السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا و نبينا محمد بن عبد الله
عليه أفضل الصلاة و السلام
أما بعد
الأخوة الكرام
اسمحو لى أن أنقل لكم هذه المقدمة من كتاب متن الأصول الثلاثة كما كتبها
الشيخ رحمه الله و جمعنا و إياه فى الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين و الصديقين
و الشهداء و حسن أولئك رفيقا
يقول الشيخ رحمه الله :
اعلم رحمك الله ـ أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل :
الأولى : العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة .
الثانية : العمل به
الثالثة : الدعوة إليه
الرابعة : الصبر على الأذى فيه
والدليل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (وَالْعَصْرِ) (العصر:1) (إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر:2) (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)(العصر:3) [ سورة العصر ] .
قال الشافعي ـ رحمه الله تعالى " لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم "
وقال البخاري رحمه الله تعالى ـ : باب العلم قبل القول والعمل والدليل قوله تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك)(محمد: من الآية19) فبدأ
بالعلم قبل القول والعمل .
اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث المسائل والعمل بهن :
الأولى : أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً بل أرسل إلينا رسولاً فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار . والدليل قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنَا
إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (المزمل:15) (فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً) (المزمل:16)
الثانية : أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل والدليل قوله تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ
أَحَداً) (الجـن:18).
الثالثة : أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب
والدليل قوله تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ
كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ
حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22)
اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها كما قال تعالى(وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56) ومعنى يعبدون يوحدون وأعظم ما أمر الله به التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة
وأعظم ما نهى عنه الشرط وهو دعوة غيره معه
والدليل قوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )(النساء: من الآية36) فإذا قيل لك
ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها فقل
معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فإذا قيل لك من ربك فقل ربي الله الذي
رباني وربي جميع العالمين بنعمه وهو معبودي ليس لي معبود سواه
والدليل قوله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2) وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم
فإذا قيل لك :بم عرفت ربك فقال بآياته ومخلوقاته ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ومن مخلوقاته السموات
السبع والأرضون السبع ومن فيهن وما بينهما .
والدليل قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
(فصلت:37) وقوله تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (لأعراف:54) والرب هو المعبود.
والدليل قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21) (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:22)
قال ابن كثير رحمه الله تعالى " الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة "
وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام والإيمان والإحسان ومنه الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والإنابة
والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى والدليل قوله تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ
فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) (الجـن:18)
فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر
والدليل قوله تعالى (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) (المؤمنون:117) "
وفي الحديث الدعاء مخ العبادة "
والدليل قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60)
ودليل الخوف قوله تعالى ( فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(آل عمران: من الآية175) ودليل الرجاء قوله تعالى (ٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(الكهف: من الآية110)
ودليل التوكل قوله تعالى (َعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(المائدة: من الآية23) وقوله ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه)(الطلاق: من الآية3)
ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)(الانبياء: من الآية90)
ودليل الخشية قوله تعالى ( فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي)(البقرة: من الآية150) ودليل الإنابة قوله تعالى ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَه)(الزمر: من
الآية54) ودليل الاستعانة قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5) وفي الحديث " إذا استعنت فاستعن بالله " ودليل الاستعاذة قوله
تعالى ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (الناس:1)
ودليل الاستغاثة قوله تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ )(لأنفال: من الآية9)
ودليل الذبح قوله تعالى ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162) (لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
(الأنعام:163) ومن السنة : " لعن الله من ذبح لغير الله "
ودليل النذر قوله تعالى ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (الانسان:7) .
فى المرة القادمة إن شاء الله سيكون حديثنا عن الأصل الثانى
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين