فى إحدى زوايا الحجرة الأربع يقف منتشيا ، يعطى ظهره للحائط الذى تفصله عنه بطنا كفيه.. تأكد من وجود البرواز ، وبنظرة متأملة سابحة فى اللحظة، فى الفراغ من أمامها .. أطربه صراخ الصمت من حوله .. تغزل فى المصباح المشنوق فى الحجرة ، فى الصنبور وهو ينزف ماء، فى النار وهى تلسع الاوانى ، فى الكوب وقد ارتمى على المنضدة واغرق وردته المذبوحة بما كان يحويه من ماء الحياة لها .
انتشلته نظرة على البرواز وقد كلّ احد مسماريه السفليين ، وفر من سخرته ليهوى البرواز فى شكل معينىّ بعد استطالته .. صاحب البرواز يستغيث به – فكم أغاثه – من الخيط الملتفّ حول عنقه فإما أن يدقّ فى الحائط مسمارا- صامّا أذنيه عن أنينها – ليستند عليه ويستعيد توازنها المستطيليّ ، وإمّا أن يفكّ الخيط من حول عنقه.. رغم بقائه فى مستوى نظر الكثير جبرا وإشفاقا.
وهو يهمّ أن يغيثه، إذ بزاوية الحجرة القائمة قد تحدّبت على يده .. اخذ يستعطف قلب الحائط – فلطالما طأطأ - لكنه الآن تصخّر .. توسلاته صارت صراخا طغى على استغاثة صاحب البرواز الذى سقط وظل الخيط معلقا فى انتظار البرواز الجديد .