* الأم الصغيره *

الأم الصغيره

لم يكن مجيئها دنيا الحياه كمجىء أى طفل آخر يستقبلها بصرخه... ثم يعقبها عديد من الضحكات وكثير من اللهو واللعب, أما هى فقد استقبلتها بحزن شديد ومقت أشد وكأنها لاتريد المجىء وكأنها تعلم أنها لن تجد الحضن الدافىء الذى ترتمى به ليلا نهارا وتجد بين جنباته الحب والحنان اللذان يحمياها من قسوه الحياه.
واستقبلها أبوها بهمٍ جارفٍ وبُغض مميت حتى أنه تمنى لو ماتت هى الأخرى كما كانت السبب فى موت أمها والتى كان يعشقها عشق أفلاطونى, وظل هذا الاعتقاد القاسى كالشبح الأسود نصب عينيه ليلا نهارا حتى أنه أهمل فى رعايتها أملاً منه فى أن ترحل عن الدنيا ويتخلص ممن قلبت حياته رأساً على عقب ومحت السعاده منها ولم تجعل لها مكانا بين أركان هذا البيت الذى تحول الى مقبره حزينه منذ مجيئها, لكن الله وحده تولاها برعايته ومنَّ عليها من رحمته , وكل يوم تكبر فيه ويشتد عودها ...ولكن يزداد مقت أبيها لها.
نضج عقلها وأصبحت تعى ما يقال وما يُفعل وكانت تهرب من معتقل أبيها باللجوء الى أصحابها الذين تعرفت عليهم من المدرسه والتى التحقت بها بعد الحاح منها ومن جميع العائله على أبيها الذى كان رافضا ذلك كل الرفض, وذلك استكمالا
لكؤوس العذاب والقسوه والمعامله الجافه الذى يصبهم عليها منذ أن فتَّحت عيناها الصغيرتين على الدنيا, ولكن حتى الأصدقاء كانوا يجرحون مشاعرها الرقيقه بدون أن يشعروا فهم أطفال صغار وفى مثل هذه المرحله العمريه يبزغ دور
الأم براقاً حتى أن الصغار يتحدثون عن أمهاتهم طوال الوقت فكانت تلك الكلمات تخرج من أفواههم فتخترق آذانها كطلقات تقتلها حرفاً حرفا.
ومهما تحملت وأمرت نفسها البريئه ألا تبالى بما يقوله الصغار وأن ترضى بما كتبه الخالق لها.... فقد اقترب اليوم الذى لن تستطيع أن تتحمل أن يتحدث رفاقها عنه فكل منهم يفكر فيما سيشتريه من مصروفه البسيط كى يقدمه هديه لمن تملأ حياته دفئاً وحناناً, وكلما اقترب ذلك اليوم كانت تموت روحها ألف مره فكيف تتحمل أن ترى كل طفله تقدم لأمها هديه عيد الأم وتقول لها( كل عام وأنتِ بخير يا أمى) وهى لاتجد من تقول له هذه الكلمه التى اشتاقت شفتاها اليها كشوق الورود لندى الصباح.
وفى هذا اليوم دخل أبوها حجرتها فوجدها منهمره فى البكاء فقال لها بكل قسوه وجبروت: الآن أحسستِ بعظيم ذنبِكِ... ذوقى العذاب كما أذقتينى اياه,وانصرف عنها, فازداد بكاؤها ونحيبها وظلت تبكى طوال ذلك اليوم... السعيد من حولها... الحزين فى قلبها.
وفى اليوم التالى جاء أحد أقاربها لزيارتهم على غير العاده فقد كان أبيها يعيش فى صومعته منعزلاً عن العالم الخارجى حتى عن أقاربه ,ولرحمه الله ولطفه دخل قريبها عليها ليجدها جثه هامده منكبه على وجهها ولكن قلبها مازال ينبض بالحياه فأخذها الى المستشفى وأجبر أباها أن يأتى معها على غير رغبه وكان تشخيص الطبيب أنها تعانى من هبوطِ حاد فى الدوره الدمويه اثر تعرضها لحاله اكتئاب حاد وستمكث بالمستشفى تحت الملاحظه.
وظل أبوها لجوارها يحملق فى وجهها وكأنه ينظر اليها لأول مره,ومع كل نظره تخرج من عينيه لتقع على تفصيله من ملامحها البريئه يتلاشى بها جزءاً من بغضه الشديد لها وتوالت نظراته وكأنه يعاتب ضميره ويُأنب نفسه قائلا لها:ما كل هذا الغباء أيتها النفس الحمقاء,ألهذا الملاك البرىء ذنب فيما حدث,وماذا حدث أصلا؛هذا حق الله على عباده وعلىَّ أن أرضى بما قُسمَ لى.
جاءت هذه الكلمات لتمحو ما تبقى من ذرات كُرهِ فى قلبه وتبدلها بعشقٍ جارف...ألا وهو عشق الأبوه الذى حرم منه نفسه سنين دون جدوى.
وبينما هو فى محاكمته لنفسه أفاقت الصغيره ونظرت اليه وقالت:أبى!!! , فهرول اليها واحتضنها بشده وقال لها: نعم أنا, ومنذ اليوم لا قسوه ولا تعذيب ولا اتهام بالقتل,منذ اليوم حب وحنان وعشق.. تعويضاَ لما مضى فى سنين غباء صنعها عقلى الخاطىء, ثم مد يده الى جوارها وقال:هذه هديه عيد الأم... فمنذ اليوم أنتِ أيضا أمى كما أنا أباكى

شكرا جدا لحضرتك علي قصتك الرائعة
حزينه جدا في بديتها
مؤثرة في نهايتها
شكرا لك مرة اخري

قصة مؤثرة جدا شكرااااا

» الأم والزوجة كفتا ميزان
» تعرف على اللوحة الأم Motherboard
» أشهر جمل بيقولوها الأب و الأم !!!!
» مصطلحات كل من المعالج و اللوحة الأم و الذاكرة 1
» ازاي تـعـرف الأم عـروسـة ابـنـهـا ؟

*** الأم الصغيره ***

* الأم الصغيره *