كتبها الشبخ ندا أبو أحمد
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.....
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ( سورة آل عمران: 102)
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا
وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ( سورة النساء: 1)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } ( سورة الأحزاب:70،71 )
أما بعد...
فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكل
محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أحبتي في الله...
مما لا شك فيه أن نعم الله تعالى علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى
كما قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } (النحل:18)
ومن نعم الله علينا أن أكمل علينا هذا الدين وأتمَّه ثم رضيه لنا
كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً}
(المائدة3)
وكانت اليهود تحسد المسلمين علي هذه الآية
كما جاء في الصحيحين عن طارق بن شهاب قال:
جاء رجل من اليهود إلى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين! آية في كتابكم تقرؤونها.
لو علينا نزلت معشر اليهود، لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال عمر: وأي آية؟ قال:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً}(المائدة3).
فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله بعرفات
في يوم جمعة.
وعلى هذا فإن كل مَن يأتي بجديد في هذا الدين، فقد اتهم الدين بالنقص، واتهم النبي بالخيانة
في أداء الرسالة.
ونحن نشهد بأن الدين كَمُل، وأن الرسول قد بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، فقد وقف علي عرفات في
حجة الوداع فقال للصحابة:
"ألا هل بلغت؟" فقال الصحابة جميعاً: نعم. فقال: "اللهم فاشهد".
بل شهد الأعداء بهذا.
فقد أخرج الإمام مسلم أن يهودياً قال لسلمان:
قد علَّمكُم نبيكم كل شيء. حتى الخراءة.
لكن هناك من حاد عن الجادة، واستهوته الشياطين، فراح يستحسن بعقله في شرع الله، ويبتدع
فيه ويدخل فيه ما ليس منه، كما كان من بعضهم أن أدخل بدعة المولد النبوي في الإسلام، وجعلها
من الدين حتى أصبحت سنة رفعت لها الأعلام، ونصبت لها السرادقات ويستعد لها الناس في كل
عام، وكل من قام ينكر هذه البدعة وينادي ببطلانها ونقضها فإنهم يتهمونه في دينه، وأنه لا يحب
النبى ، فأصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً.
كما أخبر النبي أنه سيأتي زمان يكون هذا حاله فقال:
"كيف بكم أيها الناس إذا طغي نساؤكم وفسق شبابكم؟ قالوا: يا رسول الله، إن هذا لكائن؟! قال:
نعم. وأشد منه. كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قالوا: يا رسول الله، إن هذا
لكائن؟! قال: نعم. وأشد منه. كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف
منكراً". (هذا الحديث أخرجه الطبراني وفيه ضعف)
إلا أنه يؤيده ما جاء عند الدارمي والحاكم بسند صحيح عن ابن مسعود أنه قال:
"كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربوا فيها الصغير ويتخذها الناسُ سنة فإذا غيرت، قالوا
غُيِّرت السنة".
وكان عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – يقول:
ألا وإني أعالج أمراً لا يعينُ عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه
الأعجمي، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه ديناً لا يرون الحقَّ غيره.
وبعد هذه المقدمة ... آن الشروع للدخول في الموضوع
أول من احتفل بهذه البدعة
أخي الحبيب... اعلم أنه قد مضت القرون المفضلة الأولى: القرن الأول والثاني والثالث، ولم تسجل
لنا كتبُ التاريخ أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم ومن جاء بعدهم- مع شدة محبتهم
للنبى وكونهم أعلم الناس بالسنة، وأحرص الناس علي متابعة شرعه احتفل بمولد النبي
ثم جاء بنو عبيد القداح الذين يُسَمُّونَ أنفسهم بالفاطميين، وينسبون أنفسهم إلى ولد علي بن
أبي طالب وهم في الحقيقة من المؤسسين لدعوه الباطنية، فَجِدُّهم هو ابن ديصان المعروف
بالقداح – وكان مولي لجعفر بن محمد الصادق – وكان من الأهواز – وهو أحد مؤسسي مذهب
الباطنية وذلك بالعراق، ثم رحل إلى المغرب وانتسب في تلك الناحية إلى عقيل بن أبي طالب،
وزعم أنه من نسله، فلما دخل في الدعوة قومٌ من غلاة الرافضة ادَّعَى أنه من ولد محمد بن
إسماعيل بن جعفر الصادق فقبلوا ذلك منه مع أن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق مات ولم
يترك ذرية.
(راجع: الفَرْقُ بين الفِرَقِ صـ 268، ووفيات الأعيان: 3/117).
قـال الإمام أبو شـامة المؤرخ المُحَدِّث المتوفى سنة665هـ، صاحب كتـاب
"الروضتين في أخبار الدولتين صـ200-202" عن الفاطميين العبيديين:
أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون، فملكوا البلاد، وقهروا العباد، وقد ذكر جماعة من أكابر العلماء
أنهم لم يكونوا لذلك أهلاً، ولا نسبهم صحيحاً. بل المعروف أنهم( بنو عبيد) وكان والد عبيد هذا من
نسل القداح الملحد المجوسي، وكان عبيد الله هذا زنديقاً خبيثاً عدواً للإسلام، متظاهراً بالتشيع،
متستراً به، حريصاً على إزالة الملة الإسلامية، قتل من الفقهاء والمحدثين جماعة كثيرة، وكان قصده
إعدامهم من الوجود ليبقى العالم كالبهائم، فيتمكن من إفساد عقائدهم وضلالتهم، والله متم نوره
ولو كره الكافرون. أهـ بتصرف.
وقد صنف القـاضي البـاقلاني ـ رحمه الله ـ كتـاب في الرد علي هؤلاء سَمَّـاهُ
" كشف الأسرار وهتك الأستار" بيَّن فيه فضائحهم وقبائحهم وقال فيهم:
"هم قومٌ يظهرونَ الرفض ويُبْطِنونَ الكفرَ المحضَ"
وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عنهم فأجاب:
بأنهم من أفسق الناس ومن أكفر الناس، وأن من شهد لهم بالإيمان والتقوى أو بصحة النسب فقد
شهد لهم بما لا يعلم، وقد قال الله : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }
(الإسراء:36)
وقال تعالى: { إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } (الزخرف:86)
وجمهور الأمة يطعن في نسبهم ويذكرون أنهم من أولاد المجوس أو اليهود
وهذا مشهور من شهادة علماء الطوائف من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وأهل الحديث
وأهل الكلام، وعلماء النسب، والعامة وغيرهم.
وقد دخل الفاطميون (العبيديون) مصر سنة 362 هـ في الخامس من رمضان، وكان ذلك بداية حكمهم
لها، وأخذوا في نشر البدع، وإدخال في الدين ما ليس منه، فجاءت فكرة الاحتفال بالموالد عموماً،
ومنها مولد النبي
وفتحوا باب الاحتفالات البدعية علي مصراعيه، حتى إنهم كانوا يحتفلون بأعياد المجوس والنصارى
كالنوروز، والغطاس، والميلاد.
وكان القمع والتعذيب ينتظر كل من ينكر عليهم، كما حدث مع الإمام أبي بكر النابلسي - رحمه
الله-لمّا أنكر عليهم، وقال لهم: إنكم غيرتم الملَّة، وأطفأتم نور السنة، فأمروا رجلاً يهودياً بسلخه حيّاً.
وكانوا يحتفلون بهذه الموالد وينفقون عليها الأموال الطائلة، ويحاربون كل من أنكر عليهم؛ لأنهم كانوا
يظنون أن إقامة هذه الموالد تثبت للناس صحة نسبهم وانتسابهم إلى آل البيت.
فأول من قال بهذه البدعة – الاحتفال بالمولد النبوي – هم الباطنية الذين أرادوا أن يغيروا علي الناس
دينهم، وأن يجعلوا فيه ما ليس منه؛ لإبعادهم عما هو من دينهم، فإشغال الناس بالبدع طريق سهل
لإبعاد الناس عن شريعة الله السمحة، وسنة النبي المطهرة.
وجاء في كتاب الإبداع في مضار الابتداع صـ251، والبدعة الحولية للتويجري صـ257،137،أحسن
الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام صـ44 لمفتي الديار المصرية سابقاً الشيخ/ محمد بن
بخيت المطيعي:
أن أول من أحدث الموالد في مصر الفاطميون، وهم من الشيعة الروافض، وذلك في القرن الرابع
الهجري فابتدعوا سنة الموالد وهي: المولد النبوي، ومولد علي بن أبي طالب، ومولد فاطمة
الزهراء، ومولد الحسن والحسين، ومولد الخليفة الحاضر، وبقيت هذه الموالد مدة من الزمن حتى
أبطلها الأفضل بن أمير الجيوش، ثم أعيدت في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله سنة 524 هـ بعد ما كاد
الناس ينسونها، وكان الفاطميون (العبيديون) يسبون أصحاب النبي ، وكان احتفالهم بمولد النبي
ليس محبة في النبي وآل بيته، وإنما كان من أصل تحقيق هدفهم الوحيد، وهو بلوغ أغراضهم
السياسية، ونشر مذهبهم الشيعي الرافضي، وذلك باستمالة عامة الناس إليهم، بإقامة الموالد
التي تتجلي فيها مظاهر الكرم والهدايا النفيسة من النقود والجوائز للشعراء والعلماء وكذلك
الإحسان إلى الفقراء، وإقامة ولائم الطعام، وكل هذه الأمور جديرة بأن تستميل قلوب عوام الناس
على اعتناق مذهبهم الشيعي الرافضي الخبيث.
إن شاء الله فى المشاركة القادمة سأنقل لكم :
أدلة عدم مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي
سبحاتك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك