لاتعجبني نظرة المرأة البدينة في البلكونة التي أمامنا.. ولاتعجبني أيضا نظرة جارتها المهووسه في النافذة التي علي يمينها.. واصلت نشر الغسيل بكل همة محاذرا ان تسقط المشابك في الشارع أو يسقط الغسيل نفسه فتكون كارثة إذ من سيغسل الغسيل مرة ثانية! لا أريد أن المح هنا أو أشير إلي انني أنا أيضا الذي غسلت الهدوم لكنني أسأل: وماذا فيها يعني ان غسل الرجل منا مرة أو مرتين في حياته غسيل البيت؟!
هل انهدت الدنيا أم هل سقط طرطوره من رأسه؟ أليس الرجل شريكا للمرأة في الحياة خصوصا إذا ضمهما بيت واحد وأولاد ومصالح؟!
رسمت المرأة البدينة بيديها فوق رأسها حركة معناها البس منديلا بأوية أحسن!! ورقعت المرأة المسلوعة ضحكة تشبه فرامل سيارة مسرعة علي الأسفلت لكنني لم أهتز. أنهيت نشر الغسيل سائلا نفسي: أين ياتري يكون الآن زوجا هاتين السيدتين وتصورت ان أحدهما ينام في الداخل كالفسيخة واضعا في بطنه بطيخة صيفي تمنيت ان تكون مسمومة أما الآخر فلعله في الشغل ينام فوق أحد المكاتب أو لعله في السوق يحمل شنطة من البلاستيك يشتري فيها الخضار للبيت!!..
مساكين والله.. رددت في سري إذ لايفهمون المعني الحقيقي للحياة الزوجية والتعاون بين الزوجين.. كان جدي يرحمه الله يقول ان الحياة أخذ.. وعطا وها أنذا آخذ مسحوق الصابون فأعطي أفضل غسيل أو آخذ الكلمة في أجنابي فأعطي المطلوب فورا!! هكذا تكون الحياة زورقا أو فلوكة في النهر... نهر الحياة.. تسير بمجدافين واحد للزوجة واخر للزوج... فاذا كانت الزوجة بعافية شوية وتركت مجدافها للزوج فما هو المانع ان يجدف الزوج بالمجدافين معا؟! غريب والله أمر هؤلاء الناس!!
نادت أم العيال من الداخل: خلصت نشر الغسيل واللا حتقعد لي عليه طول النهار؟!
كان صوتها العذب يفيض حنانا. استعوقتني فقالت بكل عذوبة: مالك مابتردش ليه؟ أوعي تكون انطرشت!!
كنت علي وشك أن أرد: حالا ياحبيبتي لكنني خشيت ضحك المرأتين ونظرتهما الساخرة فكتمت ردي وكانت النتيجة انني اتهمت بالطرش! ماشي.. قلت لنفسي... فهكذا دائما يكون حظ المخلصين مثلي من الأزواج الطيبين المتعاونين الواقعين تحت ضغط زوجة لا تقدر فيما يبدو طيبة وتعاون زوجها.. وجيران لايفهمون معني الحياة الزوجية السعيدة التي يرفرف عليها الحب والحنان!!
كان أخشي ما أخشاه ان تسمع جارتا الهنا صوت أم العيال وهي تناديني.. حملت طبق الغسيل داخلا فيما كانت الهانم حرمنا تنادي: شهل شوية عشان تلحق تمسح الصالة وترتب المطبخ قبل ما تنزل شغلك.. واللا عاوز تتأخر ياخويا علي الشغل زي امبارح؟!
واصلت: حرام دي برضه مصالح ناس!!
أسرعت البس هدومي فصرخت أم العيال: الله! والمسح؟!
قلت متسائلا ردا علي تساؤلها: والشغل؟ قالت بنفس مطمئنة: البركة فيك ده انت ابو سريع السريع! اشمرت رجلي البطلون بسرعة وأمسكت بعصا المسح أغمسها في الجردل وأمسح وأعصر كأنني أعمل في فيلم كارتوني من أفلام والت ديزني. ابتلت رجلا البنطلون فيما كنت أفردهما وحمدت الله ان نساء الجيران لم تشاهد هذا المنظر واللا لكنت شبعت منهن تريقة وسخرية.
عاوزة حاجة تاني؟ سألت من باب سد الخانة فقالت يسترها ربنا: عادي بقي الورقة معاك فيها طلبات البيت.. ثم أضافت: وان جدت حاجة ح ابقي اكلمك في التليفون!!
مهرولا في الطريق رحت أحاول اقناع نفسي انني صح وان الناس غلط. قلت لنفسي: وايه يعني لما الواحد ينشر غسيله واللا يمسح بيته؟! وقررت: خلاص.. من هنا ورايح كل واحد ينشر غسيله بنفسه وعادت ترن في أذني من جديد ضحكة تشبه فرملة سيارة مسرعة علي الأسفلت
والبقيه تاتى لضحايا ابو سريع
كان معكم
حديث الروح (احد ضحايا ابو سريع السريع)
على فكره منقول