titto عضو محترف
عدد الرسائل : 537 العمر : 35 الموقع : italia نقاط : 31 تاريخ التسجيل : 26/10/2007
| موضوع: شمس تغرب ولا تعود الأحد 30 ديسمبر - 1:22:15 | |
| ماذا يحدث لو غربت الشمس ولم تعد ؟ الأجابة سهلة : سنعيش فى ظلام ! ومع العلم بذلك فتخيل الأمر شاقاً ومرهقاً ، حتى رأت العين ما رأت على أرض القاهرة . بدأ الأمر فى أحدى ليالى الشتاء الباردة ، حين نام الناس كما ينامون كل ليلة ، أنطفأت أنوار الشقق فى معظم البنايـات ولكن لم تعجل الظلام ؟! مر الوقت بطيئاً على الذين يشقون بحثاً عن الخبز ، ولم يشعر بمروره الشباب المتسكعين الذين لم يروا منازلهم بعد . أستيقظ صوت المؤذنين لصلاة الفجر ، كُثر الزحام فى الطرقات المؤدية للمساجد كما الطرقات المؤدية الى الخمارات والديسكوهات ، بدا شىء من النعاس على المستيقظين للصلاة ، وبعض من العجلة على المتأخرين والكثير من الضيق على الذين فاتتهم وأقسم كل منهم بداخله أنه لن تفوته صلاة الفجر غداً ولكن من يؤكد وجود الغد غداً؟ ، أجتمع بعض الشباب بعد أنتهاء الصلاة وساروا بجوار النيل يتحدثون فى أمورهم ويذكرون الله أو يتناسوه فيستسلموا للمزاح ، ينتظرون شروق الشمس ليرى كل منهم أماله ، طال الأنتظار ولم تظهر الشمس وتسلل أسفل جلودهم التعجب ممزوجاً بقليل من الخوف وتسائل أحدهم : أين الشمس يا رفاق ؟!
أنتفض المنبه وقرع جرسه وقُرعت طبول الخطر متلازمة مع دقات قلب الرجل ، وأستيقظ ناظراً الى الساعة فوجدها السادسة ونصف ، نهض من فراشه وبدأ فى أرتداد ملابسه ، أشعل لفافة تبغ وفتح النافذة ليستنشق هواء الصباح العليل ! صعق وفرك عينيه ، وتسائل : ألم أستيقظ بعد ؟! أغلق النافذة وعاد الى فراشه ، ترك جسده يسترخى ، نظر الى المنبه بغيظ ، لعن غبائه ولعن الساعاتى الذى أصلحه بالأمس ، كاد يغفو لولا أن قالت زوجته : عملك يا رجل ، أنهض _ المنبه يخرف ..ملعون أبو الساعاتى
نظرت الى ساعة يدها ،أكدت له أن المنبه بكامل قواه العقلية وربما العيب فيه هو،أمسك يدها وجرها بعنف الى النافذة وفتحها ثم قال لها : أحدنا يخرف انا أو هذا المنبه ؟! دققت النظر فى الليل بحثت فى السماء عن الشمس ، نظرت لأسفل ، فتحت فمها عن أخره وأشارت الى الجموع ولم تتفوه بكلمة !
بالأسفل جموع من الناس تسير بغير هدى ،كل منهم ممسك بشعلة لعلها تنير الدروب بعد أنقطاع الكهرباء وأختفاء الشمس ، البعض بلغ به الغباء حتى بحث عن الشمس أسفل أقدامه وكأنها شىء سقط من جيبه ، وشباب المسجد واقفين متشبثين بقرآنهم ، ينظرون الى السماء بين الحين والأخر يغلبهم ضعفهم فيلجأوا الى الدعاء ، ثم صوت يصرخ مردداً: أنه يوم القيامة ..أنه يوم القيامة سنلاقى جميعا حتفنا اليوم ..لا..ليس اليوم أنه الأن! فتحول الرجل فى ثوانى الى والىّ من أولياء الله الصالحين و تجمع حوله الناس ولحق بهم شباب المسجد . وهناك مع أمتداد الجموع تجد أحد السكارى ممسكاً بزجاجة خمرة يتجرعها كما التائه فى الصحراء حين يجد قطرة ماء ، نادى على أقرانه فتجمع حوله الكثير وتعالى صيحاتهم وهم يرددون :سنموت ..سنموت ليتمتع كل منكم بحياته ، ما هى الا لحظات فماذا نحن فاعلين ؟ لنحيا ولو لدقائق ! ،، وكثر أتباعه !
قال الموظف لزوجته : على الأقل تجمع الناس أخيراً ! وكأنها لم تسمعه، ألتصقت به خائفة من الجموع ، او راجيةً بعض من الدفىء ،ثم برقت فكرة فى عقلها فقالت له : _ لنعد الى منزلنا لنرى ماذا ستقول الحكومة فى التلفاز ،، فضحك وقال بسخط : _أيتها الحمقاء ألم تفهمى بعد ؟! لا كهرباء ولا شمس ، نحن الأن أموات !
بلغ اليأس بالناس مبلغه ، يوم لم ينتهى وإن أنتهى فقد أنتهت الحياة . وقلت جموع الناس وإن لم تتلاشى ، ولكنهم أصبحوا أحزاب متفرقة كل منهم له مذهبه ، كل منهم له سبيله بدون شمس فكيف يسير فى السبيل ؟ والكثير من الفتيات أنتهزت الظلام لتخرج عارية ، إن لم تكن عارية الملابس فهى عارية الأقنعة ،وأختفت الصفة الذكورية ،وكتاب على الأرض تدوس عليه أقدام الجموع عنوانه (سقراط فى مواجهة السفسطة ) ، وبعض من الأبواق تأتى من الجانب الأخر الغير مرئى تعذف بموسيقى اليأس على أوتار حزن الناس فتزيدهم بؤساً وبعض الأبواق مصدرها داخلنا كالكفيف الذى نتمنى منه أن يقودنا ! كالظلام الذى ننتظر منه أن ينير سبيلنا ؟! كضياء شمس ظنين أنها الأمل أيتركوا أمالهم تدور سابحة فى الفضاء ؟! __________________
الليل مملكة المتسولين .. والسكون طائر خرافى كالموت .. كالرخ الأسطورى .. شىء ما يجذب النوم عنى وشىء ما يجذب الليل إلى .. وفى قلب النهار ارى الكون ليل .. وفى عين الشمس أبحث عن القمر ..
لحظات مضت .. ومضت فيها بريقها حتى قتلت أضواء العيون.. قد أشتريت بالا شىء.. الحياة !
لحظات مضت ولحظات أخرى وسأمضى ... | |
|