الموت
ليس له صاحب , فإذا جاء انتهى كل شيء .
ليس له مكان , فالعالم كله بأسره مكانه .
لا تستطيع الهروب منه أو الاختباء ولو كنت في بروج مشيدة.
ليس له زمان , فهو يعمل طوال اليوم على مدار العام .
لا ينتظر أحد ولكن الكل ينتظره.
هادم الآمال والطموحات والأحلام .
وهازم اللذات ومفرق الجماعات
قبله شيء وبعده شيء آخر .
فهو نهاية المرحلة الأولى للإنسان .
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ
وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{9}
وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم
مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ
فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ{10}
وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا
وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{11}
المنافقون
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أكثروا ذكر هازم اللذات ... الموت
( الترمذي ) .
روي ابن ماجه مختصرا بإسناد جيد والبيهقي في الزهد ولفظه :
أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أفضل:
قال : أحسنهم خلقا .
قال : فأي المؤمنين أكيس
قال: أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس .
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه
يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده .
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
( أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي
وقال:
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
وعدّ نفسك من أصحاب القبور )
أي لا تركننّ إليها ولا تتخذها وطناً
ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها
ولا بالاعتناء بها
ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه.
لا تشتغل فيها به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:
إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح
وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء،
وخذ من صحتك لمرضك
ومن حياتك لموتك.
*******************
آثار الذنوب على الأفراد ::
«إِنَّ المَعَاصِي تُخَرِّبُ الدِّيَارَ العَامِرَةَ،
وَتَسلُبُ النِّعَمَ البَاطِنَةَ وَالظَّاهِرَةَ.
فَكَم لَهَا مِنَ العُقُوبَاتِ وَالعَوَاقِبِ الوَخِيمَةِ؟!
وَكَم لَهَا مِنَ الآثَارِ وَالأَوصَافِ الذَّمِيمَةِ؟!
وَكَم أَزَالَت مِن نِعمَةٍ
وَأَحَلَّت مِن مِحنَةٍ وَنِقمَةٍ؟!» .
وَهَل فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ شَرٌّ وَدَاءٌ
إِلَّا وَسَبَبُهُ ارتِكَابُ القَبَائِحِ وَالمُوبِقَاتِ،
وَاجتِرَاحُ المَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ؟
فَالذُّنُوبُ هِيَ أَسَاسُ البَلَاءِ
وَأَصلُ الوَبَاءِ.
«فَمَا الَّذِي أَخرَجَ الأَبَوَينِ مِنَ الجَنَّةِ،
دَارِ اللَّذَّةِ وَالنَّعِيمِ وَالبَهجَةِ وَالسُّرُورِ،
إِلَى دَارِ الآلَامِ وَالأَحزَانِ وَالمَصَائِبِ؟
وَمَا الَّذِي أَخرَجَ إِبلِيسَ مِن مَلَكُوتِ السَّمَاءِ
وَطَرَدَهُ وَلَعَنَهُ
وَمَسَخَ ظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ
فَجَعَلَ صُورَتَهُ أَقبَحَ صُورَةٍ وَأَشنَعَهَا،
وَبَاطِنَهُ أَقبَحَ مِن صُورَتِهِ وَأَشنَعَ،
وَبُدِّلَ بِالقُربِ بُعدًا،
وَبِالرَّحمَةِ لَعنَةً،
وَبِالجَمَالِ قُبحًا،
وَبِالجَنَّةِ نَارًا تَلَظَّى،
وَبِالإِيمَانِ كُفرًا؟
وَمَا الَّذِي أَغرَقَ أَهلَ الأَرضِ كُلَّهُم
حَتَّى عَلَا المَاءُ فَوْقَ رُؤُوسِ الجِبَالِ؟
وَمَا الَّذِي سَلَّطَ الرِّيحَ عَلَى قَومِ عَادٍ
حَتَّى أَلقَتهُم مَوتَى عَلَى وَجهِ الأَرضِ
كَأَنَّهُم أَعجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ،
وَدَمَّرَت مَا مَرَّت عَلَيْهِ مِن دِيَارِهِم وَحُرُوثِهِم وَزُرُوعِهِم وَدَوَابِّهِم
حَتَّى صَارُوا عِبرَةً لِلأُمَمِ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ؟
وَمَا الَّذِي أَرسَلَ عَلَى قَومِ ثَمُودَ الصَّيحَةَ
حَتَّى قُطِّعَت قُلُوبُهُم فِي أَجوَافِهِم وَمَاتُوا عَن آخِرِهِم؟
وَمَا الَّذِي رَفَعَ قُرَى اللُّوطِيَّةِ
حَتَّى سَمِعَتِ المَلَائِكَةُ نَبِيحَ كِلَابِهِم،
ثُمَّ قَلَبَهَا عَلَيهِم،
فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا،
فَأَهلَكَهُم جَمِيعًا،
ثُمَّ أَتبَعَهُم حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَمطَرَهَا عَلَيهِم،
فَجَمَعَ عَلَيْهِم مِنَ العُقُوبَاتِ مَا لَمْ يَجمَعهُ عَلَى أُمَّةٍ غَيرِهِم،
وَلِإِخوَانِهِم أَمثَالُهَا،
وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ؟
وَمَا الَّذِي أَرسَلَ عَلَى قَومِ شُعَيبٍ سَحَابَ العَذَابِ كَالظُّلَلِ،
فَلَمَّا صَارَ فَوْقَ رُؤُوسِهِم
أَمطَرَ عَلَيْهِم نَارًا تَلَظَّى؟
وَمَا الَّذِي أَغرَقَ فِرعَونَ وَقَومَهُ فِي البَحرِ
ثُمَّ نُقِلَت أَروَاحُهُم إِلَى جَهَنَّمَ،
وَالأَجسَادُ لِلغَرَقِ،
وَالأَروَاحُ لِلحَرْقِ؟
وَمَا الَّذِي خَسَفَ بِقَارُونَ وَدَارِهِ وَمَالِهِ وَأَهلِهِ؟
وَمَا الَّذِي أَهْلَكَ القُرُونَ مِن بَعدِ نُوحٍ
بِأَنوَاعِ العُقُوبَاتِ وَدَمَّرَهَا تَدمِيرًا؟» .
سُبحَانَ اللّٰهِ وَبِحَمدِهِ.
غَرَقٌ وَحَرِيقٌ وَرِيحٌ عَقِيمٌ.
﴿ما تذر من شيءٍ أتت عليه إلا جعلته كالرميم﴾
[الذاريات: 24].
وَصَيحَةٌ وَاحِدَةٌ تَجعَلُ العُصَاةَ كَالهَشِيمِ.
وَخَسفٌ مُرَوِّعٌ يَجعَلُ عَالِيَ الأَرضِ سَافِلَهَا.
وَمَطَرٌ بِالحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ
. وَسَحَابٌ يُمطِرُ نَارًا تَلَظَّى.
أَفَلَا يَعتَبِرُ اللَّاحِقُونَ بِالمَاضِينَ؟!
فَأَلْقِ سَمْعَكَ
وَأَحْضِر قَلْبَكَ.
وَكُن مِنَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.
فالموت ياتي فجأه وبدون سابق انذار