرة من أقواله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
التي تؤيد ذلك، منها : قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن )
( الترمذي )
وقوله :
( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ ،
قال : لله عز وجل ، ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )
( البخاري )
وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )
( أحمد )
( المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد واحدة على من سواهم )
( أبو داود ) ،
( الناس معادن )
( البخاري )
( المستشار مؤتمن )
( أبو داود ) ،
( ورحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو سكت عن شر فسلم )
( أبو داود ) ،
( أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين )
( البخاري ) ،
( الظلم ظلمات )
( مسلم ) ..
إلى غير ذلك مما روته الكافة عن الكافة ،
من مقاماته ومحاضراته ،
وخطبه وأدعيته ،
ومخاطباته وعهوده ،
مما لا خلاف أنه نزل من ذلك مرتبة لا يقاس بها غيره ،
وحاز فيها سبقا لا يُقدر قدره .." ..
ومن بلاغته وفصاحته وجوامع كلمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ما قاله من الكلم الذي لم يُسْبق إليه ،
ولا قاله أحد قبله ،
كقوله:
( لا يلدغ المؤمن من جُحْر مرتين )
( البخاري ) ،
( حمي الوطيس )
( أحمد ) ..
قال جابر ـ رضي الله عنه ـ:
" والله إنها كلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " .
وحمي الوطيس أي اشتدت الحرب ..
إن بلاغة وفصاحة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجوامع كلامه ،
لا عجب فيها ولا غرابة إذ خصه الله ـ عز وجل ـ بالعناية ،
وفضله على سائر خلقه ،
وهيأه للوحي ،
وحمله البلاغ والبيان ،
ففصاحة لسانه ـ صلى الله عليه وسلم ـ غاية لا يُدْرك مداها ،
ومنزلة لا يدانى منتهاها ،
فهو أفصح خلق الله إذا تكلم ،
كلامه كله يثمر علما ،
ويمتثل شرعا وحكما ،
ولا يتكلم بَشَر بكلام أحكم منه في مقالته ،
وحري بمن عبر عن مراد الله بلسانه ،
وأقام الحجة على عباده ببيانه ،
وبين مواضع فروضه ،
وأوامره ونواهيه ،
أن يكون أحكم الخلق بيانا ،
وأفصحهم لسانا ..
ومن ثم كانت أحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذاتها
قواعد كلية جاهزة أو قابلة لأن تصاغ منها القواعد والأصول الفقهيّة ..
وبالجملة فلا يحتاج العلم بفصاحته وبلاغته ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى شاهد ،
ولا ينكرها موافق ولا معاند ،
وكيف لا يكون كذلك وهو خاتم النبيين ،
وسيد المرسلين،
وعلى قلبه نزل القرآن العظيم ،
وقد زكَّى الله تعالى قوله ونطقه فقال :
{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى }
(النجم 4:3)
وقال سبحانه :
{ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ }
(الشعراء 193: 195) ..
فأوتي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جوامع الكلم،
واختصر له الكلام اختصارا ،
وجمع الله له المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة يسيرة ،
ليسهل حفظها وتبليغها ،
وجعل ذلك من أدلة نبوته ،
وأعلام رسالته ،
وكل هذا من الحفظ الذي تكفل الله به لهذا الدين ...
صلي الله عليه وسلم
والي لقاء اخر ان شاء الله تعالي
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
| |
|